كشف تقرير حقوقى، الثلاثاء، عن بروز ظاهرة العداء من القيادات التنفيذية والحزبية ضد الإعلام بصفة عامة، ودون تحديد لوسيلة أو سلوك بعينه، ارتباطا بحالة الاستقطاب السياسى التى اعتمدتها القوى السياسية والاجتماعية وفى مقدمتها تيار الإسلام السياسى خلال المرحلة الأخيرة من التقرير، وقد تورطت بعض وسائل الإعلام فى تأجيج الاستقطاب الاجتماعى على خلفية سياسية أو دينية مما يهدد بخطر عدم قدرة وسائل الإعلام عن القيام بدورها فى المجتمع. كانت مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، أصدرت الثلاثاء تقريرها النهائى تحت عنوان "عين على وسائل الإعلام المصرية خلال المرحلة الانتقالية فى مصر" ويغطى التقرير الفترة من 22 أكتوبر 2011 وحتى 25 أكتوبر 2012 ويهدف التقرير إلى رصد وتحليل ما تقدمه وسائل الإعلام المصرية لقضايا التحول الديمقراطى والإصلاح السياسى بهدف تقييم أداء وسائل الإعلام وتطوير دورها فى توعية الرأى العام تجاه المستجدات المختلفة على الساحة السياسة، وتشكيل اتجاهات داعمة لإرساء قواعد دولة المدنية الحديثة. شملت العينة التى تناولها التقرير ( 6) من القنوات التلفزيونية وهى: دريم، والحياة، والمحور، وأون تى فى، والقناة الأولى، والنيل للأخبار من خلال برامج العاشرة مساء، الحياة اليوم، 90 دقيقة، بلدنا بالمصرى، مباشر من القاهرة، و(4) من المواقع الإخبارية وهى: مصراوى، ومحيط، وإخوان أون لاين، وأقباط متحدون، و(12) جريدة وهى: الأهرام، واليوم السابع، والمصرى اليوم، والجمهورية، والأخبار، والشروق، والأهالى، والوفد، والعربى، وروزاليوسف، والأسبوع، والأحرار. من أهم النتائج التى توصل إليها التقرير، سيطرة قضايا التحول الديمقراطى وبصفة خاصة الانتخابات البرلمانية والرئاسية وإشكاليات صياغة دستور جديد للبلاد على الوسائل الإعلامية المبحوثة، طوال فترة العينة، ومازال الحديث حول ذات القضايا يتصاعد بذات التفاعل الاجتماعى الشديد بعد ما يقرب من عامين على قيام ثورة 25 يناير 2011 مما انعكس أثره على استمرار تناول الصحف والبرامج الحوارية والمواقع الإلكترونية لذات القضايا لفترة زمنية طويلة وممتدة. وأوضح التقرير أن غياب الوثائق الأساسية المنظمة للعلاقات بين الشعب وسلطات الدولة والمتمثلة فى غياب الدستور وعدم تغيير القوانين المنظمة للصحافة والإعلام بعد الثورة، أدى إلى تخبط واضح فى أولويات الأجندات الصحفية والإعلامية للصحف والقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية. كما أثرت ثقافة وسلوكيات التبعية لأصحاب السلطة والتى رسخها النظام السياسى السابق قبل الثورة على درجات الاستقلالية التى حظى بها الصحفيون والإعلاميون بعد الثورة، ووقعت غالبية الوسائل الصحفية والإعلامية المبحوثة فى مغبة استبدال التبعية للرئيس السابق وأجهزته الأمنية بالتبعية لقيادات المجلس العسكرى والإخوان المسلمين والسلفيين، ثم لرئيس الدولة الجديد المحسوب على الإخوان، واستمر تأثير التبعية لأصحاب الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية الخاصة عليها، وهو ما انعكس فى أولويات اهتمامات وسائل الإعلام عينة الدراسة. وظهر تأثير ثقافة التبعية بوضوح فى القضايا التى أولتها كل وسيلة إعلامية الاهتمام الأكبر، فنجد مثلا أن قضايا الانفلات الأمنى، والتمويل الأجنبى لبعض منظمات حقوق الإنسان قد حازت على اهتمام الصحف المطبوعة، بينما تدنى الاهتمام بها فى البرامج التلفزيونية والمواقع الإخبارية. كما نجد أن الانحياز لمرشحى تيار الإسلام السياسى من الإخوان والسلفيين قد حققت نسب اهتمام قصوى فى معظم المواقع الإلكترونية، بينما تضاءلت نسبة الاهتمام فى البرامج الحوارية والصحف المطبوعة. واتجهت مضامين غالبية وسائل الإعلام المبحوثة تجاه مواكبة الأحداث المتلاحقة دون رؤية واضحة أو تعمق فى تناول الحدث، مما انعكس أثره فى القوالب الصحفية المستخدمة، حيث اعتمدت كل الوسائل الإعلامية المبحوثة على القوالب الخبرية (الخبر والتقرير الإخبارى والقصة الخبرية) وتراجعت نسب المواد الاستقصائية (التحقيق والحوار) إلى معدلات متدنية فى الوسائل المبحوثة. وبرز الاهتمام بعناصر الشكل الذى تقدم فيه الرسائل الإعلامية فى كل الوسائل المبحوثة مما يدل على الكفاءة العلمية والمهارية للقائمين على الإخراج الفنى للصحف والمواقع الإلكترونية والبرامج الحوارية، ولكن النتائج التحليلية أكدت عدم ارتباط عناصر الإبراز بحجم الاهتمام الذى توليه الوسيلة الإعلامية ذاتها للقضية التى تعالجها، ففى الوقت الذى حققت فيه قضية حقوق الشهداء معدلات اهتمام عالية من حيث عدد المواد المنشورة والمذاعة عنها، لم تدن نسب النشر عن القضية فى الصفحات الأولى لصحف العينة أو فى الأخبار الرئيسية للمواقع الإلكترونية أو فى الفقرات الأولى المذاعة فى البرامج الحوارية التلفزيونية الفضائية. كما استمرت سياسة تعيين القيادات بالصدفة، أو على خلفية الولاء الشخصى لمن يملك قرار التعيين بعيدا عن الكفاءة المهنية، وضعف القدرات المهنية والالتزامات الأخلاقية لدى بعض قيادات وسائل الإعلام المبحوثة، نتج عنه الوقوع فى أخطاء عدم الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية فى التغطيات الصحفية والإعلامية، مما انعكس بالسلب على مصداقية الوسائل الإعلامية وقدرتها المفترضة للتأثير على الجمهور.