سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
واشنطن بوست: اعتصام المحلة يمثل اختبارا مبكرا للرئيس مرسى.. الاضطراب العمالى يزيد من التحديات الاقتصادية.. خبراء: غموض المستقبل السياسى سيؤثر على القروض التى تطلبها مصر من المؤسسات الدولية
علقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على التظاهرات التى تشهدها حاليا مدينة المحلة، موضحة أن تظاهرات العمال بالمحلة التى بدأت منذ حوالى أربعة سنوات قد وضعت حجر الأساس فى الثورة المصرية التى تمكنت من الإطاحة بالرئيس المصرى السابق حسنى مبارك بعد أن قبع على سدة السلطة لحوالى ثلاثة عقود من الزمان. وأضافت الصحيفة الأمريكية أن التظاهرات تستمر بين عمال النسيج فى مدينة المحلة، حيث يدخل الإضراب الذى نظمه عشرات الآلاف من العمال أسبوعه الثانى، موضحة أن هذا الموقف الصعب يضع اختبارا مبكرا للرئيس المصرى الجديد، والذى مازال لم يكمل شهره الأول على كرسى الرئاسة فى مصر. وأشارت إلى أن الاضطراب العمالى الذى تشهده مدينة المحلة حاليا يعد تهديدا صارخا لأحد أهم الصناعات والصادرات المصرية، فى الوقت الذى يعانى فى الاقتصاد المصرى من أزمات طاحنة، واختلال فى ميزان المدفوعات، موضحة أن تلك الاحتجاجات تعكس أن تطلعات المصريين التى ازدادت بشكل كبير فى أعقاب الثورة مازالت لم تتحقق بشكل كبير. وأكدت الصحيفة أن حالة الإحباط التى يشهدها الشارع المصرى حاليا قد تؤدى إلى مزيد من الاضطراب وبالتالى أزمات اقتصادية متلاحقة. وأكد أحد العمال المتظاهرين ويدعى حمدى ناشيبى – فى تصريحات أبرزتها الصحيفة أنه بالرغم من أن المحلة هى من بدأت الثورة المصرية، إلا أن عمال المحالة لم يجنوا الثمار فى النهاية، مؤكدا أن الثورة قد نسيت معاناتهم. وقالت الصحيفة إن أبواب المصنع كانت مغلقة خلف العمال المعتصمين، والمبنى كان شاغرا، فى الوقت الذى كان فيه مئات العمال يحتمون من أشعة الشمس الحارقة، موضحة أن المشهد فى المحلة سوف لا يكون مفيدا إلى حد كبير بالنسبة للوضع الاقتصادى المتردى الذى تشهده مصر منذ انطلاق ثورة 25 يناير، والتى فتحت الباب أمام التظاهرات الفئوية. وتابعت "واشنطن بوست" أن الاعتصام العمالى لم يقتصر على مصنع مصر للنسيج بمدينة المحلة، وإنما امتد ليشمل سبعة مصانع أخرى للنسيج سواء تابعة للقطاع الحكومى أو القطاع الخاص، فى الوقت الذى بدأ يتزايد فيه الحديث عن ثورة عمالية شاملة فى كافة أنحاء البلاد خلال المرحلة المقبلة إذا لم تتم الاستجابة لمطالب العمال. وأضافت الصحيفة الأمريكية أنه لا يمكن تجاهل رمزية مثل هذه التظاهرات التى تشهدها المحلة حاليا، موضحة أن عمال المحلة هم من أشعلوا الشرارة الأولى للثورة عندما أحرقوا صورة كبيرة لمبارك قبل أربعة سنوات، احتجاجا على الرواتب الضعيفة وارتفاع الأسعار، إلى جانب مطالبات أخرى بالحرية الكرامة. وأوضحت أن سقوط مبارك كانت له تداعياته السلبية على البلاد خلال الثمانية عشرة شهرا التى تلت الثورة والتى انجرفت فيها البلاد بعيدا عن تطلعات المصريين، موضحة أن المصريين قد عانوا من حالة من الانفلات الأمنى، بالإضافة إلى تراكم القمامة فى الشوارع، وكذلك الحالة المرورية المتردية التى تشهدها شوارع القاهرة. وأكد أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل السيد أن التحدى الأكبر الذى د. مرسى يتمثل فى تحقيق التطلعات التى يطمح إليها المصريون خلال المرحلة المقبلة، موضحا أنه لا ينبغى عليه فقط إعادة الحالة الأمنية، وإنما تحسين الوضع الاقتصادى المتردى منذ اندلاع ثورة 25 يناير، موضحا أن الموقف يعد صعبا فى ظل نقص العائدات وعدم قدرة الحكومة على فرض مزيد من الضرائب. فى حين أكد الخبير الاقتصادى سيمون ويليامز أنه فى ظل الظروف العادية فإن مصر تدفع حوالى 10 بالمائة من دخلها القومى فى سبيل دعم الطعام الوقود، وهو ما يتحمله الاقتصاد المصرى بصعوبة بالغة، لذلك فإنه من الصعب للغاية إعادة الانضباط للمال العام خلال المرحلة الحالية فى ظل ترنح الاقتصاد المصرى، وكذلك عدم الاستقرار السياسى. وحذر ويليامز أن الوضع الاقتصادى فى مصر قد يزداد سوءا مع مرور الوقت دون اتخاذ اللازم من أجل توفير الظروف اللازمة لخلق اقتصاد مصرى قادر على تلبية طموحات المصريين وتطلعاتهم خلال المستقبل القريب. وأضافت واشنطن بوست أنه بالرغم من أن مرسى قد وعد بأن يكون تحسين الوضع الاقتصادى الأولوية القصوى لديه خلال المرحلة المقبلة، إلا أنه انغمس فى صراع آخر حول النفوذ والسلطة فى مواجهة القادة العسكريين للبلاد الذين تولوا مقاليد الحكم فى البلاد منذ تنحى الرئيس مبارك فى فبراير 2011. وأوضحت الصحيفة أن عددا من الخبراء الاقصاديين قد حذروا من تداعيات الغموض حول مستقبل مصر السياسى فى ظل الصراع الحالى بين الرئيس والجنرالات سوف يهدد القروض التى تطلبها الحكومة المصرية حاليا من المؤسسات الدولية والتى من المفترض أن يقدمها صندوق النقد الدولى. وقالت إن عددا من العمال المعتصمين بالمحلة قد انتقدوا الرئيس الجديد بشكل كبير، حيث إنهم طالبوه بالتدخل الفورى من أجل حل مشكلاتهم، إلا أن آخرين قد رفضوا هذا الطرح تماما، موضحين أن الاعتصام يتعلق بظروف عملهم، ولا ينبغى استخدامه للترويج إلى أهداف سياسية.