أسرة طلاب من أجل مصر تنظم فعالية "لنترك أثراً" بجامعة جنوب الوادي    ختام فعاليات مهرجان اللياقة البدنية للجامعات المصرية بملاعب تربية رياضية الزقازيق    وزير الاستثمار يستقبل السفير المغربي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز العلاقات المشتركة    قطع المياه عن عدة مناطق في دمياط لمدة 8 ساعات غدا.. الأماكن والمواعيد    مبادرة بداية.. جامعة أسوان تنظم جلسة تعريفية للطلاب عن فرص العمل    الدول المشاركة في قمة بريكس تصل ل40.. وإطلاق منصة مدفوعات لدول التكتل    توتر العلاقة بين نتنياهو وماكرون بشأن فلسطين.. تلاسن ومناوشات كلامية    من يدير المعارك في غزة بعد استشهاد يحيى السنوار؟ قيادي بحركة حماس يكشف    ماسك يقدم مليون دولار لدعم حرية التعبير وحمل السلاح خلال لقاءات مع المحافظين    «في تسيب».. أحمد بلال يعلق على أزمة ثلاثي الزمالك    غزل المحلة يواجه طنطا وديا غدا استعدادا لمواجهة الإسماعيلى بالدورى    تحديد جلسة استئناف المتهمين على حكم حبسهم بفبركة سحر مؤمن زكريا    لياو يقود تشكيل ميلان ضد كلوب بروج في دوري أبطال أوروبا    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى الطريق الدائري في الجيزة    محمود شاهين يشارك فى مهرجان الجونة بفيلم «آخر رسالة» من بطولة شيرين رضا    نتنياهو: بحثت مع بلينكن ضرورة وحدة الصف فى مواجهة التهديد الإيرانى    خبير: حضور الرئيس السيسى قمة بريكس مهم اقتصاديا وأمنيا    أمين الفتوى: قول «صدق الله العظيم» عند الانتهاء من قراءة القرآن ليست بدعة    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الصبر أهم مفاتيح تربية الأبناء والتخلص من القلق    في اليوم العالمي للتأتأة.. اعرف أسباب تلعثم الكلام وطرق علاجه    بلاغ للنائب العام.. أول رد من الصحة على مروجي فيديو فساد التطعيمات    إعادة تنظيم ضوابط توريق الحقوق المالية الناشئة عن مزاولة التمويل غير المصرفي    أمين الفتوى: النية الصادقة تفتح أبواب الرحمة والبركة في الأبناء    زينة تحتفل بعيد ميلاد شقيقتها ياسمين وتعلق: «بنتي الأولى» (فيديو)    قطار صحافة الدقهلية وصل إدارة الجمالية التعليمية لتقييم مسابقتى البرنامج والحديث الإذاعى    محافظ أسوان يتفقد مشروع إنشاء قصر الثقافة الجديد في أبو سمبل    باحث سياسي: الاحتلال أرجع غزة عشرات السنوات للوراء    صور من كواليس مسلسل "وتر حساس" قبل عرضه على شاشة "ON"    هبة عوف: خراب بيوت كثيرة بسبب فهم خاطئ لأحكام الشرع    صلاح البجيرمي يكتب: الشعب وانتصارات أكتوبر 73    جيش الاحتلال يعتدي على المزارعين الفلسطينيين    ظل كلوب يخيم على مواجهة ليفربول ولايبزيج    بعد تصريحات السيسي.. الحكومة تطلب من "صندوق النقد" مد أجل تنفيذ إصلاحات البرنامج الاقتصادي    النائب العام يلتقي نظيره الإسباني لبحث التعاون المشترك    غادة عبدالرحيم: الاستثمار في بناء الإنسان وتعزيز الابتكار أهم ما تناولته جلسات مؤتمر السكان    وزير التعليم العالي: بنك المعرفة ساهم في تقدم مصر 12 مركزًا على مؤشر «Scimago»    مقابل 3 ملايين جنيه.. أسرة الشوبكي تتصالح رسميا مع أحمد فتوح    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    "العمل" تشرح خدماتها في التشغيل والتدريب المهني بدمياط    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    حبس سيدة تخلصت من طفلة بقتلها للانتقام من أسرتها في الغربية    «القومي للطفولة والأمومة»: السجن 10 سنوات عقوبة المشاركة في جريمة ختان الإناث    الفنون الشعبية تستقبل تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بأسوان    حقيقة الفيديو المتداول بشأن إمداد المدارس بتطعيمات فاسدة.. وزارة الصحة ترد    رئيس لجنة الحكام يحسم الجدل.. هل هدف أوباما بمرمى الزمالك في السوبر كان صحيحيًا؟    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    رئيس "نقل النواب" يستعرض مشروع قانون إنشاء ميناء جاف جديد بالعاشر من رمضان    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    بيروح وراهم الحمام.. تفاصيل صادمة في تح.رش موظف في مدرسة بطالبات الإعدادي    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    كوريا الشمالية تنفي إرسال قوات لروسيا لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا    الدوري السعودي يُغري روديجر مدافع ريال مدريد    الاعتماد والرقابة الصحية تنظم ورشة عمل للتعريف بمعايير السلامة لوحدات ومراكز الرعاية الأولية    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    إصابة 3 أشخاص بحادث انقلاب سيارة طريق بنى سويف الفيوم    مواعيد صرف مرتبات أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر 2024 لموظفي الجهاز الإداري للدولة    «إنت مش مارادونا».. مدحت شلبي يهاجم نجم الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنتى بتقولكم "اخرسوا كلكم"
نشر في اليوم السابع يوم 08 - 06 - 2012

عدت من العمل، وجد حالة من الشحناء بين ابنتى الكبرى وأخيها، ورأيت زوجتى عاجزة عن احتواء الموقف، حاولت نزع فتيل الأزمة، إلا أننى دخلت فى المعركة دون أن أدرى، وصرنا جميعا فى حالة من الزعيق والشخط والنطر والهياج، وفجأة خرج علينا صوت رفيع يرن كالجرس، إنه لابنتى الصغيرة "جنة" التى يبدو أنها زهت مننا كلنا، وقفت إلى جوارى، جذبتنى بعنف من بنطلونى، وصرخت قائلة "اخرسوا كلكم".
تسمرت أنا وزوجتى للحظات ثم رحنا فى حالة من الضحك الهستيرى، وعندها احتضنت الصغيرة وانتهى الموقف ومر بسلام، ولكنى على الفور تذكرت ما نحن فيه اليوم، من حالة الصراخ السياسى، والعويل الإعلامى، والهتاف الذى يملأ الميادين، الكل يتكلم ولا يسمع أحد أحدا، ولا يقنع برأى أحد أحد، الكل يرى نفسه الصواب وما خلاه الخطأ، الجميع يعرف الحقيقة ويصر على تزييفها، الجميع يرى النور ويصر أن يعيش فى الظلام، الجميع يريد الخير ولكن بطريقته وعلى كيفه وبمزاجه وهواه، والويل كل الويل لمن يخالفه الرأى، أو يحاول أن يثنيه عن اعتقاده، هنا يصبح خائنا للوطن خائنا للدم وللدين.
ردتت كلمة ابنتى الصغيرة فى نفسى قائلا: "اخرسوا كلكم"، وأغلقت التليفزيون حتى أنعم بشىء من الهدوء، بعيدا عن الحروب السياسية على كل الشاشات ودخلت بيوتنا رغما عنا، من نخبة من أساتذة ومحامون وأصحاب مناصب رفيعة، وقادة ائتلافات، ورؤساء وأعضاء بالأحزاب، ونشطاء على الفيس بوك وتويتر، وفنانون، ووزراء وسفراء، وآكلون على كل الموائد، ومصاصون للدماء، ومذيعون متلوونون لم يفكروا فى مراجعة أنفسهم وتاريخهم، ونسوا أن كل ما قالوه فى عهد الزعيم الوطنى قائد الأمة مبارك مسجل، وكل ما ادعوه عن الثورة فى بداياتها مرصود، وكل دموعهم على مبارك يوم التنحى مسجلة بالصوت والصورة، ومع ذلك فهم تلونوا وتزينوا وغيروا بعض منابرهم وديكوراتهم، وعادوا إلينا ليثيروا الفتنة من جديد، وللأسف كما قال المولى عزو جل "يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم" وصارت ألسنتهم تتلوى وتتلون وتنشر الكذب والسوء والإشاعات، ونحن مازلنا نصدقهم ونسير فى ركبهم أنى ساروا نردد ما يقولون، وقال تعالى أيضا "إذ تلقونه بألسنتكم، وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم".
هنا أغلقت التليفزيون وأطفأت نور الشقة، وخرجت وزوجتى وأولادى للعشاء فى الفرندة بين النجوم وضوء القمر، وبدأنا نستعيد ذكريات الماضى الجميل، البساطة والحياة النقية الخالية من العقد، والكره والحقد، والملذات والشهوات، وحب النفس والأثرة، وأبعدت نفسى ليلة واحدة عما تعيشه مصر من حالة مزرية على يد القانونيين، وأصحاب الفكر والرأى، الذين رأيت كل واحد منهم يتحدث حديثا بليغا رصينا أقتنع بحكمته وحكمه بصفته متخصصا وعالما، ثم يعقب عليه آخر فينفى ما قاله تماما وبالدليل والحجة والبرهان، ويتركونا كل ليلة أمامهم حيارى تائهون ضائعون، وندخل فراشنا مغمضى العيون، ولكن عقولنا لا تنام، والأرق يسرح فى جنبات المكان، والخوف من مستقبل لا نعلم منه ولا عنه شيئا يكاد يقتلنا، ويلهب قلوبنا ويوغر صدورنا.
جلست بين أولادى أحدثهم فى التاريخ الذى أحبه، وفى الفلسفة والدين والأخلاق، وسير الأنبياء والصحابة، وبين كل ذلك لم يغفل عقلى عن هم بلادى، وظلت أسئلة كثيرة بداخلى لا أجد عنها إجابات، منها هل ستقام الانتخابات الرئاسية فى موعدها؟ ومن سينجح؟ ذنب مبارك وفل الفلول؟ وهل ستحترق مصر والشرفاء على يديه؟ أم الدكتور مرسى؟ وهل لو نجح ستتركه الحدادى والغربان والثعالب والأفاعى والجرذان يستعيد المجد والكرامة أم أنهم سيقفون له بالمرصاد ويقطعون عليه مسيرته ويعيدوننا للوراء؟ أم هل سيتم تطبيق العزل السياسى على شفيق؟ وهل ستعاد عندها الانتخابات الرئاسية من جديد؟ وننفق المليارات مرة أخرى وتعود البلاد لحالة المربع صفر! وهل سيحل مجلس الشعب ونعود لحالة التيه ويعود أصحاب المصالح للبرلمان مرة أخرى بأموالهم ونفوذهم ويعود الفساد المالى والسياسى على أشده كما كان؟ وهل ستعاد محاكمة مبارك والعادلى وعلاء وجمال ومساعدى العادلى؟ وهل سيتم القصاص العادل للشهداء؟ وهل ستعود أموال مصر المهربة فى الخارج؟ وهل سيعود الأمن والأمان مرة أخرى؟ وهل سيعود السولار والبنزين لمحطات التموين والأفران؟ وهل ستنقطع الكهرباء فى رمضان ساعة صلاة التراويح ككل عام؟ وهل سيهدأ الشارع الثائر ويعود الكل إلى عمله ويعود الإنتاج للمصانع؟ أسئلة كثيرة تقتل عقلى كل ليلة حتى الصباح، لا تجد إجابة ولا مجيب.
هل أعود لفتح التليفزيون مرة أخرى حتى يحترق دمى واتخمد وأنام، أم أظل فى حالة المقاطعة وإطفاء الأنوار والجلوس فى ضوء القمر وسط أولادى، ولكن هذه المرة جاء الحل من عند زوجتى، فقمنا جميعا وتوضأنا وصلينا فى ضوء القمر، ودعونا الله أن يفك الكرب، ويزيل الهم والغم ويرزقنا الأمل ويحينا عليه، ويعيد لمصر أمنها وأمانها وعزها ومجدها واستقرارها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.