أنا واحد من الذين وثقوا فى الإخوان، وكنت أرى فيهم بديلا صالحا لنظام فاسد وردىء، أفسد علينا كل قيمة، بل أفسد علينا الحياة بما فيها، لكنى الآن لا أستطيع أن أخفى شعورا بالمرارة والأسى، بعد توالى مواقف واضحة وفاضحة، مع إحساس صبيانى بالزهو والتمكين، دون استشعار أى مسئولية تجاه الوطن، وضرورة الحفاظ على تماسكه ووحدته فى مواجهات أعداء كُثر فى الداخل، (فلول ومنتفعى النظام الفاسد) والخارج (دول عربية وأجنبية تتمنى لنا الفشل لنكون عبرة لأى شعب يفكر فى الثورة على القهر والفساد). وبدلا من أن يتمهل الإخوان قليلا فى جمع الغنائم (وهى قادمة إليهم لا محالة)، ويعملوا على جمع وتوحيد وتماسك القوى السياسية والثورية، بل وبدلا من أن يضعوا خبرتهم السياسية والتنظيمية فى خدمة شباب الثورة النبلاء ليتمكنوا من تنظيم أنفسهم، وتكوين كيانات سياسية تعبرعنهم، وتتيح لهم التواصل مع الشعب رأيتهم بمنتهى الرعونة والاندفاع، وعدم الإحساس بعواقب ما يفعلونه يصطفون مع العسكرى ضد رفقائهم فى الثورة، وبدأت مواقفهم تبعدهم عن الثورة وأهدافها، وتقربهم من العسكرى وجنرالاته. ناهيك عن الاغتيال المعنوى والتشويه للثورة وشبابها، ووصفهم بالمخربين والمأجورين والمأجورات، ثم تطور الأمر إلى التحرش بهم أمام مجلس الشعب، ومليونية ذكرى الثورة، وقبل ذلك تركهم يواجهون الموت فى مذابح محمد محمود ومجلس الوزراء.. إلخ. كل هذا التحول الدرامى فى المواقف من الإخوان تجاه رفقاء الثورة، والذى يتطابق مع رغبات العسكرى المضادة للثورة يؤكد أن هناك (تفاهمات) مع العسكرى، للحصول على (غنائم خاصة)، ومن ثم رأينا صمتاً إخوانياً مريباً على كثير من الملفات، بدءا من كشوف العذرية، مرورا بقتل الشباب وسحل الفتيات على أيدى جنود المجلس العسكرى، وقتل الشباب فى مذابح ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، وصولا إلى مذبحة بورسعيد وتطهير الداخلية والقصاص من قتلة الشهداء، وتمرير قانون انتخابات الرئاسة.. إلخ. إن الإخوان بحشودهم الكبيرة فى الميادين وأغلبيتهم البرلمانية يستطيعون أن يفعلوا الكثير لو أرادوا للانتصار لأهداف الثورة من خلال الضغط على العسكرى بكل الوسائل المشروعة، وبالتالى فهم يتحملون مع العسكرى مسئولية حالة الإحباط والخزى التى نعيشها، والتى جعلت الشامتين العرب (وهم كثر على فكرة) ينتشون فرحا بأن الثورة المصرية لن تقوم لها قائمة، وأننا سنندم على أيام مبارك. كل هذا بفضل تواطؤ ثنائى بين عسكر مبارك وإخوان (مبارك) أيضا.