منذ اندلاع ثورة 25 يناير، والشعب يتطلع إلى ديموقراطية، لا تنتمى إلى الديموقراطية الهامشية والمزعومة، إبان حكم النظام السابق، فإذا به يعيش ديموقراطية لم يشهدها أى نظام فى العالم، من قبل ولم تخطها أحبار القوانين الدولية، ولا السياسية ولا الدستورية، أو تحويها بين دفتيها مجلدات القانون، ولا شروح الفقهاء تلك الديموقراطية، التى جاءت بمن يرقدون تحت التراب، لتنصبهم على مصير شعب عانى ويلات الجوع والمرض والفقر طيلة عمره فى برلمان جمع بين نقيضين، لا يتفقان وأن بدا هذا الاتفاق ظاهريا إلا أنه يحمل فى طياته الخلاف القوى الحاد.. ثم ما لبث أن جاءت انتخابات الرئاسة لتطل علينا بوجه جديد، يخبرنا أن الأمر أصبح نوعا من أنواع التسلية غير المطلوبة حاليا، وفى هذه الفترة الحرجة بالذات وكأننا نطلب عريسا لمصر، وليس رئيسا، فتقدم النجار والمصور والمزارع والقهوجى والعاطل والقاصى والدانى، ولم يبق أحد فى مصر إلا وحدثته نفسه بالترشح لرئاسة مصر.. وعلى الجانب المقابل كانت تدار حملات تشويه ضد مرشحين، وحملات دعاية لمرشحين آخرين وتطبيل من قبل بعض المنتفعين لمرشح رئاسى معين.. وهنا سألت نفسى، هل أصبحنا ننظر إلى حكم دولة مثل مصر، بمنظور أنها مشيخة بلد أو أنها تحتاج لخفير درك نظامى؟ كيف يجرؤ آحاد الناس على حتى التفكير فى حكم بلد كبير، وعظيم مثل مصر، له علاقاته الخارجية والداخلية ويحتاج إلى حنكة سياسية معينة، ومؤهلات وقدرات شخصية فريدة لا تتوافر فى معظم الناس.. ربما يقول البعض إن هذه ظاهرة صحية، وإنه مناخ ديموقراطى، وخصوصا بعد الثورة، وإنه من حق أى أحد أن يرشح نفسه لرئاسة مصر.. وهنا أقول إن الثورة فشلت فى كل شئ لأن الجميع أراد أن يكون زعيما، وأن يتصدر المشهد، وكذلك الشعب لا يرى فى نفسه محكوما، بل أصبح الشعب كله زعماء وقادة، وهنا تكون هذه الديموقراطية مخيفة ومفزعة لأنها تضر بالصالح العام للبلد ولا تضع حدا فاصلا بين الجد والهزل، فنحن نعانى أزمة سلوك وضمير قبل المعاناة من أجل الحرية، التى خلفت من ورائها ديموقراطية هزلية تشبه مسرحيات الشوارع وأخيرا، لقد آن الأوان أن تضع مصر حملها، ويظهر رئيسها، الذى جاء من بطنها الحرة والذى نحتاجه جدا، فى هذه المرحلة بالذات.