وكيل صحة الغربية يتفقد وحدات نهطاي وحانوت استعداداً لتشغيلهما    محافظ سوهاج يتفقد أعمال مشروع تطوير كورنيش أخميم    إعلام عبري: إطلاق 10 صواريخ على الأقل نحو كريات شمونة    دراسة أمريكية: زراعة الكلى آمنة بين المصابين بفيروس نقص المناعة    الحكومة: إنتاج أكثر من 150 سلعة يتجاوز استيرادها 25 مليار دولار سنويًا    وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ: تدريب 50 إمام للتوعية بأهمية الحفاظ على المياه    حدث ليلا، خبير يكشف عن تطور جديد وقع في إثيوبيا يهدد بانفجار سد النهضة    فلسطين.. استشهاد 5 مواطنين وإصابة آخرين جراء قصف الاحتلال لمنزل غرب مدينة غزة    نتنياهو يوافق على ضرب إيران وصفارات الإنذار تدوي شمال إسرائيل بعد الهجوم الصاروخي    إعلام إسرائيلي: حزب الله أطلق خلال الدقائق الأخيرة صواريخ مضادة للدروع    رئيس الوزراء الكويتي يبحث مع رئيس المجلس الأوروبي ونظيريه باليونان وإسبانيا القضايا الإقليمية والدولية    سيراميكا كليوباترا يكشف سبب رفض انتقال بيكهام ل الزمالك    بيراميدز يجهز مفاجأة للزمالك في السوبر المصري    إصابة 10 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص فى الجيزة    إصابة 6 أشخاص فى حادث تصادم سيارة بتوك توك في أسوان    عبير نعمة تقدم باقة من أجمل أغانيها فى حفلها بمهرجان الموسيقى العربية    لا تنحدر لمستوى الآخرين.. توقعات برج الجدي اليوم 16 أكتوبر    «إيسيسكو» ومجمع الفقه الإسلامي الدولي يبحثان سبل تطوير التعاون    إبراهيم عيسى: الأزمة الاقتصادية في عهد مبارك سببها غياب الديمقراطية    إعلام فلسطيني: 5 شهداء جراء قصف منزل سكني جنوب غربي مدينة غزة    أسعار التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 17 أكتوبر 2024    بوجبا: أنا مثل أسد مسجون.. وسأتخلى عن المال من أجل البقاء في يوفنتوس    أسعد بن طارق آل سعيد يترأس وفد سلطنة عُمان في القمة الخليجية الأوروبية.. صور    تفاصيل انطلاق بطولة كأس مصر لرياضة صيد الأسماك.. فيديو    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. قائمة الأهلي في السوبر المصري وموقف الشناوي وانتقال عمر سيد معوض إلى بيتيس    جوميز مدربا ل الأهلي الليبي وأبو جريشة يعاونه    البنك المركزي يوجه تحذيرا عاجلا لعملاء البنوك    هانئ مباشر يكتب: الشعب يريد ونحن معه    لغز العثور على طفل مشنوقا بأطفيح    إصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالبحيرة    فشل اللصوص في سرقة طالب بسوهاج فمزقوا جسده بالأسلحة البيضاء    مصرع عامل وإصابة شقيقه بطلقات نارية في حفل زفاف بقنا    مقتل 7 جنود إسرائيليين جراء المعارك عند الحدود الشمالية مع لبنان    حدث ليلًا| قرارات جديدة بشأن شقق منخفضي الدخل ووظائف برواتب تصل ل37 ألف جنيه    الحكومة الأردنية تثمن قرار "اليونسكو" المتعلق بالقدس    ارتفاع تاريخي في سعر الذهب اليوم الخميس 17 أكتوبر 2024 في مصر.. عيار 21 فلت    أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 17 أكتوبر 2024    حظك اليوم| برج القوس الخميس 17 أكتوبر.. «روح المغامرة مرتفعة»    حدث بالفن| وفاة شقيق فنانة ونجم يخضع لعملية جراحية وحقيقة انتحار مطربة شهيرة    محمد هنيدي: والدي كان عايزني أطلع وكيل نيابة و في بدايتي هزقني و قالي أنت كومبارس (فيديو)    أول تعليق من عمر سيد معوض بعد انضمامه إلى ريال بيتيس    "الآيس كريم: الحلوى المفيدة التي قد تتفوق على الحلويات الأخرى!"    «هجمة شتوية مفاجئة».. بيان مهم بشأن الطقس اليوم: أمطار وانخفاض في درجات الحرارة    سعاد صالح: من يتغنى بالآيات القرآنية مرتد وكافر ويطبق عليه حكم الردة    أمين الفتوى يوضح على قناة الناس حكم استخدام "الهارد جيل" والأظافر الصناعية    رئيس جامعة كفر الشيخ يترأس لجنة اختيار عميد كلية العلاج الطبيعي    «مدبولي»: نبني القوة الشاملة لردع أي محاولات لتهديد مصر    السيسي يشهد أداء حسن محمود رشاد اليمين القانونية رئيسا للمخابرات العامة    «الري» و«إدارة المياه» يبحثان دعم «التكيف مع التغيرات المناخية»    تعليمات عاجلة من «التعليم» بشأن إجراءات صرف المقابل المادي ل«المعلمين بنظام الحصة»    وزير الصحة ونظيرته القطرية يبحثان سبل التعاون    تضامن الفيوم تنظم قافلة طبية لغير القادرين بمركزي أبشواي وأطسا    محافظ سوهاج يقود حملة مكبرة للرقابة على الأسواق والمحال وتحقيق الانضباط بالشارع    طب أسيوط تنظم المؤتمر السنوي الرابع لقسم الأمراض الباطنة والكُلى    تعليم الجيزة ينظم قوافل لمتابعة سير العمل داخل المدارس    الأزهر للفتوى محذرا من تطبيقات المراهنات الإلكترونية: قمار محرم    حكم إخراج الزكاة على ذهب المرأة المستعمل للزينة.. الإفتاء تجيب    عضو لجنة الفتوى بالأزهر يوضح صيغة دعاء نهى النبي عنها.. احذر ترديدها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحظة الدستور بين الهوية والهواية
نشر في اليوم السابع يوم 10 - 03 - 2012

لحظة الدستور هى لحظة فارقة فى حياة الشعوب؛ تجتمع فيها ودون مقدمات جميع الفئات والطوائف والشرائح الاجتماعية على أمل التغيير، ورغبة فى التوافق على ميثاق يضمن للجميع حقوقه وحرياته، وينظم العلاقة المشتبكة بين الحكام والمحكومين.
ولا نحتاج للحديث عن ضرورة الدستور، ليس كوثيقة مكتوبة أو متواضع عليها فقط، إنما كمعنى يجمع الشعب ويضع الحدود بين ما للفرد وما عليه، وما يجوز للحكومة وما لا يجوز لها؛ وهو ما أقر به الفكر الإسلامى المعاصر، وتبناه الفكر الإنسانى أجمع. فالدستور كتاب فريد لا يشبهه أى كتاب، فهو ليس كتاب عظة أو عبرة أو قيم أو أخلاق، إنما هو كتاب حقوق، تسعى فيه الشعوب إلى تثبيت حقوقها فى مواجهة الدولة، ولذلك نظر إليه الناس باعتباره عقدا بين الحاكم والمحكوم، لأن الدول الحديثة، بما لديها من أجهزة قهر وتسلط، تميل إلى التغول على الحقوق والانتقاص من الحريات الأساسية للأفراد، فكان أن تواضع الناس على التوافق على دستور يعلن على الناس حقوقهم، ويقيد سلطات الدولة عن الاعتداء على تلك الحقوق.
ومع ذلك وجدت بعض الديكتاتوريات وسائل للالتفاف على الغاية من الدستور لإفراغه من معناه وقيمته، فشغلت الناس بجدل عقيم بشأن الهويات، رغم أنها لم تكن محلا لتشكيك، بينما عندما تتناول حقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية تقرنها بشروط تؤدى لإفراغها من مضمونها، كشرط النظام والآداب العامة، أو تفويض المشرع الذى تحكمه الأغلبيات البرلمانية فى تحديد مضمون تلك الحقوق، ومدى هذه الحريات، بما يسمح للأغلبيات أن تعيد صياغة مدى الحقوق والحريات تبعا لأهوائها، كما حدث فى تاريخنا القريب.
وما نطالعه يوميا من نقاشات فضائية وصحفية حول الدستور لا يبشر أبدا بدستور يتلاقى وتطلعات المصريين فى القرن الواحد والعشرين؛ بل يشى بأن مهمة وضع الدستور أضحت بين أيدى هواة لا يقدرون قدر ما يحملونه من أمانة؛ فانحصر نقاشهم حول لجنة وضع الدستور فى نسبة تمثيل أعضاء البرلمان، وحصة تمثيل الآخرين، وكأن المجتمع أضحى فريقين، برلمانا وعوام الناس؛ بينما أن الأولى بهم أن يهتموا بتقرير معايير موضوعية لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، لا محاولة السعى للحصول على أكبر حصة لكل فصيل برلمانى؛ فكان يغنى عن ذلك الجدل النفعى وضع معيار واضح لتمثيل القوى السياسية فى الجمعية التأسيسية، بغض النظر عن وجودها فى البرلمان من عدمه، وبغض النظر عن أوزانها السياسية، فالدستور هو وثيقة التوافق بين الجميع وليس غنيمة يختص به المنتصرون فى مباراة المقاعد البرلمانية.
ولم ينتبه هؤلاء فى نقاشهم الحاد الذى تقوده الرغبة فى المحاصصة، وتعظيم حصة كل فئة منهم، إلى أن أول شرط فى عضو الجمعية التأسيسية أن تتوافر فيه الحيدة، وأن يتمثل ضمير المجتمع، ويتخلص من انتماءاته الحزبية والفئوية والطائفية. فإذا كان الأصل أن نائب مجلس الشعب ينفصل عن دائرته بمجرد انتخابه فيصبح نائبا لكل الأمة، وليس لقاطنى دائرته فقط، فما بالنا بعضو اللجنة التأسيسية الذى يجب أن يراعى مصالح كل الشعب بكل فئاته، بغض النظر عن انتماءاتهم، بل ومصالح الأجيال القادمة، فهو يمثل مصالحهم وهم مازالوا فى علم الغيب!
وليتخذوا من لجنة وضع دستور 1923 قدوة، فرغم أن الزعيم سعد زغلول نعتها بأنها لجنة الأشقياء، ورغم أن ثلاثة من أعضائها كانوا يهودا، فإنها لم تكتف بوضع دستور مدنى عالى المستوى، يحصن الحقوق والحريات، بل هى نفسها من وضعت أول نص فى دستور مصرى يقرر أن دين الدولة الإسلام، فى وقت لم يكن الإسلام السياسى ممثلا فى أى من مؤسسات الدولة، بل لم يكن موجودا فى الشارع السياسى، بعد أن استشعرت عظم مهمتها، وأنها لجنة الوطن، وليست لجنة فصائل سياسية معينة.
وكان من الواجب على اجتماع البرلمان بغرفتيه، لتأكيد مفهوم الحيدة، أن يبدأ بوضع شروط واضحة وقاطعة بشأن عضوية الجمعية التأسيسية حتى لا يصبح فى عضويتها أمثال أولئك الذى يجملون وجوههم ويكذبون على شعوبهم، وربما يأتى فى أول تلك الشروط أن يتنازل من سيصبح عضوا بالجمعية التأسيسية عن أى منصب سياسى، أو وظيفة تنفيذية عامة، ويلتزم بألا يشغل أيا من تلك المناصب لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات بعد إقرار الدستور، لتنتفى شبهة الأغراض النفسية والمنافع الشخصية.
وقبل السعى لتأكيد عضوية برلمانيين فى الجمعية، والتنازع حول حصتهم، كان من الواجب التوافق على مجموعة من المعايير التى تضمن تمثيل كل المجتمع بمكوناته المختلفة، دون النظر إلى حجمهم السكانى أو التصويتى، أو نفوذهم السياسى، فبتلك الطريقة فقط يمكن تمثيل جزء عزيز من شعب مصر، هم أهل النوبة، وجزء غالٍ من أرضها مثل سيناء، وبرارى الصحراء الغربية.
الغرض مرض، كلمة دقيقة أطلقها صوفى فى عصر سابق، لكنها تعبر عما نعانيه فى مرحلتنا من تنازع وتزاحم حول كل شىء باعتباره من غنائم معركة فاز فيها من فاز وانكسر فيها من انكسر، وآن للفائزين أن يقرروا مصير الجميع.
ولو يدرك أولئك المتزاحمون على كعكة السلطة والنفوذ، والذين يعتبرون الجمعية التأسيسية جائزة للفائز فى انتخابات البرلمان، أنه لا يوجد أمامهم أى كعك، إنما فراغ حقيقى للسلطة يهدد الوطن، ويجب أن نتوافق فيما بيننا حتى نملأه بنظام سياسى ديمقراطى وعادل؛ وإلا سيلمؤه آخرون بنظام سياسى ديكتاتورى عات، وعندها لن ينفعنا الندم على فرصة ذهبية وهبها الله لنا، ففرطنا فيها لمغانم قريبة، ومنافع زائلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.