فى أكبر تجمع مصرفى عربى وبمشاركة 600 من كبار المصرفيين وخبراء ورؤساء البنوك المركزية العربية، تم وضع روشتة وقائية للدول العربية، تخفف من وطأة الأزمة المالية العالمية. أجمع المشاركون على ضرورة فك الارتباط بين البورصات العربية والبورصات العالمية، وكذلك تشجيع توظيف رؤوس الأموال العربية داخل البلدان العربية، خاصة وأن هناك فرصاً استثمارية كثيرة ومتعددة فى المنطقة من جهة، والابتعاد عن المخاطر التى تهدد مصالحها من جهة ثانية. وتتضمن الروشتة العلاجية الوقائية توصية بضرورة إقامة تعاون بين البنوك المركزية العربية، لبناء سياسة ضمان الودائع على المستوى العربى وكذلك تعزيز دور الجهات الرقابية والإشرافية، بحيث تصبح الإدارات المصرفية قادرة على ضبط سياسة إدارة المخاطر والسيولة والائتمان بطريقة دقيقة ووقائية، وذلك فى إطار الاستعدادات لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية، واعتبار تلك الأزمة فرصة ذهبية للبنوك المركزية والمصارف العربية الكبرى، لتشارك بقوة فى صياغة التوجهات والقواعد الجديدة للنظام المالى والمصرفى العالمى. التكامل الاقتصادى العربى طالب المشاركون فى روشتهم الوقائية، خلال المؤتمر الذى نظمه اتحاد المصارف العربية، وعلى مدى يومين فى بيروت، الحكومات العربية بالعمل على تفعيل آليات التعاون والتكامل الاقتصادى العربى ووضع برامج أكثر طموحاً والعمل الجاد والمخلص لتذليل العقبات أمام تنفيذ هذه البرامج، خاصة فى مجال تكامل أسواق المال وتحرير الاستثمار العربى البينى بكافة أشكاله ودعم مؤسسات القطاع الخاص ومبادراته ومنحه الدور الرئيسى فى إجراءات التقارب والتكامل، مما يسهم بقوة فى تنويع الاقتصاديات العربية ويقويها ويوجه مزيداً من الاستثمارات المصرفية إليها، بعيدا عن متطلبات الأسواق الخارجية وأزمتها، وكذلك الالتفات أكثر إلى داخل عالمنا العربى لتحفيز وتحريك قوى العرض والطلب الداخلية وتطوير وتوسيع أسواقنا الداخلية وإزالة العوائق والعراقيل التى تمنع التعاون بين اقتصادياتنا العربية. كما طالب المشاركون أيضاً بضرورة التنسيق بين الهيئات المالية العربية ومجلس محافظى البنوك المركزية العربية والاتحاد الدولى للمصرفيين العرب واتحاد المصارف العربية وصندوق النقد الدولى وصناديق التنمية والاستثمار، وذلك من أجل تقويم الأزمة العالمية الحالية والمشاركة فى صياغة الاقتراحات المجدية لإعادة هيكلة وتوجيه بعض الاستثمارات العربية إلى داخل المنطقة العربية. وطالبوا أيضاً صندوق النقد الدولى، بأن يكون له دور أكبر والمساهمة بجدية فى وضع إطار عام دولى يكفل التنبؤ بمواقع الأزمات ووسائل التدخل السريع لمنع آثارها السلبية، بالإضافة إلى أن استقرار النظام المالى العالمى فى المرحلة المقبلة لم يعد حكراً على الاعتماد على عملة واحدة، بل أصبح بحاجة إلى تطوير على المدى الطويل والاعتماد على أكثر من عملة احتياط واحدة. كما شددوا على ضرورة توسيع مفهوم الشراكة ليتجاوز مجموعة السبع الكبرى، ليصل إلى العديد من الدول النامية المهمة فى مختلف القارات فى آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا سواء فى السعى لإقامة نظام مالى عالمى جديد أو إدخال إصلاحات جوهرية على النظام الحالى. البحث عن معايير جديدة أجمع المشاركون على مطالبة مؤسسات التصنيف الدولية إلى بذل الجهد لاستعادة ثقة المستثمرين بتصنيفاتها وإعادة النظر فى معاييرها وأساليب عملها، لكى تأخذ فى اعتبارها معايير جديدة، من بينها إعادة النظر فى كيفية تصنيف الأدوات المالية المركبة والقيام بتحليل أعمق لهذه الأدوات. ودعت الروشتة أيضا السلطات المالية والنقدية فى العديد من دول العالم، إلى ضرورة الوعى لمخاطر المضاربات فى الأسواق المالية، ومن ثم السعى إلى امتلاكها أدوات التدخل للحد من المضاربات فى أسواق الأسهم والسندات. وعلى صعيد آخر، ناقش المؤتمر الاستعدادات الخاصة بالقمة الاقتصادية العربية التى ستعقد فى يناير المقبل فى الكويت، حيث أعلنت الدكتورة ميرفت التلاوى المنسق العام للقمة الاقتصادية العربية، أنه تم اختيار ستة مشروعات حيوية من إجمالى 442 مشروعاً وردت إلى الجامعة العربية، لمناقشتها خلال اجتماع القمة التى ستبدأ فى التاسع عشر من شهر يناير المقبل فى الكويت، مشيرة إلى أن تلك المشروعات روعى التى بدأت التنفيذ بالفعل، وهى مشروع الربط الكهربائى بين الدول العربية، والثانى الخاص بشبكة السكك الحديدية، والثالث خاص بشبكة الطرق التى تربط بين الدول العربية فى الشمال الأفريقى وحتى الخليج العربى، والرابع خاص بالأمن الغذائى وإنتاج الغذاء فى 9 دول عربية لتوفير مخزون غذائى وعدم الاعتماد على الخارج، والخامس يتعلق بإعادة تأهيل العمالة العربية، حيث يوجد فى الدول العربية 17 مليون عاطل عن العمل، بالإضافة إلى 16 مليون عامل ويحتاجون أيضا إلى إعادة التأهيل حتى يلبوا احتياجات كافة الدول العربية، والسادس خاص بالمياه والحفاظ عليها والطاقة الشمسية المتجددة. وأكدت التلاوى أنه لأول مرة ستقوم الجامعة العربية بدعوة رجال الأعمال وأعضاء المجتمع المدنى وممثلى النقابات والشباب وأصحاب الخبرات للمشاركة فى الأعمال التمهيدية للقمة العربية، وذلك على مدى يومى 17 و18 يناير فى الكويت، والذين سيقومون من جانبهم بإعداد الأوراق التى ستقدم إلى القمة حيث سيتم التركيز على ثمانية محاور أساسية، أولها الخاص بالتنمية الاقتصادية والثانى بالأمن الغذائى والثالث بالاستثمار والتجارة والرابع بالطاقة والخامس بالنقل والمواصلات والسادس بالبيئة والمناخ والسابع بالبطالة والشباب والهجرة والثامن بالتعليم والعلوم والتكنولوجيا. أشارت التلاوى إلى أنه سوف يسمح بتبادل الأفكار والرأى بين المفكرين والمثقفين ورجال الأعمال، خاصة وأن القطاع الخاص أصبح يستحوذ على 50% من النشاط فى الدول العربية الآن، ولذلك فلابد من مشاركته فى صناعة أى قرار وإيصال رأيه إلى المسئولين حتى يتم إعداد أوراق عمل حقيقية تعرض على القمة التى ستبدأ يوم 19 يناير. وقالت إنه سيكون هناك أمام القمة، عدة موضوعات سيتم بحثها أيضاً خاصة بالمبادرات العامة للسياسات الاجتماعية والمالية، والخطط التى يجب تنفيذها خلال السنوات الخمس القادمة، بالإضافة إلى مناقشة إنشاء جهاز للمتابعة والتنفيذ وإعداد قائمة بالمشروعات التى سيتم تنفيذها. وأعربت التلاوى عن تفاؤلها فى نجاح تلك القمة الاقتصادية الأولى، خاصة وأن الظروف الحالية تستوجب تضافر الجهود لمواجهة الأزمة العالمية وتخفيض حدة تداعياتها.