كلية العلوم تعقد اليوم التعريفي لبرنامج الوراثة والمناعة التطبيقية    رئيس مجلس النواب يهنئ الرئيس السيسي بذكرى نصر أكتوبر    الوزير: دعم مُستمر لأسطول النقل الجماعي بأحدث الاتوبيسات    لدفع معدلات العمل.. تعيين 3 مساعدين لنواب رئيس «المجتمعات العمرانية»    13 ألف طن بضائع و 1520 راكب بموانئ البحر الأحمر    وزير العدل يشهد مراسم توقيع اتفاقية تسوية بين «الري» و«الزراعة»    محافظ أسيوط يتفقد التشغيل التجريبي لمحطة رفع صرف صحي الواسطي بمركز الفتح    حرائق تشعلها تل أبيب في محيطها وتفتح "جبهات أخرى"    حزب الله ينفي تشييع جثمان حسن نصر الله غدا الجمعة    السعودية تدعو لوقف الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني    أستاذ علاقات دولية: جيش الاحتلال يهدف إلى التطهير الديموغرافي لجنوب لبنان    نائب رئيس الزمالك: زيزو طلب أكثر من 60 مليون للتجديد.. وهذا عيب النجم الأوحد    شوبير يتغنى بمحمد صلاح بعد تألقه مع ليفربول    "من أجل البرونز".. موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي وبرشلونة في كأس العالم لليد    حقيقة استقالة نصر أبو الحسن من رئاسة الإسماعيلي    التابعي: الزمالك سيهزم بيراميدز.. ومهمة الأهلي صعبة ضد سيراميكا    مفاجآت اللحظات الأخيرة في صفقات الزمالك قبل نهاية الميركاتو الصيفي.. 4 قيادات تحسم ملف التدعيمات    تشكيل فرانكفورت المتوقع لمواجهة بشكتاش.. عمر مرموش يقود الهجوم    في 24 ساعة.. رفع 54 سيارة ودراجة نارية متهالكة من الميادين    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    الداخلية تكشف قضية غسل أموال بقيمة ربع مليار جنيه    المتهم الخامس بواقعة سحر مؤمن زكريا يفجر مفاجأة فى التحقيقات    17 مليون جنيه إيرادات فيلم عاشق في دور العرض خلال 3 أسابيع    «وسائل إعلام إسرائيلية»: إطلاق 10 صواريخ على الأقل من جنوبي لبنان    هل رفضت منة شلبي حضور مهرجان الإسكندرية؟.. رئيس الدورة ال40 يحسم الجدل    الصحة: تشغيل جراحات القلب في الزقازيق وتفعيل أقسام القسطرة ب3 محافظات    نقيب الأطباء: ملتزمون بتوفير فرص التعليم والتدريب لجميع الأطباء في مصر إلى جانب خلق بيئة عمل مناسبة    زيادة رسوم انتظار سيارات «إس.يو.في» في باريس إلى 18 يورو في الساعة    إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مركز شباب برج البرلس في كفر الشيخ    ألفاظ خارجة.. أستاذ جامعي يخرج عن النص ويسب طلابه في «حقوق المنوفية» (القصة كاملة - فيديو)    أول امتحانات العام الدراسي الجديد 2025.. التعليم تكشف الموعد    طب بيطرى كفر الشيخ: حملة تضبط 415 كيلو أسماك ولحوم دون بيانات    بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر.. تشكيل لجنة عليا لفحص ملفات مستحقي العفو الرئاسي    قفزة جديدة.. أسعار الكتاكيت والبيض في الشرقية اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    ليل ضد ريال مدريد.. سقوط مفاجئ للملكى فى دوري أبطال أوروبا (فيديو)    وزير الثقافة يفتتح الدورة 24 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    زوج إيمان العاصي يمنعها من رؤية أولادها..أحداث الحلقة 15 من «برغم القانون»    الدفاع الروسية: إسقاط 113 مسيرة أوكرانية فوق عدة مقاطعات روسية    أستراليا توفّر مقاعد على رحلات تجارية لإجلاء رعاياها في لبنان    نجاح عملية استئصال لوزتين لطفلة تعانى من حالة "قلب مفتوح" وضمور بالمخ بسوهاج    عبد الغفار يستقبل وزير الإسكان لبحث تعزيز التعاون المشترك    ‫ تعرف على جهود معهد وقاية النباتات لحماية المحاصيل الزراعية    «يا ليالي الطرب الجميل هللي علينا».. قناة الحياة تنقل فعاليات مهرجان الموسيقى العربية ال 32 من دار الأوبرا    «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تقصف 5 بلدات في جنوب لبنان بالمدفعية    الفنانة منى جبر تعلن اعتزالها التمثيل نهائياً    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    حركة تنقلات محدودة في «تموين كفر الشيخ»    ما هي الصدقة الجارية والغير جارية.. مركز الأزهر يوضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    حرب أكتوبر.. اكتئاب قائد المظلات الإسرائيلي بعد فقد جنوده أمام كتيبة «16 مشاة»    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    الانقلاب يدعم المقاومة الفلسطينية بتجديد حبس 153 شاباً بتظاهرات نصرة غزة ً وحبس مخفياً قسراً    حظك اليوم| برج الميزان الخميس 3 أكتوبر.. «فرصة لإعادة تقييم أهدافك وطموحاتك»    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    وزير الصحة الأسبق: هويتنا تعرضت للعبث.. ونحتاج لحفظ الذاكرة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« » فى أول حوار مع مجاهد مصرى ضمن صفوف الثوار الليبيين ضد كتائب القذافى
«الشبَح» طارق عباس: مش حسيب ليبيا لحد آخر نقطة دم فيا وإن شاء الله أكون من الشهداء


نقلاً عن العدد اليومى
مبارك ظلمنى فى مصر والقذافى كمل عليا فى ليبيا
مافيش حاجة اسمها مصرى وليبى واللى يفصلنا برميلين فى الحدود
بعد استشهاد صديقى المصرى.. شباب مصراتة هربونى وكتبوا اسمى ضمن الشهداء
10 أيام استغرقتها رحلة البحث عن المصريين المجاهدين ضمن صفوف ثوار ليبيا.. بدءا من الحدود الليبية مع مصر، مرورا ب«طبرق وبنغازى ومصراتة وطرابلس».. الكل يؤكد «لقد كانوا هنا».. إلا أن الجميع اتفق على عدم الإعلان عن أسمائهم.
أخيرا.. لم يعد يفصلنا عن الوصول إلى أحد هؤلاء سوى بضع دقائق حيث ميدان الشهداء – الساحة الخضراء سابقا – فى العاصمة الليبية طرابلس.. جاء مسرعا يرتدى زيا أشبه بالصاعقة المصرية، سلاحه متقاطع على صدره، يصافحك بقوة المنتصر وحرارة الكرماء، تتشابه نظرات عينيه والصقور، قبل أن تذرف الدمع حين جاء ذكر والدته.
هو طارق محمد عباس أو شبح المصرى كما يناديه رفاقه بكتيبة «أم المعارك»، سنوات عمره التى لم تتجاوز الأربعين تحمل فى طياتها أضعافها من الألم، يصفها قائلا: «مبارك ظلمنى فى مصر والقذافى كمل عليا فى ليبيا»، لا يملك شهادة جامعية ولم يصبه الدور ليلتحق بالجيش المصرى، مفهومه عن الوحدة بين مصر وليبيا يوجزها فى قوله: «صواريخ القذافى جعلتنا نجمع أشلاء وقطعا لرفقاء لا نعلم أمصريون هم أم ليبيون».
«قضيت 25 سنة فى ليبيا، لم أزر فيها مصر غير 6 مرات، ومتزوج من ليبية وربنا رزقنى ب4 أولاد، يبقى من حقى أدافع عن عرضى وعن التراب اللى عايش عليه ولا لأ؟» قالها شبح المصرى، متذكرا طفولة قاسية عاشها: «شعورك إيه لما تصحى الصبح تلاقى كل اللى فى سنك رايحين المدرسة وأنت نايم تحت عربية بتصلح فيها، وأنت مش عارف تتعلم علشان مش قادر توفر مصاريف الدراسة، ووالدتى موظفة فى معامل جامعة عين شمس ولى 3 إخوات غيرى، اضطريت اشتغل كل حاجة علشان أوفر القرش وبرضه ما اتعلمتش».
طارق يعمل حاليا سباك فى ليبيا، يقول: «عندى 2 من إخواتى خريجين سياحة وفنادق واحد منهم شغال فى جمع الخردة والتانى مش لاقى شغل»، مضيفا: «الظلم اللى أنا شفته فى مصر واستمر فى ليبيا يخلينى أقف قدام حسنى مبارك والقذافى، ولو قدرت أقطعهم تقطيع بإيدى كنت عملتها»، واصفا حاله عندما زار والدته فى الأحداث الأخيرة: «نزلت بأولادى خلال الأحداث ورجعت بيهم تانى.. أنا نزلت ما لقيتش ليا مسكن والوالدة بتاخد 600 جنيه وبتدفع منها إيجار 400 جنيه فى شقة بالوراق، حنقعد فين، الحياة نار، وشقى عمر والدى الله يرحمه 25 سنة راح بسبب القذافى».
علاقة طارق بالسلاح بدأت مبكرا، فكما يقول: «ححكيلك على ظلم نفعنى لما كبرت، أنت عارف إن الأطفال فى مصر اللى أهاليهم ما بيقدروش يصرفوا عليهم، كانوا يروحوا المصانع يشتغلوا وكنا وقتها ساكنين فى منطقة أبوزعبل فالتحقت بالمصانع الحربية كنا بنقعد مع العساكر ونشوفهم بيعملوا إيه ونتفرج عليهم ونشوف السلاح بتاعهم ومرة وراء مرة عرفنا طرق صيانته، كان عمرى وقتها 13 سنة، ووالدى كان فى بنغازى وكنت أنا ووالدتى وإخوتى قاعدين فى القاهرة».
ظلم القذافى لطارق ووالده من الصعب نسيانه، لصعوبة نتيجته: «والدى مات بحسرته بعد ما ضيع عليه القذافى شقى عمره»، متذكرا: «اشتغلت مع والدى فى ليبيا فى التسعينيات بمصراتة، هو مقاول وسباك أصلا، اشتغل 25 سنة فى مصراتة لحد ما أنهى شغله فى فندق اسمه سفينة ولم يحصل على مستحقاته التى تجاوزت ال 100 ألف دينار فلجأ للقضاء الذى أنصفه، إلا أن القذافى حرم والدى من حقه بسبب قوانينه واللجان الثورية التى كانت تصادر كل شىء، الناس فى مصراتة أنصفتنا ووقفت بجوارنا علشان كده أنا قلت: «تراب مصراتة جميلُه فوق دماغى»، وحصلنا على 45 ألفا فقط صرفها والدى على علاجه حتى أصيب بجلطة تانية وتوفاه الله ودفناه فى مصر: «عايز بعد ده كله ما نقفش ضد القذافى؟».
شبح المصرى كما يحب رفاقه مناداته، تخصص فى صيانة الأسلحة فكان يتنقل بين الكتائب والجبهات ولهذا سمى بالشبح، يروى أنه استطاع الهروب من كتائب القذافى التى كادت أن تعتقله، إلا أنه استطاع بسلاحه وقنبلة يدوية تملكها فى بداية الثورة من الهروب، مشيرا إلى أن دوره لم يتوقف عند صيانة الأسلحة فى الجبهة فقط، بل استطاع ومجموعة من الثوار الليبيين النزول إلى مصر والالتقاء بثوار 25 يناير فى رابعة العدوية وجمعوا مواد تموينية وأرسلوها لليبيا عن طريق بنغازى، كما تعاملوا مع السفارة الليبية فى القاهرة وكانوا ضمن المجموعة التى رفعت علم الاستقلال عليها.
مشاهد الدماء التى سالت أمام عينى طارق، والتى انتفضت من عروق أصدقائه المصريين الذين ذبحتهم كتائب القذافى كانت كفيلة بجعله يتمسك بسلاحه مع الثوار ليثأر لهم، مضيفا: «طول عمرنا نسايب وأهل وإخوات، دى ثورة فى العالم كله وبعد الشهداء المصريين اللى سقطوا قدامنا وبعد ما ذقنا ظلم معمر القذافى كان لازم نتحرك»، متذكرا ما حدث فى رمضان حيث كان اليوم جمعة وسقط 32 شابا شهداء زى الورد من مواليد 1980، متسائلا: «مين يرجع الشباب دول؟ كانوا زهرة ليبيا ومن كتر الجثث مالقيناش مكان ندفنهم فيه ففتحنا ترب جديدة.. إحنا دلوقتى بقينا شعب واحد وثورة واحدة».
يروى طارق كيف شارك الأطفال فى الثورة قائلا: «كان الأطفال يخرجون للعب الكرة ليعودوا لنا بأماكن الأفارقة المرتزقة وكتائب القذافى»، مشيرا إلى تجليات قدرة الخالق التى استشعروها خلال أيام الثورة قائلا: «السلاح المكسر والمصدى من السبعينيات اشتغل معانا، وكأن ربك سبحانه وتعالى نزل ملائكته».
وينفى طارق ما تردد عن قدوم مصريين للمشاركة فى ثورة 17فبراير من خارج ليبيا، قائلا: «ماحدش جه من مصر مخصوص ليشارك فى الحرب، اللى حارب همه المصريين الموجودين فى ليبيا، والشباب الليبى كفوا ووفوا، والشباب المصرى اللى شاف خير ليبيا وحب ترابها هو اللى فداها».
علامات الدهشة التى ارتسمت على وجه شبح المصرى أظهرت فقرها أمام استيراد القذافى لمرتزقة أفارقة، وهو ما أعرب عنه طارق بقوله: «عمرى ما شفت واحد يشترى كبشة عبيد علشان يدخلوا على عرضه وترابه».
طارق الذى مازال متمسكا بلهجته المصرية الممزوجة بلكنة ليبية رغم طول المدة التى قضاها فى ليبيا، يبرر ذلك قائلا: «أنا راجل سباك وكل شغلى مع مصريين، والواحد عمره ما ينسى أصله، ومافيش حاجة اسمها مصرى وليبى إحنا بينا برميلين فى الحدود».
متندرا بحديث رفاقه عبر اللاسلكى قائلا: «يقولوا لى ياعم اتكلم ليبى علشان الغُرب اقول لهم دول جايبين أفارقة وانا مصرى لوحدى، والشباب اللى استشهد راحوا فين؟ ماعدش فيه فرق مابين مصرى وليبى»، مشيرا إلى أنه تقابل وعدد من ضباط الجيش المصرى أمام ماسبيرو عندما زار مصر وروى لهم مافعلوه فقالوا له: «أنتم أبطال وأشادوا بالثوار الليبيين وما فعلوه».
الخوف لا يعرف طريقه إلى قلب طارق، قائلا: «أقسم بالله العظيم بعض كتائب القذافى أخدناهم أسرى فى شارع طرابلس بمصراتة فسألناهم: إيه اللى خوفكم مننا؟» فقالوا لنا: «كانوا بيقولوا إنكم يهود فى مصراتة، لكننا فوجئنا بيكم بتكبّروا». مضيفا: «ليبيا حاميها ربى، وصيحة الله أكبر تخلى العدو يهرب، وليبيا كلها بقت تكبر، وببركة هذه الصيحة أصبحت طلقات العدو لا تصل إلينا».
يصف طارق حال والدته خلال الأحداث قائلا: «والدتى كل يوم بتموت وتصحى تانى، من خوفها علىّ، وقعدت حوالى أسبوعين فى المستشفى بسببى أنا، وبعد استشهاد صديقى المصرى فى الجبهة هربنى شباب مصراتة لأن الصيانة دى مسؤوليتى، المهم إن الشهيد اللى مات كان متقطع وكتبوا اسمه على أساس إنه أنا ونشروا إن «شبح المصرى استشهد»، والحمد الله إن ده اتقال لأن فى الوقت ده كان أفيه ناس بتدور عليا من كتائب القذافى، لأنى كنت انا المسؤول عن صيانة الأسلحة، وكل اللى يشوفنى بعد كده بقى يتفاجئ، وياخدنى بالحضن ويقول لى افتكرناك استشهدت، وكاد الخبر يوصل مصر عن طريق زوجتى لأنى قعدت فوق الشهرين ونصف ماشفهاش رغم أنها كانت فى منطقة قريبة منى، حتى إنى نسيت شكل أولادى».
يضيف طارق: «أنا مش حسيب ليبيا لحد آخر نقطة دم فيا حتى لو استشهدت، وأطلب من الله تكون دفنتى هنا، ومن الصعب أرجع مصر لأن اللى حضر ثورة ليبيا مستحيل يرجع مصر»، واصفا حسنى مبارك بأنه أفضل حالا من القذافى، إلا أن أولاده هم من أفسدوا مصر قائلا: «حسنى مبارك راجل، بس اللى وراه همه اللى خربوها».
شبح المصرى يتذكر والدته مجددا والدموع تقاوم السقوط من عينيه قائلا: «أطلب منك يا أمى لو حصل لى أى حاجة تسامحينى، أنا مش أحسن من الشهداء اللى راحوا وكانوا زهرة ليبيا وزهرة العرب وربنا يرحمهم جميعا وإن شاء الله أكون من الشهداء.. وربنا ينصر أمة محمد كلها ويهدى النفوس ويخلى أمتنا أمة وإيد واحدة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.