بعد أن اختتمت هيئة المشاورات حول الإصلاحات فى الجزائر مشاوراتها، أصبح أمام الرئيس الجزائرى بوتفليقة مجموعة من المطالب الواضحة من قبل الأحزاب والمنظمات المدنية المختلفة، بتعديل الدستور وإجراء انتخابات تشريعية نزيهة، بالإضافة إلى تعديل قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام. الهيئة أجرت مشاورات مع معظم القوى السياسية والمنظمات والجمعيات الأهلية إلى جانب التقائها بممثلى المجتمع الجزائرى من كافة الأطياف خلال الشهر الماضى، لكى يتم تحديد الإصلاحات السياسية والاقتصادية التى يرغب الجمهور الجزائرى فى تحقيقها. وأسفرت المشاورات عن إجماع على المطالبة بتعديل الدستور الجزائرى، حيث طالب عبد العزيز بلخادم، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطنى، تعديل الدستور وقوانين الانتخابات والإعلام والجمعيات وغيرها، لافتا إلى أن حزبه يتجه "نحو خيار النظام شبه الرئاسى الذى يزاوج ما بين الرئاسى والبرلمانى"، إلا أنه دار خلاف بين الأحزاب فى الأولوية ما بين تعديل الدستور أو إجراء انتخابات تشريعية أولا، حيث أكدت لويزة حنون، الأمين العام لحزب العمال إلى أهمية البدء فى تعديل الدستور، ولكنها جددت مطلب حزبها الخاص بإجراء انتخابات تشريعية مسبقة قبل نهاية 2011 لتشكل انطلاقة للإصلاح السياسى. وترى حنون أن تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة قبل نهاية 2011 من شأنه أن يشكل انطلاقة للإصلاح، كما من شأنه أن يغنينا عن إجراء استفتاء بشأن الدستور بوجود مجلس حقيقى. وأضافت أن تأجيل رئيس الجمهورية تعديل الدستور إلى ما بعد الانتخابات التشريعية المقبلة هو اعتراف بأن الهيئة التشريعية الحالية منقوصة، وتفتقد للمؤهلات والمشروعية والمصداقية. فى المقابل، دعت حركتا مجتمع السلم والإصلاح وحزب العمال وحركة الانفتاح على ضرورة تكريس نظام سياسى برلمانى فى الجزائر، تعود فيه رئاسة الحكومة إلى الحزب الذى يفوز بالأغلبية خلال الانتخابات التشريعية. واقترحت حركة مجتمع السلم التى هى عضو فى التحالف الرئاسى على لسان رئيسها أبو جرة سلطانى الذى يشاطره فى الطرح رئيس حزب التجمع الوطنى الجمهورى عبد القادر مرباح إجراء تعديل الدستور قبل القوانين الأخرى أى بتغيير الأولويات نوعا ما من خلال البدأ بتعديل الدستور أولا ثم الذهاب بعد ذلك إلى تعديل القوانين الأخرى. وبدورها طالبت حركة الإصلاح الوطنى التى كانت أول تشكيلة سياسية تستقبل من طرف هيئة المشاورات بضرورة تجسيد مضامين الإصلاحات فى منظومة القوانين والتشريعات فى إطار مبدأ التوافق السياسى بين كل فعاليات الساحة السياسية والاجتماعية مقدمة جملة من الاقتراحات تخص قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام. ومن جهتها، أجمعت الشخصيات السياسية الوطنية التى التقت هيئة المشاورات ومنهم محند أوبلعيد المعروف بمحمد سعيد المترشح السابق لرئاسيات 2009 وسيد أحمد غزالى رئيس الحكومة الأسبق وخالد نزار وزير الدفاع وعضو المجلس الأعلى للدولة سابقا إلى ضرورة إجراء إصلاحات عميقة على الدستور ومختلف القوانين التى لها صلة بالممارسة الديمقراطية. على جانب آخر رفض عدد من أحزاب المعارضة المشاركة فى هذه المشاورات منذ بدايتها معلنين عدم اعتراتفهم بها، حيث اعتبر موسى تواتى، زعيم حزب الجبهة الوطنية الجزائرية المعارض، أن "بوتفليقة لا يمكن أن يختار شخصية محايدة"، أن الرئيس "يدافع ويحمى النظام الذى نصبه فى مهامه، لكنه لم يوضح إذا كان حزبه ينوى مقاطعة المشاورات. كما رفض حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية مبادرة الرئيس ،وبرر التجمع وهو عضو فى التنسيقية من أجل تغيير ديمقراطى التى تأسست بداية السنة بعد الاضطرابات الدامية ضد غلاء المعيشة، والتى أسفرت عن سقوط خمسة قتلى ومئات الجرحى ذلك بالقول إن "عهد الارتجال السياسى قد ولى"، وأكد أن هذا المشروع "حوار مغشوش ضد التغيير". كذلك رفضت جبهة القوى الاشتراكية التى يقودها الزعيم التاريخى حسين آيت أحمد، والتى ليس لديها نواب فى البرلمان لأنها قاطعت الانتخابات الأخيرة سنة 2007 المشاورات. وأعلن أمينها الأول كريم طابو، "إننا نتوقع أفعالا ملموسة نحو التغيير من أجل استعادة الثقة فى الحكم والدولة وليس الارتجال". يأتى ذلك فى الوقت الذى رحب فيه الاتحاد الأوروبى بمبادرة الرئيس بوتفليقة، حيث اعتبرت سفيرة الاتحاد الأوروبى بالجزائر لورا بايزة أن الإصلاحات التى أعلن عنها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا تستجيب بقوة لتطلعات المجتمع الجزائرى. وأضافت بايزة فى الجلسة الافتتاحية للجلسات العامة الاولى للمجتمع المدنى التى نظمها المجلس الوطنى الاقتصادى والاجتماعى أن الإصلاحات التى أعلن عنها الرئيس بوتفليقة مؤخرا تسير فى طريق الاستجابة لتطلعات المجتمع الجزائرى.