سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نكشف بالوقائع.. رعب وزراء بحكومة "شرف" من التوقيع على أوراق رسمية.. وزير الزراعة يمتنع عن اتخاذ قرارات مصيرية خوفًا من "طره".. ويخشى إصدار قرار بسحب الأراضى من كبار المسئولين السابقين
أخيرًا.. انتهى مسلسل "أمير إمارة توشكى" كما يفضل أبناء النوبة أن يسميه بعد مارثون طويل من المخاطبات والمفاوضات والتهديدات، وكتب المشهد الأخير له بمجلس الوزراء قبل عدة أيام، ليسدل الستار عنه بعد 13 عامًا بالتمام والكمال. السيناريو كتبه مجموعة من المسئولين المصريين السابقين والحاليين بدأ فى تسطير أولى كلماته الدكتور كمال الجنزورى، عام 1997، واشترك الدكتور يوسف والى وزير الزراعة الأسبق فيه، ليستكمل الدكتور أحمد نظيف المحبوس على ذمة قضايا فساد، حلقاته بالاشتراك مع أمين أباظة وزير الزراعة السابق، ولولا ثورة 25 يناير ما كان للدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، الحالى ومعه الدكتور أيمن أبو حديد، وزير الزراعة، أن يكتبا نهايته، التى أسعدت المصريين وجعلتهم فخورين بثورتهم وما حققته من مكاسب. أما دور البطولة فانتزعه الأمير السعودى، الوليد بن طلال، من كل الأبطال المصريين بعد مبادرته الشهيرة بتنازله عن 75 ألف فدان بمشروع جنوب الوادى توشكى، لصالح شباب الثورة، مفضلا الاكتفاء بمساحة 25 ألف فدان فقط من إجمالى المساحة المبيعة له "100 ألف فدان"، واتفق مع الحكومة المصرية على توقيع عقد جديد وإلغاء العقد القديم، غير أن هذا التنازل يكشف عن مجموعة من الأزمات الداخلية لحكومة الدكتور شرف؛ أهمها وأخطرها على الإطلاق الخوف والرعب الذى ينتاب الوزراء والمسئولين من ارتداء "الترنج الأبيض". وكان اللواء إبراهيم العجمى، المدير التنفيذى، لهيئة التعمير والتنمية الزراعية قد رفض التوقيع على العقد الجديد "المتفق عليه"، حتى لا يصبح أحد ضيفًا على طره، بل إنه أصر على التوقيع بمجلس الوزراء بدلا من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، ليشهد الجميع عليه وليشهد الدكتور عصام شرف ذلك، وليكون التوقيع أمام الكاميرات وتحت مرأى ومسمع من الجميع، بل إن العجمى ومن فرط قلقه قام بتأجيل التوقيع مدة أسبوع كامل ليكون فى 7 يونيو الجارى بدلا من 31 مايو الماضى. مشاهد لم يتم تصويرها أثناء إذاعة الحلقة الأخيرة ولم تصور أمام الكاميرات فقد نشب خلاف كبير داخل أروقة مجلس الوزراء وفى حضور الأمير السعودى، الوليد بن طلال، بعد أن أصر مدير هيئة التعمير والتنمية الزراعية على تعديل بعض بنود العقد ليس حفظًا للحقوق المصرية لكن حفاظًا على نفسه من المسألة القانونية والجنائية بعد مرور عدة سنوات من التوقيع، وحتى لا يقال إن المسئول عن العقد الجديد هو إبراهيم العجمى، وهو ما حدث مع الدكتور محمود أبو سديرة، مدير التعمير الأسبق، والذى حمله الجميع مسئولية ذلك، على الرغم من أنه كان مرغما على التوقيع عام 1998. "الترنج الأبيض" والملاءة البيضاء التى يتخفى وراءها مسئولون سابقون بالنظام السابق أثناء عرضهم على النيابة أو جهاز الكسب غير المشروع أصبحت شبحًا يراود جميع المسئولين الحاليين عند الإقدام على اتخاذ قرارات من شأنها الصالح العام، حيث تسبب وزير الزراعة الدكتور أيمن أبو حديد فى أزمة جديدة أبطالها شباب مصريون أعلنوا عن رغبتهم فى العودة من الخارج بمشروع جديد يسعون من خلاله لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، وبعد اتفاق الوزير على تخصيص مساحة 50 ألف فدان بأراضى شرق العوينات تراجع "أبو حديد" ليفاجأ المستثمرون الجدد بأن الموجود فى مصر فقط 3000 فدان يمكنهم الزراعة عليها، على الرغم من تعليمات الدكتور عصام شرف لأبو حديد بتسهيل وتوفير الأراضى لهم. تراجع أبو حديد له دلالات أولاها أنه لا يرغب فى توريط نفسه فى مشروع يحاسبه عليه المصريون حال فشله خاصة أن كل المؤشرات تؤكد أن سياسة وزارة الزراعة لم تتغير بعد الثورة عما قبلها، الثانية هى أن القرار داخل وزارة الزراعة يحتاج إلى الجرأة والشجاعة، فالوزير إن رغب فى استكمال المشروع فعليه أن يصدر قرارًا بسحب الأراضى من المستثمرين القدامى "غير الجادين" وتخصيصها لأصحاب المشروع الجديد، إذا كانت الأزمة كما يقول الوزير فى الأراضى. ارتجاف الوزير والقيادات ب"الزراعة" فى اتخاذ القرار يظهر بوضوح فى أزمة أراضى الدولة المنهوبة قبل الثورة، حيث انتظر الجميع قرارًا حاسمًا من أبو حديد لسحب الأراضى من واضعى اليد عليها، خاصة أن التحقيقات التى تجرى حاليا مع عدد منهم فى طريقها لإثبات عدم ملكيتهم لها بالطرق المشروعة، وأن مسئولين سابقين سهلوا لهم الحصول عليها. كما أن هناك نوعًا من الحذر غير المبرر من وزير الزراعة تجاه تقنين الأوضاع للمزارعين الصغار واضعى اليد على أراض قاموا باستصلاحها واستزراعها وللوزير أن يتخذ الإجراءات القانونية المناسبة لسحب الأراضى منهم أيضًا فى حال إثبات عدم الجدية إن أراد، غير أن توقف أبو حديد عن اتخاذ هذه القرارات تسبب فى إحباط شديد لدى مصريين ممن وضعوا أملا فى الثورة لتصحيح الأخطاء التى ارتكبها مسئولون بنظام مبارك، بل إن آخرين وجهوا اتهامات لوزير الزراعة بالسير فى طريق إجهاض ما قامت من أجله ثورة 25 يناير.