منذ فترة ليست بالقليلة وسوريا تحاول الخروج من عزلتها الدولية، وفيما يرى مراقبون أن زيارة الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى، الأربعاء، إلى دمشق تكرس انتهاء العزلة السورية، تعتبر دمشق أن هذه الزيارة جسرا لاستئناف الاتصالات مع واشنطن. زيارة ساركوزى إلى دمشق، وهى الأولى لرئيس دولة غربية منذ ست سنوات إلى العاصمة السورية، تعنى أن عزلة سوريا على الصعيد الدولى قد انتهت. وهناك خمسة ملفات أساسية سيناقشها الرئيسان، أهمها: العلاقات السورية الأمريكية، ملف إيران النووى، الملف اللبنانى، ملف المفاوضات الإسرائيلية – السورية، ملف الدور السورى فى العراق. الملف الأول (العلاقات السورية الأمريكية) يأخذ أهميته فى الصدارة، حيث تعد الزيارة فرصة لدمشق لتحسين علاقاتها مع واشنطن التى أدرجتها على لائحة الدول الداعمة للإرهاب، وفرضت عليها عقوبات وتطالبها بتغيير سلوكها. وترى سوريا فى فرنسا الباب الذى سيقودها إلى الولاياتالمتحدة، فالعلاقات بين الولاياتالمتحدةوفرنسا من جهة، وسوريا من جهة أخرى تدهورت، خاصة منذ اغتيال رئيس الحكومة اللبنانى الأسبق رفيق الحريرى فى فبراير 2005 الذى أشارت أصابع الاتهام إلى ضلوع سوريا فيه، وتنفى دمشق أى ضلوع لها فى جريمة الاغتيال. وبعد بضعة أسابيع استدعت الولاياتالمتحدة سفيرتها فى دمشق بدون أن تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية، فيما قرر الرئيس الفرنسى حينها جاك شيراك، وكان صديق الحريرى الشخصى، تجميد العلاقات على مستوى عال مع سوريا. الملف اللبنانى يفرض نفسه أيضا على طاولة الرئيسين، إذ تتهم الولاياتالمتحدة سوريا بدعمها لحزب الله الشيعى اللبنانى، وعلى الرغم من أن سوريا ساهمت بشكل كبير فى اختيار الرئيس ميشال سليمان، لا يزال ملف حزب الله اللبنانى يشكل بيضة القبان فى علاقة سوريا بالغرب، لذا تحاول سوريا عن طريق فرنسا أن تغير منظور الغرب لها فى تعاملها الجديد بلبنان على أساس دولة مستقلة ذات سيادة، وهو ما أعلنته الرئاسة السورية خلال زيارة الرئيس اللبنانى لها الشهر الماضى، وينصب ذلك فى الدعوات الفرنسية بفتح ملف سوريا فيما يخص حقوق الإنسان وقضية السجناء اللبنانيين فى سوريا، وهو أبرز الملفات الشائكة بين سوريا ولبنان. تناقش طاولة الرئيسين أيضا الملف العراقى ودور سوريا المفترض فى مساعدة المقاتلين الأجانب فى التسلل عبر أراضيها إلى العراق، وتحالفها مع إيران، حيث تشكل هذه القضايا أوراقا قوية فى يد سوريا، فباريس تعتقد أن سوريا يجب أن تلعب دورا إيجابيا فى مساعدة الولاياتالمتحدة للخروج من المأزق العراقى الذى تعيشه الإدارة الأمريكية حاليا. أما الملف النووى الإيرانى، فيأخذ أهميته من رؤية الإدارة الفرنسية التى تفترض أن سوريا أقوى حلفاء إيران، وبالتالى هى قادرة على إقناع الأخيرة بالقبول بالحوافز الأوربية لقاء تخلى إيران عن طموحاتها النووية. ملف المفاوضات السورية الإسرائيلية، مهم أيضا على طاولة ساركوزى وبشار الأسد، وهى أهم النقاط التى ستكون محورا لنقاشات الخميس فى القمة الرباعية السورية الفرنسية القطرية التركية. وترى فرنسا أنها قادرة على التأثير على سير المفاوضات بما يهدف إلى عودتها كلاعب أساسى فى الشرق الأوسط، والتأثير على سوريا الممانع الوحيد للتطبيع مع إسرائيل من خلال الدعم السياسى الذى يحظى به الرئيس بشار من قبل الرئيس ساركوزي. أما سوريا، فتنظر إلى زيارة الرئيس الفرنسى على أنها انتصار، حيث تجنى سوريا الآن أرباح المرحلة السابقة، وتتلقى مردود صبرها. فخلال هذه السنوات لم تتنازل سوريا عن أى شيء ولم تنصع لأى من الشروط التى فرضتها واشنطن، وبالتالى فهى فى موقع قوة. كما ان زيارة ساركوزى ستسهم فى معاودة الاتصالات بين واشنطنودمشق.