كان من المعتقد أن الشبكات الاجتماعية تنقذ السياسة، وأن حرية المعلومات يتنتهى بمصداقيتها أمام الشعب، ولكن ترى صحيفة "الموندو" إن الواقع أصبح مختلف فى عالم ما بعد رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية دونالد ترامب، فقد أصبح الانترنت يفرض قانون المستقبل، فهو إقليم بدون قانون، وأصبح لدى الحكومات العديد من مخاوف انتشار وسائل التواصل الإجتماعى، فوصول معلومات ليست تحت الرقابة، وغير مفلترة، يخيف الحكومات. وتساءلت الصحيفة فى تقرير لها نشرته اليوم الجمعة، هل الشبكات الاجتماعية الكبرى، غير مسئولة عن ما يقال عن استخدام البعض ، وهل الشبكات الاجتماعية تبيع الاعلانات للمستخدم على اساس ما يقرأ العميل أو يسمع او يرى، خاصة وأنه حدث تغير جذرى فى موقف جوجل منذ عام 2010 عندما سعت الشركة لإعفاء مؤكد من شرط يلزم بالكشف عن هوية مشترى الإعلان، ولم تتوصل اللجنة آنذاك لتوافق بشأن الإعفاء، وتطالب جوجل اللجنة الآن بتوسيع نطاق قواعد الكشف لتشمل الإعلانات التلفزيونية والمطبوعة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاتهامات الموجهة إلى شركات الإنترنت العملاقة تحولت إلى تهديد حقيقى يهز مصداقيتها، حيث لطالما ادعت أنها منصات مفتوحة لحرية التعبير، وتعهدت بمواجهة الضغوط الحكومية لحماية الخصوصية وحفظ بيانات مستخدميها، لكن هذه التعهدات ذهبت أدراج الرياح مع فشل مواقع التواصل الاجتماعى فى السيطرة على الأخبار الكاذبة، والكشف عن حجم الدعاية الروسية على تويتر وفيسبوك.
وتوالت الضربات المسددة لشركة فيسبوك ومنافستها تويتر مع الإعلان أن جهات روسية مولت رسائل ترويجية عبر فيسبوك خلال الحملة التى سبقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام الماضى، ثم كشفت الأنباء عن وجود رسائل مماثلة على تويتر، رغم تأكيد المجموعتين المستمر حرصهما على حماية الديمقراطية.
وأصبح الرئيس الروسى فلاديمير فبوتين يوقف عددا من وسائل التواصل الاجتماعى فى روسيا، أما رئيس تركيا رجب طيب اردوغان يحظر الصحف المعارضة، ويوقف وسائل التواصل بين حين وآخر، والصين تمنع بعضا منها، وتطلق وسائل تواصل خاصة بها، أما كوريا الشمالية فتمنعها منعا تاما، وتمنع القنوات التلفزيونية الفضائية، وتمنع أى صحيفة أو معلومة تدخل البلاد، أما الولاياتالمتحدة، فهى المركز الذى تتجمع فيه معلومات وسائل التواصل والإنترنت كافة، لتكون إحدى أدواتها فى تمكين سيطرتها، ومد أجل هذه السيطرة أطول فترة ممكنة.
ومن ناحية آخرى فترى الصحيفة أن فرض سياسات الدولة الأمنية على الإنترنت تسمح لأنظمة الحكم القمعة بفرض رقابة على الإعلام أو التجسس على مواطنيها بسهولة أكبر، وهناك أيضا تهديد يتمثل فى زيادة المشاكل الأمنية التى يمكن أن يتسبب بها المجرمون، فقد شجع تركيب أجهزة مرتبطة بدائرة إلكترونية فى بيوت الناس على وجود سيناريوهات مفزعة يتم فيها مراقبة الأجهزة الشخصية عن بعد.
واختتم الصحيفة تقريرها ، مؤكدة أن فى الواقع ، هناك هجوم عالمى ضد الديمقراطية عبر الانترنت ، فأصبح هناك محاولات لتقويض الثقة فى الديمقراطية أو التأثير على الناخبين للتصويت لصالح مرشحين مفضلين فى الفلبين أو الهند أو فرنسا أو هولندا أو بريطانيا أو غيرها، فلد أصبحت الديمقراطية الضحية الأولى للانترنت.