ننشر رابط تنسيق القبول بجامعة الأزهر لطلاب الدور الثاني بالثانوية الأزهرية    وزير التعليم يصدر كتابا دوريا ينظم صرف مقابل الحصص للمعلمين و50 جنيها للحصة    منح دراسية وتخفيضات 20% على المصروفات.. كل ما تريد معرفته عن جامعة «باديا»    مفتي الجمهورية: دار الإفتاء ستعمل بكل جد للمشاركة في المبادرة الرئاسية لبناء الإنسان    محافظ المنوفية يتفقد سوق الجملة وأعمال تطوير كورنيش شبين الكوم    محافظ الفيوم يشهد الاحتفال ب "عيد الفلاح " ويكرم عدداً من المزارعين المتميزين    «الخطيب»: الاستثمارات في الصناعات الغذائية تتجاوز 500 مليار جنيه    محافظ المنيا يؤكد على إقامة معارض «أهلا مدارس» بجميع المراكز لتوفير احتياجات الطلاب    سوديك توقع على تسهيل ائتماني بقيمة 4.14 مليار جنيه مع بنك مصر والتجاري الدولي لتمويل مشروعها بمدينة زايد الجديدة    «المشاط» تؤكد أهمية الاستفادة من تقارير وإصدارات معهد التخطيط القومي    وزير الإسكان يتابع مع مسئولى شركة "سيتى إيدج" معدلات تسويق مشروعات هيئة المجتمعات العمرانية    إعلام إسرائيلي: 100 ألف مستوطن دخلوا الملاجئ بعد هجوم حزب الله    رتيبة النتشة: فلسطين تحاول خلق التعليم الشعبي لتفادي ضياع العام الدراسي    «كومان»: الداخلية المصرية قدمت مبادرات بناءة ساهمت في تعزيز حقوق الإنسان    مودريتش عن اعتزاله: أنا وحدي أشعر بالنار    مباراة مصر وبوتسوانا تحت التهديد.. الطائرة الخاصة لمنتخب بوتسوانا لم تعُد بعد    عبد الملك: المنتخب قدم مستوى مميز أمام كاب فيردي    المجلس القومي للمرأة يهنئ بطلات مصر الفائزات بميداليات الألعاب البارالمبية    جريمة بشعة تهز القليوبية.. ماذا حدث؟    عاجل.. تأجيل محاكمة مضيف طيران و6 آخرين في تهريب دولارات للإخوان بالخارج    غرق طالب فى ترعة الإسعاف بقرية بهجورة قنا    إحالة العم والعمة المتهمين بتعذيب فتاة وأخواتها للنيابة بالفيوم    بدء احتفالية تكريم وزير الثقافة ل116 فائزًا بجوائز الدولة    الشرطة الإسرائيلية: قطع الطريق رقم 6 شرق تل أبيب للاشتباه بحادث أمني    جهود الشباب للحصول على وظيفة.. قصة وموعد عرض مسلسل "إنترفيو"    "شباك المنور" تفوز بجائزة خيري شلبي للعمل الروائي الأول للدورة الخامسة    محافظ أسوان يتابع الأعمال الجارية بمستشفى السباعية المركزى    جامعة بنها تستقبل وفدا من خبراء منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية    مدرب قطر: لا بديل عن الفوز أمام كوريا الشمالية بتصفيات المونديال    طقس الإسكندرية اليوم حار نهارا ورفع الرايات الخضراء على الشواطئ.. فيديو    حيثيات إعدام عاطل قتل صديقه داخل مسكنه بسبب خلافات بينهما فى الجيزة    جورج بوش يرفض دعم ترامب وهاريس فى انتخابات الرئاسة الأمريكية    الزمالك: سنطلب 100 مليون جنيه تعويضا حال عدم التزام ارون سالم بوبيندزا بالتعاقد    آخر تطورات مستقبل محمد صلاح مع ليفربول    رئيس المستقلة للانتخابات الأردنية: اكتمال كل الأمور الفنية واللوجستية لإتمام عملية اقتراع الغد    موعد صرف معاشات شهر أكتوبر 2024 وأماكن الصرف    وزارة الصحة تؤكد توفير الأدوية اللازمة بالصيدليات وحل أزمة النقص قريبًا    كامل الوزير يلتقي وزيري النقل والإعمار بالعراق    مصرع شخص خلال عبوره الطريق فى الدقهلية    وزير الصحة: نعمل على خفض الوفيات بسبب الدرن بنسبة 90% في 2030    الزراعة: صرف مساعدات مالية عاجلة لأسر العمال الزراعيين ضحايا حادث البحيرة    برج الدلو.. حظك اليوم الإثنين 9 سبتمبر: قلل التوتر    يسرا والكدواني وأحمد أمين ويوسف الشريف في عزاء والد طارق وأحمد الجنايني    برعاية وزير الثقافة.. اللجنة العليا لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ال 32 تواصل أعمالها    عالم: ليس كل أزهري مؤهل للفتوى.. واستحلال الحرام «كفر»    دار الإفتاء توضح حكم التطوع بالصيام فرحا بمولد النبى الكريم    باحث أزهري: الله وعد المؤمنين بشفاعة الرسول يوم القيامة (فيديو)    السنغال يسعى لتصحيح المسار أمام بوروندي في تصفيات أمم أفريقيا    انطلاق فعاليات اليوم الثانى والختامى لمنتدى الإعلام الرياضى    أوكرانيا تدعو الغرب لاستخدام قوة الناتو لإسقاط الطائرات الروسية فى سمائها    وزارة الصحة: انطلاق برنامج تدريب المعلمين بمدارس التمريض على المناهج الجديدة    محافظة القاهرة تنظم حملة "عينك أمانة" للكشف المبكر بالمجان على أمراض العيون    بالأسماء، وزير الداخلية يأذن برد الجنسية المصرية ل12 شخصا    زايد تنعي رئيس الأوبرا الأسبق: قدم الكثير لخدمة الفنون والثقافة    الجزائر: سلطة الانتخابات ترد على احتجاج الأحزاب السياسية المشككة    ما حكم إساءة الزوج لزوجته.. دار الإفتاء تجيب    الآن.. تنسيق المرحلة الثالثة 2024.. الموعد الرسمي لتسجيل الرغبات عبر الرابط المعتمد    شارك صحافة من وإلى المواطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تمنيت الشهادة فى ميدان "كفاية"
د. عبدالوهاب المسيرى فى آخر حوار له لليوم السابع:
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 07 - 2008

"خير لى أن أموت شهيدا من أن أموت مريضا"، قالها المسيرى وارتحل تاركا حياة عرضها مئات الكتب والصفحات المنيرة، التى قصفت أعناق الصهاينة، وأطالت قامات محبيه من المفكرين والباحثين والأدباء.
مات المفكر المصرى الدكتور عبدالوهاب المسيرى، وكان فى نيته أن يضىء تاريخى الصحفى بحوار معه، لأكون ضمن من سعدوا بلقائه والحديث معه، وكأن الرجل كان يقصد أن ينير السيرة الذاتية الخاصة بصحفى مصرى شاب تعلقت عيناه بهذه القامة المشرفة.
كيف كانت نشأتك فى دمنهور؟
دمنهور تركت أثرا كبيرا فى حياتى، ففيها قضيت معظم طفولتى، هناك تعلمت التنوع والتسامح، حيث كان عمى كثير العطاء للفقراء، لكن والدى زجرنى حين حاولت تقليد عمى، لأنه كان يرى ضرورة أن يأكل الإنسان من كده وشقاه، بدلا من الكسل والاعتماد على مد الأيدى للغير.
وماذا عن دمنهور التى نشأت فيها؟
كانت مدينة تجارية حديثة تسود فيها العلاقات التعاقدية التى تسود المجتمعات الحديثة، لكن قشرتها الناعمة كانت تشف عن مجتمع تقليدى غير قائم على اللذة والمنفعة فقط، بل على حسابات أخرى غير مالية وغير أنانية.
وأى أسلوب فضلت، أسلوب عمك القائم على العطاء، أم أسلوب والدك الذى يفضل النفس الأبية؟
آثرت التراحم والتعاون على التعاقد والتنافس، وتعلمت من المجتمع التراحمى أهمية الإنسان ككائن نبيل. هذا يظهر فى المجتمع الغربى حين يتعامل الإنسان مع هدايا الغير، إذ كان أحدهم يعطينى هدية فأشكره ولا أفض غلافها، وكان الشكر يكفيه، لكن نبهنى شخص فى المجتمع الأمريكى إلى ضرورة أن تفض غلاف الهدية، ثم تظهر الإعجاب بها أمامه، وبذلك تتحول من قيمة إنسانية (الكيف) إلى ثمن محدد (الكم)، وكان هذا الواقع أساسا لثورتى ورفضى للحضارة الأمريكية القائمة على العقلانية المادية.
بدأت وفديا ثم انضممت للإخوان المسلمين ثم الحرس الوطنى وهيئة التحرير وبعد ذلك الحزب الشيوعى، هل كانت رحلة من الشك والبحث، وكيف تقيّم هذه الرحلة؟
خالى كان وفدياً، ووالدى كان سعديا، وانضممت أنا فترة لحزب الوفد ثم ل "الإخوان المسلمين"، ثم هيئة التحرير والحرس الوطنى فى رحلة بحث هى محاولة للنضج إلى أن استقر بى المقام فى الحزب الشيوعى، وقبض على يوم ثورة العراق 1958، وساعدنى نفوذ والدى على الخروج من المعتقل بعد 4 أيام، وكنت مسئولا فى الحزب الشيوعى عن خلية من الخلايا. وأثناء اجتماعنا فى أحد المرات جاء شخص اسمه غير مسجل فى الخلية ليحضر معنا الاجتماع، فسألته فأجاب نريد أن نستفيد من علمك وبعدها خرجت من الحزب وبعد شهور من خروجى، تم القبض على الجميع فى 1959.
وما تأثير الماركسية على حياتك؟
الماركسية تركت أثرا كبيرا فى فكرى خاصة الماركسية الإنسانية بخلاف الماركسية المادية، الماركسية الإنسانية التى تمجد الإنسان وتراه مركز الكون وقادراً على التجاوز ..وهى الرؤية الماركسية لروجيه جارودى قبل إسلامه، وكنت أعجب بكتاباته وفكره قبل إسلامه وأشعر معه أن هذا هو جوهر الإسلام ..الغريب فى الموضوع أننى رجعت إلى الإسلام فى نفس العام الذى أشهر فيه جارودى إسلامه. الماركسية كما أنها لو جهزتنى وحمتنى.. فعندما ذهبت إلى الولايات المتحدة لم تكتسحنى.. دائما أقول إن كثيرا من المثقفين المصريين ذهبوا إلى الولايات المتحدة ودخلوا السوبر ماركت ولم يخرجوا منه، خرجوا بأجسادهم فقط وأرواحهم ظلت هناك.
وماذا عن علاقتك بال "سوبر ماركت" الذى قصدته؟
عن نفسى أضيق ذرعا بالسوبر ماركت، وكنت لا أذهب إليه إلا إذا كانت زوجتى مريضة.. عندما أذهب لو طلبت منى شيئا ما أجد 20 نوعا ولا أعرف ماذ أختار، وأتصل بها وأنا فى قمة الحيرة، فأنا أؤمن بأنه يجب على الحضارة والعلم أن يحققا الكفاف للجميع، بدون هذه الثقافة الاستهلاكية. الماركسية ساعدتنى وحمتنى من الإيمان ببعض المفاهيم الخاطئة، إلى جانب أنها أعطتنى أدوات تحليل متميزة، فعندما كتبت رسالة الدكتوراة عن وولف ويتمان، الذى كان يقال عنه شاعر الديمقراطية، اكتشفت من خلال أدوات التحليل الماركسية أنه شاعر الفاشية.
تكتب كثيرا عن الخريطة الإدراكية والنموذج الإدراكى وأثرهما فى تغيير الواقع، لكن كثيرين يقعون فى الازدواجية بين النماذج المختلفة التى يرونها، كيف يمكن حل ذلك؟
يجب ألا يتلقى الشباب واقعه ببلاهة، لابد من رؤية واضحة، فالواقع مركب وما نتعامل معه ليس الواقع فقط، وإنما المخ يتعامل مع الواقع، فمثلا: ينفق بعض الإسلاميين على الأفراح مبالغ تصل إلى مليونى جنيه، هؤلاء لا علاقة لهم بالإسلام، فكيف نفسر مثل هذا النموذج دون خريطة إدراكية، الأمر لا يقتصر على تكوين خريطتك الإدراكية، فلابد من إدراكها بالنسبة للآخرين.
والسؤال هنا: كيف نفسر سلوك الإسرائيليين دون معرفة شكل خريطتهم الإدراكية، فقد قيل إنهم شعب بلا أرض، وفلسطين أرض بلا شعب، وظهر أن اليهود ليسوا شعبا وأن الأرض بها شعب يقاوم ويحسن مقاومته من وقت لآخر. أسوأ ما يحدث للإنسان اهتزاز خريطته الإدراكية، لأنه يسبب له "لخبطة" فى حياته ولابد من إدراك أهمية تغييرها للواقع وللآخر.
قلت إن كثيرا من العلمانيين يرفضون أن هناك حركة تجديد فى الفكر الإسلامى، أين تقع حركة التجديد هذه، رغم أن المؤسسة الدينية شاخت فى نظر كثيرين؟
العلمانيون لا يرفضون رؤيتنا العلمانية فقط، وإنما يرفضون الاعتراف بأن الخطاب الدينى تطور بخطى واسعة، سواء من ناحية "الإخوان المسلمين" أو حزب الوسط، فحزب الوسط خاصة يقدم خطابا إسلاميا إنسانيا منفتحا، هم يتجاهلون ذلك لأن معنى ذلك أنهم أصبحوا مهمشين تماما، ومع هذا لا يمنع أن نتحاور ونتحالف معهم، طالما يؤمنون ببعض القيم الإنسانية المهمة.
وما أسباب ظهور المد الدينى فى الطفرة الأخيرة من وجهة نظرك؟
المد الدينى ظهر فى الفترة الأخيرة، نتيجة إخفاق الحداثة التى تبنتها حكومات شمولية فاسدة لا علاقة لها بالشعب، الحداثة تتبنى أسلوب الحياة الاستهلاكى، وليس لها علاقة بالفكر والعلمانية الحقيقية.
انضمامك إلى حركة "كفاية" وكونك المنسق العام لها، ألم يجعلك تخشى من شبح السجن؟
أنا قلت لهم فى منزلى "خير لى أن أموت شهيدا من أن أموت مريضا" ..اللحظة التاريخية تمسك بتلاليب الإنسان ..ولم يخطر ببالى أبدا أن أجد نفسى فى هذا الموقع ..وجدت أن الفترة تستوجب المشاركة ولا مفر من ذلك. (يضحك ويواصل بتعب: أشبه نفسى مازحا بقائد عظيم يحمل الراية ويتقدم الجيوش، وسأستمر رغم المضايقات).
كيف انضممت إلى الحركة؟
الشباب فى الحركة له كل الاحتفاء بسبب جهده المبذول، أما عن نفسى، فقد رشحنى صديقى جورج إسحاق لمنصب المنسق العام، تفعيلا لمبدأ تداول السلطة، وقلت للجميع فى بداية تعيينى: يجب أن تكون غاية أملكم هى أن تتحول "كفاية" إلى مؤسسة، ومن وجهة نظرى، أنه يجب أن يلعب كل عضو فيها دوره، دون أن يحق له إصدار أى تصريح أو بيان عن "كفاية" إلا بإذن اللجنة المنسقة، وهذا ينطبق على الجميع.
اتصلت بالدكتور عبدالوهاب المسيرى لإكمال الحوار الذى كان أملى فى تسجيل سيرة ذاتية صحفية مزينة به، لكن الأمل راح يتلاشى مع صحته، كان مريضا جدا فتأجل موعدنا، لكنه دخل نوبة المرض الشديدة دون أن يتحقق له الأمل فى أن يجزل العطاء لى على طريقة عمه ووالده فقط، فقد شهد أننى بذلت كل ما ينبغى أن أبذله من جهد للقائه ومحاورته، وكم كان يتمنى أن يمهله الله الفرصة كى يكمل جميله، لكنه رحل.
رحل المسيرى وكم كنت أتمنى أن يجيبنى عن هذه الأسئلة:
قلت فى حوار معك: أنك كنت صهيونيا عندما ذهبت إلى أمريكا لنيل درجة الدكتوراة، وقلت إن كثيرا من المفكرين العرب فى أمريكا يحملون الأفكار الصهيونية فى كتاباتهم، هل كنت تقصد أنها أفكار تملى عليهم، أم أنها ظهرت بسبب تأثرهم بالحضارة الأمريكية، وكيف تحولت من محب للأفكار الصهيونية إلى أكبر معاد لها؟
فى كتابك "العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة" تقدم رؤيتك عن علاقة الدين بالعلمانية، كيف ترى النهضة الإسلامية فى الفترة الأخيرة، ألا ترى أنها تضفى الطابع العلمانى على الدين؟
صرحت أنك حزين لأنك لم تكتب رواية، هل سبب هذا أنه لا توجد مأساة فى حياتك وأنك عشت حياة مرفهة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.