يد سمراء تملأها التجاعيد... أصابع طالما رقصت فى تناغم لترسم لوحات تعبر عن شروق الشمس والتفاؤل. لم تتوقع هذه الأصابع يوماً أنها ستشارك فى رسم لوحة سوداوية تعرض صاحبها للبيع. "الناس بتفكر دلوقت تاكل إزاى مش ح تعترض إزاى" بهذه العبارة بدأ حامد عبد اللطيف الفنان التشكيلى حديثه لليوم السابع بعد أن سألته إيه مشكلتك؟ فأجابنى" المشكلة الحقيقية إن كتير من الموظفين بيعرفوا يتصرفوا تحت أى ظرف وكل واحد بيعرف يمشى حالة وأنا كنت موظف فى وزارة الثقافة وعندى موهبه الفن التشكيلى وشاركت فى كتير من المعارض الفنيه يعنى كنت بمشى حالى ولكن بعد خروجى إلى المعاش منذ سنوات لا يتعدى دخلى الآن ال600 جنيه... وبسبب اكتشافى للعديد من المخالفات داخل الوزارة منذ بداية عملى بها لم أصبح من المحظيين الذين تتهافت عليهم الحوافز والبدلات، وبعد علاوة الرئيس تخيلت أن الأزمة ستنفرج لكن بعد يوم واحد من إعلانه لها وقبل أن يجف حبر الورقة التى تحمل قراره ارتفعت الأسعار لأكثر من 50%". سألته لماذا لم تتحرك الناس بعد زيادة الأسعار؟ وكان رده قريباً من جلد الذات عندما قال "ليه أنا ما اتحركتش... يا ترى علشان لسه اقدر أستحمل كمان شويه وأضغط مصاريفى ولا علشان خايف من الشرطة والحبس والبهدلة ولا علشان الناس ما تستاهلش أتحرك علشانها. لما أعرف الإجابة على هذه الأسئلة أعرف أجاوب على سؤالك". وماذا عن التزاماتك المالية؟ "عندى ثلاثة أبناء أكبرهم تخرج فى كلية الهندسة منذ ثلاث سنوات ولم يجد عملاً حتى الآن، وآخر طالب فى كلية الآداب، والصغير فى الثانوية العامة ويحتاج إلى دروس خصوصية بأكثر من 400 جنيه هذا بخلاف المأكل والملبس ومصاريف الأدوية وإيجار السكن. وبحذر سألته "بتعرض نفسك للبيع لمين وليه ؟" "بأعرضها لأنى مش لاقى آكل أنا وأولادى ومفيش حد بيشترى لوحات فنية ومفيش علاوه نافعة ومش عايز علاوة الرئيس يا ريت ياخدها ويصرف هو على البيت، وببيع نفسى لأى حد وبتنازل عن جنسيتى حتى حريتى بتنازل عنها، وحأكون عبد للى يدفع الثمن أنا عارف أن الإنسان فى بلدنا أرخص شىء لكن ما عنديش حاجة أبيعها غير نفسى فهل من مشترى"!؟