باولوكويليو "رحلة فى جماليات أدب أمريكا اللاتينية" عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن اتحاد الكتاب العرب، والذى يكشف مؤلفه السورى د. ماجد حمود عبر صفحاته عن أوجه الاقتراب والشبه بينه وبين أدب العالم العربي، ويطرح فى بدايته السؤال الأهم فى تناول تلك القضية وهو: لماذا تفوق هذا الأدب الذى ينتمى مثلنا إلى العالم الثالث، ووصل إلى العالمية، رغم تخلف بلدانه؟ يبدأ المؤلف كتابه بملاحظة حول تقصير النقد العربى فى دراسة أدب أمريكا اللاتينية، مثلما هو مقصر فى دراسة الأدب الذى يشاركه الانتماء الجغرافى والدينى مثل الأدب التركى والفارسى والهندي. ثم ينطلق إلى ملاحظة تالية مهمة، ولعلها تعطى خيطاً للإجابة على سؤاله، فجميع الروائيين الذين درسهم الكتاب اشتركوا فى الفهم العميق لنظرية الرواية، بل وجد بينهم من يدرّسها فى الجامعة (يوسا)، كما مارس أغلبهم فعاليات تزيدهم اقترابا من الواقع ومن الفن مثل الصحافة والكتابة للسينما، كما مارسوا جميعا النقد الذاتى الذى أسهم فى تطور إنتاجهم الإبداعى بفضل تطوير رؤيتهم للحياة وثقافتهم.. وهكذا استطاع كل روائى أن يضع بصمته الخاصة على إبداعه، رغم أنه يشارك الآخرين فى همومهم وطموحاتهم. كما اشترك الكتاب الذين تناولتهم الدراسة أياما مليئة بالندوب والجروح، ومع ذلك لم تهزمهم الحياة، بل تمكنوا من الانتصار عليها بفضل ممارستهم للكتابة الإبداعية.. "صحيح أننا عايشنا ملامح من سيرتهم الذاتية، ولكن بعد أن نسجتها يد الخيال المبدع فأغنت فضاء الرواية، حين انطلقت من (الأنا) إلى عوالم رحبة تمس كل إنسان! بفضل حساسية اللغة التى تراوحت بين لغة الأعماق ولغة الحياة اليومية، كما تراوحت بين لغة الأسطورة والحلم والتوثيق التاريخي. بل نستطيع القول بأن الروائى الأمريكى اللاتينى استطاع أن يبنى عالمه الروائى بناء محكم العناصر، كى يستطيع جذب المتلقى منذ الكلمة الأولى فى الرواية حتى الأخيرة". إذاً كان الروائى مشغولا بهم الإبداع وهم جذب المتلقى وبناء وجدانه، حتى إن بعضهم (كويلهو) أهدى روايته "إحدى عشرة دقيقة" إليه! من هنا كان سعى الكثير من الروائيين إلى اقتران الحكمة بالبساطة المبدعة، كى يستطيعوا بناء إنسان يواجه القهر والظلم، وبذلك كانت الكتابة لديهم مسؤولية أخلاقية بقدر ما هى مسؤولية فنية، سعوا من خلال الرواية إلى تزويد المتلقى بقوة روحية تجعله أقوى، فلا تدمره صعوبات الحياة! يضيف د. ماجد سبباً آخر لاهتمام العالم بآداب أمريكا اللاتينية وهو أن الغرائبية فى رواية أمريكا اللاتينية غامرت فى الدخول إلى عوالم مجهولة أشبه بالسحر، لكن روعتها تكمن فى كونها لم تهرب إلى عالم الفانتازيا وتحلق بعيدا عن هموم الإنسان وقضاياه. كل هذا يجعل القارئ يستنتج أن أدباء أمريكا اللاتينية كانوا أصحاب مشاريع ثقافية نهضوية، حاولوا مخاطبة واقعهم، دون أن يتخلوا عن الاستفادة من الإنجاز الأوروبي، لهذا كرسوا أدبهم كما كرسوا حياتهم ليزدادوا التصاقا بشعوبهم، ويعبروا عن هويتهم المتنوعة (الأوروبية، الأفريقية، الهندية) وبذلك استطاعوا تقديم أدب ينطق بخصوصيتهم. موضوعات متعلقة: ◄ايزابيل الليندى: "ألف ليلة وليلة" أدخلتنى عالم الرواية والإسلام مصدر للفنون والآداب الاستثنائية.. والأزمة فى الذين يتحدثون باسمه ( نص الحوار..) ◄الروائية العالمية ايزابيل اللندى ل "اليوم السابع" ◄أدب أمريكا اللاتينية أكثر مصرية من الأدب العربى ◄"حصيلة الأيام".. سيرة "فاضحة" تكتبها لابنتها باولا