تعتبر ظاهرة التسول من الظواهر الخطيرة التى تهز استقرار المجتمعات، وهى ظاهرة منتشرة فى جميع المجتمعات على اختلاف مستوياتها الحضارية. هذه الظاهرة هى بمثابة الظاهرة المرضية التى تأكل فى أوصال المجتمعات، وتمثل عبئًا على تقدم المجتمعات. والتسول بوجه عام هو طلب المال أو الطعام أو المبيت من عموم الناس باستجداء عطفهم وكرمهم. وهؤلاء المتسولون ينتشرون فى الأماكن العامة والطرقات من أجل ممارسة هذه الحرفة، لأن التسول أصبح يدر ربحًا كبيرًا ويجعل صاحبه من أصحاب الدخول الكبيرة، لذا يحترفها الكثيرون لأن العائد يأتى بصورة مريحة لا تعب فيه ولا عناء، لذا أصبح التسول منتشرا ويحترفه من لا مهنة له. وهناك طرق عديدة ووسائل كثيرة لممارسة التسول منها الأسلوب التقليدى المتعارف عليه للمتسولين الذين يدعون أو يمثلون أنهم لديهم عاهات أو من أصحاب العاهات. وهناك أسباب لهذه الظاهرة منها: قد يلجأ بعض الناس للتسول نتيجة الفقر المدقع أو المرض الشديد، وأحيانًا يلجأ البعض إلى التسول بسبب العائد المادى الكبير الذى يدره التسول. وتؤكد بعض الدراسات أن التسول أصبح مهنة ثابتة لبعض الناس بسبب سهولة الربح الذى يحصلون عليه من التسول. فالتسول أصبح مهنة من لا مهنة له، وأصبح يمثل ظاهرة مرضية يجب أن تتضافر جميع الجهود من أجل العمل على الحد من انتشارها. وإذا تأملنا موقف الإسلام من هذه الظاهرة الخطيرة وكيف عالجها وعمل على توجيه الطاقات والحث على العمل، نجد أن الإسلام تعامل بحكمة كبيرة مع هذه الظاهرة، نجد الكثير من الآيات القرآنية تدعو إلى العمل وترفع من شأنه وتكرم صاحبه وتعلى من قدره، بل يجزل الله له العطاء فى الآخرة. قال تعالى فى محكم التنزيل (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون). وغيرها من الآيات الكثيرة، وصارت الأحاديث النبوية الشريفة فى نفس المسار وعلى نفس النهج و دعت إلى العمل الجاد والكسب الحلال من عمل اليد، وأن اليد العليا خير من اليد السفلى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أكل أحد طعاما قط خير من أن يأكل من عمل يده، وأن نبى الله داود كان يأكل من عمل يده) أيضا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسال أحدا فيعطيه أو يمنعه). ورغم انتشار تلك الظاهرة وتعاظمها إلا أننا يمكن الحد من انتشارها عن طريق وصول المساعدات المالية من صدقة وزكاة لكل فقير مستحق لها، وأن يتكافل المجتمع مع الفقراء والمرضى ويقوم على رعايتهم، وتوفير احتياجاتهم الأساسية، وأن يقوم كل غنى بإخراج زكاة ماله ليس هذا فحسب بل العمل على وصول هذه الزكاة إلى من يستحقها. والآن ونحن أمام ظاهرة فى منتهى الخطورة على أى مجتمع سواء كان متقدما أو متخلفا يجب أن يتعاون الجميع فى الحد من هذه الظاهرة والعمل على توجيه طاقات هؤلاء نحو العمل مما يعود على المجتمع بالنفع.