عاجل.. رئيس الوزراء: الدولة حريصة على زيادة الصادرات لسد الفجوة الدولارية    «المؤتمر»: مصر أول دولة إفريقية تستضيف المنتدى الحضري العالمي منذ 20 عاما    نقيب أطباء لبنان: الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب طالت القرى    مجلس الوزراء: الموافقة على إنشاء 10 كليات أهلية    أحمد عيد عبدالملك يحذر لاعبي الزمالك من «خدعة كولر»    بمجموعة من الإعفاءات.. «الضرائب»: النظام المتكامل للممولين يتميز بالتعامل مع كافة الأوعية    الوكالة اللبنانية: غارة معادية استهدفت شقتين في مبنى بالضاحية الجنوبية    تين هاج: أنا مشجع لفريق تفينتى ولم أرغب فى مواجهته    وزير العمل: مصر تدعم كل عمل عربي مشترك يؤدي إلى التنمية وتوفير فرص العمل للشباب    ممتاز محمد قائمًا بأعمال عميد قطاع الهندسة والعلوم الأساسية بجامعة بني سويف الأهلية    مصدر من اتحاد الكرة يكشف ل في الجول مواعيد مباريات السوبر المصري    بعثة الزمالك تطير إلى السعودية استعدادا لملاقاة الأهلي في السوبر الإفريقي    اتحاد الكرة يعلن عن تشكيل الجهاز الفني لمنتخب الشباب بقيادة روجيرو ميكالي    23 ديسمبر.. نظر استئناف إسلام بحيرى على حبسه 3 سنوات في شيكات بدون رصيد    نقابة السينمائيين تشيد بمسلسل «ليلة السقوط»    رئيس جامعة القاهرة: لدينا علاقات قوية مع الجامعات الصينية ونبحث تبادل الزيارات والبرامج المزدوجة    لصحة أطفالك.. فوائد ممارسة الرياضة أثناء الدراسة    حياة كريمة: الكشف على 688 مواطنا خلال قافلة جامعة القناة فى فايد بالإسماعيلية    رابط إعلان نتيحة تقليل الاغتراب والتحويلات لطلاب الشهادات الفنية 3 و5 سنوات    وزير الرياضة يستقبل السفير الإيطالي لهذا السبب    تقرير: صناعة التكنولوجيا المالية أصبحت ثاني أكثر صناعة للشركات الناشئة بعد البرمجيات    بالأسماء.. 11 مصابًا في تصادم ميكروباصين ونصف نقل على زراعي البحيرة    «هل حدث تسريب من مصنع «كيما» في مياه النيل؟».. محافظ أسوان يكشف الحقيقة    روسيا تعرب عن قلقها إزاء التصعيد العسكري على لبنان    وزيرة التضامن تتوجه إلى جنيف للمشاركة في فعاليات الدورة ال 57 لمجلس حقوق الإنسان    "بردا وسلاما على لبنان".. درة تدعم الشعب اللبناني    هيكل.. الجورنالجي الذي لم يتكرر!    وزير الخارجية: قضية المياه وجودية لمصر ولن نسمح لأي دولة بالتصرف وفق أهوائها    المشاط تلتقي ممثلي «منتدى الشباب» ضمن قمة المستقبل 2024 بنيويورك    عوض تاج الدين: الرئيس السيسي يتابع لحظة بلحظة تقارير الحالات في أسوان    توسيع نطاق الأعمال بمبادرة ابدأ.. كيف يمكن للصناعات المصرية الوصول للسوق الفنلندي؟    المواطنة والهوية الوطنية.. كيف تؤثر القيم الإنسانية في مواجهة الفكر المتطرف؟    إيمي سمير غانم تكشف سر تعاونها مع حسن الرداد في رمضان 2025    «إلغاء الوجبات المجانية على الطائرات».. توجه عالمي لشراء المأكولات قبل السفر (تفاصيل)    الجيزة تزيل 13 كشك و"فاترينة" مقامة بالمخالفة بالطريق العام في المنيب    الشلماني يثير حفيظة القطبين قبل موقعة السوبر    طقس الفيوم.. انخفاض درجة الحرارة والعظمى تسجل 33°    عاجل| السيسي يصدر توجيها جديدا بشأن تنمية جنوب سيناء    CNN: استراتيجية ترامب فى إثارة مخاوف الناخبين بشأن الاقتصاد تحقق نجاحا    حبس عاطل ضبط وبحوزتi مواد مخدرة قبل ترويجهم على المتعاطين بالمنوفية    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    المغرب يحصد ذهبية الفيلم القصير في مهرجان الغردقة السينمائي    خبير: الإفراط في استخدام المكملات الغذائية يؤدي لتوقف القلب    ضبط مخزن في طنطا لإعادة تعبئة المبيدات الزراعية منتهية الصلاحية باستخدام علامات تجارية كبرى    النزلات المعوية.. مستشار الرئيس: نستنفر لخدمة المرضى دون تأخير.. ده واجب قومي علينا    ضغوطات وتحديات في العمل.. توقعات برج الحمل في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024    شوبير يعلق على قائمة الأهلي للسوبر الأفريقي: لا صحة لوجود حارسين فقط    الإسماعيلي ينتظر رد «فيفا» اليوم لحسم ملف خليفة إيهاب جلال (خاص)    وزير الخارجية: لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية واجتماعية دون أمن واستقرار    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة الاستراتيجي التعبوي التخصصي    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    ما حكم الخطأ في قراءة القرآن أثناء الصلاة؟.. «اعرف الرأي الشرعي»    بالفيديو.. أسامة قابيل للطلاب: العلم عبادة فاخلصوا النية فيه    الإفتاء: الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    مريم الجندي: «كنت عايزة أثبت نفسي بعيدًا عن شقيقي واشتغل معاه لما تيجي فرصة»    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    جيش الاحتلال الإسرائيلي: صفارات الإنذار تدوى جنوب وشرق حيفا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السادات ... خريف غضب لا ينضب
نشر في اليوم السابع يوم 07 - 04 - 2008

"ماذا يمكن أن تحس عندما يقفز النوم فجأة على جسدك وترتجف أصابع قدميك، وتدور خصيلات شعر رأسك، ولا تجد بداً من أن تخفى رأسك بين وسادتين باردتين علك تستريح من الأوهام الضائعة؟ وماذا يمكن أن يحدث لو بدأنا نضفى مغزى آخر على المألوف من الأشياء بإضفاء مظهر غامض على كل ما هو عادى؟ وماذا لو بدأنا نحلم داخل ذواتنا ونحن يقظون؟".
تذكرت هذا المقطع من إحدى الروايات العالمية عندما لفت انتباهى كغيرى من القوى المدنية الساعية لولوج مصر لعصر الحداثة والمدنية وإرساء معايير العقل حدثان مختلفان لشخصين مرموقين هما هدى جمال عبد الناصر وجلال أحمد أمين ... الأولى هى الأستاذة الدكتورة هدى عبد الناصر أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة وابنة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر – رحمه الله – والثانى الدكتور جلال أمين أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية وابن المفكر الكبير أحمد أمين – رحمه الله – وكلاهما تعلم فى أرقى الجامعات وحصلا على أرقى الشهادات وتصدا لأعقد القضايا، الأولى مسئولة عن ملفات ثورة يوليو بالأهرام والثانى يتصدى بكتاباته المتعددة لكشف عورات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وله إسهامات عديدة سواء على الصعيد الاقتصادى أو الاجتماعى أو السياسى ... أولاً: الدكتورة هدى جمال عبد الناصر صرحت فى حوار لها نشر عام 2005م بأن الرئيس الراحل محمد أنور السادات تم تجنيده من قبل المخابرات الأمريكية واتهمته بقتل الزعيم جمال عبد الناصر، مما أدى إلى أن كريمة الرئيس الراحل أنور السادات السيدة رقية تصدت للدفاع عن سمعة أبيها التى أهدرتها الدكتورة هدى عبد الناصر دون وجه حق – ورفعت قضيتها المشهورة بسب وقذف الرئيس السادات وهى أقل تهمة مما أشاعته الدكتورة هدى، ورغم حكم المحكمة الأخير بغرامة الدكتورة هدى إلا أن القضية ليست سباً وقذفاً وإنما اتهاماً صارخاً بالعمالة والخيانة بل والإجرام ... وإذا كانت السيدة رقية حكم لها بمبلغ 100 ألف جنيه تعويض، أتصور أن القضية بالنسبة لها لا تعنى الحصول على أموال، وأتصور أيضاً أنها قد تكون ليست بحاجة إليها، كما أتصور كذلك أن هذا المبلغ أو غيره قد لا يضر الأستاذة الدكتورة هدى عبد الناصر .. ولكن القضية الأهم، ما هو الحكم الذى يرد الاعتبار لرئيس مصرى وطنى تتهمه ابنة الرئيس الأسبق بالتآمر على أبيها بل والشروع فى قتله، بل والعمالة لدولة أجنبية منذ ما يقرب من أربع سنوات أثناء حياة أبيها، الذى قام هو نفسه بتعيينه نائباً له مما آل إليه حكم البلاد بحكم ما يسمى بالتوريث الجمهورى ...
ثانيا: ولعل حيثيات حكم المحكمة الذى أكدت فيه أن حرية الرأى ينبغى ألا تتجاوز القصد منها بالمساس بالآخرين أو التشهير بهم أو الحط من كرامتهم، وأن أقوالها واتهاماتها – يقصد الدكتورة هدى – كانت مرسلة لا تصنع دليلاً، يدخلنا إلى الحدث الآخر والشخصية المرموقة الأخرى وهو الدكتور جلال أمين، الذى تنشر له الزميلة "المصرى اليوم" حلقات "قصة الفساد فى مصر" ويفاجئنا أيضاً الدكتور جلال أمين بالتالى .. "كانت شخصية السادات بذاتها ملائمة تماماً للمناخ الجديد الذى حل بعد الهزيمة، ولكن السادات نفسه كان عاجزاً عن ارتكاب أعمال فاحشة من أعمال الفساد طالما كان المناخ غير موات لذلك، كان السادات من النوع الذى يرتعد خوفاً من غضب الرئيس عبد الناصر فلم يجرؤ على ارتكاب أعمال فساد كبيرة إلا بعد أن أصاب الضعف النظام كله فى 1967م" ... ويضيف الدكتور جلال أمين: "ولكن أياً كان حجم المخالفات التى ارتكبها السادات أثناء حياة عبد الناصر، فقد كانت شخصيته من النوع الذى يسمح له بارتكاب أكثر منها بكثير فى ظل مناخ مختلف"، والملاحظ أن الدكتور جلال أمين يتعامل مع قضية الفساد فى مصر من منطلقات شخصانية، فعندما قال: "كان جمال عبد الناصر ديكتاتوراً ولكن لم يكن فاسداً"، اعتبر أن الفساد لم يكن منتشراً فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى لأن الرئيس عبد الناصر لم يكن فاسداً، رغم أنه كان ديكتاتوراً .. رغم أنه لا فرق بين الاثنين على الإطلاق، وعندما تصدى للفساد فى عقد السبعينيات انطلق – كما ذكرنا – من شخصية السادات نفسه التى اعتبرها فاسدة بطبعها، وتجاهل إما عمداً أو اختياراً أن الفساد تحكمه شبكة مؤسسات وعلاقات معقدة، ويزيد جلال أمين بقوله: "حكى لى أحد الأصدقاء فى 1959م وكان يعمل فى سفارة مصر فى روما أنه خرج لمرافقة السادات فى التفرج على روما ومحلاتها فأعجبت السادات جاكتة خضراء فاقعة اللون وكان يريد شراءها ثم أحجم قائلاً جملة لا أستطيع تكرارها هنا، وتتضمن ما يمكن أن يقوله له عبد الناصر لو رآه مرتدياً هذه الجاكتة" .. أعتقد أنه قد بدا للجميع أن هناك محاولات بدوافع إرثية أو أيديولوجية للنيل والحط من كرامة زعيم مصرى له ما له وعليه ما عليه، ولكن أن يتم التعامل معه بهذه الأساليب السردية دون سند علمى منضبط، فتتهمه ابنة الزعيم عبد الناصر بأنه كان عميلاً للمخابرات الأمريكية، متناسية أن الزعيم نفسه عينه نائباً له وهو يدرك تماماً أنه سيكون الرئيس اللاحق، فكيف يكون؟، أيكون تآمراً من الزعيم عبد الناصر على الشعب المصرى لكى يحكمه عميل وخائن؟! وبالمثل فرغم دفاع الدكتور جلال أمين عن ديكتاتورية عبد الناصر، نراه أيضاً يمارس الأساليب السردية نفسها دون سند، ففى غمرة دفاعه عن الدولة الناصرية داس بقدميه على منجزات رئيس وطنى حرر كامل التراب المصرى.
إن ما فعله الرئيس السادات خلال عشر سنوات، هى فترة حكمه، من استشراف التحولات الدولية واحتياجات الشأن الداخلى كفيلة برد اعتباره، فكانت ثورة تصحيح فى مايو 1971م بالتخلص من بقايا الأجهزة الاستبدادية ودولة الحزب الواحدة، ثم تلا ذلك طرد خبراء الحليف الذى كان، وإن ظلت قواته ستقلل من قيمة ما فعلته المؤسسة العسكرية الباسلة فى أكتوبر 1973 واستعادت الأرض التى تسبب نظام يوليو السياسى الاستبدادى فى التفريط فيها، وفى عام 1975م استشرف التحولات الدراماتيكية فى أوروبا الشرقية قبل حدوثها بما يزيد على عشرة أعوام، وفى عام 1978م، استجاب للتحديات الداخلية بعودة الحياة الحزبية مرة أخرى بعدما ألغتها الدولة الناصرية (القوية)، كما يقول جلال أمين، وتم فتح الأسواق المصرية لمزيد من الاستثمارات الأجنبية التى أثبتت تجارب العالم فى العشرين سنة الأخيرة أهميتها لكل البلدان، حيث إنها تدل على الاستقرار السياسى غير المخاطر وقدرة البلاد الاقتصادية على جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتجاوز الاقتصادات الحمائية.
وأخيراً فلتكن كلمة عبد الرحمن الكواكبى خير ختام حينما قال: "إن الترقى يعنى الحركة الحيوية أى حركة الشخوص والمجتمعات، ويقابله بالضرورة الهبوط وهو الحركة إلى الموت أو الانحلال، وإذا رأينا فى أمة – أى أمة – آثار حركة الترقى هى الغالبة على أفرادها حكمنا لها بالحياة، ومتى رأينا عكس ذلك قضينا عليها بالموت" ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.