لقد بات الحال مستقرًا على اثنين لا ثالث لهما ولا جولة إعادة، ومن يزيد عن الآخر ولو بصوت واحد يكون هو الرئيس. هكذا يبدو المشهد القانونى الراهن فى الانتخابات الرئاسية المصرية وما بين إحجام البعض عن التقدم لخوف ما أو لتفويض ما لأحد المتنافسين وما بين عدم قدرة البعض ممن يتطلع إلى خوض الغمار على تحقيق الشرط الأساسى والوحيد حاليًا، وهو الحصول على توكيلات تتجاوز 25 ألف توكيل ممن لهم حق الانتخاب، ليمثل عقبة أمام إتاحة الفرصة لمن يرغب وليقيم الحجة أمام نفسة قبل الناس، بأن هناك فى الأمر مؤامرة غير واضحة المعالم. وبعد ثورة يناير، وقيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتولى إدارة شئون البلاد تم إجراء إنتخابات رئاسية، أعلنت نتيجتها فى يونيو2012 ثم أتى عليها يونيو 2013، فزالت ثم بدأت مرحلة انتقالية برئيس مؤقت لتنتهى بإعلان رئيس لمصر إن شاء الله فى يونيو2014، لتبقى حرارة هذا الشهر هى المسيطرة على المشهد انتظارًا لأن يكون هناك برد وسلام تبدأ نسماته مع نهاية هذا الصيف بتكوين مجلس النواب، ثم تعيين حكومة مستقرة تبدأ خطوات الإصلاح والوفاء بمتطلبات الشعب المتعطش، إلى أن يهدأ ويلتقط أنفاسه ليبنى ذاته التى فى ظنه أنها غابت عنة مدة يسيرة جعلته مضطربًا لا يرقى له حال. وبالنظر تاريخيًا، نجد أن العهد بالانتخابات لمنصب رئيس الجمهورية مازال فى بداياته، ففى عام 2005 م، تم تعديل المادة 76 من دستور 1971م، ليكون منصب الرئاسة بالانتخاب بدلاً من الاستفتاء ومن بين عدد من المرشحين بشروط منها، أن يكون عضوًا فى الهيئة العليا لأى من الأحزاب السياسة القائمة فى ذلك الوقت، أو يتم تزكية المرشح من عدد من أعضاء مجلسى الشعب والشورى والمحليات، موزعين على المحافظات ثم بعد قيام الثورة التى تلاها تعديل دستورى فى مارس 2011م تحول إلى إعلان دستورى وصولاً إلى دستور 2012م، الذى تم حذف شرط عضوية الأحزاب، على الرغم من أن من فاز بالرئاسة فى ذات العام هو من تقدم بصفته الحزبية دون الحصول على التوكيلات أو التزكية من نواب الشعب، وفى دستور 2014م تم الإبقاء على جمع التوكيلات وتزكية عدد من أعضاء مجلس النواب، وهو غير قائم حالياً ليبقى جمع التوكيلات من الناخبين هو الشرط الوحيد المعمول به بحكم الواقع. ويرى البعض أن المنافسة باتت محدودة وقاصرة على اثنين لا ثالث لهما بعكس ما سبق حتى فى النظام الأسبق، الذى كان سببًا فى تلك التعديلات الدستورية والنظام الذى تلاه فى تعدد فرص المشاركة، من خلال تعدد البدائل التى تشترط المدخل القانونى لإجراءات الترشح للرئاسة. وهذا الأمر يمكن أن يعود بنا إلى أن ترتيب البناء السياسى وتركيبة مضطربة، لأنة يفترض فيه أن يبدأ بالدستور أولاً تعديلاً أو تكويناً ثم تأتى السلطات العامة المنتخبة ثانياً وأولها مجلس النواب وتالياً لها الرئاسة، حتى يكون الأمر برمته على استقامة دون الرضوخ لأهواء عارضة وحالات مؤقتة تقوم على تشريع ما يخدم غرض معين، ويمكن لها أن تؤثر سلبًا على مستقبل الديمقراطية إذا كان هناك تطلع إليها ورغبة فيها بحسب التجارب المحيطة عالميًا. وسواء كانت المنافسة حقيقية أو وهمية، فإن السباق بهذه الحالة يقلل فرصة الاختيار ويزيد من مظنة الحيرة، لأنة ليس فى الحالة هذه بدائل كثيرة وضيق المساحة لا يتسع لكافة الراغبين. ولكن يبقى الشعب هو من يملك تقنين وضعه وتحفيز هؤلاء الفرسان على الوصول إلى نهاية السباق لخدمة الوطن، فقد يراهم البعض من ناحية الاختيار للحسن والأحسن أومن السيئ إلى الأسوأ، وفى السابق كانت جولة الإعادة بين خيارين أحلاهما مر وواقع مفروض عند البعض مرفوض حتى كاد الحال أن يكون على شفا جرف هار ينهار، ليقوض القواعد من السقف بعد إرسائها عند البعض الآخر، ويرى آخرون أنة لم يتبق إلا سحائب صيف عما قليل ستنقشع فتصفو السماء وتنجلى الحقيقة، ويبدأ البنيان وتستقر الأركان والكل خائف يترقب بحسب حرصه على ما يطويه الزمان لهذا البلد، ما يدعو للعيش فى كنفه بأمان وليقضى الله أمرًا كان مفعولاً.