أسعار الخضروات اليوم السبت 6-7-2024 في المنيا    سعر الدولار اليوم السبت 6-7-2024 في البنوك مقابل الجنيه المصري    أيمن الجميل: نجاح المشروعات الزراعية الجديدة بالأراضى الصحراوية يفتح الباب لمضاعفة الرقعة الزراعية    الإصلاحي مسعود بزشكيان يفوز بانتخابات الرئاسة الإيرانية    مصدر بحماس: المحادثات بشأن المحتجزين الإسرائيليين تبدأ خلال 16 يوما بعد المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار    بايدن: لا أحد مؤهل للفوز في الانتخابات الرئاسية أكثر مني    إلغاء مباراة بالدوري لسبب طارئ.. جدول مواعيد مبارايات اليوم والقنوات الناقلة    بدء امتحان الكيمياء والجغرافيا لطلاب الثانوية العامة    تفتيش طلاب الثانوية العامة بالعصا الإلكترونية قبل السماح لهم بدخول اللجان    «الأرصاد»: انخفاض طفيف في درجات الحرارة.. والعظمى بالقاهرة 35 درجة    تفتيش طلاب الثانوية العامة قبل امتحان مادتي الكيمياء والجغرافيا    73 مليون دولار ل«Despicable Me 4» في أول 48 ساعة بدور العرض السينمائي    «تأثير الحزن».. جمال شعبان يوضح سبب وفاة أحمد رفعت    شاهد.. أخر لقاء قبل وفاة أحمد رفعت (فيديو)    البابا تواضروس الثاني يترأس القداس الإلهي وسيامة آباء كهنة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية    محافظ سوهاج الجديد لم يدخل مكتبه.. استهل عمله ببحث تطوير المنطقة الأثرية بأخميم    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط»| اليوم    ضبط شقيق عصام صاصا لاتهامه في تزوير توكيل قضية بالهرم    عاجل.. الزمالك يرد على أنباء حرمانه من الجماهير أمام الأهلي بالسوبر الأفريقي    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    هيثم عرابي ينعى أحمد رفعت لاعب مودرن سبورت    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    15مليون جنيه تحسم مصير «أوباما» مع الزمالك    حكم النحر عند شراء سيارة أو بناء منزل جديد.. فرض أم بدعة؟    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    رئيس وزراء بريطانيا الجديد يتخذ أول قراراته: إلغاء قانون رواندا    بكام الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم السبت 6 يوليو 2024    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    مؤلف ففرقة العمال المصرية: أمضيت 7 سنوات في توثيق مشاركة نصف مليون مصري في الحرب العالمية الأولى    وزير الثقافة الأسبق: دار الوثائق القومية تعرضت لهجوم من الإخوان    أبرز تصريحات بايدن في أول مقابلة بعد مناظرته أمام ترامب    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في المالديف    توفيت في حادث سير.. من هي لونا الشبل مستشارة بشار الأسد؟    وزير التربية والتعليم يوضح أهم التحديات التي تواجه الوزارة    تشكيل فنزويلا الرسمي ضد كندا في كوبا أميركا 2024    قوات الدفاع الجوي الأوكرانية تسقط 4 صواريخ روسية موجهة شرقي البلاد    محمد حماقي يحيي حفل كامل العدد في بورسعيد.. صور    6 أعمال احرص على فعلها قبل صلاة الفجر.. تغفر ذنوبك وتوسع رزقك    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 "عاااجل" الدور الأول عبر بوابة التعليم الفني برقم الجلوس    عبد الرحيم علي يهنئ ماجد موسى بقرار مد خدمته رئيسًا لجمارك مطار القاهرة    مصرع شخصين وإصابة 7 في حادثي سير بالمنيا    حظك اليوم برج العذراء السبت 6-7-2024، على الصعيدين المهني والعاطفي    اتهام محامِ شهير بالتعدي على «فتاة» داخل مكتبه في الهرم (تفاصيل)    قرار من وزير التربية والتعليم الجديد بشأن الثانوية العامة    بعد دقائق.. ثروت سويلم ينفي نفسه بسبب الأهلي وبيراميدز (فيديو)    قصة تاريخ العام الهجري الجديد.. داعية يوضح    رأس السنة الهجرية 1446.. أجمل التهاني والأدعية    الغرفة التجارية: لا يوجد أي مؤشر لانخفاض أسعار السيارات في السوق    يقلل الاكتئاب ويحسن صحة العقل.. فوائد مذهلة للحليب الذهبي    تحمي القلب وتعزز الإبداع.. 7 فوائد صحية لنوم القيلولة يوميا    مرض أسماء جلال تسبب في خسارة وزنها خلال أيام قليلة.. تحذير من هذه الأعراض    الأنبا إغناطيوس برزي: الأسرار المقدسة منها خمسة عمومية    «خلينا ندي الفرصة للناس تشتغل».. مصطفى بكري بعد تشكيل الحكومة الجديدة    حزب الله: بهذه الصواريخ قصفنا مستوطنة مرجليوت    قداسة البابا فرنسيس يبعث برسالة إلى شباب مؤتمر اللاتين بمصر    «هنمنع عنكم طائرات الأباتشي».. نبيل فهمي يكشف تهديد أوباما بعد ثورة 30 يونيو (فيديو)    أكثر من قرن.. حزب العمال البريطانى من النشأة إلى السلطة    الصحة العالمية تحذر من مادة مسرطنة يستخدمها الملايين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعبة الخلافات العلنية فى «الإخوان المسلمين»
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 11 - 2009

هل يجوز تطبيق قواعد نظرية المؤامرة لمرة واحدة فقط على ما تفجر من خلافات داخل مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين؟
لا أقول هنا أن أحدا دبر مؤامرة للجماعة، ليحدث انقلابا داخليا أو انشقاقا سياسيا بين قيادات هذا التنظيم الراسخ، ولكننى أزعم أن الخلاف الذى خرج إلينا علنا للمرة الأولى من داخل مكتب الإرشاد، هو نفسه مؤامرة من الجماعة، تستهدف من ورائها رسالة محددة فى هذا التوقيت السياسى الحرج فى مصر.
بوضوح أكثر.. أقصد أن ما أعلنته الجماعة من خلاف داخل مكتب الإرشاد، حول تصعيد الدكتور عصام العريان لعضوية المكتب، وما تلا ذلك من إعلان المرشد الأستاذ مهدى عاكف هجر صحابته فى القيادة، ثم توابع هذا الهجر من أصداء وردود فعل لدى القيادات المركزية للإخوان، لم يكن سوى (خدعة إعلامية مدبرة بدقة) جرى التخطيط لها عمدا، لتحقيق عدد من الأهداف التكتيكية قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
ما يدفعنى إلى الزعم بوجود تدبير مسبق لهذا المشهد الذى تطور فى تصعيد ساخن، ثم انتهى فى صمت، أننا (أنت وأنا) لم نسمع من قبل عن خلافات علنية داخل مكتب الإرشاد بهذا المستوى، وأنت وأنا من حقنا أن نندهش لاندفاع الإخوان نحو إعلان هذا الشقاق السياسى علنا على هذا النحو، فانسحاب المرشد وإعلانه الاعتكاف القصير جرى أمام الصحفيين، كما أعلن (بنفسه) فى سابقة فريدة فى تاريخ الإخوان، أسباب انسحابه فى تصريحات رسمية للصحف، وأعضاء مكتب الإرشاد لم يلتزموا الصمت كما هى العادة، داخل هذا التنظيم المشهور بالتماسك والسرية، بل اندفعوا فى المقابل إلى الرد والتعقيب فى وسائط مختلفة، من بينها الموقع الرسمى للجماعة على شبكة الإنترنت، وعدد من الصحف المصرية والعربية.
أضف إلى ذلك، أن ما يسمى بحركة شباب الإخوان المطالبين بالتغيير والذين تحركوا مرات متعددة، بإعلان مواقف مناهضة لمكتب الإرشاد، أو معارضة لمهدى عاكف، أو أصدروا بيانات تحمل انتقادات للقيادة المركزية، أو لأحد قيادات الجماعة، هذه الحركة بكاملها لا يمكن أن تخرج إلى النور، إلا عبر ضوء أخضر من داخل الجماعة، فآليات السمع والطاعة والولاء لا تسمح بأى حال لاستمرار هؤلاء الشباب فى العمل التنظيمى الداخلى، فى حالة إقدامهم على مخالفة تؤدى إلى (شق وحدة الإخوان)، أو (نقض الالتزام التنظيمى فى الجماعة)، فالأمر هنا برمته، لا يمكن قبوله منطقيا، بالنظر إلى القواعد الحاكمة لحركة هذا التنظيم.
الاجتهاد فى تفسير هذا المشهد يقودنا إلى احتمالين:
إما أن الجماعة وصلت إلى مرحلة من الشيخوخة والوهن التنظيمى الداخلى، مما أدى إلى إضعاف سلطة المركز على الأطراف، وتراخى قبضة القيادة الداخلية، وتراجع قدرتها على الاحتفاظ بسريتها التاريخية وتماسكها العتيد، أو أن الجماعة خططت بعناية لكى يصل هذا الخلاف إلى الإعلام والرأى العام، لإعادة هيكلة صورتها الداخلية أمام الناس، وتحقيق أهداف سياسية محددة.
أعرف بالطبع أن السيناريو الأول يغرى الكثيرين من الخصوم السياسيين للإخوان، وأعرف كذلك أن هناك من يروج هذه الفكرة لمصالح انتخابية ودعائية مؤقتة، ويؤسفنى أن أجزم لك، بأن هذا التصور عن ضعف الإخوان واهم، وغير حقيقى، ولا محل له من الإعراب، فالجماعة قد تعانى حاليا من قبضة أمنية مشددة، واعتقالات فى صفوف الكوادر العليا، ومحاكمات عسكرية مستمرة، وأداء مثير للسخرية فى بعض ممارسات وتصريحات المرشد العام، وتسريبات بخلافات فى القيادة العليا، لكن هذا لا يعنى بأى حال أنها بلغت مرحلة الشيخوخة، بل على العكس مما يبدو على السطح، فإن الجماعة تتسع أفقيا ويزداد تماسكها تحت التحديات الأمنية المتواصلة، وعلى خلفية استثمارها الأخطاء السياسية للجهاز الحكومى فى الخدمات العامة .
شخصيا، أرجح فرضية (المؤامرة السياسية المحسوبة) من قبل الإخوان، لتحقيق أهداف مرحلية، تخدم مستقبل الجماعة. تقديرى أن الجماعة أرادت إعادة بناء الصورة العامة لشكل اتخاذ القرار داخل مكتب الإرشاد، بحيث يبدو الأمر أنهم يميلون إلى إعمال القوانين واللوائح الداخلية بآليات ديمقراطية، وأن مساحة الخلاف الداخلى بين قيادات التنظيم تسمح بتباين وجهات النظر، ردا على الحملات التى تصفهم بالديكتاتورية والاستبداد والميل إلى الحكم المطلق.
ليس ذلك فحسب، لكننى أتصور أن الإخوان يخططون لإعادة تقسيم هياكل هذا التنظيم العملاق، على نحو يسمح لهم بمناورة واسعة مع النظام، الذى يشحذ طاقته للمواجهة خلال العامين المقبلين (2010 الانتخابات البرلمانية و2011 فى الانتخابات الرئاسية)، وهذه المناورة تستهدف الفصل بين (النشاط فى مجال الدعوة) من جهة، و(النشاط فى المجال السياسى) من جهة أخرى.
فصل العمل الدعوى عن العمل السياسى، كان يمثل هاجسا دائما لدى حكماء الإخوان لسنوات طويلة، وربما تفكر الجماعة الآن فى الضرر الذى لحق بنشاطها الدعوى، بسبب ضغوط العمل السياسى، فلم تعد الدعوة كما كانت، لا على صعيد المساجد التى ينشط فيها الإخوان، أو المدارس التى كانت تدار عبر كوادرها التربوية، أو الجمعيات والنقابات التى كانوا يتألقون فيها لسنوات طويلة، ومن هنا فإن الثمن الأكبر الذى دفعته الجماعة، كان من رصيد العمل الدعوى، صحيح أن كوادرها احتلت ثلث مقاعد مجلس الشعب، لكنها لم تنجز شيئا حقيقيا داخل البرلمان، كما أدى هذا الوجود البرلمانى الكثيف إلى الإضرار بكوادر تنظيمية أخرى، برعت فى مجال الدعوة، كما برعت فى الأنشطة المهنية والنقابية والإغاثية الأخرى التى يتصدى لها التنظيم.
الحل الذى طرأ على العقل المركزى للإخوان، هو فى إعادة بناء صورتها أمام الدولة، وأمام أجهزة الأمن، وأمام الرأى العام، بحيث تسمح مرة أخرى بلعبة (الصقور والحمائم)، وتقسيم الكوادر إلى معتدلين ومتشددين، وتقديم نخبة من قيادات الجماعة على أنها من أنصار العمل الدعوى، مقابل مجموعة أخرى ترغب فى مواصلة العمل السياسى بنفس هذا المستوى الجامح، وتوصيل رسائل إلى كل هذه الأطراف، بأن مكتب الإرشاد ليس على قلب رجل واحد فى القضايا الخلافية الداخلية.
الإخوان يحاولون هنا احتواء أزمة عاصفة مرتقبة فى علاقتهم بالدولة، ويخططون من خلال هذه التقسيمات والخلافات العلنية إلى حماية النشاط الدعوى، فى حالة تعرض العمل السياسى لضربة قاصمة من الأجهزة الأمنية خلال العامين المقبلين، ولا مانع هنا- إذا صح هذا الافتراض- أن يكون التصور النهائى فى مخطط الإخوان، هو الوصول إلى تقسيم أقرب إلى النموذج الذى عاشت عليه جماعة الإخوان المسلمين الأردنية، والتى عملت بثنائية (الجماعة) و(الحزب)، فأسست حزب (جبهة العمل الإسلامى) الذى تحرك فى المجال السياسى الأردنى على نحو مستقل عن كيان الجماعة الأم التى تفرغت للعمل الدعوى فقط دون غيره.
صحيح أن الجماعة يشق عليها الآن إعلان حزب سياسى، يماثل حزب جبهة العمل الإسلامى فى الأردن، لكن صحيح أيضا أن ما يجرى تسريبه عن انشقاقات داخلية، يمكن أن يفرز حلا بديلا، كأن يجرى اختيار مرشد للعمل السياسى، مقابل مرشد للعمل الدعوى، أو أن تتحدد اختصاصات المرشد العام فى مجال الدعوة فى حين تقدم الجماعة شخصية جديدة تعمل باعتبارها رأس المكتب السياسى للإخوان، بحيث لا يسدد مرشد الجماعة ثمن أخطاء المكتب السياسى، ولا تتضرر أعمال الدعوة باشتباكات المكتب السياسى وكوادره.
لا أزعم أن هذا بالتحديد ما قد ينتهى إليه الأمر، ولكننى أنحاز إلى أن التيار الفكرى العام داخل الإخوان، يذهب نحو حلول من هذا النوع، وكل ما يجرى حاليا من خلافات علنية غير مسبوقة، هدفه الوصول إلى صياغة قريبة من هذا الشكل.
ربما ينجح الإخوان هنا كما نجح الإخوان فى الأردن، وربما ينقلب هذا السحر على صاحبه، فيصبح الخلاف المدبر حقيقيا، وتصبح التسريبات المحسوبة تيارا لا يمكن السيطرة عليه فى المستقبل، سواء من مكتب الإرشاد، أو من أجهزة الدولة..ربما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.