سعر الذهب اليوم السبت 19-10-2024 بالصاغة.. تحديث في عيار 21    مقتل شخص بشظايا صاروخ أطلق من لبنان على شمال إسرائيل    لو مسافر السعودية .. موعد انتهاء صلاحية تأشيرة العمرة    دخلنا في محافظات العيار الثقيل.. الحكومة تزف بشرى سارة لأهالي المنيا    قش الأرز.. تحد بيئي تحول لكنز اقتصادي| شاهد    مدبولي: مشروعات الصرف الصحي تمثل أولوية هامة على أجندة المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»    رئيس الوزراء يتفقد التشغيل التجريبي لمحطة معالجة الصرف الصحي بقرية برطباط غرب مغاغة.. صور    وزير التعليم العالي يزور "مدرسة 42" الفرنسية: تعليم يُحاكي السيناريوهات الواقعية    أفشة: مباراة سيراميكا صعبة| وتعاهدنا على الفوز باللقب    تجهيز ملاعب الكرة الشاطئية لبطولة كأس الأمم بالغردقة (صور)    إصابة 5 أشخاص في حادثي تصادم بالمنيا    محافظ كفر الشيخ: تحرير 14 محضرًا ضد مخابز مخالفة بدسوق    العثور على جثمان مجهول الهوية بمياه ترعة في الشرقية    تأجيل محاكمة بائع خضار استدرج شخص وقتله بشبين القناطر لجلسة الأربعاء    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    بالاسم .. الصحة تدشن موقعاً إلكترونياً لمعرفة المثائل و البدائل للادوية الهامة    تنظيم قافلة طبية مجانية في قرية أبو مندور بكفر الشيخ ضمن «حياة كريمة»    مدبولي: نحرص على متابعة تنفيذ مشروعات تطوير الخدمات الطبية لكونها تأتي على رأس أولويات عمل الحكومة    يد الأهلي يواجه فلاورز البنيني في نهائي بطولة إفريقيا    نائب رئيس جامعة الأزهر: العلم الذي دعا إليه الإسلام لم يقف عند العلوم الشرعية أو العربية    داعية بالأوقاف: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    عاجل.. التفاصيل الكاملة للهجوم على مقر الحزب الحاكم في اليابان: نفذه ملثم    التضامن: خطوط الوزارة الساخنة تستقبل 225 ألف اتصال خلال سبتمبر    وزير الصناعة يبحث مع اليونيدو الموقف الحالي لمشروعاتها بالسوق المصرية    مصر تشدد على ضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة    ضبط تشكيل عصابى تخصص في تقليد العملات النقدية وترويجها    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لمنطقة كفر طهرمس الأربعاء المقبل    موعد مباراة يوفنتوس ضد لاتسيو في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    خيري الكمار يكتب : رسالة إلى وزير الثقافة .. المهرجانات فى خطر    تأثير النوم الجيد على صحة العقل والذاكرة    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    مركز سقارة ينظم دورة للعاملين بالمحليات عن دورة "الخريطة الاستثمارية لمصر "غدا    جامعة الأقصر تنظم ندوة تثقيفية عن انتصارات أكتوبر    «8 زلازال في 20 يومًا».. عباس شراقي يكشف أسباب الزلزال المتكررة في إثيوبيا وخطورتها    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    حزب الله يُعلن استهداف جنود ومواقع إسرائيلية    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    تجمع «بريكس» يدعم إنشاء تحالف للطاقة النووية    بدر عبدالعاطي: زيارة وزير خارجية إيران لمصر تؤكد حرصنا على منع التصعيد بالمنطقة    «مينفعش الكلام اللي قولته».. إبراهيم سعيد يهاجم خالد الغندور بسبب إمام عاشور    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    حضور كبير في حفل تامر عاشور بمهرجان الموسيقى العربية.. كامل العدد    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    منتج عمر أفندى يكشف حقيقة وجود جزء ثان من المسلسل    عمرو أديب: المتحف المصري الكبير أسطوري ولا يضاهيه شيء    بوتين يؤكد «بريكس» لم تنشأ ضد أي اتحاد.. وتعمل انطلاقا من القيم المشتركة بين أعضائها    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    كيف تطور عمر مرموش مع آينتراخت فرانكفورت؟.. المدير الرياضي للنادي الألماني يوضح    دورتموند يعود لطريق الانتصارات بفوز على سانت باولي في الدوري    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    ضبط مسجل خطر بحوزته 10.2 كيلو حشيش بالشروق    "الكهرباء كانت مفصولة".. غموض يكتنف حريق مخزن الخيش بالزقازيق -صور    بطولة إفريقيا ل كرة اليد - موعد مباراة الأهلي ضد فلاورز البنيني في النهائي.. القناة الناقلة    اللواء نصر موسى يحكي تفاصيل ساعة الصفر في حرب أكتوبر    30 شهيدا بينهم 20 طفلا وامرأة في قصف مخيم جباليا في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنود الثورة المجهولون بالتحرير.. حكايات "أبطال الظل" فى ذكرى الثورة.. المسعفون ورجال "المطافئ" وأطباء المستشفى الميدانى.. المشرحة وعيادات الميادين وسيارات الإسعاف شهود عيان على ميلاد الحرية
نشر في اليوم السابع يوم 25 - 01 - 2014


تحقيقات وملفات
ص/ت: سيارات مطافئ وإسعاف - مرفقة
جنود الثورة المجهولون بالتحرير.. حكايات "أبطال الظل" فى ذكرى الثورة.. المسعفون ورجال "المطافئ" وأطباء المستشفى الميدانى.. المشرحة وعيادات الميادين وسيارات الإسعاف شهود عيان على ميلاد الحرية
كتب حسن مجدى وإيناس الشيخ ورضوى الشاذلى وجهاد الدينارى وإسراء حامد
ثلاثة أعوام لن تنسينا "الميدان"، بقعة شرف طاهرة لن تختفى معالمها مهما مر الزمن، شرارة الحرية الأولى، وحكايات من قلب ثورة تمر عليها الذكرى واحدة تلو الأخرى، هى حكايات وتفاصيل الميدان التى استقرت باقية بين زحام الأحداث، لن ننسى من وهبوا أرواحهم فداء لذكرى امتدت حدودها خارج قوائم الأسماء، ووقف خلفها آلاف الجنود الذين لم يختاروا التخليد، بعضهم من احتفظ بموقعه ثابتاً بين الاشتباكات، والبعض الآخر من أقسم على آداء واجبه مهما كلفه الأمر، مشاهد لذكريات الثورة على ألسنة أصحابها، كانوا وسيظلوا شهود العيان وأبطال الظل فى موقعة الحرية، وكتب التاريخ التى لن تنسى ذكراهم مهما طالت المدة.
المستشفى الميدانى أيقونة باقية فى ذكرى الثورة..
بقعة خالية استقرت فى منتصف الاشتباكات، رصوا فيها الأدوية التى نجحوا فى جمعها كيفما اتفق، علقوا بجانبها لافتة أعلنت عن مكان "المستشفى الميدانى" بأطراف الميدان، ثلاثة أماكن رئيسية ظهرت دوماً من أعلى غلبت عليها ألوان البالطو الأبيض وحركة أطباء الميدان التى لا تنقطع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فى مشاهد لن ينساها المصريون حتى بعد مرور ثلاثة أعوام كاملة على ثورة لم تعرف طريقها للراحة بعد.
مسجد عمر مكرم، ممر صغير متفرع من شارع محمد محمود بالقرب من الجامعة الأمريكية، ناصية شارع طلعت حرب، كانت هى الأماكن الرئيسية لمقرات المستشفى الميدانى التى تحولت بعد أيام الثورة الأولى لواحدة من أقوى أيقونات الثورة التى تستعيد ذكراها للمرة الثالثة، حركة لا تنتهى من الأطباء المتطوعين، معونات لم تنقطع يوماً عن كل من شارك بما يستطيع، وحكايات وقصص غلفها النسيان لأول شهداء ومصابى الثورة، هى ما تشهد عليها المستشفيات التى صبت عليها الثورة أقسى مشاهدها، إسعاف المصابين وحصر أعداد الشهداء، ونقل من يستوجب نقله لأقرب مستشفى، كانت هى أدوارهم التى أدوها على أكمل وجه.
الدكتور "حسام أبو السعود" أحد الأطباء المتطوعين الذين عاصروا الثورة منذ بدايتها، لم يسعفه الوقت لسرد تفاصيل عاشت فى مخيلته مثل غيره من الأطباء الذين شاركوا الثورة لحظاتها الفارقة، الصمود فى منتصف الاشتباكات، والهرولة نحو المتساقطين، لنجدتهم من بين أدخنة الغاز، ذكرى أرواح صعدت أمامهم، وأخرى عادت للحياة، هى التفاصيل التى يتذكرها من ثورة اندلعت بين أيديهم، وتركت لهم مسئولية "الإسعافات الأولية" لجراحها، "عشنا أيام الثورة من زاوية ما تتنسيش، شوفنا اللى ضحوا بحياتهم، وشوفنا اللى اتصابوا إصابات مش هتمحيها الأيام بسهولة"، هكذا يتذكر ملحمة كاملة من ملاحم الثورة التى وقف فى ظهرها متطوعو المستشفيات الميدانى فى الميادين.
التبرعات والمعونات الشعبية كانت هى السمة الأبرز على عملهم المستمر داخل الميدان، دور لا يقل أهمية عمن فقدوا أرواحهم هكذا "وصف" معبراً بلسان غيره من الأطباء الذين فرقتهم الظروف، ولم تذكر أسماؤهم قوائم البطولة، ولكنهم بقوا أبطال اللحظة فى كتاب ذكريات ثورة.
ضباط الحماية المدنية.. جنود مجهولون على أطراف الثورة..
ارتفعت شرارة الغضب، ودقت الساعة موعداً لمصر مع نيران التهمت نظام بائد انطلقت الجموع للإطاحة به، ألسنة النيران تلتهم ما تستطيع مما تبقى من حكم "مبارك"، بينما وقفت قوات الحماية المدنية صامدة وسط انهيار معظم إدارات وزارة الداخلية التى انطلقت الثورة لتطهيرها، بلاغات لا تنتهى انهالت على رؤوس رجال الحماية المدنية وسط غضب شعبى تجاه كل ما هو"ميرى"، ليرسموا رحلة من البطولة تاهت تحت أنقاض الأحداث.
177 بلاغا بينهم 69 لمنشآت حكومية، هذا ما تلقته الحماية المدنية فى القاهرة، منذ 25 وحتى 28 يناير 2011، مستشفى تبارك للأطفال كانت واحدة منهم يوم 28 يناير، حاصرت النيران الأطفال فى المستشفى ذات الطابقين وحاصر الطرقات الثوار الغاضبون من جهاز الشرطة بكل أنواعه، العميد محيى السيد مدير قطاع الحماية المدنية بشرق القاهرة تلقى البلاغ وتحرك بنفسه فى سيارة مطافئ لم يفرق الغضب بينها وبين عربات الأمن المركزى التى كانت تضرب المتظاهرين، وكان أحد أسلحتها خراطيم المياه، الاختفاء عن العيون والتسلل من بعض الشوارع الجانبية أهم الحيل التى لجأ إليها أثناء رحلته، لإنقاذ مستشفى الأطفال كما يحكى قائلاً: "أول ما وصلت الدكاترة مكانوش مصدقين أننا قدرنا نيجى.. الدكتور قالى أنا كنت ببلغ وأنا فاقد الأمل وسط اللى بيحصل لكن الحمد لله".
"طلعنا 30 عربية يوم 28 يناير اتحرق منهم 25، وكلنا واجهنا الموت رغم أن دورنا كان مواجهة الحرائق وإنقاذ الناس" ويقول أمين الشرطة يوسف الرفاعى أحد أعضاء الحماية المدنية: "مش بس واجهنا المشاكل فى الشوارع حتى المقرات اتحرقت، حوالى عشر مقرات ولعت فى يوم 28 يناير وكانت بالتوازى مع أقسام الشرطة فى حدود الساعة 2.30 الظهر".
"كانت كل الناس مشغولة فى الثورة وإحنا بنشيل زمايلنا من تحت الأنقاض وحتى الجنازة العسكرية مقدرناش نعملها بالشكل المناسب" يتذكر العميد أشرق قابيل مدير التخطيط والبحوث بالإدارة العامة للحماية المدنية الذى حكى عن شهداء أبطال "المطافئ" الذين راحوا ضحية المسئولية لم يشعر بهم أحد.
لم يختلف الحال كثيراً عن مقر الحماية المدنية بالقاهرة، ومقر "النوبتجية" أو مكان تجمع ضباط الأمن للتحرك إلى أماكن البلاغات، الرائد "حاتم حجازى" أحد المسئولين عنها يحكى ل"اليوم السابع" قائلاً: "عشان نقدر ننقذ الناس كنا بنضطر نشتغل بالملابس الميرى، ورغم أن كل حاجة فى البلد كانت واقعة وكل إدارات الوزارة توقفت لكن رسالة الحماية المدنية اللى مزروعة فينا كانت أكبر من أننا نسيب شغلنا ونسيب النار تأكل البلد، ومسئوليتنا مسئولية أرواح لا يمكن التهاون فيها".
المسعفون أبطال الظل فى ثورة الحرية..
وسط هتافات الملايين المحتشدة ب"ارحل.. ارحل"، كانت عرباتهم تخترق زحام ميدان التحرير، غير عابئة بالوجوه والانتماءات، إنقاذ حياة شخص رغم استحالة الحركة، واختراق الاشتباكات كان هو شغلهم الشاغل، لمساندة ثورة شاركوا فيها بقلوبهم قبل أن تتحرك إليها سيارات الإسعاف التى لازموها حتى النهاية.
11 يوما قضاها المسعفون برفقة الثوار على حافة خط النار الذى يفصلهم عن الموت، لا تعرف الطلقات الفرق بين مسعف أو متظاهر، ولم تكن مهمتهم فى اختراق الميدان ومخالفة الأوامر هى ما يمكن وصفها بالسهلة.
أدهم محمد أحمد، "مسعف منطقة المعادى ومشرف موقع التحرير فى أحداث 25 يناير"، وواحد من أبطال الظل فى ثورة 25 يناير، كغيره ممن لمست الثورة قلوبهم خالف الأوامر التى فرضت على سيارات الإسعاف التزام الجراجات وترك المصابين للموت، بنبرة من يتذكر الأحداث وكأنها وقعت أمس، يحكى "أدهم" عن تفاصيل عاشها بين مصابين حملتهم يديه بين الحياة والموت، وشهداء حملت سيارات الإسعاف أجسادهم على الرغم من شعارها الأول "الإسعاف ما بيشلشى ميتين".
"طفل سقط مغشياً عليه من فرط الغاز، رصاصة فى الجمجمة، وأخرى فى الرقبة، وإصابات فى العيون والأطراف، حالات اختناق وإصابات خرطوش، ومصابين استوجبت حالاتهم النقل لأقرب مستشفى"، كانت هى أبرز المشاهد التى تزاحمت بعقله أثناء الحديث عن واحدة من أقوى أيقونات الثورة.
ويحكى قائلاً: "حاولنا ننقذ المصابين وسط ظروف التهديد من اللجان الشعبية، إتهددنا من الثوار أنفسهم واتكسرت عربياتنا وكنا بنشوف نظرات التخوين من كل اللى حوالينا، وكان أى مسعف بيتمنع من دخول الميدان بحجة إننا بنشارك فى قتل الثوار".
أصعب ذكريات محمد عبد المرضى محمد "المشرف العام على مسعفى مرفق القاهرة"، مع ثورة يناير أثناء تفتيشه من قبل اللجان الشعبية قبيل دخولهم ميدان التحرير، لاعتقادهم أن عربات الإسعاف تحمل أسلحة لقتل المتظاهرين، وبنبرة حزن يكمل "عبد المرضى" حديثه فيقول: "المرفق خصص 30 مستشفى ميدانى ثابت فى الميدان و20 متنقلة علشان تسعف أى حالة بشكل عاجل".
من جانبه، يقول الدكتور ياسر بيومى "وكيل مرفق إسعاف القاهرة" ل"اليوم السابع": إن دور رجال الإسعاف فى ثورة يناير، لا يقل عن أبطال حرب أكتوبر ورغم كل هذه التضحيات لم يُكرم أى فرد فى المرفق ولو بشكل معنوى، علاوة على أن أحداث الثورة شكلت حاجزا نفسيا بين المسعفين والمواطنين فى الشارع.
رائحة الموت لم تترك الجدران..
ذكريات لها رائحة الموت، لم تترك جدران مشرحة زينهم التى وقفت فى مكان ثابت بين تفاصيل أحداث الثورة، التحق اسمها بأسماء الشهداء، وبقت لصيقة بقوائم تحمل أسماءهم، وصناديق ضخمة احتفظت ببقاياهم، صرخات ودموع لم تغب عن أبوابها التى استقبلت شهداء الثورة منذ بدايتها، حكايات الأهالى حولها وضعتها فى مكانة أقسى ذكريات الثورة التى شاركتها الهموم ثلاجات المشرحة.
الكل هنا سواء شهداء فى سبيل الحرية، سنوات مرت ولا أحد ينسى ذكريات ثورة يناير التى غيرت مسار الأحداث فى مصر بشكل كبير، فلم يكن هذا اليوم مجرد ذكرى لأحداث سياسية، بل كان نقطة اللارجوع فى حياة العاملين بمشرحة زينهم، ومن وضعه حظه العاثر للسكن بجوارها.
اعتدنا الصراخ ولم تعد مشاهد الفقد والثكل غريبة على حياتنا اليومية، هكذا وصف أحد السكان بجوار المشرحة حالة كل من يعيش فى المنطقة التى عاشت الثورة من أصعب جوانبها، داخل ثلاجاتها المتوازية حملت من خرجوا فى المطالبة بالحرية، وانتقلت مطالبهم إلى أروقة المشرحة، للحصول على مكان هادئ للرقود فى سلام دون إزعاج من أحد.
"شباب زى الورد حطيتهم بأدى فى ثلاجات، وما كنش بيوجع قلبى أكتر من اللى بحط على صناديقهم ورقة "مجهول" يتذكر أحد العاملين فى المشرحة الذى رفض الإعلان عن اسمه، ليحكى ل"اليوم السابع" عن تفاصيل الموت داخل الأروقة قائلاً: "طبيعة عملنا من البداية واضحة، تتعامل مع الأموات، لن يعارضك منهم أحدا، مشاهد صعبة وقاسية لكل من يدخل لتشريح جثته وتحديد سبب الوفاة، ولكن الوافدين من أهالى الميدان كان لهم وضع آخر، نعرف أسباب وفاتهم قبل بداية العمل، تحمل أجسادهم حكايات لم يمهلهم الزمن الوقت لسردها، ولكنها ظهرت فى النظرات الأخيرة التى تحكى ما حدث فى عيون المتوفى.
ذكريات باللونين الأبيض والأسود لم يكن فى وسع أحد أن يمحيها من ذاكرته، مع غيره من العاملين بالمشرحة الذين تعرضوا وقت الثورة لضغط لم يعيشوه من قبل خصوصا أن أعداد القتلى التى كانت تتوافد على المشرحة فى ذلك الوقت لم تكن بالعادية، مقارنة بطبيعة عملهم فى السابق مما كان يضاعف عملهم لساعات طويلة.
الوصول إلى المشرحة مكفناً، العرض على الطبيب الشرعى، تحديد سبب الوفاة، وأخيراً تقرير بالحالة، ورقدة فى ثلاجة الموتى تسبق الرقدة الأبدية بساعات، هكذا تنتهى حكايته مصل غيره من جيران الثلاجة الذين لا تفرقهم عن بعضهم سوى أرقام وعلامات لا يفهمها سوى من امتلك القدرة على كتابتها.
مستشفيات الثورة.. تحية لكل من خالف الأوامر..
علامة أخرى لم تختلف تفاصيلها عن باقى علامات الثورة التى اختفت خلف الأحداث، حكايات المستشفيات الرقيبة من الميادين، خاصة ميدان التحرير ذو الشهرة الأوسع، وجوه ومواقف لم يستطع العاملون بالمستشفيات نسيانها، بل تركت أثرا نفسيا كبيرا استمر معهم حتى بعد مرور ثلاثة سنوات كاملة.
دماء غطت ساحة المستشفى، جثث وأشلاء متراكمة، أجواء لا يمكن أن تمحوها الأيام من ذاكرتى، هكذا بدأ الدكتور "عمر محمد" حديثه ل" اليوم السابع" الذى شاهد أحداث ثورة 25 يناير منذ لحظتها الأولى من موقعه فى استقبال قصر العينى، قائلا: "مرت علينا أياما صعبة جدا، كل الأقسام تقريبا كثفت جهودها لاستقبال المصابين والضحايا من كافة الشرائح والفئات".
يكمل: "قصر العينى مستشفى مجانى، وهو ما جعله يستوعب نسبة كبيرة جدا من المصابين غير القادرين على العلاج، وكان من بينهم أول وجوه عرفتها الثورة".
"شاب أصابه طلقا ناريا فى البطن، ولم تفلح أيدى أطباء المستشفى جميعاً فى وقف نزيف الدماء الذى انفجر من بطنه، مشهد لأرواح تغادر الحياة أمام أعينهم، هو ما يتحدث عنه الدكتور "عمر" قائلاً: "عشنا الكثير من المواقف الصعبة التى لم نستطع بعدها العود لحالتنا الطبيعية حتى اليوم، وستظل هذه المشاهد علامات على الثورة مهما مرت السنوات".
"عبد الحليم محمد" موظف استقبال بالمستشفى، ولكن دوره لم يقل أهمية عن دور الأطباء، ما تعرض له فى أيام الثورة الأولى من ضغط، وحالات مصابة يراها للمرة الأولى هو ما وضعه بين قائمة شهود العيان على الأحداث، يتذكر تفاصيل خاصة وقف لمتابعتها بأنفاس متصاعدة وحركات هيسترية يحكى عنها قائلاً: "شهد المستشفى أكبر نسبة لاستقبال مصابى العيون، سواء بالطلق النارى أو بالخرطوش، وتم فتح باب التبرعات، نظرا لتوافد أعداد كبيرة من المصابين للمستشفى كونها أقرب المستشفيات لموقع الأحداث لسد احتياجات المصابين".
بينما يقول الدكتور أحمد محرز رئيس قسم الجراحة بمستشفى المنيرة "شهد المستشفى تمهيدات للثورة، عندما استقبل أكثر من حالة لمحاولات انتحارية كنوع من الاعتراض على الأوضاع وقتها، وكانت من بينها، حالة الرجل الذى أحرق نفسه أمام مجلس الشعب".
لم يكن دور المستشفيات المعلن فى إنقاذ المصابين هو الدور الثورى الوحيد الذى يجب الإعلان عنه عند الحديث عن الثورة، بل وقف بعضهم فى مكان أبطال خالفوا الأوامر، وانضموا للصفوف من مواقعهم، نجدة أصحاب الإصابات الخفيفة واستبدال ملابسهم بملابس أخرى وتهريبهم من الأبواب الخلفية كانت المهمة السرية لبعض الأطباء والتى يحكى عنها "محرز" قائلاً: "بعد إتمام علاج أصحاب الإصابات الخفيفة كنا نقوم بتهريبهم عن أعين الشرطة، أما من لا تسمح حالتهم، فكنا نصدر التقارير بعدم قدرة المريض على المغادرة لحمايتهم من الاعتقال، وحتى تستقر أوضاعهم".
أما بالنسبة لمستشفى قصر العينى الفرنساوى التى يعتبر أقرب المستشفيات الاستثمارى لميدان التحرير، فيقول "سلطان عبده" موظف الاستقبال بالمستشفى "صدرت أوامر من قيادات المستشفى بفتح أبوابها أمام جميع المصابين دون تفريق، وكان المستشفيات والدور الطبى من الجهات القليلة التى لم يدخل فى حكمها المعايير السياسية أمام أرواح لا تعرف التوجهات".
للمزيد من التحقيقات ..
ننشر تفاصيل لقاء وزير الداخلية ب12 حزبا لعرض خطة التأمين ب25 يناير.. "إبراهيم": التفجيرات لن تثنينا عن محاربة الإرهاب.. ورئيس حزب الجبهة الشعبية: مستعدون للحشد.. وشبابنا سيتواجدون اليوم ب11 محافظة
يد الإرهاب تمتد للمتحف الإسلامى.. محتوياته تغطى 12 قرنًا هجريًا وعمره يزيد على 111 عامًا.. يشتمل على 100 ألف قطعة أثرية.. التفجير حطم محراب السيدة رقية وإبريق عبد الملك بن مروان ومشكاوات السلطان حسن
"التمويل العقارى" يعلن طرح 6 آلاف شقة للحجز ب10 مدن جديدة خلال أسبوع.. رئيس الصندوق: أرفض بناء الدولة للوحدات السكنية ويجب إسنادها للقطاع الخاص.. وأتوقع رفع قيمة الدعم للتمويل العقارى ل35 ألف جنيه
ياسر برهامى فى حواره ل"الحياة": "السيسى" متدين وسيحظى بموافقة قواعد الدعوة السلفية فى الرئاسة.. و"أبو الفتوح" لن يخوض الانتخابات المقبلة..هناك أرضية مشتركة بين الإخوان والجماعات الإرهابية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.