لكم أتمنى أن يتطوع أحد مهاجمى د. هالة مصطفى ويشرح لنا بموضوعية أسباب هذا الهجوم الحاد عليها وقد ألصقوا بها ما يسمى بتهمة التطبيع، سيسارع الكثيرون بتذكيرى بدماء الشهداء الطاهرة التى سالت أنهارا على أرض سيناء. كان ذلك- لاشك- عدوانا غاشما فى 1967وقتلوا منا وقتلنا منهم واقتصصنا خير قصاص عادل فى 1973، وأصبح بيننا وبينهم سلام ملزم للطرفين. هنا سأجد من يهب ليذكرنى بكل هذه المجازر الوحشية التى يرتكبها الكيان الصهيونى بالأراضى الفلسطينية الحبيبة، وأرجو من هؤلاء عدم التسرع والتطوع بشرح الفارق بين دماء الإخوة فى فلسطين ودماء الإخوة فى العراق أو أفغانستان! وكيف إن كان هذا هو السبب نوصم كل من يتعامل مع إسرائيل بما يسمى بتهمة التطبيع فى حين يعد التعامل مع الولاياتالمتحدة أمرا عاديا ولا يتم ملاحقة الذين يتعاملون مع الولاياتالمتحدة على صفحات الجرائد أو يحال للتحقيق، بل ويعتبره البعض شرفاً يستحق أن يوضع بسيرته الذاتية! هل الفارق مثلما يعتقد البعض أن إسرائيل دخلت فى حرب معنا وأزهقت أرواح خيرة شبابنا؟!.. وما موقف الولاياتالمتحدة إذًا كمصدر التمويل الأكبر لإسرائيل فى هذه الحرب وما بعدها حتى هذه اللحظة؟! هل المجازر التى تحدث على الأرض الفلسطينية يمكن أن تقل بأى حال من الأحوال عن تلك التى ارتكبت بالعراق أو أفغانستان؟ هل تقل عن الانتهاك السافل للإنسانية بأبو غريب أو جوانتانامو؟ لم ثارت هذه العاصفة لاستضافة د. هالة للسفير الإسرائيلى "شالوم كوهين" للإعداد لندوة حول مستقبل السلام بالمنطقة؟! ندوة قد تكون وسيلة لفضح ممارسات الكيان الصهيونى وما يرتكبه من مجازر بالأراضى المحتلة، وربما تكون أداة للتأثير على الشباب من الدبلوماسيين الإسرائيليين علهم يشعرون بكم الكراهية التى عمقتها إسرائيل بممارساتها فى قلب كل عربى حين يصبحون فى موقع المسئولية فى المستقبل. ندوة كتلك مع توقع العائد منها حتى ولو كان ضعيفا أعتقده خير من استضافة كاتب بحجم الأستاذ "هيكل" لديفيد أوين وزير خارجية بريطانيا الأسبق ليشكك من داخل مصر وأمام الكاتب الكبير فى نصر أكتوبر ويشبّه هذا النصر العظيم بالهزيمة، ويطالب أيضا الفلسطينيين بالتخلى عن حق العودة! ما فعلته د. هالة مصطفى لا يعد خطيئة أو ذنبا أو جريمة، ولا أرى أن هناك معنى موضوعيا لتهمة التطبيع مع إسرائيل، فكثيرون ممن تباروا فى الهجوم على د. هالة لاستضافتها السفير الإسرائيلى لا يتوانون عن تلبية أى مطلب للسفر للولايات المتحدة لسبب أو لآخر ولا ينظرون للولايات المتحدة نفس نظرتهم لإسرائيل، بل ويفتحون أبوابهم للحوار مع الولاياتالمتحدة حتى الإخوان المسلمون يفعلون ذلك. الأزمة الحقيقية أن يتوهم أصحاب هذه المواقف أن قطع جسور الحوار مع الآخر هى السبيل لقيام دولة فلسطينية أو فى ذلك عودة للحق العربى! والأكثر إثارة للدهشة أن بعضهم يطالب بعدم التعامل مع كل من يحمل الجنسية الإسرائيلية أو الديانة اليهودية على الرغم من أن منهم من يفضح ممارسات إسرائيل الوحشية ويطالب فى كل محفل سواء من داخل إسرائيل أو خارجها بحقوق الفلسطينيين ويعلن موقفا واضحا ضد الصهيونية، ومن الغريب ها هنا أن نضع البيض كله- صالحا كان أو فاسدا- فى سلة واحدة، فالرفض الواضح من جانبنا للحوار مع الطرف الآخر هو فى رأيى هروب وعدم مقدرتنا على الإقناع وربما يراه العالم دليلا على ضعف الموقف.