الذين صوتوا بنعم على الدستور أغلبهن من الأمهات، فعلا إنهن الأمهات الذين ملوا وتعبوا من المعارك السياسية، إنها الأم التى جاء لها ابنها الثائر، وقال ( هانشيل مبارك عشان البلد لازم تبقى أحسن) فصدقته على الفور وتركته ينزل للتحرير، ويطالب بحقوقه وحين سقط مبارك استبشرت خيرًا وانتظرت أن تنصلح أحوال البلد بعد فترة، جاء لها ابنها، وقال ( يسقط حكم العسكر) فصدقته أيضًا وحين سقط العسكر استبشرت خيرًا، وانتظرت أن تنصلح أحوال البلد إنها تثق بابنها بلا شروط وتدرك أنه يعرف كل شىء مرة أخرى. جاء لها ابنها وقال (يسقط حكم المرشد) رغم أنها تعبت وملت لكنها صدقته أيضًا هذه المرة، جاء لها ابنها وقال إن الدستور ليس كاملا وأن السيسي ليس شخصًا جيدًا، ودعاها لأن تصوت ب لا، لكنها لم تصدقه، لقد طفحت المر وتحملت عذاب السنين وهذه السنين الأخيرة منذ ثورة يناير، كانت تضغط عليها بكل قوة تحملت هذه الأزمات الاقتصادية، التى قد تجعل زوجها (يوم معاه وعشرة معاهوش)، وكانت تخاف على ابنتها حين تخرج للشارع وتخاف على ابنها حين يخرج في مظاهرة لأول مرة عرفت كلمات جديدة مثل بلطجى، خرطوش، رصاص حى، هذه المرأة تريد أن تعيش لكنها بقدر أكبر تريد أن يعيش أبناؤها لا تهمها هذه الجعجعة الثورية والفلسفات الفارغة والمقارنات المملة بين حكم المرشد وحكم العسكر وحكم مبارك، إنها تدرك أن ثلاث سنوات تكفى أن يأخذ الجميع فرصتهم ليثبتوا لها شيئًا ما، ثلاث سنوات فقط لا أكثر، وإذا كان أحد ممن أخذوا الفرصة لم يستطيعوا إثبات شىء فالآن هى تتخذ القرار، أصدقائى إذا كانت الأمهات وهن فى الحقيقة الرمز الأقوى والأكثر أثرًا فى مصر هن أكبر من السياسة والجيش والمؤسسات إذا اتخذن قرارًا ب نعم للدستور، فهن يعرفن جيدًا ماذا يفعلن أنا أثق بهن فثق بهن أنت أيضًا.