وزير التعليم ينجح في أصعب تحدي «الكثافات الطلابية»    احتفالية كبرى بجامعة القاهرة في الذكرى 51 لانتصارات أكتوبر    محافظ أسوان يتفقد سير العملية التعليمية بمدرستي اليابانية وكلابشة    بينهم المصرية اليابانية.. 35 جامعة مصرية ضمن تصنيف «التايمز HE» العالمي (تفاصيل)    محافظ المنوفية يوجه بتشكيل لجنة لحل شكوى أهالي سرس الليان    وكيل تشريعية الشيوخ يستقبل وفداَ برلمانياً فيتنامياً    مغردون: حميدتي ظهر في خطابه مرتبكا ومقرا بالهزيمة    الصليب الأحمر اللبناني يواجه التحديات لإنقاذ المصابين في مناطق النزاع    باحث سياسي: التصعيد الإسرائيلي يهدف لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط    فتح باب الترشح لاتحاد الكرة 10 نوفمبر    بمشاركة 200 لاعب.. الشباب والرياضة بجنوب سيناء تطلق ماراثون دراجات ويوما رياضيا بمدينة دهب    ضبط 98 مخالفة تموينية متنوعة خلال حملات تفتيشية بمراكز بالمنيا    الأرصاد: استقرار الأحوال الجوية والقاهرة تسجل 32 درجة    رسميًا.. موعد امتحانات وإجازة نصف العام 2025 للمدارس والجامعات وفق «الخريطة الزمنية»    إصابة سيدة سقطت من الطابق الرابع في قنا    11 جائزة لطلاب المعهد العالي للفنون المسرحية بمهرجان ظفار الدولي    «زواج وعلاقات».. لمن ينجذب رجل برج الحمل؟    «المصير» الأبرز.. 11 فيلمًا في مشوار محمد منير كممثلا    هبة خيال تكشف تفاصيل شخصيتها في مسلسل برغم القانون    الدعاء يوم الجمعة: باب مفتوح لتحقيق الأماني وتفريج الكروب    دار الإفتاء تحذر من التحايل للاستيلاء على السيارات المخصصة لذوي الهمم: الشريعة تخصهم بمزيد من الرعاية    اليوم العالمي للصحة النفسية| سر «السرايا الصفرا»    ب 3 مكونات صحية.. طريقة عمل البراونيز (فيديو)    شيخ الأزهر يستقبل رئيس معهد «ديا ماليلا» الإندونيسي    لقاءات للتوعية بالحفاظ علي النيل لقصور الثقافة ب دوري المكتبات في دورته الثانية    تشييع جثمان أم أبناء الدكتور حسام موافي (صور)    رئيس الوزراء: مصر قطعت شوطًا طويلًا في مواجهة الهجرة غير الشرعية    إعادة تشكيل وهيكلة اللجان الطبية باللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية    منحة يابانية لبورسعيد لمشروع تطوير منظومة النظافة بآليات رقمية    وزيرة التضامن تكرم الموظفين المتميزين خلال سبتمبر الماضي    الزمالك يكشف أسباب طلب تغيير موعد مباراة بيراميدز    عفت نصار: الزمالك رغم المعاناة يظل أكبر قلعة رياضية في مصر    وزيرة البيئة توجه بتكثيف الحملات التفتيشية على محاور منظومة مواجهة نوبات تلوث الهواء الحادة    فاينانشيال تايمز: أوامر الإخلاء وتغير خطاب إسرائيل ينذران بحرب طويلة بلبنان    «مدبولي»: الدولة تولي اهتماماً خاصاً بالتوسع في الكليات التكنولوجية    المنظمات الفلسطينية: حجم المساعدات المقدمة لغزة لا يتجاوز 7% من الاحتياجات    رئيس الوزراء يتابع سير وانتظام العملية التعليمية بالأقصر    حملة مرورية مكبرة تضبط 11 ألف مخالفة تجاوز سرعة مقررة    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة غدآ.. تعرف عليها    وزارة الداخلية تقرر رد الجنسية المصرية ل 24 مواطن    تسليم 2218 شهادة استبيان تراخيص إقامة مباني داخل الحيز العمراني بالشرقية    صحة مطروح: تقديم 480 خدمة طبية خلال القافلة الخدمية الشاملة بواحة سيوة    إجراء 1274 جراحة مجانية ضمن مبادرة "القضاء على قوائم الانتظار" بالمنيا    الكشف عن قائد منتخب إنجلترا في غياب هاري كين    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    ترتيب الأهلي والزمالك.. كاف يعلن تصنيف الأندية الأفريقية في آخر 5 سنوات    يواجه نقص سلاسل الإمداد.. الحكومة توضح ماذا يعني الدخول في مرحلة اقتصاد حرب؟    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة مفخخة أطلقت من غزة نحو إسرائيل    ضبط عنصرين إجراميين في أسيوط بتهمة الاتجار بالأسلحة النارية والذخائر    خبير: لقاء السيسي ووزير خارجية الأردن يعكس خصوصية العلاقات بين البلدين    إعلامي يكشف عن النادي الجديد للقندوسي بعد قرار الأهلي ببيعه    المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية: موقف إيران من تصنيع السلاح النووي ثابت ولم يتغير    رئيس هيئة الرعاية الصحية: الانتهاء من إعداد أكثر من 450 بروتوكولًا    نائب وزير التعليم يكشف تفاصيل مسابقات تعيين معلمي الحصص في المدارس    أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024    مدحت صالح نجم افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ال32    بسبب «النسيان أو النوم».. حكم قضاء الصلاة الفائتة    علي جمعة يكشف عن شرط قبول الصلاة على النبي وأفضل صيغة ترددها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سجود الشكر بغير طهارة أو استقبال للقبلة
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 12 - 2013

السجود فى اللغة يطلق على الخضوع والتذلل، والشكر فى اللغة يطلق على الاعتراف بالمعروف المهيأ للإنسان ونشره والثناء على فاعله.
وسجود الشكر عند الفقهاء يطلق على وضع الجبهة فى الأرض تعظيمًا لله تعالى عند هجوم نعمة أو اندفاع نقمة، ونتكلم هنا عن حكم سجود الشكر، وعن شرط الطهارة واستقبال القبلة فيه.
أولاً: حكم سجود الشكر:
اختلف الفقهاء فى مدى مشروعية سجود الشكر على ثلاثة مذاهب كما يلى.
المذهب الأول: يرى استحباب سجود الشكر عند هجوم نعمة أو اندفاع نقمة، وهو مذهب جمهور الفقهاء، قال به أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيبانى وعليه الفتوى عند الحنفية، وإليه ذهب ابن حبيب من المالكية وعزاه ابن القصار إلى الإمام مالك وصححه البنانى، وهو مذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية، وحجتهم:
1 - ما أخرجه أحمد وأبوداود وابن ماجة والترمذى وحسنه عن أبى بكرة، قال: «كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر سرور أو بشر به خر ساجدًا شاكرًا لله» وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عبدالرحمن بن عوف قال: سجد النبى، صلى الله عليه وسلم، فأطال السجود ثم رفع رأسه، فقال: «إن جبريل أتانى فبشرنى، وقال: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه فسجدت لله شكرًا». وأخرج البيهقى عن البراء بن عازب أن النبى، صلى الله عليه وسلم، بعث عليا إلى اليمن فذكر حديثًا طويلاً فى قصة إسلام قبيلة هَمْدان جميعًا، وفيه: «فكتب على، رضى الله عنه، إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ سلامتهم. فلما قرأ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الكتاب خر ساجداً ثم رفع رأسه، فقال: «السلام على هَمْدان.. السلام على همدان». وأخرج النسائى والطبرانى بإسناد صحيح عن ابن عباس أن النبى، صلى الله عليه وسلم، سجد فى سورة «ص» وقال: «سجدها النبى داود توبة، ونسجدها شكرًا».
2 - أن سجود الشكر روى عن بعض كبار الصحابة، وهم لا يفعلون ذلك إلا عن توقيف؛ لحسن الظن بهم. ومن ذلك ما أخرجه عبدالرزاق وابن أبى شيبة والبيهقى بإسناد ضعيف أن أبا بكر الصديق حين جاءه فتح اليمامة وخبر قتل مسيلمة الكذاب سَجد لله شكرًا، وأخرج ابن أبى شيبة والبيهقى بسند فيه مقال أن عمر بن الخطاب سجد لما جاءه خبر بعض الفتوحات فى عهده.
المذهب الثانى: يرى عدم مشروعية سجود الشكر، وأنه مكروه لا يستحب فعله، والأولى أن يقتصر على الحمد والشكر باللسان، وهو المنقول عن أبى حنيفة وعن الإمام مالك فى المشهور، وروى عن إبراهيم النخعى، ونقل الطحاوى عن أبى حنيفة أنه لا يرى به بأسًا. وحجتهم:
1 - ما أخرجه البخارى عن أنس بن مالك قال: «بينما رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يخطب يوم الجمعة إذ جاءه رجل، فقال: يا رسول الله، هلكت المواشى وانقطعت السبل، فادع الله أن يسقينا، فدعا، فمطرنا فما كدنا أن نصل إلى منازلنا، فمازلنا نمطر إلى الجمعة الأخرى، قال: فقام ذلك الرجل أو غيره فقال: يا رسول الله، تهدمت البيوت وتقطعت السبل، فادع الله أن يصرفه عنا، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «اللهم حوالينا ولا علينا»، قال: «فلقد رأيت السحاب يتقطع يمينا وشمالا يمطرون ولا يمطر أهل المدينة»، قالوا: فهذا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم يسجد لتجدد نعمة المطر أولاً، ولا لدفع نقمته آخرًا، فلو كان سجود الشكر مستحبًا لما تركه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فى مثل تلك المناسبة، وأجيب عن ذلك: بأن شأن المستحب أن يفعل تارة ويترك أخرى.
2 - أن البشارات كانت تأتى النبى، صلى الله عليه وسلم، والأئمة بعده، ولم ينقل عن أحد منهم أنه سجد سجدة الشكر، فلو كانت مشروعة لما تركوها؛ لأنهم الأحرص على الفضائل، وأجيب عن ذلك: بأنه قد نقل عن النبى، صلى الله عليه وسلم، وصحابته الأخيار أنهم سجدوا للشكر، وهو أمر مشهور لا يخفى. قال الشوكانى فى «نيل الأوطار»: وإنكار ورود سجود الشكر عن النبى، صلى الله عليه وسلم، من مثل هذين الإمامين يقصد أبا حنيفة ومالك مع وروده عنه، صلى الله عليه وسلم، من هذه الطرق التى ذكرها ابن حجر وذكرناها من الغرائب.
3 - أن سجود الشكر لم يكن من عمل أهل المدينة، فدل ذلك على أنه غير مشروع، أو أنه منسوخ. وأجيب عن ذلك: بأن الحجة فى الأحاديث التى ذكرها الجمهور، ودعوى النسخ تحتاج إلى دليل ولا يوجد.
4 - أن الإنسان لا يخلو فى جميع أحواله من نعمة أو دفع نقمة، فلو كان السجود لذلك للزمه الحرج والمشقة، ولا معنى لتخصيص بعضها بالسجود. وأجيب عن ذلك: بأن سجود الشكر سنة مستحبة وليس واجبًا حتى تدعى المشقة، ثم إن السجود للشكر إنما يكون فى أحوال نزول النعمة بعد البلاء والشدة.
المذهب الثالث: يرى عدم مشروعية سجود الشكر، وأنه محرم ولا يجوز فعله، بل يجب لمن يريد الشكر أن يصلى ركعتين. وهو قول بعض المالكية كما حكاه القرطبى فى «تفسيره» والمواق فى «التاج والإكليل». وحجتهم: عموم قوله تعالى: «وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعًا وأناب» (ص: 24)، قالوا: فلو كان سجود الشكر مقررًا ومشروعًا لفعله داود عليه السلام ولكنه ركع، أى صلى ركعتين؛ لأن الركوع اسم للصلاة. وأجيب عن ذلك: بما قاله ابن العربى المالكى عند تفسير هذه الآية بأن السجود يطلق على الركوع والعكس؛ لأن السجود هو الميل والركوع هو الانحناء، وأحدهما يدل على الآخر، كما أجيب بأن هذا شرع من قبلنا، وقد ورد فى شرعنا ما ينسخه، ولو لم يكن منسوخًا فهو يدل على صلاة الشكر ولا يمنع من سجود الشكر.
ثانيًا: شرط الطهارة واستقبال القبلة فى سجود الشكر:
اختلف جمهور الفقهاء القائلون بمشروعية سجود الشكر فى اشتراط الطهارة واستقبال القبلة وغيرها من الشروط التى لا تصح الصلاة إلا بها عند سجود الشكر، وذلك على مذهبين فى الجملة.
المذهب الأول: يرى أن سجود الشكر يصح بدون الشروط المعروفة فى صحة الصلاة من طهارة البدن والثوب والمكان، ومن استقبال القبلة ونحوها، وهو قول بعض المالكية كما ذكر الحطاب وأخذ به ابن جرير الطبرى، وإليه ذهب ابن حزم الظاهرى، وبه قال ابن تيمية وابن القيم، واختاره الشوكانى والصنعانى. وحجتهم:
1 - أن اشتراط الطهارة أو غيرها من شروط صحة الصلاة لسجود الشكر يحتاج إلى دليل، ولا يوجد مع حاجة الناس إلى بيانه لو كان واجبًا. فلا يجوز إيجاب ما لم يوجبه الشرع.
2 - أن سر المعنى الذى يؤتى بالسجود لأجله يزول لو تراخى حتى يتطهر.
3 - أنه لم يرد فى الشرع تسمية سجود الشكر صلاة حتى تشترط فيه ما نشترطه فيها، ولم يسن فى سجود الشكر الاصطفاف أو تقدم إمام، كما لم يرد فيه تكبيرة الإحرام أو تسليمة التحليل، فكان اشتراط ذلك فى سجود الشكر تزيدًا بغير دليل.
4 - أن قياس سجود الشكر على الصلاة بدعوى أن السجود جزء من الصلاة قياس فاسد لا يدل على أنه صلاة؛ لأن القراءة والتكبير والتسبيح مما يفعل فى الصلاة، ولم يقل أحد بأنه يشترط لذلك ما يشترط لصحة الصلاة.
المذهب الثانى: يرى أنه يشترط لصحة سجود الشكر ما يشترط لصحة الصلاة النافلة. وهو مذهب الجمهور قال به بعض الحنفية والمالكية، وإليه ذهب الشافعية وأكثر الحنابلة وروى عن النخعى. وحجتهم:
1 - عموم ما أخرجه مسلم عن ابن عمر أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول»، كما أخرج الشيخان عن أبى هريرة أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ». قالوا: وسجود الشكر المقرر نوع صلاة؛ لأنه سجود يقصد به التقرب إلى الله تعالى، له تحريم وتحليل، فشرط له شروط صلاة النافلة، فقد أخرج أحمد وأبوداود والترمذى بإسناد حسن عن أبى سعيد الخدرى وعن على وعن عائشة أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم».
وقد اختار المصريون مذهب جمهور الفقهاء القائلين باستحباب سجود الشكر عند هجوم نعمة أو اندفاع نقمة ليس لكونه مذهب الجمهور وإنما لكونه مشبعًا للعاطفة الإيمانية. ولذلك فإن المصريين قد تركوا مذهب الجمهور عندما اشترطوا لصحة سجود الشكر الطهارة واستقبال القبلة وغيرها من شروط صحة صلاة النافلة؛ لما فى تلك الشروط من مشقة وحرج على من تفاجأ بالنعمة، ولم يكن فى حال طهارة أو علم باتجاه القبلة.
وأخذ المصريون بالقول المخالف للجمهور الذى ذهب إليه بعض المالكية وابن جرير الطبرى وابن حزم الظاهرى وابن تيمية وابن القيم واختاره الشوكانى والصنعانى، القائلون بصحة سجود الشكر بدون الشروط المعروفة فى صحة الصلاة؛ لما فى هذا القول من تيسير العبادة، فضلاً على كونه صادرًا من أهل العلم الذين يقتدى بهم، وأنه لا فضل لمذهب على مذهب إلا بحسب قناعة الناس، ولا سواد لقول على قول إلا بحسب اختيار الناس؛ لما أخرجه أحمد بإسناد حسن عن وابصة بن معبد، أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال له: «استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.