غدا.. حفل تخريج دفعات جديدة من طلاب الأكاديمية العسكرية المصرية 2024    انخفاض مفاجئ في أسعار الطماطم اليوم الأربعاء.. شعبة الخضراوات تكشف السبب    الخارجية الأمريكية: لم يقتل أحد من مواطنينا في العملية الإسرائيلية بلبنان    هزة أرضية تضرب جنوب شرق القاهرة (تفاصيل)    صدمة جديدة ل كولر .. فرمان عاجل من لجنة تخطيط الكرة في الأهلي    «نفحات من الشتاء».. بيان مهم بشأن حالة الطقس غدًا الخميس (تفاصيل)    ظفار الدولي للمسرح يفتتح فعالياته بتكريم 5 مسرحيين على رأسهم النجمة إلهام شاهين    تفاصيل الحلقة 14 من مسلسل "برغم القانون".. موعد العرض والقنوات الناقلة    الأحد.. حفل غنائي للمركز القومي للمسرح احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر    الكشف على 1025 حالة ضمن قافلة طبية في الفيوم    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب كمية من المواد المخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    أحمد موسى: الإخواني زي الإسرائيلي.. عدوك وعمره ما هيكون معاك    في مؤتمر صحفي.. استادات تعلن التوسع في استخدام أحدث التقنيات والذكاء الاصطناعي في قطاع الرياضة    أزمة طولان وانقسام غريب.. مقعد «جلال» يفجر الخلافات داخل إدارة الإسماعيلي    بورسعيد تستقبل «الجميلة» وعلى متنها3600 سائح    النيابة العامة تقرر حبس المتهم الخامس فى واقعة سحر مؤمن زكريا 4 أيام    ظهرت جنوب تشيلي وفي البرازيل.. مشاهد ترصد الكسوف الحلقي للشمس    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة بوسط سيناء    الحوار الوطني يبحث قضية الدعم ويؤكد التوافق لتحقيق مصلحة المواطنين    «البحوث الإسلامية»: 35 قافلة نفذت 25 ألف لقاء دعويا    واشنطن تدعم دور المغرب في تعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط    إسعاد يونس تكشف موعد اعتزالها التمثيل |فيديو    للمرة الأولى ب«الصحفيين».. العرض العام الأول للفيلم الوثائقي الدرامي «ممر الألم»    أمين الفتوى ب"قناة الناس": لا يجوز للزوجة أخذ مال من الزوج دون أذنه    الإفتاء: الجمعة أول شهر ربيع الآخر لعام 1446ه‍    بيسكوف: قوات كييف تستهدف المراسلين الحربيين الروس    حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 99 مليون و155 ألف خدمة مجانية خلال 62 يوما    فرض سيطرة وبودى جاردات.. الاعتداء على موظف بسبب شقة بالقناطر الخيرية    22 فيلما في ترشيحات جائزة النقاد العرب للأفلام الأوروبية 2024    معارض الحضارة المصرية في الخارج تجذب 625 ألف زائر    كوريا الجنوبية واليابان تتفقان على تنسيق الاستجابة تجاه «استفزازات» كوريا الشمالية    مصطفى الفقي: علاقة مصر مع إيران وإسرائيل وحزب الله تحتاج مراجعة    «وما النصر إلا من عند الله».. موضوع خطبة الجمعة المقبل    بيلد: أديمي الخيار الأول لخلافة محمد صلاح في ليفربول    10 صور ترصد بطولات شيكابالا مع الزمالك    ارتفاع حصيلة القتلى في استهداف إسرائيلي لمبنى سكني بدمشق إلى 3 أشخاص    قافلة تنموية شاملة لجامعة الفيوم توقع الكشف على 1025 مريضا بقرية ترسا    تغيير كبير.. أرباح جوجل بالعملة المصرية فقط    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة    رئيس الوزراء: نعمل على تشجيع القطاع الخاص وزيادة مساهمته    البورصة المصرية تتحول إلى تحقيق خسائر بعد اتجاهها الصاعد في الجلسات الأخيرة    وزير التعليم العالي يناقش فتح فرعا لجامعة أبردين البريطانية في مصر    تفاصيل زيارة أحمد فتوح لأسرة المجنى عليه.. وعدوه بالعفو عنه دون مقابل    عالم أزهري: 4 أمور تحصنك من «الشيطان والسحر»    قرار قضائي جديد ضد المتهمين في واقعة «سحر مؤمن زكريا»    الحوار الوطني.. ساحة مفتوحة لمناقشة قضايا الدعم النقدي واستيعاب كل المدارس الفكرية    محافظ القاهرة يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة الورش الإنتاجية التابعة للهيئة العامة للنظافة والتجميل    قافلة طبية في قرية الشيخ حسن بالمنيا ضمن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    جمال شعبان: نصف مليون طفل مدخن في مصر أعمارهم أقل من 15 عامًا    منح الرخصة الذهبية للشركة المصرية للأملاح والمعادن بالفيوم «أميسال»    بالصور.. 3600 سائح في جولة بشوارع بورسعيد    «بونبوناية السينما المصرية».. ناقد: مديحة سالم تركت الجامعة من أجل الفن    أستاذ جامعي: شمولية «حياة كريمة» سببا في توفير مناخ جاذب للاستثمار    النيابة تطلب تحريات مصرع عامل تكييف سقط من الطابق الثالث في الإسكندرية    عرابى: اختيار رمضان لمنصب المدير الرياضى موفق للغاية.. منح اللاعبين راحة من إختصاص الجهاز الفنى فقط    سقوط 6 تشكيلات عصابية وكشف غموض 45 جريمة سرقة | صور    وزير الري يلتقى السفيرة الأمريكية بالقاهرة لبحث سُبل تعزيز التعاون في مجال الموارد المائية    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يتبجح الفساد
نشر في اليوم السابع يوم 18 - 09 - 2009

تورمت رائحة الفساد فى ربوع مصر المحروسة بدرجة أزكمت الأنوف فى شتى مناحى الحياة، وأصبح الحديث عن الفساد هو حديث القاصى والدانى من أبناء هذا الوطن المخلصين. ووقف الكل يتمنى رؤية ضوء- أى ضوء - فى نهاية هذا النفق الحالك الظلمة. ولكن.... كيف تسلل هذا الفساد إلى مجتمعنا الذى لم يشهد هذا المستوى من بجاحة الفساد من قبل؟؟
والفساد - كما هو معلوم- ظاهرة عالمية، يتواجد فى كل مكان من أرض الله ولكن بنسب متفاوتة، يتزايد، ويتضاءل حسب قوة الدولة وهيبتها فى نفوس مواطنيها. ولكن فى حالتنا المصرية الراهنة أصبح الفساد عندنا - أقل ما يوصف به - أنه فساد من النوع المتبجح. فما كان يتم فعله تحت الطاولات فى السر مصحوبا بدرجة من التخفى، والتوارى عن أعين المجتمع، (وكلمة السر يا معلم)، إلى آخر هذه الاحتياطات اللازمة للتأمين، أصبح يتم عيانا بيانا، دون خوف لا من قانون، ولا من سلطة، ولا من شرطة، ولا من أعراف، ولا من قيم، ولا من تقاليد تحكم مجتمعنا المصرى العريق.
أحد أهم أسباب تفشى الفساد فى بلادنا فى شتى مناحى حياتنا السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والصناعية، والزراعية، والعلمية، والتعليمية.... الخ هو تفشى ثقافةَ: (تقديم الشأن الخاصة على الشأن العام) عند قطاع غير قليل من أبناء بلدنا. أصبحنا فى زمن من السهل فيه أن يكون ( الفرد) أقوى من (المجتمع)، زمن يفعل فيه الفرد ما يشاء، كيفما شاء، وقتما شاء بالطريقة التى تحلو له، من أجل شىء واحد ألا وهو: تحقيق مصلحته الخاصة، دون النظر لا إلى مصلحة عامة، ولا إلى صالح عام، ولا إلى حقوق مجتمع، ولا غيره. المهم مصلحته الخاصة فقط، ولسان حاله يقول: "خراب يا مصر عمار يا دماغى"، و"اشهد لى بكحكة أشهد لك برغيف. "إن جالك الطوفان حط ولادك تحت رجليك". إلى آخر هذه الفلسفات الكسيحة.
هذا الداء لا يحدث إلا فى المجتمعات التى تضيع فيها هيبة الدولة، وتنهار فيها سلطة القانون، ويساء فيها استخدام السلطة، وتترهل فيها القيادات فى المناصب لفترات طويلة (وصلت فى بعض الحالات إلى ما يقرب من خمسين عاما). وتتوارى فيه الرقابة الشعبية، وممارسة حق المساءلة، وكذا حرية النقد، وحرية والتعبير.
عاتبت شابا على ارتكابه تجاوزا بسيطا، ولكنه كان مثالا صارخا على الداء الذى ذكرت ( تقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة )، فهاج وماج فى وجهى وهو يقول: تلومنى على هذا الأمر البسيط ولا تلوم التلاعب الذى تمارسه حكومتك عن طريق تزويرها الدائم للانتخابات بكل مستوياتها، مما ينتج عن هذا التزوير تصعيد أشخاص يعملون بكل ما أوتوا من أجل تحقيق مصالح النظام الخاصة على حساب المصالح القومية العليا للبلد؟
قلت له: يا سيدى هؤلاء ليسوا قدوتنا.
فقال لى: ومن إذا سيكون القدوة والمثل لنا معشر الشباب - بعد هؤلاء القادة والسادة ؟
قلت له: إن رسولنا الكريم علمنا منذ اليوم الأول لهذه الدعوة ضرورة أن يتحلى كل مسلم بضرورة تقديم الشأن العام على الشأن الخاص كل حسب استطاعته. وارجوا أن تسترجع معى إن شئت ذلك اليوم الذى استيأست فيه قريش من أن يُخلى أبو طالب بينها وبينه صلى الله عليه وسلم، فذهبوا إليه، وقالوا له :
فليقلع ابن أخيك عن دعوته ونعطيه ما يريد.
إن أراد مالا جمعنا له حتى أصبح أغنى رجل فينا. وإن شاء ملكا ملكناه علينا. وإن أراد الشرف فينا، سودناه علينا. وإن كان مريضا، بذلنا له من أموالنا فى طلب الطب حتى يبرأ من مرضه.
وبعد هذا النزيف من الإغراءات الشخصية - التى يسيل لها اللعاب - جاءت مقولته المشهورة التى تعرفها أكثر منى : "والله يا عم لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه". ليعلمنا أن عز الأمم والأفراد والجماعات يكمن فى تقديم الشأن العام على الشأن الخاص.
لم أدر هل اقتنع الشاب أم لم يقتنع، ولكنى أنا الذى اقتنعت بخطورة غياب النموذج القدوة - المعاصر وليس التاريخى – من حياة الشباب. فانعدام القدوة من رجال السياسة والاقتصاد، ورموز المجتمع وقياداته، وكل من يتصدر للعمل فى مجال العمل العام فى بلادنا. أمر فى غاية الخطورة، أمر يجب أن يبرز إلى بؤرة اهتمام المسئولين عن أمن هذه الدولة الفكرى والثقافى والحضارى. وليعلم الجميع أن مثل هذه الآفات تتسرب إلى الوعى الشعبى العام كما يتسرب النوم إلى جفوننا، كيف؟، متى؟، لا حد يشعر.
إن نهضة أى أمة مرهونة بنسبة أولئك الذين يقدمون فيها الشأن العام على الشأن الخاص. كما أن نكبتها مرهونة بنسبة من يقدمون شؤونهم الخاصة على شأن الأمة العام.
والسؤال: هل لدينا الاستعداد للإقدام على ذلك كل حسب قدرته واستطاعته ؟
إن إجاباتنا على هذا التساؤل ما هى إلا استطلاع رأى صادق حول رغبتنا فى النهوض بهذا الوطن من كبوته، أم الاستمرار فى المعاناة التى نعيشها لأجل غير مسمى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.