لم يقتصر القلق المصرى من زيارة وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان لخمس دول أفريقية على محاولات إسرائيلية للتدخل لدى دول حوض النيل للتأثير على موقفها التفاوضى مع مصر بشأن مبادرة حوض النيل، لكن تلك الزيارة أثارت تساؤلات حول استغلال إسرائيل الغياب المصرى عن القارة السمراء، ولماذا تركت مصر لتل أبيب حرية الحركة فى القارة السمراء التى تمثل البوابة الأولى لها . فى البداية قال حلمى شعراوى مدير مركز الشؤون الأفريقية، إن زيارة المسئولين الإسرائيليين، ومنهم ليبرمان لأفريقيا هى زيارة دبلوماسية وليس لها علاقة بمياه النيل، مشيراً إلى أن تل أبيب تريد توثيق علاقاتها مع الدول الأفريقية، خاصة الدول التى لديها بترول مثل نيجيريا وغانا. وأشار شعراوى إلى أن زيارة ليبرمان لا يجب النظر لها من زاوية التدخل لدى دول حوض النيل للتأثير على مواقفها تجاه حصة مصر التاريخية فى المياه، ولكن يجب النظر لها من زاوية أخرى، وهى أن إسرائيل استغلت الغياب المصرى عن القارة السمراء ، وبدأت فى توسيع نفوذها فى هذه الدول، مستغلة حاجة هذه الدول إلى أن تقدم لها إسرائيل ما تحتاجه من خبراء فى مجال الزراعة والرى بأنواعه المختلفة. مؤكداً على أن محاولة إسرائيل فى توسيع نطاق نفوذها خارج منطقة الشرق الأوسط يثير تساؤلات عديدة حول تأثير ذلك على الدور المصرى فى هذه الدول. السفير أحمد حجاج رئيس الجمعية الأفريقية أكد أن غالبية الدول الأفريقية لها مصالح دبلوماسية واقتصادية مع إسرائيل لم تبدأ فى الوقت الحالى وإنما هى ممتدة منذ فترة طويلة ، وهناك زيارات متبادلة بين مسئولين إسرائيليين وأفارقة ، خاصة فى المجال الاقتصادى والزراعى ، لأن غالبية الدول الأفريقية تريد الاستفادة من الخبرات الإسرائيلية فى مجال الزراعة بالصحراء . وأضاف حجاج أن مصر تراقب بدقه مثل هذه الزيارات وتعلم خباياها ، وهى متأكدة تماماً أنها لن تؤثر على أمننا القومى، مشيراً إلى أن دول حوض النيل لن تكون فريسة سهلة فى يد إسرائيل لكى تطوعها كما تشاء فيما يتعلق بمسألة مياه النيل، فهذه الدول تعلم جيداً أن لإسرائيل أطماعا فى هذا الأمر. السفير خالد عثمان سفير مصر السابق فى زيمبابوى قال إن أى دولة لها الحرية الكاملة فى التحرك داخل أى منطقه فى العالم ، وإسرائيل دائمة التحرك فى أفريقيا ولكن بشكل غير معلن ، وبدأت فى تدريب أفارقة فى مجالات مختلفة مثل الزراعة، وتشارك أيضاً بعض الدول فى ترتيبات أمنية غير معلنة إلا أن هذه الزيارة من المرات المعدودة التى تم الإعلان عنها. وقال عثمان إن إسرائيل تتحرك بوعى واستراتيجيه داخل أفريقيا التى تعتبر البوابة الأمامية لمصر وتعكس أهمية جيوستراتيجية لمصر، "لكن للأسف غالبيه المصريين غافلون عنها رغم أن مصالحنا السياسية والاقتصادية مرتبطة بأفريقيا وبالفعل أفريقيا وقفت مع مصر فى تحركاتها لكن ماذا فعلنا نحن، أهملنا أفريقيا ولا نهتم بها إلا فى المناسبات والمؤتمرات الدولية الأفريقية وكل شىء ينتهى بمغادرة الوفود الأفريقية القاهرة" . وأكد عثمان أن إسرائيل تعمل على مدى سنوات، أما نحن فننظر إلى المسألة بشكل سطحى وموسمى. والغياب المصرى هو غياب استراتيجى ورؤيه مصر لأفريقيا هى اللا رؤية.