نقلاً عن اليومى.. ستة جنيهات فقط كفيلة بحصولك على لتر من مادة الفورمالين من أى محل مواد كيميائية، يكفى أن تقبل عليه وتسأله عن «دواء الجبنة» هذا هو الاسم المتعارف عليه بين منتجى الألبان لتجد عددا من بائعى تلك المواد يبادرك بالرد: قصدك المادة الحافظة ويسرع فى إحضارها إليك، وآخر تتوقفه الكلمة فتوضح له أكثر بأنك تريد شراء مادة الفورمالين التى تضاف للجبن فيطلب منك أن تتأكد من استخدامها فى الغذاء ولكنه أيضا لا يمانع فى بيعها لك مقابل الحصول على بضعة جنيهات. هذا ما حدث معنا، عندما أقبلنا على شراء تلك المادة من أحد محلات المواد الكيميائية بمنطقة فى محافظة القاهرة، ويصل سعر اللتر منها إلى 6 وأحيانا 4 جنيهات فى محلات أخرى. الدكتور هشام الخياط، أستاذ الجهاز الهضمى والكبد بمعهد تيودور بلهارس، يتحدث عن خطورة مادة الفورمالين قائلا: يرجع لها الفضل فى زيادة عدد مرضى الفشل الكلوى والالتهاب الكبدى اللذين تزداد معدلات الإصابة بهما فى مصر سنويا وفقا للمؤشرات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة المصرية، فهى مادة شديدة السمية عند دخولها فى جوف المريض ينتج عنها تقرحات والتهابات شديدة فى المرىء تصل إلى حد ثقبه إذا كان مركزا أو تحدث على المدى البعيد تليفا للكبد وضيقا فى المرىء ينتج عنه عدم القدرة على البلع وانخفاض بالوزن ويحدث نقص فى الفيتامينات والبروتينات المفيدة للجسم، ويضيف الخياط: وتُحدث أيضا تلك المادة فشلا كلويا وورما فى الكبد، لأنها سم فظيع توضع دون وعى بهدف حفظ الأغذية أطول فترة ممكنة ويظهر تأثيرها على المدى الطويل. ويتابع، يعتبر الفورمالدهيد من المواد عالية السمية حتى لو تم التعرض له بكميات قليلة جدا، فهو يعد من المواد المسرطنة من الدرجة الأولى، ويسبب أيضا أضرارا للجلد وتصاب العين بنوع من الحساسية عند التعرض له بشكل مباشر، ويؤدى استنشاقه إلى تهيج فى الأغشية المخاطية فى الأنف والتهاب فى القصبة الهوائية وضيق فى التنفس. فى 2011، أضافت الحكومة الأمريكية المادة الكيميائية الفورمالدهيد إلى قائمة المواد المعروفة التى تسبب السرطان، وحذرت من استخدامها أو التعرض لها، وفى تقرير تم عرضه على وزير الصحة والخدمات الإنسانية آنذاك حذروا من أن أولئك الذين يتعرضون لها بدرجة كبيرة تتزايد لديهم مخاطر الإصابة بسرطان الأنف والبلعوم وسرطان الدم ومختلف أنواعه الأخرى، وعلى الرغم من أنه فى مصر صدر منذ عشرات السنين العديد من الدراسات عن كليات الزراعة فى جامعة القاهرة وعين شمس بالتعاون مع وزارة الداخلية والإسكندرية، وكانت الأخيرة بالتعاون مع غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، وحذرت جميعها من استخدام تلك المادة فى منتجات الألبان إلا أن بعض المعامل تتجه للأساليب التقليدية حتى لا يتكلفوا أموالا باهظة فى استخدام الأجهزة الحديثة لقتل البكتيريا، «والفورمالين مادة محرمة وغير صحية وغير قانونية» بحسب الدكتور منير العبد، أستاذ الألبان بكلية الزراعة جامعة القاهرة، مضيفا أن منتجى الجبن والألبان بدأوا فى استخدام تلك المادة دون علم أو دراية. وعن البدائل المتاحة للقضاء على البكتيريا الموجودة فى اللبن ومنتجاته، يقول الخبير الكميائى بهاء جاهين، إن هناك مواد كيميائية أخرى يمكن استخدامها بدلا من الفورمالين مثل حمض البنزويك وأملاحه، حمض السوربيك وأملاحه وهما مواد حافظة مسموح بها وفقا لهيئة المواصفات والجودة تضاف بنسب لا تتجاوز %3، ولا تسبب أضرارا، مضيفا أن صاحب معمل الجبن ليس لديه وعى كاف وتتحكم فى صنعته العادات والتقاليد وما توارثه عن آبائه وأجداده، ولفت جاهين صاحب محل كيماويات، إلى أن بائع تلك المواد الخطرة عليه أن يسأل المستهلك عن أوجه استخدامه لها ويوعيه بسلبياتها قبل إيجابياتها. ويضيف جاهين، أن حمض السوربيك وأملاحه أغلى ثمنا من مادة الفورمالين، لذلك أصحاب المعامل البدائية يفضلون الأخيرة رغم خطورتها الشديدة.