سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ثورة 30 يونيو تغير مفهوم الدبلوماسية المصرية لتحولها إلى غير تقليدية.. الوفد المصرى الرسمى المشارك فى أعمال الدورة العادية للأمم المتحدة يضم شخصيات شبابية غير رسمية وهى السابقة الأولى من نوعها
يقولون دائما إن الأزمات تفجر الطاقات، وهو ما حدث بالفعل فى أداء الدبلوماسية المصرية فى أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو، والعزل الشعبى للدكتور محمد مرسى، فالخارجية المصرية وجدت نفسها أمام موقف دولى لا تحسد عليه، فالولايات المتحدةالأمريكية وعدد كبير من الدول الأوروبية ودول إقليمية وعربية مؤثرة بدأت تنظر لما حدث فى مصر على أنه انقلاب عسكرى، رافضين الاعتراف بإرادة الملايين من الشعب المصرى الذين خرجوا للشوارع لإعلان رفضهم لاستمرار حكم الإخوان فى مصر، وبدأت هذه الدول تمارس ضغوطا على منظمات دولية لكى تأخذ بوجهة نظرها. ومن جانبها، بدأت وزارة الخارجية ووزيرها نبيل فهمى فى توظيف كل الأدوات الدبلوماسية من أجل حماية المصالح المصرية وأمنها القومى، والتى بدأت بالفعل من خلال اتباع الدبلوماسية التقليدية الممثلة فى إجراء اتصالات رسمية على مستوى الوزير، حيث أجرى أكثر من 70 اتصالا مع نظرائه فى الخارج، فضلا على استقبال أكثر من 45 وفدا أجنبيا فى القاهرة، وأجرى أكثر من 36 لقاء إعلاميا، كما بذل مساعدو وزير الخارجية وسفراء مصر بالخارج جهودا مكثفة فى ذات الاتجاه، وأتت هذه الآلية بنتائج لا غبار عليها. وبالتوازى مع ذلك تحركت وزارة الخارجية بشكل مكثف لتوظيف كل الأدوات المتاحة غير الرسمية من أجل التصدى لهذا الظرف الاستثنائى الذى تمر به مصر، لعلها تفيد فى هذه المواقف الصعبة التى تواجهها مصر للمرة الأولى منذ فترة طويلة. وتمثل التحرك الأول فى توظيف الدبلوماسية الشعبية بمفهومها الواسع كالمجتمع المدنى وقادة الفكر والرأى والمثقفين لنقل صوت المجتمع والشعب المصرى للعالم الخارجى، ومن هنا ارتأت للخارجية ضرورة الاستعانة بالمفكرين والأكاديميين والحقوقيين وشخصيات مستقلة لكى يشرحوا للعالم حقيقة ما يحدث فى مصر، والأهم من ذلك أن هؤلاء وبدافع وطنى كانت لديهم الرغبة فى تصحيح الصورة المصرية دون مقابل. وكانت هناك عدة زيارات ناجحة ضمن هذا التحرك بالتنسيق مع وزارة الخارجية، الأولى قام بها الدكتور محمد السيد سليم، رئيس مركز الدراسات الآسيوية سابقا، والذى زار ماليزيا وإندونيسيا ذات الأغلبية المسلمة، وأجرى هناك لقاءات مع وسائل الإعلام ومسؤولى الدولتين وألقى محاضرات وندوات عدة تركزت فى مجملها على أن الثورة المصرية لم تكن موجهة ضد الإسلام، كما روج الإخوان فى مصر، وإنما كانت ثورة لتحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية. كما قام الوفد الشعبى الذى زار بروكسل وضم نجيب ساويرس والدكتور سعد الدين إبراهيم والدكتورة منى ذو الفقار والكاتب محمد سلماوى بنقل الصورة الحقيقة للاتحاد الأوروبى، خاصة بعدما التقوا بالممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبى كاثرين آشتون، وأثناء انعقاد جلسات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدةبجنيف كان هناك وفد مصرى ضم الحقوقى حافظ أبو سعدة والدكتور محمود كارم عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، والسياسى محمد أنور السادات، وكانت لهم لقاءات هامة مع السفراء المندوبين فى مجلس حقوق الإنسان من المجموعات الجغرافية المختلفة، فضلا على كبار المسؤولين فى مكتب المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان «نافى بيلاى»، ولقاءات مع الجالية المصرية فى جنيف ووسائل الإعلام العالمية، يضاف إلى ذلك شخصيات مصرية تقوم بزيارات للولايات المتحدة لشرح الحقائق. كما يضم الوفد المصرى الرسمى المشارك فى أعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك هذا الشهر، والذى يرأسه وزير الخارجية نبيل فهمى، شخصيات شبابية غير رسمية فى سابقة هى الأولى من نوعها لنقل صوت الشباب والمجتمع المصرى للعالم الخارجى ممثلا فى الأممالمتحدة. أما التحرك الآخر للدبلوماسية المصرية فكان من خلال الجاليات المصرية بالخارج ممن كان لهم دور نشط بدعم الثورة خاصة من جانب الطلبة الذين تحركوا وبادروا من تلقاء أنفسهم بالتنسيق مع سفارات مصر بالخارج فى ترتيب فعاليات تصب فى صالح تصحيح صورة الثورة المصرية التى شوهها الإخوان، كما نسقت وزارة الخارجية مع الأشقاء العرب، وتحديدا دول الخليج، لتوظيف علاقات هذه الدول الخارجية وثقلها الدولى بما يخدم الدولة المصرية بعد 30 يونيو. كل هذه الآليات تعد تجربة جديدة خاضتها الدبلوماسية المصرية وإدارتها وزارة الخارجية مثل المايسترو، ونجحت فى عملها وحاصرت الدول التى تزعم أن ما حدث فى مصر هو انقلاب عسكرى فى ثلاث دول، وهى تركيا وتونس وجنوب أفريقيا، والكل يعلم أن وراء هذه الدول مبررات ومصالح خاصة بها، وأنه مهما حدث فإنها لن تتخلى عن رؤيتها هذه، فتركيا وتونس يحكمهما الآن حكومتان لهما امتدادات إخوانية، كما أن جنوب أفريقيا تعمل بشتى الطرق على تشويه الصورة المصرية عالميا لكى تنفرد بالعضوية الدائمة لمجلس الأمن حال الاتفاق على توسيع عضوية المجلس، خاصة أن مصر هى المنافس القوى لجنوب أفريقيا التى تأمل فى تدويل ما تسميه الأزمة المصرية لاستصدار قرار ضد القاهرة من مجلس الأمن.