تكليف إيهاب عبد الصادق بالعمل مديرًا عاماً للإدارة العامة لشئون التعليم والطلاب بجامعة القناة    الدرندلي يزور ثلاثي الزمالك المحتجز في الإمارات    نوري شاهين: لا نسعى للانتقام من ريال مدريد.. ولهذا السبب لم نتدرب على ملعبهم    الأونروا: سكان شمال غزة يعيشون في ظروف مروعة    تعرف على حجم تجارة مصر مع دول بريكس.. زيادة الاستثمارات تتصدر ملفات قمة قازان    إيران: جيراننا أكدوا عدم سماحهم استخدام أراضيهم وأجوائهم ضدنا    أيمن الشريعي: الأهلي المنظومة الأنجح ولكن لا يوجد أنجح مني    مصرع شخص وإصابة آخر إثر اصطدام دراجة بخارية بحوض مياه ري بالمنيا    ضبط 271 مخالفة خلال حملات تموينية مكبرة على المخابز والأسواق بالمنيا    وزير الأوقاف يلتقي رئيس إندونيسيا بقصر الرئاسة بجاكرتا - صور    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    هل يدفع الاستعراض النووي لزعيم كوريا الشمالية واشنطن لإعادة حساباتها؟    حيلة ذكية من هاريس لكسر ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية.. النساء كلمة السر    أداء متباين لمؤشرات البورصة في منتصف تداولات اليوم    وزيرة التنمية المحلية ورئيس جهاز تنمية المشروعات الصغيرة يوقعان بروتوكولا لتقديم الدعم    برلماني: إنشاء الميناء الجاف بالعاشر من رمضان نقلة نوعية في مجال النقل    رومانو يكشف عرض نابولي لتجديد عقد كفاراتسخيليا    مشيرة خطاب: خطة عمل متكاملة عن الصحة الإنجابية بالتعاون مع منظمات دولية    وزير التربية والتعليم يكشف عن إجراءات جديدة لتحسين أوضاع المعلمين وتطوير المنظومة التعليمية في جلسة مجلس النواب    خطفوه وصوروه عاريا .. تفاصيل جريمة منيا القمح    بيروح وراهم الحمام.. تفاصيل صادمة في تح.رش موظف في مدرسة بطالبات الإعدادي    احتفالات أبوسمبل.. رقص السائحات خلال تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني| صور    مناقشات للتوعية بالحفاظ على البيئة وتواصل دوري المكتبات في ثقافة الغربية    حفل هاني شاكر في مهرجان الموسيقى العربية الليلة «كامل العدد»    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    وزيرا الشباب والرياضة والتعليم يبحثان التعاون في إطار مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    «الصحة»: إضافة الأمراض النادرة لقانون صندوق الطوارىء الطبية أداة فعّالة لعلاجها    فى اليوم العالمى له، اعرف ماهو التلعثم والتأتأة وأسباب إصابة الأطفال بهما    الاعتماد والرقابة الصحية تنظم ورشة عمل للتعريف بمعايير السلامة لوحدات ومراكز الرعاية الأولية    عشرات النواب الأمريكيين يدعون بايدن للسماح بدخول الصحفيين إلى غزة    أمين الفتوى: احذروا التدين الكمي أحد أسباب الإلحاد    واقعة فبركة السحر.. محامي مؤمن زكريا: اللاعب رفض التصالح وحالته النفسيه سيئة    تعرف على أسعار السمك والمأكولات البحرية اليوم في سوق العبور    وزير التعليم للنواب: لا يوجد فصل الآن به أكثر من 50 طالبا على مستوى الجمهورية    رئيس الأركان يشهد تنفيذ التدريب المشترك «ميدوزا -13» | صور وفيديو    «الأزهر»: دورة مجانية لتعليم البرمجة وعلوم الروبوت للأطفال والشباب    بعد إعلان التصالح .. ماذا ينتظر أحمد فتوح مع الزمالك؟    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل في الشرقية    أخواتي رفضوا يعطوني ميراثي؟.. وأمين الفتوى يوجه رسالة    إحالة مسجلين إلى الجنح لاتهامهم بسرقة شركة في المرج    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    وزير الشئون النيابية يناقش التقرير الوطني لآلية المراجعة الدورية الشاملة أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان    أول رد من «الصحة» على فيديو متداول بشأن فساد تطعيمات طلاب المدارس    جامعة القناة تواصل دورها المجتمعي بإطلاق قافلة شاملة إلى السويس لخدمة حي الجناين    مواعيد صرف مرتبات أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر 2024 لموظفي الجهاز الإداري للدولة    في خدمتك| العمل تحدد شروط شغل 950 وظيفة بالقاهرة    حريق هائل بمخزن شركة مشروبات شهيرة يلتهم منزلين فى الشرقية    دعاء جبريل للنبي عندما كان مريضا.. حماية ربانية وشفاء من كل داء    الجارديان تلقي الضوء على مساعي بريطانيا لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في مواجهة روسيا    هبوط مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    صناع عمل "مش روميو وجولييت" يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    رواية الشوك والقَرنفل.. السنوار الروائي رسم المشهد الأخير من حياته قبل 20 عاما    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ثروت سويلم: قرعة الدوري ليست موجهة.. وعامر حسين لا يُقارن    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    حدث بالفن| طلاق فنانة للمرة الثانية وخطوبة فنان وظهور دنيا سمير غانم مع ابنتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وحيد عبدالمجيد يواصل كشف تفاصيل «طبخة الدستور».. موقف الناشطين وشباب الثورة الأقباط عامل فى الضغط على الكنيسة لتنسحب التأسيسية.. 50 من الأعضاء انسحبوا بعد أن تيقنوا من أنها فقدت صفتها التأسيسية
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 06 - 2013

فى الحلقة السادسة من كتابه تحدث الدكتور وحيد عبدالمجيد عن أن جميع أعضاء الجمعية تلقوا رسالة على هواتفهم تحوى جدولا للانتهاء من مشروع الدستور خلال أقل من ثلاثة أسابيع رغم أنهم لم يكونوا اتفقوا بعد على القضايا محل الخلاف.
واعتبر عبدالمجيد أن «الإخوان» وأتباعهم قرروا الانتقال من المناورة والمراوغة إلى المباغتة والانقضاض بدون مراعاة للحد الأدنى من قواعد التوافق.
وقال د. عبدالمجيد: لم تجب الجماعة أبدا على سؤالنا: ما الذى يضمن التزامهم بما نتفق عليه بعد أن نقضوا عهدهم بعدم إنهاء العمل قبل التوافق على الدستور؟
كما أكد عبدالمجيد فى الحلقة الماضية أنه وضح للقوى الديمقراطية أن هناك اتفاقا نهائيا بين «الإخوان» والسلفيين على إقرار مشروع للدستور يخلو من الحد الأدنى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ويواصل الدكتور عبدالمجيد فى الحلقة الأخيرة من كتابه «أزمة دستور 2012» الذى تنشره «اليوم السابع» سرد ذكرياته عما كان يدور داخل الجمعية التأسيسية التى تكشف للقارئ وللرأى العام الكثير من الحقائق والمفاجآت:
ظهرت مؤشرات تؤكد صحة المعلومات التى تناقلتها مصادر غير مؤكدة بشأن اتجاه ممثلى الكنائس المصرية فى الجمعية للانسحاب بعد أن تغلب الاتجاه الذى تبنى هذا الموقف على تيار كان يفضل الاكتفاء بإبداء التحفظ.
فقد عُقد اجتماع فى مقر الكاتدرائية بالعباسية حضره قائمقام البطريرك - الذى لم يكن قد انتُخب بطريركا بعد - وعدد من قادة الكنائس إلى جانب ممثليها فى الجمعية وقانونيين ونواب سابقين لمناقشة المواد الخلافية، والأرجح أن قرارنا بتعليق مشاركتنا منذ يوم 14 نوفمبر، واتجاهنا إلى الانسحاب، الذى بات واضحا، كان عاملا مهما فى ترجيح كفة الاتجاه الذى يتفق مع القوى الديمقراطية على أن الدستور ينبغى أن يكون توافقيا ومعبرا عن مختلف فئات المجتمع.
كما كان موقف الناشطين وشباب الثورة الأقباط، خصوصا «اتحاد شباب ماسبيرو»، عاملا أساسيا فى الضغط باتجاه الانسحاب.
وكان التأكد من نبأ اتجاه ممثلى الكنائس إلى الانسحاب مشجعا، فى الوقت الذى كان فيه عدد متزايد من ممثلى القوى الديمقراطية يقتربون من اتخاذ قرارهم النهائى بعد أن تم الاتفاق على جمع شمل هذه القوى مجددا بدءا باجتماع يستضيفه الوفد.
وكان فؤاد بدراوى قد بدأ عصر يوم 16 نوفمبر فى توجيه الدعوة إلى الأحزاب والقوى الديمقراطية لتجتمع فى «بيت الأمة» يوم 18 نوفمبر، فى الوقت الذى كنتُ قد اتصلتُ فيه مع زعيم التيار الشعبى حمدين صباحى ووضعتُه فى صورة ما يحدث وتمنيتُ عليه حضور ذلك الاجتماع، فتجاوب دون تردد على أساس أن الانسحاب من الجمعية التأسيسية يفرض تعاون القوى الديمقراطية أو تكتلها إذا أمكن.
وكانت اللحظة تاريخية بمعنى الكلمة. إنها لحظة تقرير مصير. فإما مقاومة هيمنة جديدة يُراد فرضها على الشعب المصرى وامتلاك شجاعة مواجهة تمرير دستور يؤسس لهذه الهيمنة، أو استسلام لجبروت القوة التى تريد فرض مشروعية شكلية زائفة بدلا من بناء شرعية حقيقية تستمد قوتها من التوافق الذى يُيسر إمكانات شراكة وطنية لا يمكن أن تعبر مصر إلى المستقبل بدونها.
ولذلك استبقتُ اجتماع حزب الوفد ظهر 17 نوفمبر باتصال مع فؤاد بدراوى للتأكد من استعداده للتعامل مع أية مفاجأة قد تحدث خلال هذا الاجتماع وتُبطل قرار الانسحاب، رغم معرفتى بأن احتمال مثل هذه المفاجأة ضئيل، وربما كان معدوما، وكنتُ قد اتصلتُ ببعض أعضاء الهيئة العليا للوفد للتأكد من موقفهم فى حالة حدوث تصويت، خصوصا أولئك الذين داخلنى شك فى مدى إلمامهم بتفاصيل أزمة الدستور وأهمية اتخاذ موقف تاريخى.
وعندما زف لى فؤاد بدراوى البشرى وأبلغنى أن الهيئة العليا أيدت الانسحاب من الجمعية التأسيسية بأغلبية كبيرة، بدا أمامى فى الأفق أن مرحلة جديدة يتوقف عليها مستقبل مصر على وشك أن تبدأ، وأن اليوم التالى (18 نوفمبر) سيشهد انطلاقتها.
وكانت هناك مشكلة صغيرة باقية بشأن ترتيبات ذلك اليوم قبيل بدء اجتماع ممثلى القوى الديمقراطية الذين قرروا الانسحاب من الجمعية التأسيسية فى السابعة مساء يوم 17 نوفمبر. فقد رأى بعض أعضاء الجمعية المستقلين، وخصوصا د. عبدالجليل مصطفى ود. جابر جاد نصار، الفصل بين إعلان قرار الانسحاب واجتماع الأحزاب والقوى الديمقراطية، وأيد السيد عمرو موسى هذا الاتجاه الذى رأى عقد مؤتمر صحفى فى مكان غير حزبى لإعلان قرار الانسحاب، وتوزيع البيان الذى كنتُ قد أعددتُ مسودة له، قبل الاجتماع السياسى فى حزب الوفد. واقترح أصحاب هذا الرأى عقد المؤتمر الصحفى فى إحدى قاعات نقابة الصحفيين أو مركز إعداد القادة بالعجوزة.
غير أن ضيق الوقت جعل إجراء مثل هذا الترتيب صعبا، ولذلك لم يكن هناك خيار إلا عقد المؤتمر الصحفى المخصص لإعلان قرار الانسحاب من الجمعية فى البهو الداخلى لمبنى حزب الوفد بحضور أعضاء الجمعية التأسيسية المنسحبين أو من يتيسر وجوده منهم، ثم يبدأ مؤتمر الأحزاب والقوى الديمقراطية فى قاعة الاجتماعات الرئيسية بالحزب.
وتم الاتفاق على ذلك خلال اجتماع ممثلى القوى الديمقراطية بالجمعية فى مكتب السيد عمرو موسى مساء يوم 17 نوفمبر بحضور د. عبدالجليل مصطفى، ود. جابر جاد نصار، ود. وحيد عبدالمجيد، وفؤاد بدراوى، ومحمد عصمت السادات، ود. عبدالسند يمامة، ود. سعاد كامل رزق، وأحمد ماهر (حركة 6 إبريل)، والعضوين الاحتياطيين الربان عمر المختار ومحمد سعيد، وعضوى اللجنة الفنية الاستشارية د. صلاح فضل، ود. محمد السعيد إدريس.
كما حضر د. أيمن نور، الذى حاول إقناعنا بأن فرصة التفاهم مع «الإخوان» لا تزال قائمة، وأن هناك إمكانية للاتفاق على ضم عضوين من ممثلى القوى الديمقراطية إلى لجنة الصياغة وعقد جلسة للتوافق على المواد المختلف عليها.
ولكن الثقة كانت قد انعدمت فى أى وعود بعد تجارب مريرة، فضلا على أن اللجنة الفنية الاستشارية استبقت هذا الاجتماع بإعلان انسحابها، أى سبقتنا فى اتخاذ القرار الذى تأخرنا فيه. وأحضر د. صلاح فضل ود. محمد السعيد إدريس معهما البيان الذى وقعه ثمانية من أعضاء هذه اللجنة ظهر اليوم نفسه، وهم د. كمال أبوالمجد، ود. سعاد الشرقاوى، وأ. حمدى قنديل، ود. صلاح فضل، ود. محمد السعيد إدريس، ود. هبة رؤوف عزت، ود. حسن نافعة، ود. صلاح عز.
وقد لخص هذا البيان جوهر المشكلة، وهو تحويل اللجنة الفنية الاستشارية إلى «ديكور» لتزيين مشهد قبيح، دون أن يقول هذا صراحة. فقد أوضح البيان أن اللجنة (طالبت عدة مرات بإتاحة الفرصة لها كما ورد فى خطاب تكليفها لسماع مقترحاتها وتعديلاتها وشرح أسبابها، لكن إدارة الجمعية التأسيسية لم تستجب لهذا الطلب بتخصيص جلسة كاملة للجنة، بل فقط دقائق معدودة فى بداية إحدى الجلسات لم تسمح إلا بإشارة إلى مادتين، وتم إبلاغها أن وقت الجمعية لا يتسع لجلسة خاصة أو أكثر، فقدمت اللجنة اقتراحا آخر هو أن تجتمع بلجنة الصياغة حتى تؤخذ التعديلات بعين الاعتبار قبل عرض الصياغة شبه النهائية للتصويت، فلم يُقبل ذلك أيضا).
وأوضح البيان أن أعضاء اللجنة الذين وقعوه لم يجدوا خيارا إلا الانسحاب: (إزاء هذا الوضع يعلن أعضاء اللجنة الموقعون على هذا البيان أسفهم الشديد واضطرارهم للانسحاب من العمل فى إطار الجمعية التأسيسية التى تسعى لإخراج الدستور فى أقرب وقت مهما كان منقوصا، ويعلنون عزمهم على إتمام عملهم خارج نطاق الجمعية التأسيسية وتقديم صيغة مكتملة للدستور الذى يليق بمصر ويحقق أهداف الثورة فى الحرية والعدالة الاجتماعية).
عندما بدأ المؤتمر الصحفى المخصص لإعلان قرار الانسحاب من الجمعية التأسيسية صباح يوم 18 نوفمبر 2012 فى حزب الوفد، لم يكن أنصار الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية جميعهم قد قرروا مغادرة هذه الجمعية، ومع ذلك كان واضحا أن إعلان قرار الانسحاب سيشجع من لم يحسموا أمرهم على الانضمام إليه.
فكان المنسحبون يوم 18 نوفمبر هم السيد عمرو موسى، ود. عبدالجليل مصطفى، ود. وحيد عبدالمجيد، ود. جابر جاد نصار، ود. سعاد كامل رزق، والحاج محمد عبدالقادر نقيب الفلاحين، وفؤاد بدراوى، وبهاء أبوشقة، ود. عبدالسند يمامة، ود. جورج ناجى مسيحة، ود. سوزى ناشد، بالإضافة إلى ممثلى الكنائس، وهم الأنبا بولا، والأنبا يوحنا قلتة، والقس صفوت البياضى، والمستشار صفوت نجيب سليمان، والمستشار إدوارد غالب. كما أعلن د. أيمن نور ود. محمد محيى الدين وعبدالمنعم التونسى (حزب الغد) تجميد عضويتهم.
وانضم بعد ذلك د. أيمن نور، الذى انتقل من موقف تجميد العضوية إلى الانسحاب، عقب إصدار «الإعلان الدستورى» الذى قوبل برفض واسع فى 21 نوفمبر، وكذلك د. محمد كامل ومحمد عبدالعليم داود اللذان لم يعلنا انسحابهما يوم 18 نوفمبر مع باقى ممثلى حزب الوفد الذين التزموا بقرار هيئته العليا فور إصداره. كما انسحب فى الوقت نفسه محمد أنور السادات وأحمد ماهر (حركة 6 إبريل) وفاروق جويدة وأشرف عبدالغفور نقيب المهن التمثيلية.
وكانت د. منار الشوربجى هى آخر المنسحبين، حيث أعلنت قرارها يوم 27 نوفمبر. ولم يلتزم ممدوح الولى نقيب الصحفيين فى ذلك الوقت بقرار مجلس النقابة بالانسحاب رغم أنه كان موجودا فى الجمعية بصفته هذه وليس بشخصه. وبدا الفرق شاسعا بين موقفه وموقف نقيب المهن التمثيلية أشرف عبدالغفور الذى بادر بالتشاور مع أعضاء مجلس النقابة وآخرين من أعضائها، واتخذ قرار الانسحاب على هذا الأساس باعتباره ممثلا لهم. وبذلك وصل عدد المنسحبين من الأعضاء الأساسيين إلى 24 عضوا فى الفترة من 18 إلى 27 نوفمبر، بخلاف الأربعة الذين انسحبوا قبل ذلك، وهم سامح عاشور وشهيرة دوس وسمير مرقص، الذين لم يشاركوا فى عمل الجمعية منذ البداية، ومنال الطيبى التى استقالت فى سبتمبر 2012.
كما انسحب من الأعضاء الاحتياطيين د. رفعت لقوشة والربان عمر المختار حميدة وحسام عصمت علام ود. كاميليا شكرى ود. أحمد يوسف ود. رباب المهدى وياسين تاج الدين ود. صلاح حسب الله وعمرو عز ومحمد سعيد ود. نبيل صمويل أبادير ود. السعيد كامل وإبراهيم زهران وماريان عبدالملاك.
ويعنى ذلك أن 50 من الأعضاء الأساسيين والاحتياطيين وأعضاء اللجنة الفنية الاستشارية انسحبوا من الجمعية بعد أن تيقنوا من أنها فقدت صفتها التأسيسية التى تتيح لها أن تؤسس لمصر جديدة تقوم على دستور توافقى يعبر عن مختلف فئات المجتمع.
غير أن انسحاب 28 عضوا فقط من الأعضاء الأساسيين كان دليلا على عدم التوازن فى تشكيل الجمعية، وبرهانا على أن احتساب ممثلى الحكومة والجيش والشرطة والهيئات القضائية والأزهر، فضلا على حزب الوسط، ضمن حصة القوى الديمقراطية كان ظالما على نحو شجع «الإخوان» والسلفيين على فرض موقفهم، وحرم مصر وشعبها من فرصة إصدار دستور يعبر عن توافق وطنى ولا يقوم على المغالبة، فكان الخلل فى تشكيل الجمعية مشجعا على هذه المغالبة، خاصة فى ظل نجاح الإغراءات التى قدمها «الإخوان» فى جذب بعض الأعضاء الذين كانوا محسوبين على القوى الديمقراطية.
فقد تراجع د. محمد محيى الدين ومحمد التونسى (حزب الغد) عن تجميد عضويتهما وقبلا المشاركة فى إصدار مشروع دستور لا يمكن لمن يؤمن بالحريات والعدالة الاجتماعية أن يقبله. كما استمر فى الجمعية من الذين كانوا محسوبين على القوى الديمقراطية، رغم كل ما حدث د. جمال جبريل ومحمد عبدالمنعم الصاوى ود. معتز عبدالفتاح، فضلا على ممثلى الأزهر كلهم وهم الشيخ د. حسن الشافعى ود. نصر فريد واصل ود. أسامة العبد ود. عبدالدايم نصير والمستشار محمد عبدالسلام، وممثلا الجيش اللواء ممدوح شاهين واللواء محيى الدين بركات (القضاء العسكرى) وممثل الشرطة اللواء د. عماد حسين، وممثلا الهيئات القضائية المستشار أحمد خليفة والمستشار تيمور فوزى، فضلا على المستشار حسام الغريانى بطبيعة الحال.
واستمر أيضا أحد ممثلى العمال (عبدالفتاح خطاب) الذى كان محسوبا على القوى الديمقراطية باعتبار أن ممثلهم الثانى (خالد الأزهرى) هو من قادة جماعة «الإخوان». وقد برر خطاب استمراره بالدفاع عن حقوق العمال رغم إهدارها بفجاجة وصلت إلى حد حرمانهم من أية ضمان دستورية لهذه الحقوق. فالمادة الوحيدة التى تضمنت هذه الحقوق جاءت شديدة العمومية، وأحالت كل ما ورد فيها إلى القانون الذى أُحيل إليه خمس مرات فى أربعة أسطر تتكون منها هذه المادة. وهذا فضلا على ربط الأجر بالإنتاج وليس بالأسعار، رغم أن العامل لا يتحمل أكثر من 10 فى المائة من المسؤولية عن الإنتاج الذى يتحكم صاحب العمل فى العوامل المرتبطة بزيادته أو نقصانه.
ولذلك اختزل عبدالفتاح خطاب هذه الحقوق فى النهاية فى إبقاء النص على تخصيص 50 فى المائة من مقاعد المجالس المنتخبة للعمال والفلاحين لدورة انتخابية واحدة فقط.
وهكذا، فما أن نقض ممثلو «الإخوان» فى الجمعية تعهداتهم التى ألزموا أنفسهم بها عند تشكيل الجمعية، واتجهوا إلى المغالبة بدلا من التوافق الذى وعدوا به، حتى ظهر الخلل فى تشكيل الجمعية على نحو جعل الاستمرار فى عضويتها مستحيلا بالنسبة إلى كل من شارك فيها أملا فى أن تؤسس لمصر جديدة تتحقق فيها الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، ويصبح الشعب فيها هو السيد.
وعبرت رسالة فاروق جويدة، التى أعلن فيها استقالته عن هذا المعنى ببلاغته المعروفة. فقد جاء فيها: (كنتُ حريصا على أن أشارك بأى جهد ولو متواضع فى إعداد دستور يليق بنا بعد ثورة بهرت العالم كله. كان شهداء الثورة ينظرون إلينا من بعيد وفى عيونهم الكثير من العتاب والقليل من الأمل فى أن تدرك النخبة المصرية خطورة اللحظة التى يمر فيها الوطن وتحتاج إلى جهودنا جميعا).
ومضى جويدة قائلا: (لقد شاركتُ قدر استطاعتى فى أعمال الجمعية التأسيسية وكانت لدى قناعة أننا قادرون على تجاوز الخلافات والأغراض والمصالح من أجل إعداد الدستور. ولكن للأسف الشديد فقد بدا للجميع أن التوافق الذى كنا حريصين عليه أصبح هدفا بعيد المنال، وأن توحيد الإرادة لكى نتجاوز هذه المحنة صار شيئا صعبا إن لم يكن مستحيلا. إن وصاية الفكر هى أسوأ أنواع الاستبداد، وإن استخدام الدين فى السياسة خطيئة كبرى تدفع الشعوب ثمنها استقرارا وأمنا ورخاء).
ورغم أن عدد المنسحبين من الأعضاء الأساسيين ليس كبيرا (28 من 100) إلا أنه يكفى – وخاصة فى ظل تمثيلهم لكثير من مكونات المجتمع الأساسية - لسحب شرعية هذه الجمعية رغم استخدام إدارتها، ومن ورائها جماعة «الإخوان»، كل الوسائل للمحافظة على مشروعيتها القانونية أو الإيحاء بذلك. فقد فقدت الجمعية أحد أهم مقومات هذه المشروعية وهى عدد الأعضاء الذين حددهم الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 بمائة عضوا، وأُعيد النص عليه فى قانونها ولائحتها الداخلية. فلم تتمكن إدارة الجمعية، ومن وقفوا وراءها من المحافظة على عدد أعضائها فى النهاية لأن الاحتياطيين الذين بقوا بعد تصعيد بعضهم عقب الموجة الأولى من الاستقالات ثم انسحاب البعض الآخر ضمن الموجة الثانية لم يكفوا.
ولذلك لجأت إدارة الجمعية إلى حيلة كانت مكشوفة عندما زعمت أن بعض المنسحبين لم يقدموا استقالات رسمية، رغم أنهم جميعهم أعلنوا انسحابهم رسميا بكل وسائل العلانية دون أن يوجه إلا واحد منهم فقط (فاروق جويدة) خطاب استقالة. وبلغ ارتباك إدارة الجمعية فى تعاملها مع ذلك المأزق القانونى مبلغا يدعو إلى العجب عندما أبقت اسم العضو الوحيد الذى انسحب بخطاب استقالة رسمى ولم تعترف بانسحابه (فاروق جويدة)، وهى التى زعمت أنها استبعدت فقط الأعضاء الذين قدموا استقالات مكتوبة، علما بأن هذا العضو هو الوحيد – فيما أعلم – الذى أرسل خطابا إلى رئيس الجمعية يتضمن استقالة مكتوبة ومسببة، بينما اكتفى باقى المنسحبين بإعلان انسحابهم بكل وسائل العلانية وعبر بيان يلخص أسباب اعتراضهم على مشروع الدستور المشوه. وهكذا أبقت إدارة الجمعية أسماء 11 عضوا من المنسحبين لم يتيسر إحلال احتياطيين محله. ولذلك كان العدد الفعلى لأعضاء الجمعية عند التصويت على مشروع الدستور هو 88 عضوا فقط.
فإلى جانب المنسحبين من الأعضاء الاحتياطيين اعتذر آخرون عن التصعيد بعد أن كشف قرار الانسحاب حقيقة الأمر، ولذلك أعلن رئيس الجمعية أسماء عشرة أعضاء فقط من المنسحبين، لأنه لم يجد إلا هذا العدد من الاحتياطيين المستعدين للتصعيد. وكان الأعضاء الذبن أُعلن أنهم انسحبوا فى بداية جلسة التصويت النهائى صباح الخميس 29 نوفمبر 2012، والتى امتدت إلى اليوم التالى، هم عمرو موسى ود. عبدالجليل مصطفى ود. وحيد عبدالمجيد ود. جابر جاد نصار، والحاج محمد عبدالقادر وبهاء أبوشقة ود. سعاد كامل رزق وفؤاد بدراوى ود. سوزى عدلى ناشد، ود. جورج ناجى مسيحة، أى أقل من نصف عدد الأعضاء الأساسيين المنسحبين.
فلم يكن هناك سوى عشرة أعضاء فقط من الاحتياطيين الذين أُعلن تصعيدهم، وكلهم من «الإخوان» والسلفيين وحزب الوسط، وهم د. حلمى الجزار ونور الدين رضوان ومحمد إبراهيم منصور وأحمد خليل ود. زكى زيدان وحسن لاشين ومحمد عبدالوهاب وعزة الجرف ومحمد الفقى ود. محمد عبداللطيف.
وبذلك تكون الجمعية قد أكملت عملها رغم عدم اكتمال عددها وافتقادها 12 عضوا من المائة الذين قصد المشرع وجودهم، وإلا لما نص على وجود أعضاء احتياطيين لإكمال أى نقص يحدث فيها.
ومن شأن هذا النقص أن ينتقص من مشروعية الجمعية قانونيا، بعد أن فقدت شرعيتها السياسية والأخلاقية فور خلوها من تمثيل لبعض أهم مكونات المجتمع السياسية والاجتماعية والدينية.
ويرجع ذلك إلى أن وجود أعضاء احتياطيين يعنى أن عمل الجمعية لا يصح إلا إذا ظل عدد أعضائها كاملا. فلا منطق لوجود أعضاء احتياطيين إلا إذا كان قصد المشرع هو ضرورة أن تعمل الجمعية مكتملة العدد، فإذا فقدت عضوا لانسحابه أو سفره لفترة طويلة أو وفاته حل محله آخر من الاحتياطيين، بل زادت اللائحة الداخلية على ذلك اعتبار العضو مستقيلا إذا لم يحضر خمس جلسات عامة متوالية وأوجبت إحلال آخر احتياطى محله، وهكذا شاب إصدار مشروع الدستور عوار قانونى فضلا عما أصابه من تشوه فى مضمونه، وما لحق به من خلل نتيجة افتقاد الجمعية التى وضعته الشرعية السياسية والأخلاقية بعد انسحاب ممثلى مكونات أساسية فى المجتمع منها.
موضوعات متعلقة..
د. وحيد عبدالمجيد يواصل فى الحلقة الخامسة كشف تفاصيل «طبخة الدستور»..تلقينا جميعنا رسالة على هواتفنا تحوى جدولاً للانتهاء من مشروع الدستور خلال أقل من3 أسابيع رغم أننا لم نكن اتفقنا بعد
د. وحيد عبدالمجيد يواصل فى الحلقة الرابعة كشف تفاصيل «طبخة الدستور» فى كتابه «أزمة دستور 2 0 1 2» الإمساك بأمل خيالى فى «اجتماعات التوافق» كان محاولة للمحافظة على شعاع من نور أخذ يبتعد كل يوم
وحيد عبدالمجيد يواصل فى الحلقة الثالثة كشف تفاصيل طبخة الدستور فى كتابه أزمة دستور 2 0 1 2.. نقطة التحول 24 سبتمبر.. عندما قرر الإخوان تقيد الحريات.. لم ننتبه إلى خطر سيطرتهم إلا بعد 3 أشهر
د. وحيد عبد المجيد يواصل فى الجزء الثانى كشف تفاصيل "طبخة الدستور" فى كتابه "أزمة دستور 2012".. أسرار محاولات الإخوان للإفلات من الالتزام بالتوافق داخل "التأسيسية"
أزمة دستور 2012.. أخطر أسرار الجمعية التأسيسية يرويها الدكتور وحيد عبد المجيد.. التخبط الذى حدث منذ إعلان تعطيل العمل بدستور 1971 وتشكيل لجنة لتعديل بضع مواد يوم 13 فبراير 2011 حال دون تحقق الحلم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.