يقول مسئولون وخبراء إنها مسألة وقت فقط قبل أن يقر المغرب إطارا قانونيا للأنشطة المصرفية الإسلامية بعد قيام بنك المغرب المركزى بالسماح بالخدمات المتوافقة مع الشريعة فى 2007". وكان من المتوقع أخذ خطوات أخرى للتوسع فى هذا النوع من الأدوات الذى يكثر مناصريه فى بلد مسلم كالمغرب، ولاسيما مع تشكل حكومة يقودها إسلاميون فى 2011" لكن تلك الخطوات تمضى ببطء. واجتمع بنك المغرب منذ أكثر من شهر مع متخصصين فى الاقتصاد الإسلامى والشريعة لبحث إصدار منتجات يمكن أن تعزز حضور المغرب فى هذا النوع من التعاملات، ويقول مسئولون إنها مسألة وقت لحين إصدار قوانين لتنظيم عمل البنوك الإسلامية أو "المنتوجات البديلة" كما تسمى محليا. وطرح المغرب فى 2007 ثلاث صيغ للتمويل الإسلامى هى الإجارة والمشاركة والمرابحة، وأسند للبنك التجارى "وفا بنك" المملوك للعائلة المالكة التعامل بهذه المنتجات تحت اسم "دار الصفاء". وواجهت تلك الأدوات مقاومة من مناصرى الأنشطة المصرفية التقليدية فى البداية ورفضوا تسميتها بالإسلامية، نظرا لحساسية التسمية، ولأنه قد يفهم منها أن المنتجات البنكية الأخرى فى السوق المغربية ليست إسلامية أو تتنافى مع الإسلام. ويعمل فى المغرب 20 بنكا، ويشكل قطاع التمويل الإسلامى نسبة ضئيلة من إجمالى الجهاز المصرفى البالغ أصوله نحو 13 مليار دولار. ولم يتجاوز حجم معاملات المنتجات الإسلامية حتى أواخر عام 2010 نحو 900 مليون درهم أى ما يعادل 0.1% من المعاملات المصرفية التقليدية مقارنة مع 4.9% فى مصر و4.3% فى تركيا و15% فى ماليزيا. كما شهدت المنتجات التى طرحت فى 2007 إقبالا محدودا بسبب ارتفاع تكلفتها قياسا إلى المعاملات التقليدية. ويبدى محللون واقتصاديون إسلاميون بعضهم يتقلد مناصب وزارية فى الحكومة الحالية التى يقودها حزب العدالة والتنمية حماسا كبيرا لإقرار المعاملات المالية الإسلامية. وقال نجيب بوليف وزير الشئون العامة والحكامة وهو أستاذ اقتصاد من حزب العدالة والتنمية طالما نادى بتطبيق هذه المنتجات قبل تقلده منصب وزير "الملف فى طريقه إلى التطبيق لكن هناك مساطر (إجراءات) يجب مراعاتها." وقال بوليف ل"رويترز": "بعد مصادقة الحكومة على (مشروع القانون المنظم للقطاع) سيتم رفع المشروع للمصادقة عليه من طرف مجلس النواب، وأظن أن هذه السنة ستعرف نهاية الإعداد للشروع فى العمل بها". ونفى "إدريس الأزمى" الوزير المكلف بالميزانية فى وزارة المالية المغربية لرويترز أن يكون هناك تأخر، وقال "لابد من إطار قانونى، هذه التجربة نجحت فى دول أخرى إسلامية وغير إسلامية لما توفر لها إطار قانونى ملائم يوفر الشروط اللازمة". وأضاف الأزمى وهو من حزب العدالة والتنمية أيضا أن العمل على إعداد الإطار القانونى يقترب من نهايته "وهذا هو الأساس لإطار يسمح بمنتوجات ناجحة". ويرى عبد السلام بلاجى وهو نائب برلمانى من حزب العدالة والتنمية أن "الجميع مقتنع بأنه لا بديل عن المعاملات البنكية الإسلامية. لاحظنا فى الحملة الانتخابية للعام 2011 أن عددا من الأحزاب وعد بإرساء العمل بالمعاملات البديلة وليس فقط حزب العدالة والتنمية". وقال "المغرب يجب أن يدخل فى هذا المجال ونحن ننتظر بفارغ الصبر لأنه يجب أن ننافس. حتى بريطانيا وفرنسا أقرت هذه المعاملات لجلب الاستثمارات الخليجية". أما الخبير الاقتصادى المغربى "عمر الكتانى" فيرى أن سبب التأخر راجع إلى ما يقول عدد من المحللين إنه وجود "حكومتين فى المغرب حكومة قائمة وحكومة ظل" مشيرين إلى تعيين العاهل المغربى لعدد من المستشارين له عقب صعود الإسلاميين. وقال الكتانى لرويترز "هناك حكومة لها نية الإصلاح وليس لها القوة، وحكومة لها القوة وليس لها نية الإصلاح". وأضاف أن التجربة المغربية فاشلة لعدة أسباب منها "غياب التنافس الحر بين البنوك فيما يخص عروضها للمنتوجات البديلة ووجود حالة احتكار لا تسمح للمتعامل مع البنك بإيجاد البديل أو مناقشة شروط التمويل وغلاء كلفة هذه المنتوجات،وعدم ملائمة النظام الضريبى لخصوصية هذه المنتوجات". فى المقابل أبدى "محمد الكراط" الأستاذ بجامعة القرويين الدينية وخبير المعاملات الإسلامية تفاؤله بمشروع القانون القادم وقال "بالرغم من أن القانون الجديد لا يصل إلى تطلعاتنا فى إقرار المعاملات البديلة إلا أننا سعداء جدا بأن الحكومة قررت أخيرا أن يتم العمل بها. أنها بداية جديدة". وأضاف "صحيح أن القانون الجديد لا يأخذ بشكل كبير تطلعات الفقهاء لكن أظن أن هذا سيأتى بعد إقرار القانون". وقال مسئول مصرفى رفض نشر اسمه لرويترز "قمنا بعمل استطلاع للرأى ووجدنا أنها مسألة وقت الحكومة ستقر آجلا أم عاجلا المعاملات البديلة ليس فقط لأن عليها طلبا من الداخل ولكن فى الخارج أيضا وهى أضحت وسيلة مهمة لجلب الاستثمارات وبخاصة الخليجية منها".