يلح على سؤال أعيتنى الإجابة عليه لعل طرحه من خلال هذا المنبر يلقى ببصيص ضوء على الطرف الموصل إليها وهو: لماذا نتصرف فى حياتنا اليومية ونحن متوسطو الدخل، ومدينون، ولا نملك مقومات الترف كأغنى أغنياء العالم سواء كنا مواطنين أو حكومة فالبعض قد يلبس الشبشب والجلباب القديم ويأكل القريش والمدمس، وبالرغم من ذلك لا ينسى متعته، فلا يحرم نفسه من التليفزيون الملون مع إن الأبيض والأسود سيؤدى نفس الغرض والثلاجة التى قد لا تملأ سوى بالماء والدش والفيديو والمحمول ويدخن أحيانا المارلبورو ويشترى قرص الفياجرا والماماجرا! وتتعجب كيف يدبر هذا البعض المال اللازم لكل هذه الأشياء والغريب أنهم عندما يذهبون إلى الطبيب ويحتاجون إلى بعض الفحوص فإنهم يرفضون حتى لا يكتشفوا ما ينغص عليهم حياتهم فهم يريدون أن يكونوا أصحاء كده وكده من غير شوشرة! إنه البحث عن المتعة الوقتية وفقد الحس الاستراتيجى والنظرة المستقبلية ذلك الوحش المسيطر على تفكير معظمنا فبعد أن كنا نعمل من أجل الخلود أصبحنا نؤمن بالمثل الذى يقول: أحينى اليوم وأمتنى غدا. وما يقال عن الفرد يصح عن الجماعة، وما ينطبق على الشعب ينطبق أيضا على الحكومة! فهل الطبيعة الاستهلاكية التى تجعل صاحبها ينظر إلى ما فى أيدى الآخرين ويتمناه حتى ولو لم تكن لديه إمكاناته، وتجعله لا ينظر إلا تحت أقدامه ولا يرنو للبعيد هى السبب وراء هذا العبث؟ مؤكد ولذلك فكل المجتمعات الاستهلاكية تعانى من مشكلة تزايد السكان تزايدا تتفرع منه مشاكل أخرى كالتسرب من التعليم وبالتالى الأمية، والبطالة وكساد سوق العمل، والاعتماد على الاستيراد، مع قلة الميل إلى التعب وبذل المجهود وبالتالى فلا تصدير مما يقلل مع الوقت من قيمة العملة المحلية وضعف القوة الشرائية لها. وبعد كل هذا نلطم الخدود ونولول كالثكالى ما كانش يومك يا جنيه!! وننسى إننا بكسلنا ونهمنا قد قتلناه عمداً وإصراراً وسيظل دمه معلقاً فى رقابنا حتى نزرع ما نأكله وننتج ما نستهلكه ونشترى ما نستعمله فقط ونقوم بتصدير الفائض.