هل نحن نواجه إفلاس فى مخزون بنك الدم الاحتياطى ؟ هل نحن فى مرحلة الخطر؟، هل أصبحت أشلاء ضحايا الحوادث لا تحرك فينا الرغبة فى التبرع ؟، تلك الهلات وعشرات الهلات الأخرى طرحت نفسها بقوة هذه الأيام خاصة بعد استغاثة مستشفى 57357 وهوما يدق ناقوس الخطر . "فيتو" قامت بجولة ميدانية على الحملات الخارجية بالشارع وذهبنا خلالها إلى المركز القومى لنقل الدم بالعباسية، وفوجئنا بعزوف من قبل المتبرعين والذى أرجعه الأطباء إلى فترة الامتحانات وبرودة الجو. فى البداية تجولنا أمام جامعة عين شمس وقت خروج الطلاب من امتحاناتهم لنسألهم هل لديهم رغبة فى التبرع أم لا ؟ وقال لنا محمد شمس بكلية التجارة، إنه يخشى التبرع بالدم فى سيارات الحملات الخارجية نظرا لعدم تأكده إلى أين يذهب دمه هل هو يذهب لمستحقيه ولإنقاذ حياة شخص آخر أم يستغل ويباع بأعلى الأثمان؟ وبتجولنا عند مترو العباسية وجدنا سيارة من المركز القومى لنقل الدم تابعة لوزارة الصحة، ولكن كان الإقبال عليها ضعيف جدا وأكدت لنا الدكتورة جينا وجيه، طبيبة الحملة، أن هناك عزوفا بالفعل من قبل المتبرعين هذه الأيام، لافتة إلى أن معدل المتبرعين يصل من 10:15 متبرعًا، أما فى الأيام العادية تصل إلى 25:30 متبرعًا. وأشارت "وجيه" إلى أن هناك اختبارات فورية تتم قبل التبرع وهى الأنيميا وقياس الضغط، أما الباقى فيتم التعرف عليه خلال الأسئلة ولمزيد من الاحتياطات يتم تحاليل أكياس الدم لاحقا، ويتم إعدام ما لم يتم مطابقته للمواصفات. وأوضحت أن المركز لنقل الدم بالعباسية من المفترض تجميع 6 آلاف كيس شهريا، ولكن فى الواقع يتم جمع ألف كيس فقط وهو ما يعنى موت 5 من أصل 6 لعدم توفير دم لإنقاذهم. وشددت أن كل الأجهزة التى يتم استخدامها تكون مرة واحدة لتفادى نقل العدوى، مضيفة أن متعاطى الترمادول يتم التعرف عليهم من خلال رعشة باليد أو ضحك بدون سبب أو عدم تركيزهم، مشيرة أنه حال تمريره فلا خطورة لأنه ليس إدمانًا. وأكدت أن المركز يرسل مخزونه إلى التأمين الصحى واستمارة 111 القسم المجانى وقرارات العلاج على نفقة الدولة. وأكدت الدكتورة "صباح رسمى"، رئيس المركز القومى لنقل الدم بالعباسية أنه ليس هناك إفلاس فى بنوك الدم وإنما المخزون الاحتياطى لا يلبى الطلبات التى تأتى إلى المركز من قبل المستفيات، وهو ما يضطر المركز إلى إعطاء الدم للمرضى ذوى الحالات الحرجة. وأعلنت "رسمى" رفضها لسياسة الاستبدال العائلى، وهو إلزام أهل المرضى بالتبرع بالدم، لافتا إلى أنه يكون التبرع تحت ضغط بالإضافة إلى كذب المتبرع وادعائه بالصحة حتى يتم معالجة مريضه، مطالبة أن تكون سياسة التبرع مستمرة طوال العام ينتهجها كل قادر على التبرع. وأضاف رئيسة المركز إلى أن كيس دم المتبرع يمر باختبارت للأمراض التى تنقل عبر الدم كالايدز وفيروس سى وبى والزهيرى فضلا عن تحاليل الحمض النووى الذى يكتشف أى فيروس صغير وذلك حتى يكون مطابق للاشتراطات العالمية، لافتة إلى أن تكلفة كيس الدم الواحد بعد إجراء هذه التحاليل تصل إلى 390 وتبيعه وزارة الصحة بسعر مدعم ب90 جنيه. ودعت إلى التخلص من ثقافة نقل العدوى من خلال التبرع لعدم سلامة الأدوات مؤكدة أن كافة الأدوات يتم استخدمها مرة واحدة وتفتح أمام المتبرع وبالتالى من المستحيل حدوث عدوى. وطالبت رسمى بأن تقوم العلاقة بين المتبرع والطبيب على الصراحة التامة حتى لا يؤذى المتبرع المريض الذى سيذهب اليه دمه حيث من الممكن أن يكون المتبرع يتناول دواء يحدث حساسية للمريض لذلك لابد من الصراحة. دكتورة رشا الديب أكدت أن المراكز التابعة للمركز القومى لنقل الدم لديها كافة الإمكانيات التى تتعرف على فيروسات أمراض نقل الدم بالإضافة إلى امتلاكها كوادر طبية مدربة وهو ما تفتقر إليه المستشفيات الحكومية والجامعية، التى من الممكن نقل الفيروسات التى يتم نقلها عبر الدم كفيروس سى وبى والزهيرى من خلال سياسة الاستبدال العائلى وهى تبرع أهل المريض بالإلزام فضلا عن عدم اكتشاف بعض الفيروسات فى الدم كفيرس سى إلا بعد ستة أشهر.
وأضافت الديب أن هذه المراكز هى منحة من الصليب الأحمر السويسرى لافتا إلى أن المركز يعانى من عزوف المتبرعين وخلو الثلاجات من أكياس الدم، خاصة فى الأيام التى تشهد امتحاناتا أو برودة بالجو أو وقت المصايف لافتا إلى أن المركز يتبع سياسية التبرع الشرفى موضحة أنه سويسرا تتبع فى كافة مستشفياتها لتبرع الشرفى، أما فى أمريكا فتتبع نفس سياسة مصر بالاستبدال العائلى. وأعربت الديب عن قلقها بانتشار تعاطى الترمادول بين الشباب لافتا إلى أنها حزينة حيث كانت فى إحدى الحملات بالتحرير، ورفض الشباب التبرع معلنين أنهم متعاطون ومن المؤسف أنهم كانوا طلبة هندسة وهو انتشار هذه الظاهرة فى المجتمعات ذات الثقافة العالية.
وبالرغم من عزوف البعض عن التبرع بالدم، أكد لنا طالب بإحدى كليات التعليم اللاهوتى فى مصر، رفض ذكر اسمه، أنه يتبرع بصفة مستمرة فضلا عن الحملات المنتظمة داخل الكلية التى تقام مرتين فى السنة لافتا أنه قد ينتابه القلق حول ما يتردد عن نقل العدوى قائلًا "أنا بعمل خير ونيتى كويسة أكيد ربنا هيسترها".