الناس صحيت من نومها ورايحه لأشغالها والتلاميذ رايحه مدارسها والشارع مليان عربيات وصوت الكلاكسات مزعج للغايه.. فقلت اقف مع نفسى على الشجرة لأن دى ساعة اصطباحة والعملية مش محتاجه نواق ونعاق علشان الناس بتتشائم من صوتى كما تعلمون خصوصا فى ساعة الصبحية وبينما انا قاعد فى حالى على غصن الشجرة ببص تحت رجلى لقيت شاب قاعد عالقهوة وعينيه فى شاشة الموبايل ووجهه متجهم وشكله كاره للإصطباحة بتاعته الشاب بيبص للبوستات عالفيس بوك وينفخ ويستغفر ومحسسنى انه عايز يكسر الموبايل لحظات وجاء زميله الذى كان ينتظره وقال له مالك كدا بتنفخ ليه عالصبح؟! فرد عليه قائلا: يا جدع من ساعة ما قعدت وانا بقلب فى الفيس مش لاقى غير عزاءات.. كل واحد بيصبحنا ببوست العزاء بتاعه وكأنه بيستعرض نجوميته
والغريب ان العزاء عن زوج بنت اخت واحد صاحبه.. وواحده ناشره عزاء لجارتها أم احمد بتنعىها فى وفاة حما بنتها.. طب انا زنبى إيه أصطبح بكل الغم ده.. وطبعا مطلوب منى إنى أعزيهم واعملهم إيموشن أحزننى فرد عليه زميله قائلا: ياعم طنش.. هو الفيس بقا كدا.. عبارة عن صوان عزاء مفتوح باستمرار فرد عليه قائلا: ياسيدى انا ماعنديش مشكله انك تنشر خبر وفاة أبوك أو أمك أو أخوك أو أختك واحنا هنعزيك ونعملك الإيموشن اللى بيعجبك.. لكن مالنا احنا بوفاة ابن اخت جارتك.. أو وفاة مرات إبن إبن إبن خالتك.. خصوصا إننا فى زمن الكورونا والناس بتموت كل ساعة والعدد فى الليمون وهنا وقفت على رجلى ونفشت ريشى ونعقت بأعلى صوتى قاق قاق فوجدت الشاب ينظر إلى أعلى ويهشنى بعصبية قائلا: ياعم هى ناقصاك انت كمان يا غراب البين.. غور من هنا
وأخذ يهشنى هو وصديقه فهربت طائرا وأنا اقول لنفسى: والله ما أنا عارف مين فينا اللى وش فقر.. أنا أم هؤلاء البنى آدمين اللى بيحبوا يعكننوا على بعض وبتستهويهم حالة تصدير الأحزان والتنكيد على بعض.. يعنى المفروض إن البنى آدم منهم لا ينشر إلا عزاء لأقاربه من الدرجة الاولى أو الثانية على الاكثر.. يعنى أب ام أخ أو حتى خال وعم وجد وجده.. لكن الشئ اللى يخرجك من ريشك ويخليك تقطع هدومك هو إن بعضهم بينشر عزاءات بالإنابة عن أصدقائه وجيرانه وجيران جيران اللى جاب أبوه.. طب يا سيدى البقاء لله والدنيا والدوام لله فى كل معارفك.. جاتها نيلة اللى عايزه تخلف بنى آدمين زيكم نكديين وتافهين وفاضيين.. قال وبيقولوا عليا انا نكدى وفقرى وغراب بين! غراب البين
