"بلادى بلادى.. لك حبى وفؤادى، لك حياتى ووجودى.. لك عقلى ولسانى، فأنتِ أنت الحياة، ولا حياة إلا بك يا مصر".. هذه الكلمات هي الخطبة التى ألقاها مصطفى كامل عام 1907 للتنديد بأعمال الإنجليز الوحشية فى حادثة دنشواي. واستلهم الشيخ محمد يونس القاضى كلمات مصطفى كامل فى تأليفه نشيد "بلادى بلادى.. لك حبى وفؤادى.. مصر يا أم البلاد، أنت غايتى والمراد وعلى كل العباد.. كم لنيلك من أيادي". بثت الإذاعة نشيد يونس فى الثلاثينات بصوت محمد البحر ابن سيد درويش، على أنه من تأليف بديع خيرى الذى نفى عن نفسه كتابة النشيد، ثم نشرت مجلة "التياترو" أن النشيد من تأليف سيد درويش وتلحينه، وظل النشيد حائرا بين المؤلفين إلى أن استطاع يونس القاضي تسجيله باسمه وغنته فايدة كامل. الأغنية المصرية وفى كتاب بعنوان "يونس القاضى مؤلف النشيد الوطنى وعصر التنوير"، تقول المؤلفة إيمان مهران: إن تأليف الشعر الغنائى مر بمراحل متعددة، ويعتبر يونس القاضى الخط الفاصل بين مرحلة وأخرى؛ فهو مؤلف الأغنية المصرية الصميمة التى أكملها بديع خيري. أزهري يكتب في الصحف ولد الشيخ يونس القاضي فى الأول من يوليو 1888 بقرية درب الدليل بالدرب الأحمر فى أسرة عريقة من قرية النخيلة بمحافظة أسيوط، كان له تسعة أشقاء، التحق بالأزهر، وحاول العمل بالصحافة، وكتب أول مقال له بجريدة "المؤيد". ثورة الأزهر 1908 وكان مصطفى كامل من أشد المعجبين به، وبشعره ومقالاته التى كتبها فى "اللواء"، فاستعان به فى تبسيط خطبه التى كان يوجهها إلى الجماهير. اشترك القاضى فى ثورة الأزهر عام 1908 ضد الخديو عباس حلمى بالتوازى مع كتابة المقالات والأزجال فى الصحف المختلفة، كما كتب الأغنية والمسرح بأسلوب سهل بسيط مبسط. "أهو ده اللى صار" اعتقل أكثر من مرة بسبب كتاباته السياسية ضد الاحتلال والخديو، فكتب يقول: "أهو ده اللى صار واللى كان.. مالكش حق تلوم عليا.. تلوم عليا ازاى يا سيدنا.. وخير بلادنا ماهوش فى إيدنا". يرى يونس القاضي أن المسح الغنائى جريدة سياسية يوضح من خلالها الفكر السياسى الرافض للاستعمار، تعرف على سيد درويش ووجد فيه ضالته، فاتفقت عبقريته مع ألحان سيد درويش، رددتها الجماهير فى كل المناسبات والمواقف الحماسية والوطنية، ولاقت نجاحا وشهرة واسعة. مرحلة الاعتقال من مسرحيات القاضى "كلها يومين"، وقد اعتقلته السلطات بسببها 17 مرة لأنها تحمل عبارات عنيفة ضد بريطانيا، ومسرحية "حسن أبو علي سرق المعزة".. "كلام فى سرك"، وكانت من بطولة منيرة المهدية.
