السودان لا يبحث عن مصلحة القاهرة بل مصالحه الشخصية فقط أحذر من تدويل الأزمة.. والضغوط الدولية ممكنة من جانبه، أكد السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن تعثر المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة لا يمثل عودة للمربع رقم صفر، ولكنها عودة لمزيد من الضغوط للاستجابة للمطالب المصرية. وقال: للأسف الطرف الثالث فى أزمة سد النهضة؛ «السودان» يبحث عن المصلحة الفردية دون النظر إلى مصلحة مصر لأنه يأمل فى كهرباء ومياه متدفقة، مشيرًا إلى أن السودان أبدى توافقه مع مصر فى الرأي، ولكن عندما وصلنا لمرحلة الحسم تغير موقفه تمامًا. وأوضح أن أزمة سد النهضة مرتبطة بنقطتى خلاف رئيسيتين؛ أولاهما مدة تخزين المياه خلف السد التى تقدرها إثيوبيا ما بين 3 و5 سنوات، ولكن مصر ترى أنها لابد أن تكون من 5 إلى 7 سنوات، وقد تزيد إلى 10 سنوات، وتعد تلك نقطة جوهرية لأنه فى حالة انخفاض الفيضانات سوف تتأثر كمية المياه التى تحصل عليها مصر بشكل ملحوظ. أما النقطة الثانية فتتعلق بمقدار المياه التى سوف يتم تخزينها، مؤكدًا أنه منذ حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك لمصر كان إثيوبيا تشرع فى بناء السد وأعلنت أنه من المقرر أن يحجز 14 مليار متر مكعب، وفى أعقاب ثورة 25 يناير 2011، وبالتحديد فى أبريل 2011، غيرت إثيوبيا اسم السد من "سد الألفية" إلى "سد النهضة"، على أن يستوعب 74 مليار متر مكعب؛ مما يمثل خطرًا على المنطقة ككل، وعلى دول المصب بشكل خاص من وجهة نظر مصر. وركز على أن الاتفاقيات الدولية للأنهار نصت على أنه لا يجوز بناء أى مشروع على الأنهار دون التنسيق مع الدول المشتركة فيها ودول المصب، مشيرًا إلى أن إثيوبيا تعتمد فى زراعتها على مياه الآبار والأمطار، عكس مصر التى تعتمد على مياه النيل. وعن المسار الدبلوماسى والسياسى الذى ستسلكه مصر حفاظًا على حقها فى مياه النيل، شدد مساعد وزير الخارجية على ضرورة أن يرتقى التعامل مع ملف سد النهضة إلى المستوى السياسى لأن قرار رفع سقف تخزين المياه من 14 مليار متر مكعب إلى 74 مليار متر كان قرارًا سياسيًا من جانب إثيوبيا.. لذلك لابد من تفعيل الجانب السياسى والعودة إلى النفس الطويل وبناء الثقة استمرارا فى إصرارنا على عدم التنازل عن حقنا لأن مياه النيل مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر، فضلًا عن أن ما ينتج عن المكتب الفنى المتفق على أنه يعد تقريرًا بشأن السد بموافقة الدول الثلاث «مصر، إثيوبيا، السودان» يعد عامل حسم للمفاوضات. وفيما يتعلق بفشل الدول الثلاث للوصول إلى حل، رأى السفير رخا حسن أنه يجب على مصر أن تتخذ طرقًا أخرى فى التعامل مع ملف سد النهضة من خلال التواصل مع أفريقيا ودول حوض النيل، والدول التى تساعد فى بناء السد أو الدول التى لها استثمارات فى إثيوبيا، وكذلك أيضًا ممارسة ضغوط أوروبية على إثيوبيا حتى لا تتعرض مصر بمخاطر من بناء السد، وإقناع إثيوبيا أن مصر ليست ضد بناء السد وليست ضد التنمية، ولكن لابد أن يتم ذلك وفقًا لمعايير فنية حتى لا يكون ذلك على حساب مصر؛ لذلك لا يمكن أن تترك الحرية لإثيوبيا فى بناء السد دون مراعاة للجوانب الفنية ومصالح مصر. وحذر مساعد وزير الخارجية الأسبق من مسألة تدويل ملف سد النهضة مفضلًا تناول الملف على المستوى الثلاثى؛ «مصر وإثيوبيا والسودان»، ولكن لا مانع من ممارسة ضغوط عن طريق الدول الصديقة لمصر، مشيرًا إلى أن دخول مصر فى تدويل الأزمة يفتح المجال لدخول جهات دولية ويعطى الفرصة لأمريكا لتنفيذ مشروعها لإقامة هيئة دولية للأنهار التى تحدثت عنها عام 1992، وعُقِدَ بشأنها مؤتمر فى سان فرانسيسكو، وخرجت عنها مبادئ عامة؛ من بينها إنشاء هيئة دولية للأنهار وأن مياه الأنهار طبيعية مثل البترول؛ لذلك لابد أن يتم بيعها كما يتم التعامل مع البترول. وعن طريقة تعامل وسائل الإعلام مع ملف سد النهضة، انتقد السفير رخا التعامل الإعلامي، قائلًا: "التعامل الإعلامى مع هذا الملف غوغاء وكلام صغير ليس على علم.. ودون المستوى".. والحديث عن "أننا سنفتح الحنفية لن نجد نقطة مياه فى مصر كلام صغير وعيب".. كما أن تناول بعض وسائل الإعلام لدعوة أمير قطر لزيارة إثيوبيا وربطها بتعثر المفاوضات كلام ليس فى محله؛ لأن قطر لديها استثمارات فى إثيوبيا، مطالبًا وسائل الإعلام بتناول الموضوع بمهنية، وعرض معلومات حقيقية دون تهويل. وطالب الدولة بالعمل فى الاتجاه الموازي، وضرورة البحث عن طرق للحد من استهلاك المياه، ومن بينها التوجه إلى الرى بالتنقيط وليس الغمر كما هو الحال الآن، مؤكدًا أن حصة مصر المقدرة ب55 مليار متر مكعب لن تكفى بعد 30 عامًا من الآن فى ظل الزيادة السكانية والنمو الصناعى والزراعى وبناء مدن جديدة.