يرتدى عمامته، وزي رسمي حصل عليه "عهدة" من هيئة النظافة والتجميل، يداه تشققتا من كثرة الإمساك ب"المقشة"، وظهره ودع الاستقامة منذ أن قرر أن يجعل مجتمعه نظيفا، إنه محمد حسين يوسف، الرجل الأربعينى، الذي يحمد الله على توظيفه بالهيئة، ورغم معاناة قيادات الهيئة من نفور الشباب وأبناء القاهرة من الوظائف التي تطرحها الهيئة للعمل في نظافة الشوارع، فإن محمد حسين يرى أن الله قد استجاب لدعوته بتعيينه كعامل نظافة!! أكد "محمد" أثناء حديثه لنا أنه كان يعمل في إحدى شركات النظافة الأجنبية، ولكن تم الاستغناء عنه ومكث في البيت دون عمل لفترة طويلة، ذاق فيها مرارة الأيام، لذلك فور تعيينه في الهيئة كعامل نظافة سجد لله حامدا نعمته على تعيينه في وظيفة ثابتة، تضمن له راتبا ثابتا شهريا حتى وإن كان قليلا. ثمانى ساعات.. عدد ساعات العمل التي يعملها "محمد".. تبدأ من الثانية ظهرا وحتى العاشرة مساء، يشد الرحيل يوميا من محافظة القليوبية، فهو يستقر مع أسرته في كفر شبين القناطر، تكلفه المواصلات يوميا 15 جنيها، يعود لمنزله في الثانية فجرا، وينزل منه مع أذان الظهر، يعود منهكا فيتناول طعامه، ويذهب مسرعا إلى السرير حتى يأخذ قسطا من الراحة يمكنه من عمل الغد، لا يجد فرصة للجلوس مع زوجته وأبنائه، راتبه الشهرى لا يتعدى 1200 جنيه. وبابتسامة سريعة أكد لنا "محمد" أنه رغم ضعف راتبه، فإنه يحمد الله، ولا يطلب سوى الستر له ولبناته الثلاث، معربا عن حزنه الشديد لغلاء الأسعار الفترة الأخيرة وارتفاع أسعار المواصلات، موضحًا أن المهندس فرج الشيخ، مدير فرع الهيئة بحى وسط القاهرة، يحاول في أي فرصة صرف مكافآت لهم، لمساعدتهم في ظروف المعيشة، كزيارات المحافظ والأعياد. وكشف لنا أن هناك تعليمات من الهيئة بتسليم أي مفقودات للفرع أو قسم الشرطة لتوصيلها إلى صاحبها، مشيرا إلى أن بالرغم من أنهم عمال نظافة وراتبهم ضئيل فإنهم لا يطمعون فيما لا يملكون، قائلا: "مش بنمد إيدنا على حاجة مش بتاعتنا". "إحنا بنفطر في موائد الرحمن ولو فعلا الحكومة عاوزة تقفلها مش هنلاقى فطار والله" كان هذا رده عندما سألناه أين ستفطر في شهر رمضان الكريم، وصمت دقيقة وهو ينظر في الأرض معربا عن حزنه لما أثير حول إلغاء الموائد.