سعر الذهب في مصر بنهاية التعاملات بعد قرار الفيدرالي بتخفيض الفائدة    37.3 مليار جنيه قيمة التداول بالبورصة خلال تعاملات أمس الأربعاء    أسعار الدجاج والأسماك اليوم 19 سبتمبر    بالتزامن مع الأجهزة اللاسلكية.. تفاصيل انفجار نظام الطاقة الشمسية في لبنان    مفاجأة من الزمالك ل فتوح قبل مباراة الشرطة الكيني.. عاجل    مواعيد دخول الطلاب للمدارس في جميع المراحل التعليمية    برج القوس.. حظك اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024: لا تلتفت لحديث الآخرين    «أيام الفقر وذكرياته مع والده».. ماذا قال الشاب خالد في برنامج بيت السعد؟ (تقرير)    حكم صلاة الاستخارة للغير.. هل تجوز؟    قصف غزة.. الاحتلال يغلق شارع روجيب شرق نابلس بالسواتر الترابية    جورجينا رودريجز تزور مدينتها وتحقق أحلام طفولتها الفقيرة (صور)    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: القرار الأممي نقطة تحول في مسار نضالنا من أجل الحرية والعدالة    قراصنة إيرانيون أرسلوا لحملة بايدن مواد مسروقة مرتبطة بترامب    موجة حارة لمدة 3 أيام.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الخميس    أحداث الحلقة 3 من «برغم القانون».. الكشف عن حقيقة زوج إيمان العاصي المُزور    تشكيل برشلونة المتوقع أمام موناكو في دوري أبطال أوروبا.. من يعوض أولمو؟    محلل إسرائيلي: حزب الله ارتكب 3 أخطاء قاتلة فتحت الباب أمام الموساد لضربه بقوة    كيفية الوضوء لمبتورى القدمين واليدين؟ أمين الفتوى يوضح    شريف دسوقي: كنت أتمنى أبقى من ضمن كاست "عمر أفندي"    خبير: الداخل الإسرائيلي يعيش في حالة زعر مستمر    أيمن موسى يكتب: سيناريوهات غامضة ل«مستقبل روسيا»    حقيقة الذكاء الاصطناعي واستهلاك الطاقة    الخارجية الأمريكية ل أحمد موسى: أمريكا مستعدة لتقديم خدمات لحل أزمة سد النهضة    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي.. «السيتيزنز» يطارد رقما قياسيا    «افتراء وتدليس».. رد ناري من الأزهر للفتوى على اجتزاء كلمة الإمام الطيب باحتفالية المولد النبوي    الأهلي لم يتسلم درع الدوري المصري حتى الآن.. اعرف السبب    موعد صرف معاشات شهر أكتوبر 2024    بالاسم ورقم الجلوس.. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة للقبول بالجامعات (رابط مباشر)    تفاصيل مصرع مُسن في مشاجرة على قطعة أرض في كرداسة    بشاير «بداية»| خبز مجانًا وقوافل طبية وتدريب مهني في مبادرة بناء الإنسان    طفرة عمرانية غير مسبوقة واستثمارات ضخمة تشهدها مدينة العاشر من رمضان    "ماتت قبل فرحها".. أهالي الحسينية في الشرقية يشيعون جنازة فتاة توفيت ليلة الحنة    آيتن عامر بإطلالة جريئة في أحدث ظهور..والجمهور: "ناوية على إيه" (صور)    مصدر أمني ينفي انقطاع الكهرباء عن أحد مراكز الإصلاح والتأهيل: "مزاعم إخوانية"    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    عبير بسيوني تكتب: وزارة الطفل ومدينة لإنقاذ المشردين    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    الشاب خالد: اشتغلت بائع عصير على الطريق أيام الفقر وتركت المدرسة (فيديو)    تراجع بقيمة 220 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت الخميس 19 سبتمبر 2024 بعد التحديث الجديد    كشف حقيقة فيديو لفتاة تدعي القبض على شقيقها دون وجه حق في الإسكندرية    «استعلم مجانًا».. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة 2024 علمي وأدبي فور إعلانها رسميًا (رابط متاح)    إيمان كريم تلتقي محافظ الإسكندرية وتؤكد على التعاون بما يخدم قضايا ذوي الإعاقة    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    «هي الهداية بقت حجاب بس؟».. حلا شيحة تسخر من سؤال أحد متابعيها على التواصل الاجتماعي    كيفية تحفيز طفلك وتشجيعه للتركيز على الدراسة    السفر والسياحة يساعدان في إبطاء عملية الشيخوخة    أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد وتخلصه من السموم    قمة نهائي 2023 تنتهي بالتعادل بين مانشستر سيتي وإنتر ميلان    صلاح التيجاني: والد خديجة يستغلها لتصفية حسابات بعد فشله في رد زوجته    «طعنها وسلم نفسة».. تفاصيل إصابة سيدة ب21 طعنة علي يد نجل زوجها بالإسماعيلية    عقب تدشينها رسميًا.. محافظ قنا ونائبه يتابعان فعاليات اليوم الأول من مبادرة «بداية جديدة»    الفنانة فاطمة عادل: دورى فى "الارتيست" صغير والنص جميل وكله مشاعر    الخطيب يدرس مع كولر ملف تجديد عقود اللاعبين وأزمة الدوليين قبل السوبر المصري    بخطأ ساذج.. باريس سان جيرمان يفوز على جيرونا في دوري أبطال أوروبا    صحة مطروح تقدم 20 ألف خدمة في أولى أيام المبادرة الرئاسية «بداية جديدة».. صور    عاجل - قرار تاريخي:الاحتياطي الفيدرالي يخفض الفائدة إلى 5.00% لأول مرة منذ سنوات    من الأشراف.. ما هو نسب صلاح الدين التيجاني؟    محافظ القليوبية يكرم المتفوقين في الشهادات العامة بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عميد «أصول الدين»: لا نقبل الطعن في البخاري.. وصحيحه عندنا مصدر أصيل للتشريع


* لست مع توحيد الخطبة لاختلاف مشارب وأحوال الناس
* الأزهر "بيت العائلة" يجمع المسلمين والأقباط تحت مظلة واحدة
* الاجتهاد بغير علم "جريمة".. وحديث الفضائيات عن قضية التجديد الديني "غوغائية"
* الأزهر هو المرجعية الوحيدة لشئون الدعوة.. وهذه حقيقة سعينا لإقامة دولة دينية
* من يطلقون على أنفسهم "مفكرين" يفتقدون بديهيات العلم.. والعامة ليسوا أهلًا للحكم على دعاة الأزهر
* أطالب وزارة الأوقاف بعدم السماح لغير الأزهريين من صعود المنبر
* الأزهر لا يكفر أحدًا وجهوده لمكافحة التطرف لا تحصى
* حفظ الشعر شرط لتفسير القرآن.. والحديث في الدين بغير علم "جريمة"
قال الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة؛ إن من يلقبون أنفسهم ب"الباحثين والمفكرين" لا يحق لهم التصدي للاجتهاد والتجديد في الدين، لأن هؤلاء حينما تناظر أحدهم لا تجد عنده بديهيات العلم، مؤكدًا أن "عامة الناس ليسوا أهلًا للحكم على خريجي الأزهر الشريف".
وكشف "العواري" في حواره مع "فيتو"؛ حقيقة سعي علماء الأزهر الشريف إلى إقامة دولة دينية، والسبب الذي يجعلهم يرفضون توجيه أي نقد لكتاب "الجامع الصحيح" الذي ألفه الإمام البخاري، وغير ذلك من التفاصيل التي نسردها في الحوار التالي.
في البداية ما هي الرسالة التي تحملها كلية أصول الدين؟
كلية أصول الدين تحمل رسالة عالمية تتمثل في القيام بمهمة الدعوة إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة، وتعليم الناس وسطية الإسلام، من خلال العلوم الشرعية التي ترتكز على المصدرين الرئيسين للتشريع القرآن الكريم والسنة النبوية المؤكدة، وما يتفرع عنهما من علوم لها أوثق الصلات بهما؛ مثل علوم التفسير والحديث والقرآن والكلام والمنطق والفلسفة والتصوف والملل والنحل ومقارنة الأديان والخطابة، وأصول الدعوة، ومناهج المفسرين والمحدثين، وغير ذلك من العلوم التي يدرسها طلابنا، من أجل أن يكونوا مؤهلين للدعوة إلى الله.
تأهيل الدعاة يجعلنا نتحدث عن قضية تجديد الخطاب الديني.. أولًا ما معنى هذا المصطلح عند علماء الأزهر؟
تجديد الخطاب الديني صار مصطلحًا يتردد على ألسنة كل الناس، وإذا سألت أحدهم عن معنى هذا المصطلح لن تجد مجيبًا، والتجديد معناه إحياء ما اندرس من العلوم وإبرازها للناس وبيان محاسن الإسلام وإيضاح صورته الحقيقة، وإزالة ما علق بهذه الصورة من شوائب، وكذلك النظر في كل مسائل القدامى وكتب التراث بالتحقيق والدراسة، وإن وجه نقد لسابق فهذا ليس عيب فيه، وكما يقولون: "كفى بالمرء نبلًا أن تعد معايبه"، وما سبق يجعلنا نؤكد بأن التجديد شأن خاص بالبحث العلمي، وليس أمرًا يطرح للتسلية على القنوات الفضائية ووسائل الإعلام؛ لأن ما يدور من حوارات على هذه القنوات حول هذا الأمر لا يتعدى المعارك الغوغائية التي لا تفيد شيئًا.
وهل الأزهر الشريف يسعى في تجديده للخطاب الديني إلى تحقيق ما ذكرته من معان لهذا المصطلح؟
بالتأكيد؛ لأن الأزهر الشريف بمختلف هيئاته بدءًا من المعاهد والجامعة ومجمع البحوث الإسلامية والمجلس الأعلى للأزهر، وحتى هيئة كبار العلماء، وهي أعلى هيئة عندنا؛ الجميع يعمل على قضية التجديد منذ سنوات بعيدة وليس الأمر وليد اليوم كما يظن البعض.
وفي هذا السياق أريد أن أسأل من يتهمون الأزهر بالفشل في قضية تجديد الخطاب الديني: إذا لم ينجح الأزهر في التجديد فمن ينجح إذًا؟؛ الأزهر آخذ على عاتقه منذ نشأته القيام بمهمة التجديد والعمل على تحقيقه قولًا وعملًا؛ شأنه في ذلك شأن إعمال النظر والاجتهاد الذي نحرص على أن يكون بابه مفتوحًا في كل زمان ومكان.
وهل باب الاجتهاد مفتوح للجميع ومن حق أي شخص أن يدلي فيه بدلوه؟
لأ.. باب الاجتهاد مفتوح فقط لمن يملك أدواته، وليس من يلقبون أنفسهم أو يطلق عليهم بعض الإعلاميين بالباحث أو المفكر؛ لأن هؤلاء حينما تناظر أحدهم لا تجد عنده بديهيات العلم، ومعروف أن الذي يخوض فيما لا يعلم يتقول على الله تعالى بغير علم، وهذه جريمة حرمها الشرع وقرنها بالشرك، واقرأ إن شئت قوله تعالى: «قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ»، وكذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار".
وكما قلت لك يجب على من يتصدى لقضية التجديد أن تتوافر فيه شروط الاجتهاد وأدواته، وكل من يملك هذه الأدوات مرحبًا به ليشارك مؤسسة الأزهر العريقة في هذا الأمر.
وما هي أدوات الاجتهاد المطلوب توافرها فيمن يحق له التصدى لهذا الأمر؟
أدوات الاجتهاد كثيرة جدًا، أولها اشتراط صحة عقيدة المرء وملازمته للسنة، وأن يكون محصلًا لجملة من العلوم أوصلها البعض إلى 19 علمًا شرعيًا ولغويًا وتاريخيًا، أهمها: العلم بالفقه وقواعده وأصوله، والقراءات وتوجيهها، وأصول الحديث، وأحوال البشر وعادات الناس، ومعرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لأنها تطبيق عملي للقرآن، وإجادة النحو والتصريف والاشتقاق وغير ذلك من فروع اللغة، وتحصيل علوم البلاغة من معاني وبيان وبديع، وهناك شرط هام يجب توافره فيمن يتصدى للاجتهاد وهو أن يكون عالمًا بالأدب قديمه وحديثه أو ما يسمى ديوان العرب.
واشتراط العلم بالأدب ينبع من أن القرآن نزل بلسان عربي مبين، ولذلك لا يستطيع إنسان تفسير لفظ فيه وهو لا يعرف ديوان العرب، ومن الأدلة على هذا قول سيدنا عمر بن الخطاب: "عليكم بديوان العرب فإن فيه تفسيرًا لكتاب ربكم"؛ فمن لم يكن حافظًا للشعر قديمه وحديثه كيف يفسر آية أو كلمة من القرآن؟.
كل هذه أدوات يجب أن يملكها كل من يريد أن يجتهد في أي علم، ومن لا يملك هذه الأدوات ويتقنها ويتضلع فيها عليه أن يحجم عن الخوض في هذا الشأن وإلا أضاع نفسه.
هذا التقييد يجعل البعض يقول إن الأزهر الشريف يسعى إلى إقامة دولة دينية؟
هذه ادعاءات مغرضة وخبيثة، وأبلغ رد عليها هو إعلان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير بأن الأزهر مرجعية لكافة طوائف الشعب المصري، وأبوابه مفتوحة للجميع، وفي مقولته الخالدة: "الأزهر فوق مهاترات الأحزاب" دليل قاطع على بطلان هذه الادعاءات، ومؤشر واضح على أن علماء الأزهر لا يبحثون عن سلطة؛ لأنهم لو أرادوها لما ابتعدوا عن الأحزاب.
ثانيًا نحن لا نؤمن بما يسمى الدولة أو السلطة الدينية أو الكهنوتية؛ شأننا في ذلك شأن الإسلام الذي نؤمن به وندافع عنه ونحمل لوائه وننشره في ربوع العالمين؛ الأزهر يؤمن بالدولة المدنية القائمة على التعددية، ولا نعترف من قريب أو بعيد ب"الدولة الدينية" لأن هذا مصطلح غربي لا يمت للإسلام بصلة.
هل الأزهر هو المرجعية الوحيدة المخول لها القيام بشئون الإسلام وتبليغ الدعوة؟
نعم، وهذا بنص الدستور والقانون.
ما دام الأمر كذلك إذًا لماذا يعاني خريجو الأزهر الشريف وخاصة العاملين منهم بالمجال الدعوي من ضعف في المستوى العلمي؟
هناك قاعدة تقول: الحكم على الشئ فرع عن تصوره، وهي تعني أن الذي يحكم على ضعف مستوى الخريجين من عدمه يشترط أن يكون من العلماء ذوي الخبرة والقدرة على الحكم، وللأسف من يروجون هذا الكلام هم العوام وهؤلاء ليسوا أهلًا للحكم على خريجي الأزهر الشريف؛ لأنه قد يكون الخريج محصلًا للعلوم ومجيدًا لها، إلا أنه لم يؤتى ملكة الخطابة وسلاسة توصيل المعلومة إلى الناس، وبالتالي الحكم عليه بالضعف فيه ظلم وعدم دراية بما يحمله من علوم.
أضف إلى ما سبق أن الخريج حينما يعين في مجال الدعوة كالوعظ أو الإمامة لا يترك هكذا؛ بل تتولى الوزارات ومجمع البحوث الإسلامية تدريبه وتأهيله، وطوال مشواره العملي في السلك الدعوي لا تنقطع عنه الدورات التدريبية والتأهيلية؛ بل إن معيار الترقية في وقتنا الراهن مرتبط بالدرجات التي يحصل عليها الداعية في هذه الدورات وأصبحت الأقدمية شرطًا غير معمول به؛ لأن الداعي إلى الله صاحب رسالة.
ومع هذا لا أقول أن كل الدعاة على المستوى المطلوب، وإذا كان هناك أي نوع من الرخاوة أو التدني في المستوى، نتداركه بعقد الدورات المتتالية التي لا تقف عند تحصيل العلوم الشرعية واللغوية بل تتعداها إلى دراسة التنمية البشرية وجوانب الإدارة وغيرها من العلوم التي تؤهل الداعية أن يكون خطابه مواكبًا لمقتضيات العصر الذي يعيش فيه.
ما دمتم تولون كل هذا الاهتمام للدعاة والأئمة فبما تفسر تراجع دور المسجد في الوقت الراهن رغم أن أكثرية الذين يعتلون المنابر من خريجي الأزهر؟
نحن نحرص دومًا أن يكون دعاتنا الذين نربيهم ونعلمهم في الأزهر الشريف، مشاعل هداية وإرشاد، ونؤكد عليهم أن يسعوا إلى تعليم الناس من منطلق العلم الصحيح الثابت النسبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن فيه الغناء عما سواه من القصص والخرافات والإسرائيليات التي يوردها آخرون وتؤثر على عقائد العامة؛ أما فيما يتعلق بتراجع دور المسجد فهذا كلام غير صحيح لأن المساجد الجامعة تقوم بدورها على أكمل وجه، حيث تؤدى فيها الصلوات وتقام الدروس وتلقى المحاضرات والندوات طوال أيام الأسبوع، وتقام فيها المستشفيات الميدانية من أجل علاج المرضى الفقراء.
والمشكلة ليست في المساجد الجامعة، ولكن الخطورة في كثرة الزوايا التي انتشرت مؤخرًا بلا حدود، وهو الأمر الذي جعل وزارة الأوقاف لا يمكنها السيطرة على الأمر، لأن أعداد الخطباء أقل من هذه الزوايا، ومن هنا نطالب باقتصار صلاة الجمعة على المساجد الجامعة وإغلاق ما عداها في هذا الوقت واقتصارها على أداء باقي الفرائض العادية؛ لأن خطباء الجمعة في الزوايا غير مؤهلين علميًا وينقلون إلى الناس فكرًا مغلوطًا، وغالبًا ما يكون فكرهم غير وسطي، ومن هنا يجب على وزارة الأوقاف أن تضع خطة محكمة للسيطرة على سائر المساجد والزوايا، وعدم السماح لأي خطيب غير أزهري بأن يلقي الخطبة على الناس.
ألا ترى أن توحيد خطبة الجمعة أو كتابتها في ورقة هو أحد أهم أسباب ضعف رسالة المسجد؟
أولًا أنا لست مع توحيد الخطبة منذ بداية طرح هذا الأمر؛ لاختلاف مشارب وأحوال الناس الاجتماعية والاقتصادية، ولأن ما يحتاجه ساكنو الأحياء الشعبية يختلف تمامًا عن الجرعة الدينية التي ينتظر أبناء الأحياء الراقية سماعها، ثم من غير المعقول أن يقيد الإمام بخطبة مكتوبة وإذا وقع في قريته أو الحي الذي يسكن فيه حدث جلل يعجز عن تغيير الخطبة.
لذلك نقول بأنه حينما يُترك الخطيب ليختار موضوع خطبته، ويظل يحضر لها طوال أيام الأسبوع، ويقرأ ويبحث عن الأمراض والأوجاع التي يعاني منها من يقطنون في دائرة مسجده يكون قادرًا على إنزال أحكام الشرع على الواقع، لأن من أهم أهداف خطبة الجمعة هو معرفة نوازل الناس وتطبيق فقه الواقع.
لماذا تضيقون بالنقد.. ألستم بشرًا تصيبون وتخطئون ومن حق غيركم مواجهتكم بما يراه عيبًا فيكم؟
العصمة عندنا لا تكون إلا لنبي، والعالم الأزهري ليس مقدسًا ومثلما يصيب في اجتهاده فهو معرض للخطأ، ونحن نرحب دومًا بالنقد البناء القائم على أصول، ولكننا في الوقت ذاته حينما نرى نقدًا هدامًا ومدمرًا لن نسكت؛ لأننا إن سكتنا نتهم بأننا لسنا على قدر المسئولية ونسمع من يقول: "ها هي الدعوة ومعالم الشرع تنتقص وتُهدم ممن يهاجموكم أيها الأزهريون وأنتم لا تجيبون"، والعجيب في هذا الأمر أننا إذا قمنا ببيان وتجلية الحق للناس نتهم أيضًا بأننا نضيق ذرعًا ولا نقبل النقد.
ما دمتم ترحبون بالنقد البناء إذًا لماذا تغضبون من المشككين في صحيح البخاري.. هل هذا الكتاب مقدس يُحظر الاقتراب منه وهل جامعة معصوم لا يجوز توجيه النقد له؟
البخاري ليس معصومًا، وهو عندنا إمام ثقة معتبر بذل جهدًا في جمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحمل المشاق في هذا الشأن، وكتابه من أصح الكتب ولا نقبل الطعن فيه بأي حال من الأحوال، ورواياته التي أوردها لها منهجية يعرفها صيارفة علم الحديث وعلماء الجرح والتعديل، وليس هؤلاء الذين يتهجمون عليه دون دراية أو معرفة.
والرجل جمع صحيحه واصطفاه وانتقاه من بين عشرات الآلاف من كتب الحديث، والأمة شرقًا وغربًا تلقت "الجامع الصحيح" بالقبول، لأنه اتسم بأدق موازين الرواية، وهو مصدر أصيل من مصادر التشريع عند أهل السنة والجماعة، ولو قبلنا أو فتحنا باب الطعن فيه لكان ما بعده أيسر.
ما الدافع وراء اهتمام الأزهر في السنوات الأخيرة بالسنة في العراق؟
الأزهر الشريف داعم لأهل السنة والجماعة في العالم كله بحكم أنه أعلى مرجعية سنية، ودائمًا ما يدعو إلى تحقيق السلام بين الناس كافة دون تفرقة على أساس مذهب أو دين أو جنس أو لون، وفي وقوف الأزهر ودعمه للسنة في مكان من العالم ضمانًا وتحقيقًا للتوازن والاندماج في المجتمع حتى وإن كانت الأغلبية في مجتمع ما لغير أهل السنة والجماعة.
هل يقف الأزهر حائط صد ضد محاولات الهيمنة الشيعية على المنطقة العربية؟
نحن أهل مصر نحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لكننا لم ولن نتشيع، وكذلك محال أن يسمح الأزهر الشريف بأي حال من الأحوال بالمد الشيعي السياسي، لأن هذا الأمر إن حدث سينشئ فرقا وأحزابا تتسبب في خلق قلاقل واضطرابات بين أبناء المجتمع الواحد.
كيف ترى الأقوال التي تؤكد أن آراء علماء الوهابية هي أحد أهم مصادر التطرف في العصر الحديث؟
كل ما ليس نابعًا من وسطية مناهج الأزهر يسبب إشكالية وأيديولوجية متطرفة عند المتلقي.
وهل نجحت وسطية الأزهر في مواجهة الفكر المتطرف؟
الأزهر الشريف جهوده في محاربة الفكر المتطرف، أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصى، ووقوفه ضد المتطرفين بكل ما يملك من وسائل أمر يراه كل ذي عينين؛ فعلى سبيل المثال وليس الحصر تجد المرصد العالمي لمكافحة التطرف الذي يتتبع فتاوى الجماعات المتطرفة على مستوى العالم بعشرة لغات، حيث يرصد العاملين به كافة الأفكار المغلوطة ويترجمونها إلى العربية، ثم يردون عليها، ويعيدونها ثانية إلى لغتها التي نشرت بها لتفنيد كل شبهة وردت بكل لغات العالم.
كما أن الأزهر على مدار السنوات الماضية أطلق العديد من المبادرات وعقد مجموعة من المؤتمرات، جميعها تدور في إطار محاربة الفكر المتطرف والإرهاب حول العالم، ومنها مبادرة "الأزهر يجمعنا"، وكذلك أنشأ "بيت العائلة" بهدف إيجاد سبل للتنسيق والعلاج والوقاية من وقوع الجريمة وإنهاء الخلافات قبل أن تتفاقم بين المسلمين والمسيحيين.
وفي 2014، أقام الأزهر مؤتمر "الأزهر في مواجهة التطرف والإرهاب"، والذي دعى له جميع رؤساء الكنائس الشرقية، من أجل إصدار وثيقة تدين الإرهاب بشتى أنواعه، وتبعه عدة مؤتمرات أهمها "الحرية والمواطنة" والذي صدرت عنه وثيقة قيام المعاملات بين المسلمين وغيرهم التي تقوم على مبدأ المساواة، دون النظر إلى الجنس أو العرق أو الدين.
وأخيرًا وليس آخرًا مؤتمر "الأزهر العالمي للسلام"، والذي شهد به القاصي والداني، ورأينا كيف لقب الحاضرين الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ب"إمام السلام"، وهذا ما نطق به بابا الفاتيكان "البابا فرانسيس" حينما قال في كلمته: "الأخ الكبير الأستاذ الدكتور أحمد الطيب إمام السلام وشيخ الأزهر"، وكل هذا قليل من كثير بذله وما زال الأزهر الشريف في مجال مكافحة الفكر المتطرف، ولا ينكر هذه الجهود إلا جاحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.