ثورة يناير هددت استمرارية المشروع.. و30 يونيو قوة الدفع لتعويض التأخير 9 سنوات كاملة مليئة بجهد رجال أكفاء، أدركوا في الوقت المناسب ضرورة تطوير مبنى الركاب رقم (2) بمطار القاهرة، على خلفية مؤشرات زيادة الحركة الركابية، والاتجاه إلى أن يكون مطار القاهرة مطارًا محوريًا، يستقبل الركاب من مختلف الجنسيات على متن رحلات شركات الطيران العالمية، وتسهيل إجراءات سفرهم إلى مختلف بلدان العالم. تعاقب على المبنى منذ الإعداد له وحتى الافتتاح التجريبى له 9 وزراء للطيران المدني، و8 رؤساء لشركة ميناء القاهرة الجوي، و9 رؤساء للشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية. ويمكن القول إنه كان وراء المبنى الجديد الذي تم تشغيله تجريبيًا ملحمة وطنية وخلية نحل تم إعدادها بعناية شديدة، بدأت في العام 2008 عندما تم الإعداد لتطوير المبنى، والاتفاق على التمويل من البنك الدولى للإنشاء والتنمية والبناء، في العام 2010 نجح المهندس إبراهيم مناع، رئيس الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية – وقتها- في التفاوض مع البنك الدولي، وبالتنسيق والتعاون بين وزارات الطيران المدنى والمالية والتعاون الدولي، والحصول على قرض قيمته 280 مليون دولار تمثل 55 في المائة من إجمالى تكلفة المبني، وتتكفل شركة ميناء القاهرة الجوى بتوفير 156 مليون دولار، تساوى 45 في المائة من التكلفة ليصبح إجمالى تكلفة المبنى 436 مليون دولار. مفاوضات المهندس مناع مع البنك الدولى نجحت في تحديد نسبة الفائدة على القرض نصف في المائة، يتم تسديده على 20 عامًا وفترة سماح 7 سنوات، تبدأ من عام 2010، والمشروع تم عرضه في مناقصة عالمية، فازت بها شركة ليماك التركية، وصدر قرار الإسناد لها في 28 نوفمبر 2011، لكن بالتزامن مع قيام ثورة 25 يناير تعرض لأزمة، وكان مهددًا، مما يؤدى إلى خسائر مالية، ونجح المهندس إبراهيم مناع وزير الطيران المدني، والطيار حسن راشد رئيس الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية، في الاحتفاظ بقوة الدفع وإلزام المقاول -شركة ليماك- بالتعهد ببدء خطوات تنفيذ المشروع دون استغلال للأوضاع غير المستقرة، والتي كان تأثيرها واضحًا على جلب العمالة واستيراد المعدات. الإدارة الممثلة في وزارة الطيران والقابضة للمطارات وشركة الميناء والبنك الدولى استغلوا قوة الدفع، واستمرارية مقاول المشروع بدعمه بالعمالة والحماية الأمنية، وصاحب عملية تنفيذ المبنى تعديل التصميم الأصلي، والذي كان يقوم على هدم 70٪ من المبني، والإبقاء على 30٪ منه، في إطار رؤية اقتصادية لتقليل التكلفة، إلا أن الاتفاقات التعاقدية الدولية أوجبت أن يقوم مقاول المشروع بدراسات موسعة لفحص الجزء المتبقى قبل استخدامه والبناء عليه. وأثبتت الدراسات التي قام بها خبراء من جامعتى القاهرة وعين شمس أن عمر المبنى 26 عامًا، وأن أساساته من الناحية الهندسية قد وصلت إلى انتهاء العمر الافتراضى، فكان القرار هدم المبنى وإزالته وإعادة البناء. من هنا تم تعديل التصميم، مما أضاف مساحات تجارية، وصلت إلى 35٪ من المساحة الكلية، والتي تبلغ 227 ألف متر مربع، وهى تزيد على مساحة مبنى الركاب رقم (3) التي تبلغ 211 ألف متر مربع. بعد ثورة 30 يونيو وبدء الاستقرار في الشارع المصري، والذي صاحبه الأمن والأمان، تم العمل في المشروع لتعويض التأخير الإجبارى في ظل حكم جماعة الإخوان وعدم الاستقرار، حيث تم وضع معدل زمنى للإنجاز لتقليل معدل التأخير الذي فرضته الظروف الصعبة التي مرت بالبلاد، ومن خلال المتابعة للبنك الدولى الذي يقوم بزيارتين سنويًا، لتقديم الدعم الفنى والتعاقدى للمشروع لسرعة الإنجاز. المصادر التي تلجأ إليها الدول في تنفيذ مشروعاتها أو دعم اقتصادها هي صندوق النقد الدولى والبنك الدولى وله خمسة فروع بخلاف البنك الأوروبي للاستثمار والبنك الأفريقى الدولى والبنك العربي، إضافة إلى صناديق الإنماء مثل صندوق الإنماء الكويتي، والإسلامى وجهات أخرى مثل الجايكا اليابانية، أو التحالف الصينى للتمويل والاستثمار. وفى ظل الدراسة الدقيقة لوزارة الطيران المدنى والشركة القابضة للمطارات مع خبراء وزارتى التعاون الدولى والمالية، كانت أفضل العروض المقدمة لتطوير المطارات المصرية عرض البنك الدولى للإنشاء والتنمية والتعمير، والذي منح الحكومة المصرية لحساب وزارة الطيران القرض الأول بفائدة 75 من المائة في المائة، تم بناء مبنى الركاب رقم (3) بمطار القاهرة ونتيجة لحسن التنفيذ والمعدلات الدولية، والالتزام بتسديد أقساط البنك الدولى لقرض مبنى (3) رغم الظروف التي مرت بها مصر قام البنك الدولى بمنح الحكومة المصرية القرض الثانى لإعادة تأهيل مبنى الركاب (2) بفائدة نصف في المائة وبنفس الشروط في الإشراف والمتابعة الدولية. يذكر أن التصميم الجديد وافق عليه البنك الدولى لما فيه من مزايا تشغيلية، تتمثل في توفير حركة سفر ووصول وفقًا للمستوى العالمى يحقق لمطار القاهرة أعلى مستويات التشغيل العالمية، وتضيف للمبنى عوائد تجارية مكتسبة بتجاوز دراسة الجدوى بنسبة 19٪، كما أنها تعطى للمبنى في ظل زيادة المساحة النسبية إمكانية تجاوز السعة التصميمية المقررة وهى 7.5 ملايين راكب سنويًا،بحيث أن المساحات والخدمات المتاحة يمكن أن تصل في سياسة التشغيل إلى 10 ملايين راكب سنويًا، في ظل التكامل مع مبنى (3). البعض أحاط المسئولين السابقين في الطيران المدنى بالانتقادات والاتهامات، بشأن عدم مراعاة التصميم للمبنى (2) لساحة انتظار سيارات، وتنفيذ مشروع الناقل الآلي، وجميعها أقوال ليست في محلها، لأن الملحق ال(17) للمنظمة الدولية للطيران المدنى (الإيكاو) الخاص بالأمن يفيد في توصياته أن الحد الأدنى الموصى به لأماكن انتظار السيارات من مبنى المطار لا يقل عن 250 مترًا، وبحد أقصى 500 مترً. من هنا كان قرار المسئولين في ذلك الوقت ببناء مشروع الجراج متعدد الطوابق، الذي يتوافق مع التعليمات الدولية، ويتماشى مع راحة الركاب والمودعين والمستقبلين في وجود الناقل الآلي. أما بشأن اتهامات البعض للمسئولين بسبب تنفيذ مشروع الناقل الآلى فإن الملحق رقم (9) الصادر من منظمة الإيكاو يتضمن أنه حال زيادة المسافة بين مبانى المطار لركاب الترانزيت على 1750 مترًا، فعلى المشغل للمطار أن يوجد وسيلة نقل آلى لركاب الترانزيت وحقائبهم، والمسافة بين مبنى (1) ومبنى (3) تصل ل3 كيلو مترات، ومن توصيات المنظمة الدولية أيضًا أن عملية ربط مبانى المطارات لابد أن تنعكس على تخفيض زمن إنهاء إجراءات الترانزيت، والمدة المثلى 45 دقيقة وبما لا يزيد عن ساعة. القطار الآلى أثير بشأنه انتقادات قبل بدء التنفيذ لفقدان البعض لمكاسب مالية من نقل ركاب الترانزيت، واتهامات بإهدار المال العام وصلت لقاعات المحاكم، بينما واقع التصميم والتنفيذ تؤكد أنه تم اتخاذ القرار استجابة للتعليمات الدولية، وتطوير مستوى خدمات المطار، وكان طبيعيًا أن تنتهى كافة القضايا بالحفظ. مر مشروع مبنى الركاب الجديد بمطار القاهرة بمحطات في غاية الصعوبة، لكن بصبر الرجال عبر من الظلام الدامس إلى النور الساطع، وأصبح حقيقة شكلًا وموضوعًا في عهد شريف فتحى وزير الطيران المدني، والمهندس محمد سعيد محروس رئيس الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية، والمحاسب مجدى إسحق عازر رئيس شركة ميناء القاهرة الجوي.