وسط الزخم باحتفالات نصر أكتوبر 1973 على العدو الصهيوني، تغفل وسائل الإعلام معركة دموية مثّلت صمام أمان يوم العبور، قادها المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع المصري السابق. حكاية معركة المزرعة الصينية التي قادها مقدم أ.ح محمد حسين طنطاوي، يوم 15 أكتوبر الساعة الرابعة عصرًا، بدأت القوات الإسرائيلية هجومًا واسعًا ضد رجال الجيش المصري، علي مختلف المحاور التي تنتشر فوقها رءوس الكباري، وكان التركيز الشديد موجهًا أساسًا ضد "الفرقة 16 مشاة"، التي كانت تمثل میمنة الجيش الثاني الميداني، وتعد نقطة حراسة للجانب الأیسر من المفصل الموجود بین الجیشین الثاني والثالث. طوال هذه الليلة واصل الإسرائيليون موجات هجوم مضاد بكثافة ودون أي اعتبارات لما يتكبدونه من خسائر خصوصًا الهجمات التي توجهت ضد قوات اللواء المصري الذي یحمي الجانب الأیمن من الفرقة 16 مشاة. وقتها نجحت قوات اللواء المصري بالثبات في مواقعها، وصد جميع الهجمات المضادة التي وجهت إليهم طوال هذه الليلة، حتي ابتلع العدو الطعم ودفع بأثمن قواته، وحينها تحولت القوات المصرية من موقف الدفاع إلى الهجوم والانقضاض. وتمكنت قوات المقدم أ.ح محمد حسین طنطاوي، قائد الفرقة 16 من محاصرة قوات الاحتلال المهاجمة، ودمرت عددًا منها، بلغ وفق التقديرات ثلاث كتائب من الدبابات، وكانت تمثل أفضل القوات العاملة في فرقة شارون. دفع الإسرائيليون فیها -المزرعة الصينية- ثمنا غاليا ولم ینجحوا طوال المعركة الشرسة في هذا القطاع من احتلال الموقع المصري الذي كان هدفا للهجوم والسيطرة علیه، إلا بعد إقرار وقف إطلاق النار في 22 أكتوبر، وبعد ثلاثة أیام من القتال نجح الیهود في السيطرة على الموقع. وبعد 4 ساعات تمكنت القوات المصریة من استعادة الموقع مرة أخرى، وتطهيره وسحق ما فیه والسيطرة عليه، وبعدها بساعات جاء المد الأمریكي لإسرائیل على عجل، وتم الدفع بعتاد حديث لهذا الموقع لمهاجمة القوات المصرية. ما حدث في معارك هذه الليلة كان مشهدا من الصعب وصفه، فقد انتشرت آلاف الدبابات، وزحفت قوافل لا نهایة لها من التموين والذخيرة والوقود والجنود والمعدات للسيطرة على الموقع. واضطرت حكومة الإنقاذ بتل أبيب لتجنيد معظم طائرات الهليكوبتر لإجلاء جثامين القتلى والجرحى، وأطلقوا عليها "معركة الجحيم". يشار إلى أن "المزرعة الصينية" أطلق عليها هذا الاسم، لوقوعها في محيط مزرعة قامت اليابان بإنشائها للقوات المصرية، بعد نكسة 67، وأطلق حينها الاحتلال عليها المزرعة الصينية لتشابه اللغة الصينية واليابانية في طريقة الكتابة.