أسعار الذهب اليوم في ختام التعاملات المسائية.. اعرف آخر تحديث    عاجل.. انفجارات في تل أبيب وهجوم جديد بالطائرات المسيرة    نجوم 21 فرقة تضىء مهرجان «الإسماعيلية للفنون الشعبية»    موعد عرض الحلقة 15 من مسلسل برغم القانون.. «ليلى» تكتشف مخبأ أولادها    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    أمل جديد لمرضى القلب.. تصوير مقطعي لتقييم تدفق الدم    تعرف على أسباب استبعاد إمام عاشور من قائمة منتخب مصر    درجات الحرارة بمدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى في القاهرة 30    أمريكا...عضو بمجلس الاحتياط الاتحادي يؤكد استمرار مشكلة التضخم    "قومي المرأة" بالمنيا يناقش تفعيل مبادرة "بداية" لتعزيز التنمية البشرية وتمكين المرأة    واشنطن تعلق على قرار إسرائيل إعلان جوتيريش "شخصا غير مرغوب فيه"    أول تعليق من صلاح بعد قيادة ليفربول للفوز على بولونيا    ملف يلا كورة.. مواعيد مباريات السوبر المصري.. مفاوضات الزمالك مع راموس.. وتألق صلاح    جيش الاحتلال يشن 3 غارات على الضاحية الجنوبية في بيروت    حبس سائقي ميكروباص لقيامهم بالسير برعونة بالقاهرة    حقيقة مقتل النائب أمين شري في الغارة الإسرائيلية على بيروت    الانقلاب يدعم المقاومة الفلسطينية بتجديد حبس 153 شاباً بتظاهرات نصرة غزة ً وحبس مخفياً قسراً    حرب أكتوبر.. اكتئاب قائد المظلات الإسرائيلي بعد فقد جنوده أمام كتيبة «16 مشاة»    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    وكالة مرموش تكشف تطورات مستقبله مع فرانكفورت بعد وصول عروض مغرية    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    عيار 21 الآن بعد الارتفاع.. أسعار الذهب اليوم الخميس 3 أكتوبر بالصاغة (عالميًا ومحليًا)    رئيس مياه دمياط يؤكد ضرورة تطبيق أفضل نظم التشغيل بالمحطات لتقديم خدمة متميزة للمواطنين    حدث ليلا| حقيقة زلزال المعادي.. وحقوق المنوفية توضح تفاصيل واقعة سب أستاذ للطلاب بألفاظ نابية    قتلت زوجها بمساعدة شقيقه.. الجنايات تستكمل محاكمة "شيطانة الصف" اليوم    ضبط 400 كيلو أسماك مملحة غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    ضبط بدال تمويني تصرف فى كمية من الزيت المدعم بكفر الشيخ    ضبط تشكيل عصابي بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بطوخ بالقليوبية    جلسة نقاشية لأمانة الشئون النيابية بحماة الوطن بشأن أجندة التشريعات المرتقبة    نشرة التوك شو| الزراعة تتصدى لارتفاع أسعار البيض والبطاطس.. وتأثر النفط والذهب بالضربات الإيرانية    عبد العزيز مخيون يكشف تفاصيل مشاركته في الجزء الثاني من مسلسل جودر    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 3 أكتوبر.. «ثق بغرائزك واتبع مشاعرك الصادقة»    حظك اليوم| برج الميزان الخميس 3 أكتوبر.. «فرصة لإعادة تقييم أهدافك وطموحاتك»    وزير الصحة الأسبق: هويتنا تعرضت للعبث.. ونحتاج لحفظ الذاكرة الوطنية    "يد الأهلي ضد برشلونة وظهورعبدالمنعم".. مواعيد مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    مدرب الزمالك مواليد 2005 يشيد بلاعبيه بعد الفوز على سيراميكا كليوباترا    دمياط.. انطلاق فعاليات المبادرة الرئاسية بداية بقرية شرمساح    «احذر خطر الحريق».. خطأ شائع عند استخدام «الإير فراير» (تعرف عليه)    انتى لستِ أمه.. 4 نوعيات من النساء ينفر منهن الرجال (تعرفي عليهن)    الأحد المقبل.. وزارة الثقافة تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة بحفل موسيقي غنائي (تفاصيل)    استطلاع: هاريس تتقدم على ترامب في 7 ولايات متأرجحة    اغتيال صهر حسن نصر الله في غارة إسرائيلية على دمشق    عمرو موسي والسفير العراقي بالقاهرة يبحثان القضايا العربية على الساحة الدولية    خبير علاقات دولية: مجلس الأمن تحول إلى ساحة لتبادل الاتهامات    ضبط 3 أطنان لحوم حواوشي غير مطابقة للمواصفات في ثلاجة بدون ترخيص بالقليوبية    زوجة دياب تمازحه بال«وزة» ..وتعلق :«حققت امنيتي»    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الخميس 3 أكتوبر 2024    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024    رئيس جامعة المنوفية يصدر قرارا بندب الدكتور حسام الفل عميدا لمعهد الأورام    «رجعناهم بالبيجامات الكستور».. تعليق مهم من أحمد موسى في ذكرى انتصار أكتوبر    أمين الفتوى يحذر الأزواج من الاستدانة لتلبية رغبات الزوجة غير الضرورية    تنظيم ورشة عمل مهنية للترويح للسياحة المصرية بالسوق التركي    الكشف على 1025 حالة ضمن قافلة طبية في الفيوم    «وما النصر إلا من عند الله».. موضوع خطبة الجمعة المقبل    رئيس الوزراء: نعمل على تشجيع القطاع الخاص وزيادة مساهمته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«قُبلة»
نشر في فيتو يوم 25 - 03 - 2013

وصل القطار متهاديا بعد تأخير استمر أكثر من ساعتين، وعلى غير عادته كانت عربات القطار فى تلك الليلة الباردة أشبه بالخاوية، ومع ذلك تجمهر العشرات أمام الأبواب الحديدية، وقبل أن يستوى على قضبانه تلاحمت الأجساد فلم تعد تفرق لدقائق بين ذكر وأنثى، ولم أجد تفسيرا لهذا الزحام رغم وجود أماكن للجميع أو على الأقل لأغلب الراكبين، إلا أن يكون أمر التزاحم عند الركوب له علاقة بخبرة مرتادى عربات الموت الحديدية، فى الدرجة الثانية والثالثة، والتى يعنى البراح فيها أنك تستطيع الوقوف مكانك بكلتا قدميك.
ركبت مع الراكبين، وابتهجت كثيرا لأنى وجدت مكانا خاليا للجلوس، وهى من عجائب الزمان أن تجد مكانا خاليا فى عربات تلك الدرجة.
من محطة المنيا تحرك القطار مع الساعات الأولى للفجر، وفى مقعدى بجوار نافذة القطار جلست شاردا أتأمل صفحة الماء لترعة الإبراهيمية الواسعة، جذبتنى أشعة القمر الفضية وهى تختلط بأضواء الكشافات الكهربية الملونة، لترسم على سطح الماء المتحرك لوحة بديعة قوامها السحر والإبداع، لم أدرك تحرك القطار إلا بعد أن شاهدت شجرة الجميز الكبيرة، التى تقبع على شاطئ الإبراهيمية من ناحية شريط القطار بعيدا عن المحطة بمئات الأمتار.
عند نهاية العربة التى كنا فيها، تجمع أربعة من الشباب الصغار، كانوا فى مقتبل حياتهم الجامعية، أخذتنى من شرودى أصوات ضحكات عالية صادرة عن هؤلاء الشباب، نظرت لاستجلاء الأمر، فوقع بصرى عليه بأنفه الدقيق، وجبهته المنحوتة أعلى وجهه، وفمه الصغير الذى يبدو عليه أنه ذاق من الألم ما يفوق درجات الحسرة والمرارة، كان بأثماله البالية التى تظهر جسده النحيل، وتفضح فيه أكثر مما تستر، يقف بين هؤلاء الشباب مشدوها، ينظر إليهم، ولسان حاله يسأل عما يضحكون؟ وكان واضحا للجميع ما يحويه موقف هذا الطفل الصغير من ذلة ومسكنة، إلا بقايا من عزة أو كرامة تلمحها فى عينيه الضيقتين.
أما ما كان من أمره فقد سخر منه هؤلاء الفتية لتجرأه على تقبيل أحدهم بعد أن انحنى إليه إثر هزة من هذا الطفل النحيل للعملاق الذى يقف أمامه، ليعيره انتباهه، راجيا منه المساعدة.
بعد أن سئم الشباب السخرية من ذلك البائس الفقير، تركوه يمضى إلى حال سبيله، أكمل طريقه فى العربة ذاتها، وأخذ يتنقل بين كراسى الركاب، لم يكن ينطق، أو يطلب شيئا فقط هو يمضى بين الجالسين على الكراسى، يهز الواحد منهم، فما أن ينظر إليه حتى يطبع على خده أو جبهته قُبْلة، وإن لم يستطع طبع قبلة على يده أو على كتفه، مادا يده الأخرى فى إشارة إلى حاجته، كانت ردود فعل الركاب متباينة، فهذا يتأفف، وتلك تنهره على ما فعل، وذاك يسبه، ورابع يلعن آباء هؤلاء الذين يتركونهم هكذا دون رعاية، وآخر يحنو عليه بقطعة من نقود.
مع خطواته المتثاقلة الوهنة، وفى اتجاهه ناحيتى أحسست بالقلق، وتحسست جيبى لأجد أن ما تبقى لى من مصروفات قطعتين من النقود، لا تزيدان عن الجنيهين، تلمست إحداهما، ولكن ما لبثت شجاعتى أن خانتنى، عندما تذكرت المسافة التى يجب على أن أقطعها حتى أصل إلى مقر سكنى وكانت السيارة التى سأستقلها تحتاج إلى قطعتى النقود، تخاذلت يدى، حين تذكرت أنى قد أكون مكانه وأنا أتسول أجرة طريقى لو أنى لم أستطع سدادها لقائد السيارة، فآثرت نفسى عليه، ولما دنى منى طبع على خدى قبلة، فلم أملك غير قبلة طبعتها على جبينه، راجيا الله أن يسامحنى.. لأنى طمعت فى الجنيهين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.