عاطف الغمرى: على العسكرى أن ينظر للتجربة الأمريكية .. وعلى الشارع تكوين «لوبى» ضغط أوباما كسر قاعدة الاختيار.. والتمويل يحدد ملامح الرئيس القادم من أين يأتى الرئيس القادم لمصر؟ وماهى انتماءاته السياسية والحزبية؟..وهل من منافس للمؤسسة العسكرية ليشاركها فى انتاج الرئيس القادم لمصر..أم سيبقى الحال كما هو عليه؟وهل يمكن أن تتخلى المؤسسة العسكرية عن دورها السياسي داخل الدولة، وتقتصر فقط على دورها الدفاعي «التقليدي»بعد أن ظلت لسنوات عديدة تحتكر خط إنتاج رؤساء مصرمنذ ثورة يوليو1952والتى أسفرت عن طرد الملك فاروق وإنهاء الحكم الملكى وإعلان النظام الجمورى وذلك بداية من جمال عبد الناصر وأنور السادات وصولا إلى مبارك،وعلى مدار 30 عاما لم تشهد سماء المحروسة أى رئيس أخر. خبراء العلوم السياسية أكدوا أن النظم الديمقراطية هى الأوفر حظا فى إنتاج الرؤساء ولا يقتصر الانتاج على جهة واحدة كما هو الحال فى النظم الديكتاتورية،فهناك النقابات والأحزاب السياسية وجماعات المصالح والمستقلين،فالولاياتالمتحدةالأمريكية كنموذج شهدت44 رئيسا ذات توجهات وانتماءات سياسية وحزبية مختلفة, وذلك منذ تعيين جورج واشنطن كأول رئيس فى 1789 والتابع للحزب الفيدرالى, مرورا ب رونالد ريجان فى1981-1989والذى كان ينتمى للحزب الجمهورى, حيث كان من أشهر ممثلي هوليوود،والرئيس جيمى كارتر الذى جلس علي المكتب البيضاوي قادما من الحزب الديمقراطى فى1977-1981 حيث كان يعمل مزارعا للفول السودانى قبل توليه الرئاسة ووصولا إلى الرئيس الحالى باراك أوباما القادم من الحزب الديمقراطى فى2009 حيث أنه أول رئيس أمريكى من أصول أفريقية. المحلل السياسى عاطف الغمرى يوضح كيفية اختيار الرئيس فى النموذج الأمريكى،فيقول: بالنسبة لأمريكا لها وضع خاص فالنظام السياسى داخل أمريكا يختلف عنه فى أى دولة أخرى فى العالم ,بما فى ذلك الدول الغربية الديمقراطية،فهناك حزبان رئيسيان هما الحزب الجمهورى والديمقراطى ويجرى فى كل منهما سباق على الترشح للحزب بين مجموعة من أعضاء الحزب فى كل الولايات, وبتصويت من مندوبين عن الحزب فى كل ولاية, إلى أن يفوز أحدهما بترشيح حزب،وكان فى السابق يجرى هذا النظام على أساس أنه لا يمكن أن يفوز فى هذا السباق فى النهاية أو حتى يدخله من البداية إلا شخصا واحدا له مواصفات معينة ومحددة وهذا قبل وصول الرئيس أوباما للرئاسة،فالقاعدة تتمثل في أن المرشح سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا لابد أن ينتمى إلى ما يسمى فى أمريكا ب «المؤسسة» والمؤسسة هنا هى اسم معنوى بمعني (ان يكون أمينا على المبادئ الاساسية التى قامت عليها أمريكا وهى النظام الرأسمالى, وقوة أمريكا ليس فى الداخل فقط , ولكن أيضا فى الخارج ,وأن تكون الدولة الأولى فى العالم المهيمنة والإيمان بالقيم الأمريكية)وفى الغالب يكون المرشح من العائلات الكبيرة والعريقة فى السياسة الأمريكية والتى تحمل هذه القيم الأمريكية الثابتة مثل عائلة جون كينيدى وعائلة جورج بوش الغنية جدا،ولكن أحيانا ممكن أن يكون من العائلات التى تنتمى إلى الطبقة المتوسطة إذا كان قد بدأ حياته السياسية داخل حزب وأصبح لديه ممارسة سياسية وانتماء له ويتمتع بشعبية داخله مثل نيكسون حزب جمهورى أو بيل كلينتون حزب ديمقراطى. ولكن حدث لهذا النظام نوع من الانكسار بمجيء اوباما بمعنى أن ينجح شخص أسود ويدخل البيت الأبيض فهذا ضد القيم الأمريكية،وتغيرت طريقة اختيار الرئيس مع أوباما وذلك لعدة أسباب أبرزها:انكسار القوة العسكرية الأمريكية فى العراق وما احدثته من انقسام داخل المجتمع الأمريكى نفسه ,والتنبؤ بأن العالم كله تغير ولابد علي أمريكا ان تغير من سياستها الخارجية بسرعة حتى لا تقفد مكانتها فى العالم. بالاضافة الى ظهور قوة منافسة للولايات المتحدة وهى الصين. وبالنسبة لجماعات الضغط والمصالح داخل أمريكا مثل اللوبى اليهودى"الإيباك" يقول الغمرى إنها لا تحدد المرشح وإنما تقوم باختياره، حيث لا يمكن أن ينجح أى مرشح إلا بالتمويل لحملاته الانتخابية والتى تصل إلى الملايين هنا يظهر دور اليهود فى نقطتين: الأولى من خلال التمويل والثانية لابد للمرشح أن يصل بحملته الانتخابية إلى جميع الولاياتالأمريكية وهنا يأتى دور شباب منظمة الإيباك المنتشر فى كل الولايات والذى يتراوح عمره بين16-30سنة حيث يقومون بتوزيع منشورات على المنازل ويتكلمون فى التليفونات ويرسلون فاكسات وإيميلات كما يقومون بعمل مهرجانات فى الولايات للدعاية للمرشح وكل هذه التكاليف على نفقتهم الخاصة وهنا يصبح تحت يد المرشح جيش يعمل للترويج له. الغمرى يوضح أن جميع رؤساء أمريكا تلقوا الدعم من جانب "اللوبى اليهودى" والبعض تم إقصاؤه عن طريقة أيضا, فعلى سبيل المثال الرئيس جورج بوش الأب حيث حشدوا كل قواهم فى انتخابات ضده إلى أن خسر المعركة وذلك بعد حرب الكويت،والرئيس كلينتون الذى كان من أنصارهم وقاموا بدعمه حتى يكسب الانتخابات نكاية فى بوش الأب،وحين حاول كلينتون التنصل من سياساته التى تخدم مصالحهم قاموا بوضع خطة للإيقاع به من خلال القضية الشهيرة الخاصة بعشيقته مونيكا والقضاء عليه تماما حيث أن أباها كان يهوديا من حزب الليكود الاسرائيلى. وإذا نظرنا إلى دول أوروبا الغربية وأخذنا فرنسا على سبيل المثال نجد أنها تكونت من عدة جمهوريات متعاقبة, آخرها الجمهورية الخامسة التى تأسست منذ1959 حتى الآن ,والتى أسسها الجنرال شارل ديجول وكان بمثابة الأب الروحى لها, حيث كان رجلا عسكريا ينتمى إلى سلاح المشاة،وفرانسوا ميتيران فى1981-1995 والمنتمى للحزب الاشتراكى الفرنسى وصولا لنيكولا ساركوزى الرجل القوى فى اليمين الحاكم الفرنسى ورئيس الحزب الحاكم «حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية» حيث انتصر على منافسته بقوة حيث كان وزير للداخلية قبل أن يتسلم مهامه الرئاسية فى مايو2007. ويضيف:إذا اتجهنا الي دولة مثل الهند وهى إحدى دول العالم النامى وتتشابه معنا فى مستوى معيشى منخفض وقلة فى الناتج القومى نجدها أكثر وعيا ديمقراطيا منا فمن أشهر رؤسائها الدكتور أبوبكر زين العابدين عبدالكلام الذى يدعى ب «الرجل الصاروخى» حيث كان من أبرز علمائها ومهندسيها فى التسليح النووى والصاروخى الهندى والملقب»برئيس الشعب»وعلى الرغم من أنه أصبح رئيسا إلا أنه لم تكن له أى انتماءات سياسية أو حزبية وكانت فترة ولايته من2002-2007،ويحل عام 2007 بربيع التغيير على دولة الهند وتشغل ب«براتيبها باتل» منصب رئاسة الجمهورية, وهى أول إمرأة تشغل هذا المنصب من خلال حزب المجلس الوطنى الهندى، حيث حققت فوزا ساحقا على منافسها بهايرون سينغ شكاوات نائب الرئيس المنتهية ولايته.