كعادة غالبية الصحف الحكومية- التي نطلق عليها مجازا قومية- توجد زاوية مخصصة في كل مطبوعة تصدر عنها من المفترض أنها تعبر عن السياسة التحريرية للجريدة، البعض يستخدم تلك الزاوية للتعبير عن وجهة نظره العامة فيما يتعلق بمجريات الأمور في مصر، لكن الزميلة «الأهرام» التي يرأس تحريرها الزميل محمد عبد الهادي كان لها رأي آخر حيث خرجت علي قرائها في عددها الصادر بتاريخ 27 يونيو المنقضي في زاوية رأي الأهرام لتؤكد أنها اختارت البقاء في معسكر «المجلس العسكري» ضد الرئيس المنتخب بإرادة شعبية - وفي رواية أخرى بصفقة سياسية- حيث كتبت تحت عنوان « تحديات أمام الرئيس الجديد- ما لا يمكن وصفه إلا بخارطة الطريق التي تريد من الدكتور «مرسي» إتباعها جيدا وعدم الاجتهاد معها، فقد قالت «الأهرام» للرئيس المنتخب :أمام الرئيس الجديد مشكلة الانفلات الأمني، وسوء الأحوال الاقتصادية، وأزمة البطالة، وتدنى مستوى التعليم، وسوء الرعاية الصحية، وملف مياه النيل، وتراجع القطاع السياحي، وانخفاض الاستثمارات، خصوصا غير المصرية، وتراجع احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي بنحو 21 مليار دولار، ومن المؤكد والمنطقي أن الرئيس الجديد لن يستطيع وحده أن يحقق ذلك كله، وإنما لابد أن يسارع من الآن إلي المصالحة الوطنية بين كل الفرقاء وطي صفحة الماضي بما يتيح تضميد الجراح الناجمة عن معارك واستقطابات مرحلة الانتخابات، خصوصا أن فارق الأصوات بينه وبين المرشح المنافس ضئيل جدا، وهو ما يعنى أن هناك كتلة كبيرة من الشعب تنتظر الكثير من الرئيس الجديد. وفي إشارة منها للأحاديث -غير الرسمية-التي تؤكد مشاركة «مكتب الإرشاد» ل«مرسي» في الرئاسة نصحته «الأهرام» بالبعد تماما عن الانتماء لحزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، لأنه أصبح رئيسا لكل المصريين وحتى لا يقع في الخطأ نفسه الذي وقع فيه الرئيس مبارك - لاحظ أنها لم تقل الرئيس السابق أو «المخلوع»- المحبوس حاليا وزج به من القصر الجمهوري إلى سجن طرة. نصائح «الأهرام» حتى هذا الحد كان من الممكن أن تمر مرور الكرام ولا تسمح للشيطان بالدخول والتسلل، ولكن جاءت النصيحة الرابعة التي قدمتها «الأهرام» للرئيس الجديد لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنها أرادت توصيل رسالة له مفادها «نحن مع العسكري قلبا وقالبا» حيث قالت: «عليك عدم الاصطدام بالمجلس العسكري والمحكمة الدستورية العليا، وإنهاء حالة الاحتجاج التي تنادى من ميدان التحرير بعودة البرلمان وإسقاط الإعلان الدستوري المكمل حتى لا يكون هذان المطلبان عقبة في العهد الجديد».