السياسة هى فن «الممكن», فلا هى تعترف بالمستحيل ولا محترفوها يتنازلون عن مصالحهم قربانا لمبدأ أو مصلحة عامة, ومن هذا المنطلق يبدو الظن – وبعضه ليس إثما – بأن الإخوان يقفون وراء إشعال الموقف أمام السفارة الأمريكية على خلفية أزمة الفيلم المسيء إلى النبى الكريم, بغرض تمرير «طوارئ مكى» لاغتيال أهم مكاسب ثورة يناير. جمال زهران -النائب البرلمانى السابق واستاذ العلوم السياسية بجامعة الاسكندرية- يذكر بأن التظاهر السلمى لايعنى ابدا الاعتداء على حريات الآخرين, ملمحا الى ان الخروج عن السياق يمنح الحاكم الفرصة للانقلاب على مكتسبات الثورة، واهمها الغاء حالة الطوارئ, مشددا فى الوقت نفسه على ان القوى الثورية والسياسية فى مصر لن تقبل ابدا المساس بحق التظاهر السلمى، ولن تقبل طوارئ مكى الرامية لاجهاض هذا الحق. زهران موضحا ان العنف فى التظاهر مرفوض تماما وخاصة الموجه ضد السفارات الاجنبية لأن اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية تجبر الدولة المضيفة ان تحمى السفارات الموجودة على ارضها , يقول: كل السفارات خط احمر باستثناء السفارة الاسرائيلية لعدم شرعية هذا الكيان ورفض الشعب التطبيع. زهران اوضح خطورة التعدى على السفارات بتأثير ذلك على صورة مصر عالميا, خاصة بعد وقوع اربعة اعتداءات على السفارات فى فترة قصيرة وهى سفارات اسرائيل وسوريا والسعودية وامريكا, وكان اخطرهم الاعتداء على السورية لأن المتظاهرين كانوا سوريين ويريدون اقتحام السفارة واعلان اسقاط نظام حكم بشار الاسد واعلان دولة الجيش السورى الحرى وهو امر مخالف تماما للقانون الدولى المتعلقة بالاعتراف الدولى وشروطه . الاساءة للرسول مرفوضة ونرفض الفيلم المسىء كرفضنا لرواية شيطانية لسلمان رشدى، ولكن فى الوقت نفسه المساس بالسفارات الاجنبية مرفوض هكذا قال زهران محملا الاجهزة الامنية مسئولية ما حدث امام السفارة الامريكية، لأنها لم تقم بواجبها وتعاملت مع المتظاهرين وكأنهم راحوا لقتال الامريكيين فيها, فى حين تظاهر البعض أمام قصر الاتحادية وتساءل هل هؤلاء ذهبوا للقصر للتعدى على الرئيس مرسى ؟ مجيبا على تساؤله بالنفى , مشيرا للخدعة التى كانت تحاك بحق التظاهر السلمى مطالبا الدولة ممثلة فى الرئيس مرسى وحكومته بالاعتذار لواشنطن عما حدث ولغيرها من الدول التى تم الاعتداء على سفاراتها محذرا ان التعدى على السفارة الامريكية قد يترتب عليه سلوك مضاد من الولاياتالمتحدة. ووفق رؤية زهران فان صعود التيار الاسلامى فى دول الربيع العربى وخاصة مصر كان له دور تحريضى على الاعتداء على السفارة الامريكية , موضحا فمقارنة سريعة – بحسب زهران - بين واقعتى رواية سلمان رشدى «آيات شيطانية» وواقعة الفيلم المسىء يمكن استنباط هذا التحريض, ففى واقعة رشدى حدثت مظاهرات ولكنها كانت تحت السيطرة ولكن فى واقعة الاساءة للرسول لم تكن المظاهرات تحت السيطرة وكان فى الاولى مبارك يحكم وفى الثانية مرسى يحكم وكل ذلك بسبب بزوغ نجم التيارات الاسلامية وهو ما يؤكد انها لعبت دورا فى تدافع المصريين وتجرؤهم على الاعتداء على السفارات الاجنبية . تحول الرئيس مرسى الى ديكتاتور امر غير مستبعد, هكذا يرى زهران , مضيفا: اذا لم تنتبه القوى السياسية لما يحدث فالبيئة التى يصنع او يولد فيها الديكتاتور مازالت موجودة برغم الثورة فى الثقافة الاستبدادية والنفاق السياسى وتركيز السلطات وغياب الديمقراطية, فضلا عن جيش الاخوان الذى يلعب دور الوساطة بين الرئيس والشعب وتركيز السلطات فى يد «مرسى» بنصوص دستورية , وهذا امر خطير جدا خاصة وان قواعد الديمقراطية مازالت غائبة . الدكتور جمال زهران استبعد تماما عودة مجلس الشعب المنحل عن طريق القضاء الادارى كما يريد الاخوان, مرجعا ذلك الى ان المحكمة الدستورية ابطلته باحكام سليمة صدر مثلها فى انتخابات 84 19و 87 19, مطالبا بان يكون النظام الانتخابى كله اما بالقائمة او بالنظام الفردى لتحاشى عدم الدستورية والحكم بحل البرلمان .