خطاب الرئيس محمد مرسى أمام قصر الاتحادية وهو بين أفراد جماعته جاء مختلفا عن خطاباته السابقة،وبعيدا عن دلالاته السياسية،فقد كانت له من الدلالات النفسية ما يكشف كثيرا من سمات شخصية مرسى وفقا لما يقوله أساتذة علم النفس فى السطور التالية. «خطاب ارتجالى ملىء بالخطايا،غريب ،انفعالى جاء على الطريقة النابليونية فى فرنسا استحضرها الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية فى كلمته الى الأمة» ،بداية استهل بها الدكتور هاشم بحرى، رئيس قسم الطب النفسى بجامعة الأزهر، حديثه قائلا: مفردات الخطاب حديث فيه تعال ،ينبثق منه تهديد للمعارضين يجعله قاسيا معهم ،وفيه نعرة جديدة لمعارضيه ،خانه فيها الصواب فالفيصل بينه وبين خصومه هو القانون وليس تجميع السلطات الثلاث فى يده ليصبح ديكتاتورا كما كان نابليون يقول فى فرنسا «أنا الدولة والدولة أنا «. وأضاف: « مرسى أطل علينا بخطابه كأنه الرجل الأوحد فى الدولة والرأى الذى لا يقبل معارضة له وهذه خطيئة وممارسة غير ديمقراطية تلغى الفكرة الديمقراطية التى جاءت به كأول رئيس مدنى منتخب للبلاد بل فيه اعتداء سافر على حرية الشعب وتراجع شخصى من الرئيس عما أقسم عليه فى خطابه بالتحرير أمام عموم الشعب وما جاء منه فى قوله:إن أسأت فقومونى «. وعن تحليل مضمون الخطاب أوضح بحرى أنه خطاب تخوينى للآخرين وصادم للخصوم السياسيين لأن فيه اتهام لهم بالعمل على إسقاط الدولة وأنه خطاب يعكس تناقضا لأن أسوأ ما فيه أنه يستنسخ ما كان مرسى وجماعته ينتقدونه فى النظام السابق ويحمل نفس أفكار نظام مبارك فى تبرير الفشل ،ويؤكد أنه لا فرق بين مبارك وحاشيته ومرسى وبطانته. وعن حركة يد الدكتور مرسى التى لازمته طوال خطابه يفسرها الدكتور بحرى بأن مرسى لا يجيد التفكير العلمى المنسق وخطواته الفكرية غير منضبطة ولا ترتبط بتسلسل منهجه فى الكلام أثناء خطابه الذى جاء ارتجاليا ،وليس مكتوبا كما أن حركته المتواصلة على المنصة التى ألقى منها خطابه وتحركه شمالا ويمينا ووجهه الغاضب يدل على حيرته وقلقه وانفعاله عن طريق التواصل غير اللفظى مع مجموعة الإخوان من مريديه عن طريق نبرة الصوت العالية والمستمرة وتغيير وجهه والدوران حول نفسه كثيرا ويكشر دائما دون أى مناسبة لأنه مدرك أن هناك أمرا جلل فجره إعلانه الدستورى. «خطاب مرتجل» وفقا لوصف الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسى بالأكاديمية الطبية – قائلا : تكررت فيه ألفاظ الجمل أكثر من مرة ولم يضع الرئيس فى ذهنه مسبقا ما يقوله وكرر نقاطا بعينها وجدها المنقذ له دائما ،واستخدم فى خطابه السم المدسوس فى العسل عندما عزف على أوتار إقالة النائب العام ومعاش لأسر الشهداء وإعادة محاكمة المتورطين فى موقعة الجمل لكنه اغتال الدستور عندما جعل كل ما صدر عنه من قرارات محصنا وغير قابل للطعن عليها كما أن حركة يد الرئيس المتكررة تعبر عن مدى الغضب الداخلى فى نفسه وبما يدور حوله من قرارات دائما يواجهها المجتمع بالرفض أو يسقطها القضاء . الدكتور فرويز أضاف :إن عدم ذهاب الرئيس الى ميدان التحرير يرجع لخوفه على حياته بعد سوء الأداء الذى أحاط بمصر فى ظل وصول الإخوان خاصة أن هذه القرارات التى اتخذها كان يمكن أن يفعلها مرحليا على فترات زمنية متباعدة لكن الصيغة التى أخذها لم يقنع بها الشعب وكأنها تسير على خطى الإخوان وما على الشعب إلا السمع والطاعة وبما يعنى أن هناك تطبيقا لقانون الطوارئ دون أن يتم فرضه تصريحا لكن مفردات الخطاب تؤكد عليه تلميحا كما أن هناك إقصاء للمحكمة الدستورية العليا . «أسوأ ما فى الخطاب أنه لجماعة الاخوان فقط من رئيس مفترض فيه أنه رئيس لكل المصريين» ،هكذا أوضح فرويز متفقا مع الدكتور هشام بحرى فى أنه خطاب مرتبك وانفعالى وفيه تناقض مع ما تعهد به الرئيس نفسه وفيه استقواء بفصيل على المصريين , خاصة أنه كان بمقدوره أن يلقيه على الأمة من ستوديو الرئاسة وينقل لها بالتليفزيون ليكون للمصريين جميعا، بدلا من القائه بطريقة تؤكد انتماءه لجماعته وتواصله معها ومع الاسلاميين فقط.