◄د. عزة حجازى: تواجه تحدى تخويف الناس منها.. ود. جمال فرويز: التخلص من النرجسية أول الطريق لكسب ثقة الشعب عاشت جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها على يد الشيخ الإمام حسن البنا عام 1928 وحتى وقتنا هذا أوضاعا متقلبة تبدأ دائما بالتحالف مع النظام الحاكم وتنتهى بالخروج عليه، فيكون مصير أعضائها داخل المعتقلات وخلف القضبان، يقضون فيها من أعمارهم ما كتب الله لهم، حتى أصبح أعضاء الجماعة يفاخرون بتاريخهم فى المعتقلات وبما قدموه لصالح العمل السياسى والدينى، كما يفاخرون بجهدهم الاجتماعى والثورى، الذى يستندون إليه فى كسب تعاطف العامة وودهم. واقترنت جماعة الإخوان المسلمين قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير بالعمل السرى المحظور، وسعى جميع رؤساء مصر السابقين إلى تهميشها وإقصائها من المشهد السياسى، فنجد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يتهم قيادات الجماعة بالسعى لإسقاط الثورة للوصول للحكم، على الرغم من أنهم ساعدوا فى البداية على إنجاح ثورة 1952 وكان مصيرهم داخل المعتقلات، وجاء نظام الرئيس الراحل أنور السادات الذى زاد من أعدادهم داخل السجون واتهمهم بالسعى لقلب نظام الحكم، وفى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك لم يتبدل الوضع كثيرا، وكان التهميش والإقصاء من نصيب الجماعة، فيما كانت السيطرة لقيادات الحزب الوطنى المنحل. بعد ثورة 25 يناير تبدل المشهد تماما، وتحول عمل أعضاء الجماعة من الخفاء إلى العلن حتى أصبحنا أمام فصيل سياسى لا يمكن إنكار وجوده، خاصة بعد تصدره المشهد السياسى، الأمر الذى أثار العديد من علامات الاستفهام والمخاوف حول طبيعة علاقة جماعة الإخوان مع مؤسسات الدولة، وهل ستنعكس الفترات التى عانوا فيها من القهر والتهميش إلى نوع من الاستبداد حال وصولهم للسلطة. الدكتورة عزة حجازى، أستاذة الطب النفسى، ترى أننا نعيش الآن فى مرحلة جديدة من العلاقة بعد الثورة بين الشعب وجماعة الإخوان المسلمين بعد تصدرها للمشهد السياسى بقوة، وفى تلك الحالة ووفقا لما ينص عليه الطب النفسى لا يجوز حصر سلوك إنسان فى فترة ما من حياته عانى فيها من الظلم والقهر والاستبداد وتصور أن ذلك سينعكس سلبا على علاقته بمن حوله، وتضيف: الجماعة الآن لم يعد أمامها خيار آخر سوى، أن تبدأ عهدا جديدا مع الشعب تحاول فيه أن تتودد إليهم وتتقرب منهم، وذلك لعدة أسباب، أولها ضمان استمرارها فى الحكم أطول فترة ممكنة من خلال أعضائها الآخرين عقب الأربع السنوات الأولى، وثانيا أن الشعب أصبح أكثر يقظة ولن يسمح بتعرضه للظلم مرة أخرى أو أن يحكمه رئيس أقواله ليست كأفعاله كما حدث من قبل. وتشير حجازى إلى أن تأزم الموقف السياسى الذى أتى بالجماعة فى صدارة المشهد، سيجعلهم يبذلون قصارى جهدهم للظهور فى ثوب جديد، محاولين محو صفحة قديمة مضت سطرتها الأنظمة السابقة على تخويف وترهيب الناس منهم، وأضافت أن الجماعة ستسعى لتبديل تلك الصورة من أذهان العامة لتظهر أفضل ما لديها، خاصة أن الناس أصبحت مترصدة لهم. الباحث والطبيب النفسى الدكتور نائل السودة يرى أن جماعة الإخوان المسلمين كغيرها من الفصائل الموجودة فى المجتمع لم تعتد بعد على ممارسة الديمقراطية، وهذا تجلى واضحا خلال ممارستها القصيرة فى مجلس الشعب المنحل وأيضا خلال موقفها تجاه المخالفين لخطها السياسى بأنهم الأقلية أصحاب الرأى الديكتاتورى، ويضيف السودة أن تحليل الجانب النفسى فى شخصية الإخوان المسلمين وكيفية تعاملهم مع مؤسسات الدولة يستلزم إجراء دراسة على هذا الفصيل، وهذا لم يحدث بعد فى المجتمع المصرى. الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى والصحة النفسية، يستبعد تماما فكرة ممارسة الجماعة للعنف والاضطهاد الذى عانت منه طوال العهود السابقة فى صورة الاستبداد على الشعب، خاصة أن مشكلتها الحقيقة وصراعها كان مع الأنظمة الحاكمة وليس الناس، فلم نسمع يوما عن دخولهم فى مشكلة سياسية أو اجتماعية مع الأفراد العاديين، ولكن كانت كلها مع الأنظمة التى تعمدت قمعهم وإخفاءهم فى الجحور. ويشير فرويز إلى أن الجماعة ستبذل قصارى جهدها لكسب ود الناس فى الفترة الأولى، وبالتالى ستركز على أولى أولوياتهم، وهى تحسين الوضع الاقتصادى الذى عانى من التدهور طوال الفترة الماضية حتى يثبتوا نجاحهم فى تلك المهمة ليتمكنوا من كسب تأييد الناخبين فى الانتخابات البرلمانية القادمة. ويرى فرويز أن الإخوان المسلمين سيحاولون خلال الفترة المقبلة التخلص من نرجسيتهم، خاصة أن المعروف عنهم هو أن ثقتهم بأنفسهم وبجماعتهم أكبر من أى شىء، وسيسعون للتقرب من الشعب بتياراته السياسية المختلفة، خاصة تلك التى قامت بتأييد مرشحهم فى الانتخابات الرئاسية.