أكدت دراسة جنائية حديثة عن تأمين الانتخابات البرلمانية والرئاسية بعنوان «الهاجس الأمنى، العنف المتوقع، الضحايا، العزوف فى ضوء الجريمة المنظمة والمعدة سلفا فى حالة ما إذا فشل التوريث»، أن معدلات الجريمة ما بعد الثورة لم تشهد زيادة ملحوظة، لكن هناك شعورا نفسيا بعدم الأمان والخوف من القادم بين المصريين، حيث وصلت معدلات الخوف والرعب إلى نسبة 38%. وتناولت الدراسة صناعة الجريمة فى مصر، وقسمتها إلى جرائم ما بعد الثورة وجرائم الانتخابات وجرائم تقليدية تلقائية. وأشارت الدراسة إلى أن الحماية الأمنية المباشرة للمصريين بعد سقوط المخلوع تتمثل فى جهات رئيسية، هى المجلس العسكرى الأعلى للقوات المسلحة، ووزارة الداخلية والأمن الذاتى واللجان الشعبية. أما الحماية الأمنية غير المباشرة فهى وصول البلطجية إلى حالة تشبع منذ 25 يناير حتى الآن، وانشغالهم فى أعمال الدعاية للمرشحين فى الانتخابات البرلمانية، وعدول كثيرين عن أعمال البلطجة وزيادة معدلات ضبط النفس. الدراسة التى أجراها خبير العلوم الجنائية ومسرح الجريمة اللواء رفعت عبد الحميد، أكدت أن الانتخابات البرلمانية قد تمر بسلام، ولا تشهد زيادة فى معدلات الجريمة عن الدورات السابقة، أسوة بما تم فى الاستفتاء على الدستور وتأمين لجان الثانوية العامة والكنترول، لكن لكى يحدث ذلك لا بد من بعض الإجراءات المهمة، كإلغاء الحصانة خارج البرلمان، وتخفيض ميزانية المجلس إلى النصف، وإلغاء الامتيازات العينية «القروض، والجوازات الدبلوماسية، والإعفاء من تطبيق قانون المرور، وتراخيص السلاح» وعدم التمييز أيضا بين النائب والمواطن. الدراسة تناولت ما سمته سيناريو الجريمة المنظمة، قالت فيه إن هناك حكومة خفية تدير جريمة منظمة تعمل على هدم الدولة وإشاعة الفوضى وتستهدف الأمن المصرى والمجلس العسكرى والأقباط والاحتجاجات الفئوية. وبالحديث عن ثقافة الأمن الذاتى رأت الدراسة أن الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية «الإخوان، والسلفيين»، وشباب الثورة، والقوى الصامتة، هى الأقدر على تبنى هذه الثقافة حاليا، كما أن الفترة القادمة ستشهد إقبالا شديدا على التصويت من الشباب والأحزاب المستقلة، لم يسبق له مثيل، وسيكون منظما تزيد نسبة التصويت فيه لتتجاوز 50% لا 14%. وحاولت الدراسة التركيز على الانفلات السياسى والأخلاقى والإعلامى، وقالت إنه أهم كثيرا من الانفلات الأمنى، مشيرة إلى أن الاحتجاجات الفئوية تعرقل الجهود الأمنية. أما عن صناعة الجريمة المصرية، فأكدت الدراسة أن الثورة المصرية لم تصنعها، لكنها الحكومة الخفية فى طرة التى تصنع الأزمات المتتالية وتدير الأمور كما تشاء. الدراسة أوصت بضرورة التنسيق مع الجيش والشرطة فى مسألة اللجان الشعبية لمواجهة البلطجية للمساعدة على انخفاض معدلات الجريمة. وطرحت الدراسة تساؤلا حول ما إذا كانت الجرائم الجنائية زادت فى مصر بعد قيام ثورة 25 يناير حتى اليوم.. وهل كان الفراغ الأمنى سببا فى ذلك، فتوصلت إلى أن نسبة معدلات الجريمة بعد الثورة أقل بكثير من معدلات السنين الماضية والزيادة التى حدثت هى زيادة نفسية فقط. ورأت الدراسة أنه كلما اقتربنا من جدية الانتخابات البرلمانية وإعلان النتائج، ستنخفض معدلات الجريمة إلى ما يقرب من النصف، وبعد إعلان اسم رئيس الجمهورية ستعود إلى معدلاتها الطبيعية قبل ثورة 25 يناير، ويقال عنها «جرائم ما بعد الثورة». وأشارت الدراسة إلى أنها جرائم كانت مدبرة من قبل النظام السابق فى حالة فشل التوريث، وعادة تبدأ سلمية، ثم تتحول إلى فوضى ثم إلى جريمة منظمة ثم حرب أهلية. وطالب اللواء، فى دراسته، المصريين بعدم إلقاء اللوم على الأمن المصرى، لأنه ليس مسؤولية شخصية لوزارة الداخلية بمفردها، وإنما عليهم مراجعة التشريعات الجنائية القاصرة والمعيبة التى تعجز قوات الأمن عن أداء عملهم، فهو لا حول له ولا قوة، لا يستطيع القبض على المغتصب القابع داخل هيكل سيارة متروكة بالطريق العام، اتخذها مكانا للاغتصاب، دون إذن من النيابة العامة، مشيرا إلى أن الزيادة الملحوظة فى معدلات الجريمة فى السنوات الأربع الأخيرة، سببها وجود موانع قانونية تمنع الضبط داخل المنازل، وما فى حكمها. وتوقعت الدراسة أن تكون جولة الإعادة لأكثر من 55% من الدوائر الانتخابية، لعدم حصولها على النصاب القانونى 50% + 1، وأن تغير القوى الصامتة الموازين فى الصناديق، وتحدث مفاجأة لجميع الأحزاب السياسية، خصوصا ذات المرجعية الدينية وارتفاع ملحوظ فى نسب الحضور والإقبال، وكذلك الأصوات الباطلة. الدراسة توقعت أيضا أنه من الممكن أن تتوقف الانتخابات فى بعض الدوائر، حقنا للدماء، إذا زاد عدد القتلى على 200، ويمكن أن يستمر التوقف لأكثر من سنتين «كالجمرك والمنشية» بالإسكندرية. الدراسة رأت أن الخوف ليس من الهاجس الأمنى بقدر ما هو خوف من هاجس الأحزاب ذات المرجعية الدينية. وعن معدلات نشاط المرأة المجرمة بعد الثورة، قال إنه فى أثناء فاعليات الثورة انعدمت معدلات الجريمة تماما عن المرأة المجرمة، لكنها تنتظر أن تنجح الثورة وتستقر الأمور ثم تحدد نشاطها الإجرامى بجدية وتفان، فقد ترتكب جرائمها بكامل نشاطها كما كان قبل الثورة، التى تتمثل فى البلطجة الانتخابية والقتل بالسم وتجارة المخدرات وخطف الأطفال.