التيار الإسلامى عبر عن رأيه فى أحداث ماسبيرو الدامية من خلال بيانات أصدرها، معتبرا إياها وقعت بسبب أصابع خفية تلعب فى استقرار وأمن مصر وأن المخرج من ذلك هو دعوة العقلاء من الأطراف المتشابكة إلى حالة من ضبط النفس والتروى، وحثوا المجلس العسكرى على سرعة إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها، حيث إنها المعبر الأول لدخول البلاد إلى مرحلة الاستقرار. من جانبها قالت جماعة الإخوان المسلمين إن هناك احتقانا لدى الأقباط نتيجة ما يدعونه من ظلم وتهميش، وأن هذا الظلم الذى يدعونه قام به نظام فاسد مستبد لم يحترم الدين ولا الأمانة، وطال المصريين جميعا، ولا يخفى على أحد أن الإخوان المسلمين تعرضوا لأضعاف أضعاف ما تعرض له الآخرون، ومن ثم لا يجوز أن تكون هذه الفترة الحرجة من تاريخ البلاد ظرفا لتنفيس الاحتقان أو تصفية الحسابات، ومن نظام حالى مؤقت لم يكن هو السبب فى ما جرى بالماضى. وقالت «الإخوان» فى رسالة وجهتها حملت اسم «نداء من الإخوان إلى العقلاء»: إن المطالب المشروعة لها قنواتها ولها طريقتها، ولها وقتها الذى يناسبها، والشعب المصرى كله له مطالبه المشروعة لا الإخوة الأقباط فقط. وأكدت «الإخوان» فى رسالتها أن هذا الوقت ليس مناسبا للمطالبة ببعض المطالب، فالحكومة الحالية حكومة مؤقتة والظروف العامة غير طبيعية، والحكمة تقتضى الصبر وانتظار الحكومة المنتخبة من الشعب التى تستمد شرعيتها منه، وتلبى مطالبه العادلة والمشروعة، لا سيما أننا على أعتاب الانتخابات الحرة التى نتطلع إليها، والتى ينبغى التعجيل بإجرائها للوصول بالبلاد إلى حالة الاستقرار والشرعية الشعبية والدستورية وإقامة حياة ديمقراطية سليمة. كما رفضت جماعة الإخوان المسلمين ما نسب إلى كلينتون من عرضها المساعدة بقوات أمريكية لحماية الكنائس والمناطق الحيوية فى مصر، واعتبرت «الإخوان» أن هذا العرض المشبوه محاولة صريحة لاحتلال مصر احتلالا مباشرا. وتخشى جماعة الإخوان أن تكون الرغبة العدوانية الأمريكية وراء الأحداث المؤسفة التى وقعت أمس، محذرة أمريكا من أنها إذا فكرت فى تنفيذ ذلك، فلتعلم أن الشعب المصرى كله سيقاوم هذا العدوان بكل ما أوتى من قوة، وإن كانت تريد مصلحة الإخوة الأقباط فلتعلم أنهم إخواننا وهم أقرب إلينا منهم، ونحن مأمورون بحمايتهم وحماية كنائسهم بنص القرآن الكريم. وطالب الإخوان، العقلاء بالتدخل لإطفاء نيران الغضب وإحياء روح الأخوة التى صاحبت ثورة 25 يناير وعودة اللحمة إلى النسيج الوطنى الواحد الذى يبرز عظمة الشعب المصرى وسرعة التحقيق فى ما جرى وإعلان النتائج بمنتهى الشفافية، وإعلاء سيادة القانون فوق كل الأشخاص وكل الاعتبارات حتى ينال كل مخطئ جزاءه العادل. ودعت جموع الأقباط إلى عدم إعطاء الفرصة لأعداء الوطن فى الداخل والخارج لإثارة الفتن والقلاقل وأكدت أن الذهاب إلى الانتخابات وإجراءها وفق جدول زمنى مناسب تتفق عليه القوى الوطنية هو سبيل الاستقرار. كما شددت على وسائل الإعلام أن تتحلى بالمصداقية والأمانة والشفافية والدقة فى نقل الأخبار كما طالبوا بسرعة إصدار قانون العزل السياسى لكل من أفسد الحياة السياسية، حتى نجنب البلاد البلطجة والفوضى، خصوصا إبان إجراء الانتخابات مع بذل كل الجهود من القوات المسلحة والأمن لحماية العملية الانتخابية، مع إعلان جماعة الإخوان المسلمين عن استعدادها لتشكيل لجان شعبية أو المشاركة فيها للمساعدة فى تحقيق هذا الهدف الوطنى النبيل. من جانبها، قالت الجماعة الإسلامية إنها «لم تعجب كثيرا مما حدث أمس».. هكذا عبرت الجماعة عن رأيها فى أحداث ماسبيرو الدامية، لأنه أصبح -على حد قولها- سيناريو متكررا يبدأ بحادثة استفزازية متعمدة فى أطراف البلاد يصحبها قيام بعض السذج بالتفاعل معه، ثم تحدث المظاهرات والاعتصامات ثم الاشتباكات ثم تدخل أقباط المهجر وطلب التحقيق الدولى والحماية الدولية. هذا السيناريو الذى وصفته الجماعة بالمتكرر والمحفوظ قد أخذ منحا خطيرا لا يمكن السكوت عنه، لأن سقوط هذا العدد فى صفوف الجيش واستخدام السلاح ضده فيه خروج خطير وكبير عن النص. الجماعة نفت فى بيان لها حمل اسم «هل يحرق متطرفو الأقباط البلاد»، حدوث أى تدخل فى الأحداث من قبل القوى الإسلامية بأى شكل من الأشكال حتى تفوت الفرصة على إكمال السيناريو بتصوير وجود فتنة طائفية فى البلاد. وأكدت الجماعة أنه على الرغم من وقوفها بعيدا عن المشهد فإنها تنتظر أن يأخذ القانون مجراه وأن تصدر قرارات وأحكام رادعة لهؤلاء المتطرفين مهما كانت انتماءاتهم ومكانتهم، كما أننا «لن نتدخل فى المشهد إلا إذا وصل الأمر لمحاولة إحراق البلاد وتعطيل مسيرة الثورة لجنى مكاسب خاصة» كما أنها لن تسمح بالصدام مع الجيش ولن تسمح بحرق البلاد وأن من يلعب بالنار هو أول من سيشتعل بها. وأضافت الجماعة فى بيانها أنه على الرغم من خروج عدة مليونيات منذ الثورة وحتى الآن وخروج آلاف المظاهرات الفئوية والاعتصامات فإننا لم نسمع عن حدوث اشتباكات مع الجيش المصرى وقتلى فى صفوف الجيش المصرى وإحراق مدرعاته إلا مع بعض الفئات التى لها أجندات خاصة مدعومة خارجيا، وهذه أول مرة فى تاريخ مصر الحديث يتم فيها الاعتداء على الجيش المصرى من بعض المتطرفين، فالجيش المصرى لم يقتل منه أحد إلا بأيدى إسرائيلية فقط، ثم هذه الحادثة الخطيرة التى تعدت كل الخطوط الحمراء للوطن. كما استنكر البيان تباطؤ الجيش فى تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة وأخذ بعض القرارات التى تخالف الإجماع الوطنى، وأنه لا مخرج من هذه الأزمات المتلاحقة إلا بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة دون تباطؤ بنفس الخط الذى رسمه الشعب. وطالبت الجماعة فى بيانها القوى الإسلامية والليبرالية واليسارية وحكماء وعقلاء الأقباط أن يعلنوا رفضهم القاطع لسياسة الصدام مع الجيش، ومن ثم طلب الحماية الدولية والوقوف جميعا صفا واحدا أمام محاولة إحراق البلاد ومحاولات إيقاف المسيرة وتعطيل الانتخابات وتسليم السلطة. وقال صفوت عبد الغنى القيادى بالجماعة ل«التحرير» إن هناك مجموعات تحرك بعض الأقباط لخلق حالة من الفوضى تعوق التحول الديمقراطى فى البلاد، وهم يسعون إلى تحقيق ذلك بمختلف الطرق، لكنهم فشلوا، لأن الشعب المصرى لن يسمح بالتدخل الخارجى وسيظل ملتفا حول أهداف الثورة. قال الشيخ محمد مختار المهدى رئيس الجمعية الشرعية، إن أحداث ماسبيرو كانت متوقعة، ولكن لم تكن متوقعة بتلك الصورة العنيفة التى حدثت لأن فلول النظام السابق رؤوا قرب موعد الانتخابات والإعلان عنها فأعدوا العدة للسيطرة على البلد، فتعاونوا مع أعداء الوطن فى الداخل والخارج من أجل إحداث الفتنة. وطالب الشيخ المهدى جموع المصريين بأن يستشعروا المخاطر الداخلية والخارجية التى تحيق بالبلاد، حيث أعلنت أمريكا من قبل على لسان كوندوليزا رايس أنها تسعى إلى إحداث الفوضى الخلاقة فى الشرق الأوسط ليخرج منه شرق أوسط جديد معد لحساب إسرائيل كما حدث فى السودان والعراق. الشيخ المهدى قال إن الذى ساعد على حدوث ذلك هو تدفق المعونات الخارجية إلى بعض العناصر لإحداث المشاغبات، كما أن الانفلات الأمنى فى مصر أتاح للجميع أن يكون معه سلاح. ودعا الشيخ الأمة إلى توحيد جهودها، حيث إن الخطر سيلحق بالجميع، ولن يستثنى أحد، مذكرا إياهم بأن النظام السابق كان وراء فتنة الإسكندرية، وهذا ما ظهر فى التحقيقات بأن هذا هو أسلوب النظام المتبع لإحداث الفتنة بين المسلمين والمسيحيين. واعتبر أن المطالب الفئوية ليس هذا وقتها، وشعور كل فصيل بأنه إذا لم يحصل على حقه الآن فلن يحصل عليه بعد ذلك، وهذا شعار تكمن وراءه فئات لا تريد لمصر الاستقرار وأن المخرج من ذلك هو التوحد والتوعية الدائمة بالمخاطر المترتبة على هذا السلوك من قبل رجال الدين المسلم والمسيحى وأن الخطر إذا جاء فلن يستثنى مسلما أو مسيحيا وإنما يحرق الجميع، كما أن على وسائل الإعلام أن تتحرى فى نقل الخبر، ولا تغالى فى ما يحدث وتهول منه. من جانبها أدانت «مشيخة الطرق الصوفية» الأحداث التى وقعت الليلة الماضية فى منطقة وسط القاهرة، وأمام مبنى ماسبيرو، وحذرت من الانزلاق فى فخ مخططات لا تريد لمصر خيرا أو أمانا أو استقرارا.. ووصف الدكتور عبد الهادى القصبى شيخ مشايخ الطرق الصوفية، فى بيان له أن أى تجمعات طائفية أو فئوية فى هذه المرحلة الانتقالية، التى تقوم فيها القوات المسلحة بعملية نقل السلطة إلى نظام منتخب بطريقة ديمقراطية، بأنها تصب فى غير مصلحة الوطن. كما طالب القصبى، بسرعة إجراء التحقيقات اللازمة للكشف عن ملابسات الأحداث، مناشدا شعب مصر العظيم باليقظة والحفاظ على وحدته الوطنية.