يعتبر التقويم المصري القديم أحد أدق التقويمات التي اعتمدها البشر وهو يسبق الهجري والميلادي وما زال أهالينا في الأرياف والصعيد يعتمدون عليه في الزراعة والحصاد قديما اعتمد أجدادنا قدماء المصريين على الشهور القبطية، لتحديد الشهور الحارة والأخرى الباردة، وأيضا ارتبط الأمر بالزراعة والحصاد، ويتناقل أهالينا في محافظات الصعيد والريف أمثال عن هذه الشهور، فيقولون عن بؤونة الذي بدأ اليوم السبت، ويستمر حتى يوم 7 يوليو المقبل، «بؤونة نقل وتخزين المونة»، وذلك لأنه شهر تخزين الحبوب والمحصول، إلا أنه أيضا يطلق على «بؤونة تكتر فيه الحرارة الملعونة»، ليكون ضيفا ثقيلا على مصر، وكأنه يدعم الارتفاع العالمي في درجة الحرارة، وظاهرة الاحتباس الحراري. وبسبب سياسات الدول الصناعية واستمرار انبعاث الغازات، يشهد كوكبنا تغيرا مناخيا يمثل تهديدا قويا للبشر خلال القرن ال21، وهناك تنبؤات بأن الأعوام المقبلة ستشهد ارتفاعا أكبر في درجات الحرارة، ما يؤثر على عمل الفرد وإنتاجه، بحسب دراسة علمية حديثة.اقرأ أيضا| طقس اليوم مائل للحرارة.. وسقوط أمطارويشتهر بؤونة وبسبب سياسات الدول الصناعية واستمرار انبعاث الغازات، يشهد كوكبنا تغيرا مناخيا يمثل تهديدا قويا للبشر خلال القرن ال21، وهناك تنبؤات بأن الأعوام المقبلة ستشهد ارتفاعا أكبر في درجات الحرارة، ما يؤثر على عمل الفرد وإنتاجه، بحسب دراسة علمية حديثة. ويشتهر بؤونة كل عام بارتفاع درجات الحرارة وشدة القيظ، ومن المفارقات أن ربط أجدادنا قدماء المصريين للشهور بالمناخ ومنحها رمزا خاصا لحالة الطقس، أمر ثابت لا يتغير بمرور السنين رغم التغيرات العالمية في المناخ، إذ يحتفظ كل منها بصفاتها المناخية التي على أساسها نظم الفلاح المصري الدورة الزراعية. ويحل ترتيب شهر بؤونة عاشرا بين التقويم القبطي المصري القديم -ويبلغ عددها 12 شهرا- ويقع ما بين شهري بشنس وأبيب، ويحل في الفترة ما بين 8 يونيو و7 يوليو من كل عام، وهو الشهر الثاني في موسم الحصاد (الشيمو)، وفيه يبدأ جني وحصاد المحاصيل من الحقول والمزارع، ومعروف أن التقويم المصري القديم يسبق التقويمين الهجري والميلادي، ورغم أنه كان يبدو أن التقويم يخص مصر وحدها إلا أنه يشمل بعض دول وادي النيل التي ما زالت تستخدمه حاليا. وعندما ربط الفلاح المصرى الشهور القبطية بأمثاله الشعبية فقد جاء ذلك لما لها من ارتباط بالزراعة، من حيث فيضان النيل وجفافه وزراعة المحاصيل وحصدها، الأمر الذي عززته تكنولوجيات الزراعة واستخدام الآلات وتنوع المحاصيل عن المحاصيل الحقلية التقليدية، ومنذ عقود قديمة وحتى الآن، يزرع الفلاحون في شهر بؤونة الباذنجان، كما أنه في هذا الشهر ينضج التين ويكون فيه أطيب منه في سائر الشهور، وينضج العنب الفيومي، الخوخ الزهري، الكمثري، القراصيا، القثاء، البلح، الحصرم، ويطيب التوت الأسود، وفيه يطلع النخل، ويقطف جمهور العسل فتكون رياحه قليلة. كما أنه في الوجه البحري يتم زراعة الذرة الشامي النيلي، السمسم، السمار، وفي الوجه القبلي زراعة الذرة الشامي والبطاطا، كما تزرع اللوبيا، الفاصوليا، البطيخ، الشمام، الخيار، الكوسة، القرع العسلي، الملوخية، الرجلة، البامية، الطماطم، الباذنجان، الفلفل، ويستمر شتل الكرنب والقنبيط والكرفس والكرات، وفسائل الخرشوف، وتجهز الأرض لزراعة الفراولة والمحاصيل الشتوية المبكرة، ويستمر تطعيم المانجو وترقيد النباتات, وتسميد الشتلات والعقل الصغيرة، وجمع الخوخ والبرقوق والعنب والتفاح البلدي والليمون البلدي والتين والتين الشوكي، ويجمع من الموز المحصول الصيفي ويكثر الجميز ويبدأ بجمع الكمثرى وبوادر المانجو. ورغم نضج هذه الثمار العديدة وجمع لطع دودة القطن في هذا الشهر، إلا أنه بسبب هبوب رياح حارة في بؤونة فإنها تسبب ضررا لمحاصيل مثل القطن بسقوط بعض اللوز، كذلك قد يصاب الأرز المتأخر ببعض الضرر. ويرجع اسم بؤونة إلى كلمة "بايني" بالقبطي، وأصلها بالهيروغليفية "با أوني"، واسمه مشتق من اسم إله المعادن عند قدماء المصريين الإله "خنتي" أحد أسماء حورس أو الشمس، لأن فيه تستوي المعادن والأحجار الكريمة بسبب شدة القيظ لذلك يسميه العامية "باؤني الحجر". وفي التراث الشعبي، عدة أمثال عن شهر بؤونة مثل: "ينشف الميه من الماعونة"، تعبيرا عن تبخر الماء من الأواني من شدة الحر، و"أبو الحرارة الملعونة"، و"بؤونة الحجر"، و"بؤونه نقل وتخزين المونة" أي المؤنة للاحتفاظ بها بقية العام، وكان التخزين أحد عادات المصريين القدماء، خشية الفيضان الجارف أو انقطاع الفيض. ويحمل هذا الشهر العديد من التذكارات والأعياد المسيحية بطول أيامه، ففي اليوم الثاني منه يطلع الفجر مع نجم الدبران، وفي اليوم الخامس يتنفس النيل، واليوم التاسع يحين أوان قطف عسل النحل، والحادي عشر تهب رياح السموم، والثالث عشر يشتد الحر، والعشرين تحل الشمس أول برج السلطان وهو أول فصل الصيف، وفي السابع والعشرين ينادي على النيل بما زاده من ماء.