يعتبر محمد فوزي، أحد أهم المجددين الأوائل في الموسيقى العربية، كما أنه كان سببًا مباشرًا في ارتباط شقيقتيه هدى سلطان، وهند علام، بالفن من صغرهما. في بيت ريفي بسيط بدلتا مصر، يمتلكه الشيخ عبد السلام عبد العال الحوّ، قارئ القرآن الكريم في قرية كفر جندي بمحافظة الغربية والقرى المجاورة لها، نشأ الثلاثي الموسيقار والمغني والممثل الكبير محمد فوزي وشقيقتاه القديرة المطربة والممثلة هدى سلطان، والمغنية والممثلة هند علام، ومن بين 25 ابنًا، هم عدد أبناء الشيخ المزواج، استطاع الثنائي الأول تحقيق النجاح والشهرة والخلود في ذاكرة الغناء والسينما المصرية، وصارا من أشهر الأشقاء، الذين غزوا عالم الفن، بينما الثالثة لم تستمر كثيرًا رغم موهبتها. محمد فوزي لم يكن الشيخ الحو ولا أحد غيره من بين أهالي قريته يتخيل أن أبناء مقرئي القرآن سيصبح منهم نجوم في مجال الفن، كل ذلك بسبب نجله البكر محمد فوزي، المولود في 15 أغسطس 1918، حيث كان دائمًا خارج المنزل يمارس هوايته في الغناء بعيدًا عن عيون الأسرة، فهو يعلم أنه ينتمي لبيت محافظ، ولم يكن يسمح ربه أبدًا محمد فوزي لم يكن الشيخ الحو ولا أحد غيره من بين أهالي قريته يتخيل أن أبناء مقرئي القرآن سيصبح منهم نجوم في مجال الفن، كل ذلك بسبب نجله البكر محمد فوزي، المولود في 15 أغسطس 1918، حيث كان دائمًا خارج المنزل يمارس هوايته في الغناء بعيدًا عن عيون الأسرة، فهو يعلم أنه ينتمي لبيت محافظ، ولم يكن يسمح ربه أبدًا بالاتجاه للفن أو حتى ممارسته على سبيل الهواية، ولكن فوزي أصر على تحقيق حلم يراوده منذ الطفولة، وبالفعل تعلّم أصول الموسيقى على يد جندي إطفاء يُدعى محمد الخربتلي، وكان يصطحبه للغناء في الموالد وحفلات الأعراس. ما أن كبر الشاب، وقرر الرحيل إلى القاهرة بحثًا عن المجد، وهنا قامت الدنيا ولم تقعد، تروي "هدى" عن ذلك في حوار لمجلة "الجزيرة" عام 2005: "كانت هناك صعاب لا حصر لها لدخول فوزي إلى الفن، لم يرضخ أو يوافق الوالد، لقد كان حادثًا غريبًا وكبيرًا للغاية يوم قرر محمد مغادرة طنطا والحضور للقاهرة لدراسة الموسيقى، فقد توعده أبونا وهدده وتدخل كل رجال الأسرة لكن وجدوا صعوبة بالغة من قِبل الطرفين، أب يُصر على رفضه، وابن يُصر على حلمه"، انتصر الشاب ورحل إلى العاصمة عام 1938، ولم يرض عنه الوالد إلا بعد أن وجد أهل البلد يفتخرون به. في القاهرة عاش محمد فوزي أوقاتًا صعبة، قبل أن يلتحق بفرقة بديعة مصابني، وخاض امتحان الإذاعة كمطرب وملحن، نجح كملحن ورسب كمطرب، لم يستسلم وظل حلم الغناء يراوده، ما دفعه لإحياء أعمال سيد درويش التي أتاحت له الفرصة للتعاقد مع الفرقة المصرية كممثل ومغن، وبعد فترة عرضت عليه فاطمة رشدي العمل في فرقتها، وفي عام 1944 طلبه الفنان يوسف وهبي ليمثل دورًا صغيرًا في فيلم "سيف الجلاد"، وهو ما فتح له الباب ليشارك في فيلم "أصحاب السعادة"، الذي حقق نجاحًا كبيرًا، ثم انطلق في رحلة تخليد اسمه. ويعتبر محمد فوزي أحد أهم المساهمين في النهوض بالموسيقى والأغنية العربية، قدّم الألحان لغالبية مطربي عصره، وله نحو 400 أغنية، منها حوالي 300 في الأفلام، كما أنه أول من قدّم أغاني الأطفال، وكان المطرب الأكثر ظهورًا في السينما ممثلًا وملحنًا ومنتجًا من خلال شركة أفلامه التي أسسها عام 1947، إضافة إلى تأسيسه عام 1958، شركة "مصر فون" لإنتاج الأسطوانات الموسيقية لتكون الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، وأنتج فيها أغاني لكبار الفنانين، قبل أن يصدر قرار عام 1961، بتأميم الشركة، وتحويلها لشركة القاهرة للصوتيات والمرئيات. وعلى المستوى الشخصي، تزوج محمد فوزي ثلاث مرات، الأولى عام 1943 من السيدة هداية يوسف، وأنجب منها: "محمد" وكان لواء مهندس بالقوات المسلحة، والثاني "سمير" رجل أعمال، والثالث "منير" أستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس، وانفصل عنها بعد 6 سنوات، ثم تزوج من الفنانة مديحة يسري التي مثلت أمامه سبعة أفلام، وأنجب منها: "وفاء" وماتت وهي في شهورها الأولى، و"عمرو" وكان بطل مصر في الكاراتيه، ومات في حادث سيارة، ثم تزوج من الممثلة كريمة عام 1958، ولم ينجب منها. هدى سلطان هي بهيجة عبد السلام عبد العال الحو، من مواليد 15 أغسطس 1925، بدت عليها موهبة الغناء منذ الطفولة، وعندما بدأت تُلمح أنها تود أن تكون مطربة مثل شقيقها محمد فوزي، كان الرد العنيف بتزويجها من رجل كبير في السن، وهي لا تزال في عمر 14 عامًا، وأنجبت منه ابنتها الكبرى "نبيلة"، وظلت تُلح على زوجها برغبتها في الغناء، وكان يرفض، وبعد وفاة والدها انتقلت وزوجها للعيش في القاهرة، وحينها أصرت على اقتحام مجال الفن، فوقع الطلاق بعد أقل عامين. في عام 1949، تقدّمت لاجتياز اختبار لجنة اختيار المطربين بالإذاعة، وأجازوا صوتها، وأصبحت واحدة من نجمات برنامج جلال معوض "أضواء المدينة"، وفي عام 1950، أُعجب المنتج السينمائي جبرائيل نحاس بموهبتها، وأقنعها أن تعمل في فيلم "ست الحسن" للمخرج نيازي مصطفى، وحينما علِم محمد فوزي أقام الدنيا ولم يُقعدها، حيث إن قبول دخول الفن بأن تكون الابنة صوتًا بلا صورة ينطلق من الإذاعة، لا صورة يشاهدها الملايين عبر السينما، تقول هدى: "عندما قابلت فوزي حينها تبرأ مني، وهددني أن يقتلني بالرصاص". أرادت هدى سلطان أن يكون لها سند في ظل ثورة العائلة ضدها، فتزوجت من المخرج فؤاد الجزايرلي، لكنهما سرعان ما انفصلا، ثم تزوجت من فؤاد الأطرش شقيق أسمهان وفريد الأطرش، وانفصلا بعد عدة شهور، ثم التقت بالفنان فريد شوقي في فيلم "حكم القوي" (1951)، وأحبها وأحبته، وذهب ليطلبها من فوزي، لكن قال له: "أنا معنديش أخت اسمها هدى سلطان عشان تطلب إيدها مني"، ورغم ذلك تزوجا في اليوم الأخير من تصوير الفيلم، واستمر زواجهما 15 عامًا، وأثمر عن ابنتين هما "مها" و"ناهد"، والأخيرة منتجة سينمائية كبيرة تزوجت من المخرج مدحت السباعي، وأنجبا ابنتهما الممثلة الشابة ناهد السباعي، كما تزوجت من اللواء أحمد مرشدي، وأنجبت منه "فريد" الذي تزوج من الفنانتين سوسن بدر وداليا البحيري قبل رحيله في حادث. وبعد وفاة محمد فوزي في 20 أكتوبر 1966، انفصلت هدى عن فريد، ودخلت في عزلة، وابتعدت عن الساحة الفنية، ولم تخرج من تلك العزلة إلا بعد زواجها من المخرج المسرحي حسن عبد السلام، الذي قدّمت معه عدة مسرحيات غنائية ناجحة، ثم اتجهت إلى الدراما وارتدت الحجاب حتى وفاتها في 5 يونيو 2006. هند علام ولدت زوزو عبد العال الحو، في 23 سبتمبر 1916، كانت تشبه في دلالاها وصوتها شقيقتها هدى، ودخلت الفن تحت اسم "هند علام" بعد نجاح شقيقيها، خاصةً أنها تمتعت بصوت مميز، وعملت مع فتحية محمود في مسرح "نيو أريزونا"، ولحن لها كبار الملحنين من بينهم شقيقها محمد فوزي، محمود الشريف، سيد مكاوي، فريد غصن، وغيرهم. وقفت هند علام أمام ميكروفون الإذاعة لأول مرة عام 1952، ومن أشهر أغانيها لها "الصبر جميل طوّل بالك"، "قلوبنا جنة" من كلمات عثمان الغمري وألحان عزت الجاهلي، "بلاش عتاب" (1957) من كلمات بيرم التونسي وألحان فريد غصن. وقدّمت هند علام للسينما أربعة أفلام فقط، هم: - "إديني عقلك" مع إسماعيل ياسين، وقدّمت خلاله أغنيتي "إديني عقلك" و"صباح الهنا على الغيطان". - "إضراب الشحاتين" مع لبنى عبد العزيز، وغنّت "كل ما أنوي على القساوة". - "ليالي الحب" مع عبد الحليم حافظ، وقدّمت خلاله أغنية "ساعة الحظ ما تتعوضشي". - "أنا وقلبي" مع عماد حمدي، وهو من الأعمال القليلة التي لم يكتف فيها محمد الموجي بالظهور عبر ألحانه، حيث ظهر كممثل ومغن، ورقصت خلال الفيلم على صوته في أغنية "تعجبني يا واد تعجبني"، كما قدّمت أغنية "الدنيا بخيلة" من كلمات مرسي جميل عزيز، وألحان الموجي. ورغم امتلاك هند علام المقومات الفنية التي تجعل منها فنانة مشهورة، إلا أنها لم تحظ بنفس شهرة محمد فوزي وهدى سلطان، ويرجع ذلك إلى تفضيلها الزواج والاستقرار على الغناء والتمثيل، ثم مرضها ورحيلها في 21 أبريل عام 1997. ولا تزال توابع هذه العائلة حاضرة، سواء من الناحية الفنية والتاريخ الكبير الذي صنعه فوزي وهدى، أو بعائلة الأخيرة الفنية التي ما زالت قائمة.