رئيس مؤسسة الملتقى العالمي للتصوف فى حوار للتحرير يكشف أسرار وكواليس انتصار التصوف بالمغرب على الأفكار المتطرفة.. وأولياء الله فى مصر أصولهم مغربية "المغرب".. ضربت مثالا رائعًا فى محاربة الإرهاب فكريًا، وذلك عقب ما شهدته المدن المغربية من عمليات إرهابية خلال السنوات الماضية، إلا أنها سرعان ما تخطت هذه المرحلة، لتتربع على عروش الدول المستقرة، والخالية من الفكر المتشدد، غير أن الفكر الصوفى كان كلمة السر فى سلاح المغاربة للقضاء على التطرف الفكرى، مسجلين تجربة رائدة فى مواجهة الفكر بالفكر. "التحرير" التقت الدكتور منير القادرى البودشيشى، رئيس مؤسسة الملتقى العالمي للتصوف، فى حوار خاص، وذلك للتعرف على طبيعة التصوف فى المغرب، وطرق وأدوات عمل الطريقة فى الداخل والخارج، وإلى نص الحوار. لماذا اختار الملتقى المشترك الإنساني عنوانا له فى دورته الثالثة عشرة؟ العالم أصبح فى أشد الحاجة إلى تفعيل المشترك الإنسانى والبحث عن القواسم المشترك بين ربوع البشرية، حتى يسود السلام والتعايش، وبالتالى الملتقى يستهدف تسليط الضوء على القضايا الشائكة، من خلال طرحها للنقاس بمعرفة أهل التخصص من كل المشاركين لماذا اختار الملتقى المشترك الإنساني عنوانا له فى دورته الثالثة عشرة؟ العالم أصبح فى أشد الحاجة إلى تفعيل المشترك الإنسانى والبحث عن القواسم المشترك بين ربوع البشرية، حتى يسود السلام والتعايش، وبالتالى الملتقى يستهدف تسليط الضوء على القضايا الشائكة، من خلال طرحها للنقاس بمعرفة أهل التخصص من كل المشاركين بالعالم، ثم الجلوس سويا فى دائرة التفكير المشترك، للخروج بتوصيات تساهم بشكل كبير فى إيجاد حلول لها. وبهذه الرؤية التى يتبناها الملتقى منذ فعاليات دورته الأولي، أصبح الملتقى محطة عالمية لتسليط الضوء على القضايا التى تهم الإنسانية، فجاء عنوان الملتقى"الثقافة الصوفية والمشترك الإنساني.. ترسيخ لقيم الحوار والتعارف" وذلك لتغذية ونشر مفاهيم التصوف القائمة على التقريب بين الأديان بإيضاح حقيقة الإسلام وفضائله وقيمه الهادفة لنشر السلام. وما دور الطريقة فى مواجهة التحديات الفكرية الراهنة؟ الطريقة تحمل على عاتقها مواجهة التحديات التى تحاط سواء بالوطن المغربي أو الأمة العربية والإسلامية، فمنذ بداية الاحتلال الفرنسي للمغرب، قاومت الطريقة من خلال شيخا الكبير سيدى المختار بودشيش والذى تصدى بباسلة الفرسان لمحاولات القوات الفرنسية دخول المغرب. فالطريقة إلى جانب دورها الروحانى إلا أنها تقف جنبا إلى جنب التحديات التى تحاط بالوطن المغربي، فضلا عن دورها فى تربية النشء منذ الصغر على التحلي بالأخلاق المحمدية وتربية رجال قادرون على فهم حقيقة الإسلام وجوهر مقاصده، والقدرة على التعامل مع التراث بأخذ ما يناسب العصر ورفض كل ما يدعو إلى مبادئ تخالف مقاصد الشريعة، مع مراعاة فهم النص وفقا لسياقه الزمنى والمكانى، الأمر الذى جعل الطريقة القادرية البودشيشية ملاذا آمنا لدخول جموع الشباب من مختلف دول العالم وأوروبا بها حبا فى الطريقة التى ترفع شعار التجديد لمواكبة العصر وفقًا لمستجدات الواقع وبما يتماشي مع مقاصد الشرع الحنيف من الكتاب والسنة. ونستهدف الطريقة من خلال منهجى علمي رصين قائم على الكتاب والسنة، إلى أن يكون التصوف سلوك ومنهج حياة على الأرض بالتحلي بالأخلاق المحمدية، وليس عبارة عن فلكلور شعبي خال من الأهداف أو الوصول إلى الروح إلى روحانيات سامية تجعل من النفس مهذبة ومتقبلة للغير، فالتصوف سلوك وفكر ومنهج، وبالفعل حققت ولا زالت تقدم الطريقة الكثير من جسور الثقافة الصوفية القائمة على المحبة لدى نفوس مريديها من كل ربوع العالم. وكيف انتصرت الطرق الصوفية على الأفكار المتشددة؟ بالنسبة لي من خلال الطريقة القادرية البودشيشية ودراستى الأكاديمية، نقوم بواجبنا تجاه فهم الإسلام على حقيقته لإنارة القلوب والعقول بنشر الجانب الفكرى لجوهر التصوف القائم على السلام والمحبة والتعايش وقبول الآخر، ونسعى إلى التغيير للأفضل بالتحلي بالأخلاق المحمدية بالقول والفعل، ونعيد الإسلام إلى مكانته العالية التى كان يجب أن يتبوأها منذ القدم. ولنا فى تجربة الأندلس من التعايش والتعاون بين الأديان خير شاهد، تعاون العلماء فيما بينهما، بسسب البعد الروحى الصوفى الذى كان حاضرًا، فمقامات التصوف من زهد ومحبة زاد لنا فى تعاملنا مع الغير، وفى فهم الإسلام، لأنى النبي عليه السلام بعث ليتمم مكارم الأخلاق، فجهاد النفس هو الجهاد الحقيقى، نعمل جميعًا على تكريس ثقافة التعايش وعدم إقصاء الآخر. وما رؤيتك لتنامى ظاهرة الإسلاموفوبيا فى الغرب؟
ظاهرة الإسلاموفوبيا، ظهرت نتيجة للممارسات الخاطئة من قبل بعض المنتسبين للإسلام، فضلا عن محاولات البعض إلصاق العمليات الإرهابية بالإسلام، والدين منها براءة، لذلك تقوم الطريقة القادرية البودشيشية على تصحيح تلك الصورة، من خلال إظهار حقيقة جوهر الإسلام بالتحلي بالمحبة والتعايش مع الغير، الأمر الذى ساهم وبشكل كبير فى دخول قطاع عريض من شباب أوروبا للطريقة حبا فى التصوف، ولأنهم متعطشون للفكر الصوفى الحقيقى القائم على رؤية فكرية تستهدف تطبيق تعاليم الإسلام ومواكبة العصر بما يتماشى مع مقاصد الدين. لذلك لزاما علينا جميعا كمغاربة فى المقام الأول وعموم المسلمين من سائر بقاع الأرض، أن يظهروا للعالم بأسره الإسلام الحقيقى، من خلال المعاملة الحسنة والقبول والإيجاب، والتفاهم وتعزيز ثقافة الحوار المشترك، وهذا ما نتبناه فى الطريقة. وما أوجه التعاون بين مؤسسة الملتقى والأزهر الشريف؟ تحتل مصر بلد الأزهر الشريف مكانة فى قلوب جموع المغاربة، فالعلاقة بيننا علاقة قلوب وعلاقة عميقة وتاريخية، فأغلب أولياء الله الصالحين فى مصر من أصل مغربي، ولدينا علاقات قوية وعميقة سواء على المستوى الرسمي والشعبي، وستكون هناك مشاريع علمية عديدة مشتركة خلال الفترة المقبلة مع الأزهر ومشيخة التصوف فى مصر، للنهوض برسالة التصوف وإبراز تعاليم صحيح الإسلام.