هل تشعر معي عزيزي القارئ أن هناك من قال لنا: أنا حاجوزك هنومة يا قناوي يا ابني. ثم ألبسنا القميص الكتاف وهو يقتادنا الآن لسيارة الإسعاف، تمهيدا لإيداعنا مستشفى الأمراض العقلية؟ ربما أكون مبالغة. لكن الحق والحق أقول أن الثورة التي قام بها الشعب المصري، والتي طالبت بإسقاط النظام تستتبع خطوات عملية تشي بأن النظام سقط بالفعل. ولّا إيه؟ يبدو أن عم مدبولي وهو يلبسنا قميص الكتاف ويعدنا بالزواج بهنومة نسي بعض النقاط المهمة التي لا تعطينا حقنا الإنساني فقط، وإنما تساعده على تحقيق كل ما ينشد من أمنيات جليلة مثل «الاستقرار»، و«دوران عجلة الإنتاج»، و«حماية الوطن من الوقيعة»، و«الهدوء»، و«الأداء الجيد للشعب»، بقول آخر، الدوشة التي أكلت آذان عم مدبولي ستخمد إذا أدرك بعض الأشياء: 1- الشعب يريد إسقاط النظام. 2- ربما نكون أول شعب يحدد موعد ثورته، وليست مصادفة أن الإجماع الوطني استقر على يوم عيد الشرطة. 3- الشعب يريد إسقاط النظام لأنه نظام قمعي، يهين كرامة الفرد والوطن، فاسد، مفسد، منافق، خائن، تابع، سرق خيرات الوطن وأجاع الشعب، قزم مصر، أدار ظهره لشعب عظيم وركع على ركبتيه، طالبا ود الولاياتالمتحدة عبر دفع الجزية لدولة الكيان الصهيوني.. هذه أسباب إرادة الشعب في إسقاط النظام، لا لأن الشعب كان يستثقل ظل مبارك، أو يسترخم جمال مبارك، أو لأنه شعب غتت. 4- الشعب كان يهتف: خبز، حرية، كرامة وطنية.. عيش، حرية، عدالة اجتماعية. جميع ما سبق يتعارض تعارضا كليا وجزئيا مع تركيبة النظام الذي يريد أن يسقطه الشعب. فالخبز أو العيش الذي هتف له الناس لا نملكه مادامت مصر في التبعية للولايات المتحدةالأمريكية، الأمر الذي يحتم علينا فقدان حريتنا، نظرا لأن الولاياتالمتحدة تقبض علينا من بطوننا، مما يؤدي إلى أن نتحول إلى ألعوبة في يد الاستثمار متعدد الجنسيات، فيستتبع ذلك ضرورة إحكام القبضة الأمنية على الشعب الذي سيرفض هذه الأوضاع، فتكون النتيجة إهدار الكرامة الوطنية عبر جهاز الشرطة الذي تكون بعقيدة أن «الشعب هو العدو». يشهد على ذلك تسجيل الحوار الذي دار بين اثنين من ضباط الشرطة، إذ قال أحدهما: الشعب ركب يا باشا! ويمكننا أن نستنتج أن بيان الحال السالف يتنافى مع أي مفهوم للعدالة الاجتماعية. 5- الثورات حين تنجح تقتلع الأنظمة من جذورها، وحين تفشل تتحول إلى جريمة تسمى «محاولة» قلب نظام الحكم. فأي خبر يحمله لنا المحللون والساسة والمسؤولون والحكومة والقضاء والمجلس العسكري حين يتحدثون عن الشهداء الذين قتلوا أمام أقسام الشرطة بوصفهم بلطجية؟ هل يقصدون أن ثورة فشلت؟ هل يقصدون ذلك؟ بجد؟ وهل لهذا الخطاب أي علاقة بجملة اللواء ممدوح شاهين الشهيرة: لااااا... دي مش زي ثورة 52، في 52 الثوار وصلوا للحكم. همممممم... الشك حيقتلني. 6- الشرطة بتكوينها الحالي ومنظومتها القائمة هي ذراع النظام التي يريد الشعب إسقاطها، فلماذا لا تنفك البيانات العسكرية عن الحديث عن «الوقيعة بين الشرطة والشعب»، وكأننا كنا كالسمن على الباذنجان الأسود؟ 7- ما هذا الحديث الممجوج عن «الاعتصامات الفئوية»، بوصفها «ثورة مضادة»؟ نقول: ثورة. يقولون: احلبوها. يييييييييييييييييييييي.... الشعب يريد إسقاط النظام.. الشعب يريد إسقاط النظاااااام. بمعنى: المصانع، والمؤسسات، والهيئات، والوزارات.. كلها تتبع النظام الذي يريد الشعب إسقاطه، وحين سقط رأس النظام -القاطن في شرم الشيخ على نفقة الشعب- قرر الناس نقل الثورة إلى أماكنهم عبر الاعتصامات في المؤسسات والهيئات والوزارات والمصانع لتطهير هذه الهياكل من بقايا النظام، ذلك... لأن الشعب يريد إسقاط النظام. وربنا... قسما عظما... تلاتة بالله العظيم... الشعب يريد إسقاط النظام. وقد تعهدت القوات المسلحة المصرية «الدرع الحامية للوطن».. الوطن، لا النظام، بأن تنفذ للشعب ما يريد، فلماذا كل هذه المناهدة؟